الرئيسية الابتكار كيف تتحول الفرق الجيدة إلى عظيمة؟ السر في التخطيط الجماعي

كيف تتحول الفرق الجيدة إلى عظيمة؟ السر في التخطيط الجماعي

عزّز قوة فريقك من خلال دمج المهارات الجماعية مع رؤية استشرافية لتحقيق أهدافك بفعاليّةٍ وإبداعٍ

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

اعتاد النّاس تقليديّاً الاعتماد على قادتهم لرسم مسارٍ واضحٍ خلال الأوقات الصّعبة والمعقّدة، ولكن استشراف المستقبل اللّازم لمواجهة التّقلّبات والاضطرابات الحاليّة يتطلّب أكثر من القيادة التّقليديّة، إذ يجب أن تتحقّق روح الفريق، حيث تتكامل المواهب والرّؤى بين أعضاء الفريق، الّذين يتقاسمون أعباء القيادة بدلاً من الاعتماد على فردٍ واحدٍ لاتّخاذ القرارات المثاليّة.

أظهرت أبحاثنا، أنّ 25% فقط من الشّركات الكبرى تعتمد ممارساتٍ منظّمةً تمكّن الفرق من استشعار التّغيّرات المفاجئة والتّكيّف معها. ومع اقتراب عام 2025، يتطلّب الأمر إعادة تصميمٍ جذريٍّ لآليّات عمل الفرق من خلال تعزيز التّعاون بأساليب جديدةٍ، واستخدام أدواتٍ عمليّةٍ تساعد على استشراف المستقبل بفعاليّةٍ ووضوحٍ.

قوّة التّفكير الجماعيّ

تجمع روح الفريق بين عنصرين أساسيّين، هما: التزام الأعضاء بتحقيق هدفٍ مشتركٍ، مع دعم بعضهم البعض على طول الطّريق، إذ لا يكتفي هؤلاء الأعضاء بالتّعاون عندما يكون ذلك ملائماً فقط، بل يدفعون بعضهم البعض لتحقيق مستوياتٍ أعلى من الأداء، من خلال تقديم ملاحظاتٍ صادقةٍ، وتبادل التّدريب، وتقديم دعمٍ متواصلٍ لا يتزعزع، إذ يتخطّى هذا النّهج حدود التّعاون التّقليديّ ليحقّق شراكةً جماعيّةً فعليّةً في تحقيق النّجاح.

أوضحتُ في كتابي الجديد "لا تقد وحدك: 10 تحوّلاتٍ من القيادة إلى روح الفريق" (Never Lead Alone: 10 Shifts From Leadership to Teamship)، الصّادر عن منشورات "هاربر بيزنس 2024" (Harper Business، 2024) إنّ الجمع بين هذه السّلوكيّات التّعاونيّة وأساليب التّعاون الحديثة، الّتي تمكّن الفرق من الابتكار الجريء واتّخاذ القرارات بسرعةٍ أكبر، يحدث تغييراتٍ جذريّةً، فقد زادت الصّراحة بنسبة 79%، والتّعاون بنسبة 46%، والمساءلة بنسبة 44%. ومع ذلك، لم تتمكّن سوى 15% من الفرق من بلوغ هذا المستوى المميّز حتّى الآن.

تعزيز استشراف المستقبل في ممارسات الفريق

تكمن فعاليّة روح الفريق في قدرتها على مساعدة المنظّمات على استباق التّغيّرات والتّكيّف معها بفعّاليّةٍ، إذ تظهر ممارستنا المسمّاة "خمس دقائق للاستشراف" هذا المفهوم بشكلٍ عمليٍّ: يخصّص الفريق خمس دقائق خلال اجتماعاته الدّوريّة ليعرض الأعضاء إشارات التّغيّر أو الفرص المحتملة الّتي رصدوها عبر مختلف المجالات، والّتي تشمل: اتّجاهات التّكنولوجيّا، والتّطوّرات التّنظيميّة، وتحرّكات المنافسين في السّوق، وتغيّرات سلوك العملاء.

