كُن مع ذوي الهمم.. كيف تُطوّر بيئات العمل بوجودهم معك؟
الشركات التي تعتبر قضية ذوي الهمم مهمةً لا تمتلك فقط ثقافة عمل أقوى، بل تسهم أيضاً في زيادة الإيرادات
بقلم بريت مورس Brit Morse، محررة مشاركة في Inc.
جميعُ الشّركاتِ الموجودةِ في الولاياتِ المتحدّة، والّتي تملكُ ما لا يقلُّ عن خمسةِ عشرِ موظفاً ملزمةً قانونيّاً بتوفيرِ التّسهيلاتِ للموظّفين ذوي الهمم (في حدودِ المعقولِ على الأقلِّ). ومع ذلكَ، يُمكن أن يتطلّبَ ضمانَ راحةَ الموظّفين ذوي الهمم في بيئةِ العملِ جهداً إضافيّاً في التّواصلِ والتّدريبِ؛ ولكن القيام بذلكَ يأتي بمكاسب جمّة. [1]
يشيرُ تقريرُ بحثٍ جديدٍ من شركةِ الخدماتِ المهنيّةِ Accenture، بالتّعاونِ مع Disability:IN، وهي جمعيّةٌ غير ربحيّة تٌقدّم موارد لتعزيزِ تضمينِ الأفرادِ ذوي الهمم في الأعمالِ، إلى أن الشّركات الّتي استوفت معاييرَ تضمينِ ذوي الهمم الرّئيسيّة على مدى السّنواتِ الخمسِ الماضيةِ، حقّقت إيراداتٍ تزيدُ بنسبةِ 160% عن تلكَ الّتي لم تقم بذلكَ، وزيادةٍ في الرّبحِ بنسبةِ 200%. وفيما يلي بعضُ الطّرقِ لدعمِ الموظّفين ذوي الهمم للتفوّقِ في شركتكَ.
أنشئ مساحة تمكِّن الموظفين من التحدث عن احتياجاتهم
لاحظت كيلي كات ويلز Keely Cat-Wells، الّتي تبلغُ من العمرِ 27 عاماً، أنّها لم تكن دائماً منفتحةً بخصوصِ معاناتها مع المرضِ المزمنِ واضطراباتِ ما بعد الصّدمةِ. وكانت تخفي حالتها عن صاحبِ العملِ لسنواتٍ، ممّا أدّى في النّهايةِ إلى فقدانِ وظيفتها. وتقولُ: "لم أكن أرغبُ في الحديثِ عمّا مررت به، وكان الأمرُ كما لو أنّني أخفيت جزءاً هامّاً من هويتي، وهو أمرٌ رهيبٌ وصعبٌ".
وقادتها هذه التّجربةُ إلى تأسيسِ وكالة المواهب C Talent، الّتي تمثّلُ الأفرادَ ذوي الهمم في مجالِ السّينما والتّلفزيون ووسائل الإعلام، ثمّ استحوذت عليها شركة Whalar في عام 2022. هذا العام، بدأت بمشروعِ "تخصيص مساحة Making Space"، الّذي يقوم بتدريبِ الأفرادِ ذوي الهمم، ويساعدهم في الاندماجِ في شركاتٍ أخرى. وتقول إنّه عندما يتعلّقُ الأمرُ بالتّضمينِ: "يجبُ أن تكونَ الشّركاتُ صريحةً بشأنِ التّسهيلاتِ بدلاً من الانتظارِ باستمرارٍ حتّى يطلبَ الموظّفون ذوو الهمم ذلك على أساسٍ فرديٍّ أو يضطروا إلى إثباتِ حاجتهم إلى متطلبٍ معيّنٍ"، وهو ما يُمكن أن يكونَ مأساويّاً.
