كيف تستعيد نشاط عقلك بعد ليلةٍ لم تنم فيها جيداً بـ 20 دقيقةً فقط؟
أبحاثٌ جديدةٌ تشير إلى وسيلةٍ أخرى، لتستعيد بها نشاطك الذهني بعد ليلةٍ محرومةٍ من النوم الكافي
بوصفكم متابعين دائمين لهذا العمودِ، ستعلمون أنّني من عشّاقِ القيلولة، وليس فقط لأنّني شخصيّاً أجدُ أنّ القيلولةَ في منتصفِ النّهارِ تُعدّ واحدةً من أجملِ لحظاتِ الحياةِ، بل أيضاً لأنّ الكثيرَ من الأبحاثِ تُظهر أنّ حتّى القيلولاتِ القصيرة يُمكن أن يكونَ لها قائمٌة طويلةٌ من الفوائدِ، بدءاً من تحسينِ التّركيزِ والذّاكرةِ والوظائفِ الإدراكيّةِ حتّى إبطاءِ شيخوخةِ الدّماغِ. [1]
لكن، دعونا نتحدّثُ بصراحةٍ، أحياناً كرائدِ أعمالٍ مشغولٍ، قد لا تستطيعُ أخذَ قيلولةٍ. ويجد بعضُ النّاسِ أنّها تؤثّر على نومهم في اللّيلِ، والبعضُ الآخر لديهم أطفالٌ صغارٌ، أو رؤساءٌ صعبي المراسِ يرفضون الاستماعِ لما يقولهُ العلمُ عن فوائدِ القيلولةِ.
وإذا كنتَ تشعرُ بالتّعبِ بعد ليلةٍ سيئةٍ من النّوم، ولا يُمكنكَ أخذ قيلولةٍ على الفورِ؟ فماذا تفعلُ؟ هل هناك بدائلٌ أخرى؟ أعتقدُ أنّكَ ستقولُ لي عليكَ بالكافيين، ولكن وفقاً لأبحاثٍ جديدةٍ من المملكةِ المتحدّة، يوجد بالفعلِ بديلٌ أفضل في هذه الحالةِ من فنجانٍ آخر من القهوةِ. إذ تشيرُ الدّراسةِ المنشورةِ في مجلّة Physiology & Behavior إلى أن علاجَ ضبابيّةِ الدّماغِ النّاجمةِ عن قلّةِ النّوم، يُكون عبارةً فقط عن 20 دقيقةً من التّمارينِ الخفيفةِ.
كيف تستعيد نشاطك الذهني بعد عدم الحصول على فترة كافية من النوم؟
لقد تبيّنَ لفترةٍ طويلةٍ أنّ حتّى القدرَ اليسيرَ من التّمرين (حتّى لو كان لمدّةِ أربع ثوانٍ فقط!) يُحسّنُ وظائفَ الإدراكِ. فهل سيكونُ لديكَ نفسُ التّأثيرِ، إذا كنتَ تكافحُ بعد ليلةٍ سيئةٍ من النّومِ، أم أنّ الجهدَ الإضافيّ سيترككَ أكثر تعباً؟ لمعرفةِ ذلكَ، دعا فريقٌ من الباحثين البريطانيين 24 متطوعاً إلى المختبرِ، ثم أبقوهم مستيقظين إمّا لفتراتٍ كبيرةٍ خلالَ ثلاث ليالٍ أو ليلةٍ واحدةٍ كاملةٍ.
وبعد أن عذبوا المشاركين في الدّراسةِ بهذه الطّريقةِ، طلبوا منهم بعد ذلكَ أن يركبوا على درّاجةٍ هوائيّةٍ لرؤيةِ تأثيرِ 20 دقيقةً من الرّكوبِ الهادئ على وظيفةِ أدمغتهم. وبغضّ النّظرِ عن مدى إرهاقِ المشاركين في الدّراسةِ، اكتشف الفريقُ أنّ هذا النّشاط البسيط لمدّةٍ قصيرةٍ من التّمرينِ قد حسّن أداءهم في اختباراتِ وظائفِ الإدراكِ. وهكذا يستنتجُ أحدُ مؤلّفي الدّراسةِ من جامعة بورتسموث، جو كوستيلو، أنّ "الحركةَ هي دواءٌ للجسمِ والعقلِ".
لست بحاجة إلى معرفة سبب جدوى التمرين
ما زالَ الباحثون يحاولون فهمَ لماذا يُعتبر التّمرين وسيلةً فعّالةً لجعلِ دماغكَ يعملُ مجدّداً بعد ليلةٍ سيئةٍ من النّومِ. وكانت إحدى الفرضيات أن التّمرينَ يزيدُ من إمداداتِ الأكسجين إلى الدّماغِ، ولكن الآثار الإيجابيّة استمرّت حتّى عندما قام النّاس بممارسةِ التّمارينِ في بيئةٍ منخفضةِ الأكسجين. لذا لا بدّ أن يكونَ الأمرُ أكثر تعقيداً من مجرّد القولِ أنّ زيادةَ الأكسجين تؤدّي إلى تفكيرٍ أفضلَ.
ويشتبهُ الباحثون أنّ للهرموناتِ دوراً في ذلكَ، ولكن هذا لا يهمّ كثيراً بالنّسبةِ لرجالِ الأعمالِ الّذين يعانون من عدمِ الحصولِ على فترةٍ كافيةٍ من النّوم، ويسعون إلى رفعِ مستوى نشاطهم. وبينما يحارُ العلماء في الميكانيكيات الدّقيقة للتّأثيرِ، يُمكننا الاستفادةُ ببساطةٍ من معرفتنا بوجودهِ.
في المرّةِ القادمةِ عندما يعني وجودِ طفلٍ يبكي، أو رحلةٍ ليليّةٍ، أو موعدٍ نهائيٍّ مستعجلٍ، أن تحصلَ على وقتٍ أقلّ بكثيرٍ من السّبعِ إلى ثماني ساعاتٍ الموصى بها للنّوم،ِ تذكّر هذه الدّراسة: القيلولاتُ لا تزالُ رائعةً، والقهوةُ لا تزالُ لذيذةً، ولكن عندما يتعلّقُ الأمرُ بشحذِ ذهنكَ قليلاً عندما تكون متعباً، يُمكن أن يحقّقَ التّنزهُ لمدّةِ 20 دقيقةً، أو أخذُ قسطٍ من الوقتِ لركوبِ الدّراجةِ، أو قليلاً من اليوغا المعجزاتِ.