وعند مشاركة الأعضاء ملاحظاتهم، يصغون بعنايةٍ لبعضهم البعض، ويبنون على الفكر المطروحة لتطويرها، مركّزين خلال تحليل الاشتراكات ومناقشتها على الإجابة عن أسئلةٍ جوهريّةٍ، مثل:

  • ما التّأثير الّذي قد يحدثه هذا على صناعتنا؟
  • كيف يمكن أن يؤثّر على عملائنا؟
  • ما انعكاسه على استراتيجيّتنا؟

أثبتت شركة "لوكهيد مارتن" (Lockheed Martin) فعاليّة هذا النّهج في استشراف المستقبل. ففي أوائل عام 2020، طرح أحد أعضاء الفريق، خلال جلسة استشرافٍ، مخاوف تعلّقت بـ"مدوّناتٍ عن فيروسٍ في الصّين" لم يتجاهل الفريق هذه الملاحظة، بل رفعها لتقييمها بجدّيّةٍ. ونتيجةً لذلك، انتقلت الشّركة إلى العمل عن بعدٍ بحلول فبراير، متقدّمةً على معظم المنظّمات الأخرى، ممّا منحها ميّزةً كبيرةً في مواجهة جائحة كوفيد-19.

سيتطلّب المستقبل اعتماداً قويّاً على مزيجٍ من روح الفريق واستشراف المستقبل لمواكبة التّحوّلات الكبرى القادمة، إذ تفرض ثورة التّكنولوجيّا الذّكيّة على الفرق إعادة صياغة طرق التّفكير التّقليديّة الّتي تركّز فقط على الأتمتة وزيادة الإنتاجيّة. مع العلم، تُحقق الشّركات الّتي تضيف أدوات الذكاء الاصطناعي إلى الأدوار الحاليّة زيادةً في الإنتاجيّة بنسبة تصل إلى 30%، ولكن الفرصة الأكبر تكمن في إعادة تصميمٍ جذريٍّ لآليّات العمل ونماذج الأعمال بالكامل.

كما أحدثت "نتفليكس" (Netflix) ثورةً في طريقة تقديم التّرفيه من خلال إعادة صياغة أسلوبها في تقديم المحتوى، في حين اكتفت "بلوكباستر" (Blockbuster) باستخدام التّكنولوجيّا لتحويل العمليّات التّقليديّة إلى رقميّةٍ، إذ سيتمكّن روّاد المستقبل من استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة ابتكار كيفيّة إنجاز العمل بشكلٍ جذريٍّ.

شراكاتٌ قياديّةٌ جديدةٌ

وفي ظلّ هذه التّغيّرات، تتطلّب هذه التّحوّلات بناء شراكاتٍ جديدةٍ تجمع بين قادة التّكنولوجيا والموارد البشريّة لدفع عجلة التّغيير، إذ تنجح المنظّمات الرّائدة عندما توحّد جهودها لإعادة تصميم العناصر البشريّة والتّقنيّة معاً، بدلاً من التّعامل مع كلّ عنصرٍ بشكلٍ منفصلٍ، حيث تعتمد المنظّمات الّتي تحقّق النّجاح على دمج خبراء التّكنولوجيا، ومتخصّصي العمليّات، وخبراء السّلوك لتحقيق أداءٍ استثنائيٍّ وتطويرٍ شاملٍ يضمن النّجاح في التّحوّل.

بالإضافة إلى ذلك، ينتقل التّركيز بشكلٍ حاسمٍ إلى كيفيّة تصميم الفرق للابتكار، بدلاً من التّركيز على مكان العمل، إذ تقود شركاتٌ مثل "دروب بوكس" (Dropbox) هذا التّوجّه عبر التّنسيق الدّقيق بين الاجتماعات الحضوريّة والعمل غير المتزامن، ممّا يتيح إشراك أصواتٍ متنوّعةٍ في عمليّات الابتكار.

تضع الشّركات النّاجحة استراتيجيّاتٍ محدّدةً تحدّد بوضوحٍ متى يجتمع الفريق فعليّاً ومتى يعمل بشكلٍ افتراضيٍّ أو غير متزامنٍ، ممّا يسهم في تحقيق توازنٍ مثاليٍّ بين تعزيز التّواصل الشّخصيّ وضمان الشّموليّة في الإبداع.

في النّهاية، يتطلّب النّجاح في عام 2025 ترسيخ أسسٍ قويّةٍ لروح الفريق، مع اعتماد ممارسات استشراف المستقبل بشكلٍ منهجيٍّ، إذ يجب أن تعمل الفرق بفعّاليّةٍ، وتستشعر التّغيّرات، وتستجيب لها بشكلٍ جماعيٍّ وبسرعةٍ، ولكن يبقى السّؤال الأهمّ: هل استعدّ فريقك لمواجهة هذا التّحدّي؟

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: