كيف تطرح فكرةً جديدة جذابة دون أن تستفز عشّاق الروتين؟
لتقديم الأفكار الجديدة المبتكرة وتحطيم جاذبية الروتين القاتل، عليك فهم أسباب المعارضين للتغيير وشحذ مهاراتك باستخدام فن الإقناع أولاً.
تواجه الأفكارُ الجديدةُ تحدياتٍ لا تنتهي، وتَنقُّلها في عالمٍ مليءٍ بالتّحديات يعدُّ مغامرةً. ومع ذلك، هشاشتها هي ما يجعلها قيّمَةً بشكلٍ لا يصدق. هذه المأساةُ الغريبةُ المتناقضةُ: ما تحتاجه الشّركات بشكلٍ مُلحٍّ هو بالضّبط ما يتميّز بالهشاشةِ. [1]
لذلك، تظلّ العديدُ من استراتيجيّات التّسويق، والتّرويج، والمنتجات الحديثة خاليةً من البريق، وتظهر لنا بمظهرٍ مألوفٍ لدرجةٍ مزعجةٍ. ومهمّتي، هنا وفي كلّ مكان، هي توفير الفرص للأفكار الجديدة القيّمة لتتفتّح وتزدهر. ولا يُمكن أن يحدثَ ذلك إلّا إذا فهمنا لماذا تعاديها عقولنا، وكيف يُمكننا تجاوز هذه الميل الطّبيعي لما هو مألوفٌ.
لنبدأ رحلةً في علم الأحياء وعلم النّفس التّطوري، على مدى الآلاف من السّنين، أتاحت لنا قدرتنا على التّعرف على الأنماط في تحقيق تقدّمٍّ تطوريٍّ هائلٍ. وكان السّعي وراء التّوقعات ذا فائدةٍ عظيمةٍ في السافانا، حيثُ جهّزتنا شبكاتنا العصبيّة لاكتشافِ ومواجهةِ المفاجآتِ. ولكن في عالم الأعمالِ، قد يكون غير المتوقّع هو العاملُ الذي ينقذُ شركتنا أو يدفعُ بنموّها بشكلِ متسارعٍ.
هذا يُلقي الضّوء أيضاً على سبب رغبة الأطفال في التمسّك بالروتين ليشعروا بالرّاحة والأمان في عالمٍ فوضويٍّ لا يُمكنهم فهمه بشكلٍ كاملٍ. عندما أتقدّم بفكرةٍ جديدةٍ راديكاليةٍ، أتخيّل الجمهور وهم يتشبثون ببطانياتهم ومصاصاتهم، إذ يساعدني هذا الخيال في التّعاطف مع مخاوفهم.
هذا الميلُ نحو الروتين فتّاكٌ للأفكار الجديدة في كلّ الأحوال، ولكن ضعفها يتضاعفُ في ظلّ الضّغط والتّوتر. وهل هناك بيئةٌ أكثر توتراً من اجتماعٍ تجاريٍّ عالي المخاطر؟
في عصرِ الحاجة الماسّة لفتح أذهاننا للأفكار الجديدة، تدفعنا كيمياء أدمغتنا نحو الحذر المُفرط. ولمساعدتك على النجاح في ترويج فكرتك الجديدة في هذا السّياق المعرفيّ الصّعب، إليك بعض الاستراتيجيات الفعّالة للحفاظِ على حيويتها.
ابدأ اجتماعك باقتباسٍ مُلهمٍ
يُمكن أن يسهمَ افتتاح اجتماعك باقتباسٍ في تحفيز الأشخاص لتخطّي تحفظهم الأوليّ تجاه غير المألوف. في النّهاية، هدفك الرّئيسي هو تحفيز جمهوركَ على احتضان الجديد، وتدعم الأبحاث العلمية فعاليّة الاقتباسات المحفّزة في هذا الصدد. لذا، لا تقدّم فكرتكَ الجديدة دون أن تفتحَ أولاً أبواب عقولهم. وإليك نموذجين، استكشف وابحث عن الاقتباس الذي يتناسب مع رسالتك:
- "بين الحين والآخر، يتمدّد عقل الإنسان بفكرةٍ جديدة أو إحساس، ولا يعود أبداً إلى حجمه السابق." أوليفر وندل هولمز الأب.
- "الفكرة الجديدة هشّة، ويمكن أن تُقتل بسخرية أو تجاهل؛ يُمكن طعنها حتى الموت بتعليقٍ ساخرٍ أو تقلقٍ حتّى الموت بتجهّمٍ على جبهة الرّجل الصحيح". منسوبة إلى أوفيد.
شاهد أيضاً: حيلة تستغرق 48 ثانية فقط لتهدئة أعصابك قبل العرض التقديمي
هات أمثلةً
بعد أن تُثيرَ إعجاب جمهوركَ باقتباسٍ محفّزٍ، استمرّ في تنقيةِ ساحةِ التّحدي بمجموعةٍ من الأمثلةِ التّاريخيّةِ المتميزة، التي تسلّط الضوء على كيفيّة تحقيق الأفكار الجديدة لإنجازاتٍ عظيمةٍ.
عندما تكون الفكرة مرتبطةٌ بالتّسويق، غالباً ما ألجأ إلى حملة "نحن نحاول بجهد أكبر" الأيقونية من شركة Office. حتى تلك اللحظة، كانت الفكرة الكامنة وراء الاعتراف بأنّك لست الأفضل خارجةً عن المألوف في عالم الإعلاناتِ، ولكن عندما تُمعن النّظر فيها، يتجلّى لك بريق الفكرةِ البسيطةِ.
إذا كانت الفكرة تتعلّق بمنتجٍ جديدٍ يتضمّن تغيير السّلوك، فابحث عن أمثلةٍ تُسلّط الضّوء على التّحوّلات الجذريّة التي كانت تعتبر مستحيلةً في السّابق. على سبيل المثال، لم يكن أحد يتوقّع أنّ المستهلكين سيتقبلون تأجيل المتعة ويحصلون على الأفلام عبر البريد من نتفليكس بدلاً من الحصول على الأفلام فوراً من بلوكباستر في المتاجر.
وفي الفترة الأخيرة، قبل ظهور "Farmer's Dog"، لم يكن أحد يتصوّر أنّ المستهلكين سيقبلون بشراء طعام الكلاب عبر الإنترنت. وهذا هو السبب في أنّ شركةً ناشئةً قامت بإطلاقه. أنا متأكّدٌ من أنّ الفكرةَ قد تم تقديمها عدّة مراتٍ، ولكن المقاومين للأفكار الجديدة لم يكونوا مستعدّين لذلك.
بكل بساطة، قم بتذكير الجميع في "دائرتك للإقناع" بأنّ كل ما نعتبره مفروغاً منه كان جديداً ومذهلاً في مرحلةٍ ما. فشكسبير ابتكر 594 كلمة نستخدمها كل يومٍ.
حافظ على بساطة الشرائح التي تقدّمها
تُسبب النّصوص الطّويلة عبئاً معرفيّاً، مما يسببُ القلق، والذي بدوره يدفع الأشخاص نحو الرّاحة القاتلةِ للمألوف. وتتسبّب تعقيداتُ الشرائح في حيرة جمهوركَ. ولا أحد يرغبُ في التّنقيب لإيجاد فكرتكَ الجديدة الثّورية المدفونة تحت كومةِ الكلماتِ المُتشابكةِ. لذا، عليكَ أن تسهّلَ الأمور عليهم.
استخدم الفكاهة
بما في ذلك الاستعانةُ المتكرّرة بالتّعابير خفيفة الظّلِ. تُعد الفُكاهة أداةً مدروسةً جيداً لتقليل التّوتر، وأظهرت الأبحاث أيضاً أنّها تعزّز الإبداع في حلّ المشكلات. فكّر بهذه الطّريقة: تقديم فكرةٍ جديدةٍ جريئةٍ، والإقناع بها يتطلّب منك عملياً رفع مستوى الإبداع لدى جمهوركَ. إذا تمكّنت من تحفيز تفكيرهم بطريقةٍ خياليّةٍ، سيكونون أكثر استعداداً لتقبّل تفكيركَ المُبتكرِ.
شاهد أيضاً: صياغة أسئلة مقابلة فعّالة لتوظيفٍ جديدٍ
لدينا جميعاً مسؤوليّةُ فتح الطّريق أمام الأفكارِ الجديدة، فهي تُحسّن الاقتصاد، وتخلقُ فرص العمل، وتُلهِم المزيد من الابتكاراتِ، بينما البديل هو عالمٌ حيث يولّد المتوقّع تعب المستهلك والرّكود الاقتصاديّ. محاربة الجذب البدائيّ للمألوف، كمحاربة أيّ عادةٍ سيئةٍ أخرى، هو صراعٌ يوميٌّ. مما يجعل من أيّ وقتٍ وقتاً جيّداً للبدايةِ.