للحدِّ من هذا الضّغطِ، يحتاجُ أربابُ العملِ إلى التّركيزِ على تدريبِ مدراء الإدارةِ الوسطى، حسبما تشير Nadia Alaee، المديرةُ العليا لشركاء المواردِ البشريّةِ في Deel، وهي منصّةٌ لفِرَق العملِ العالميّةِ، حيث يجبُ على الموظّفين أن يشعروا بالرّاحةِ في اللّجوءِ إلى المدراء حول مواضيع معقّدةً. وتقولُ Alaee: "لن يعرفَ كلّ مديرٍ كيفيّة التّعاملِ مع الوضعِ المُتعلّقِ بتقديمِ وإجراءِ تسهيلاتٍ لشخصٍ ذي همم أو توفيرِ تسهيلاتٍ لشخصٍ يحتاجُ إلى إجازةٍ طبيّةٍ، ولكنّهم يحتاجون إلى معرفةِ من يُمكنهم اللّجوء إليه مع مثل هذا الطّلبِ وكيفيّة إجراء تلكَ المحادثة"، حسب قولِ Alaee.
فكِّر في إنشاء مجموعات موارد الموظفين، ولكن افعل ذلك بحذر
تعتبرُ مجموعاتُ موارد الموظفين وسيلةً رائعةً للأشخاصِ ذوي الاهتماماتِ والاحتياجاتِ المشتركةِ للتّجمّع معاً، ولدعمِ أنفسهم، ومناقشةِ التّغييرات الّتي يرغبون في رؤيتها في مكانِ العملِ. قد تبدو فكرةُ إنشاءِ مجموعةٍ للموظّفين ذوي الهمم، وكأنّها فكرةٌ جيدةٌ في البدايةِ، وفقاً لما تلاحظهُ كات ويلز، حيث يُمكن أن تتيحَ للأشخاصِ ذوي التّجاربِ الحياتيّةِ المماثلةِ الانخراطَ معاً. ومع ذلك، تشيرُ إلى أنّه لا ينبغي على الشّركاتِ الاعتمادُ على مثل هذه الفئات لإحداث التّغيير التّنظيميّ الضّروريّ، وبدلاً من ذلكَ يجبُ عليها توظيفُ واستخدامُ استشاريين وخبراء لتسليطِ الضّوءِ على مثلِ هذه القضايا.
تقول كات ويلز: "لا يُمكن لقادةِ الشّركاتِ أن يستمّروا في الاعتمادِ على وضعِ العبء على الأشخاصِ الّذين يتواجدون ضمنَ تلكَ المجموعاتِ، لدعمِ التّغييرِ في جميعِ أنحاء الشّركةِ؛ إنّه أمرٌ رأيتهُ يحدثُ كثيراً في المؤسّساتِ الّتي تسعى في النّهايةِ للقيامِ بالشّيءِ الصّحيحِ، وهو أمرٌ محزنٌ".
تضمين الموظفين ذوي الهمم في قرارات التصميم
بوصفهِ مستخدماً لكرسيٍّ متحرّكٍ ومصاباً بالشّللِ الرّباعيّ، يعرفُ ألفارو سيلبرستين Alvaro Silberstein، البالغُ من العمرِ 37 عاماً، ماذا يعني التّنقل بين مجموعةٍ من المنتجاتِ الّتي لا تلتزم باحتياجاتهِ؛ إنّه المؤسّسُ المشاركُ والرّئيسُ التّنفيذيُّ لشركةِ "عجلة العالم Wheel the World"، وهي شركةُ سفرٍ للأشخاصِ الّذين يواجهون تحديّاتٍ في الوصولِ، إذ إنّ سبعةٌ من إجمالي أربعين موظّفاً في فريقهِ، هم: من ذوي الهمم، وعشرون شخصاً، هم: أفرادُ عائلةٍ لشخصٍ من ذوي الهمم.
يقول سيلبرستين: "في النّهايةِ، يحتاجُ قادةُ الشّركاتِ إلى توظيفِ أشخاصٍ من ذوي الهمم وتمكينهم من اتّخاذ القراراتِ وقيادة المبادراتِ الصّحيحةِ، بحيثُ تكونُ المنتجاتُ شاملةً ومتاحةً للجميعِ".
ويقولُ إنّ معظمَ الشّركاتِ لا تأخذ في اعتبارها كيف يُمكن استخدامُ منتجاتها من قبلِ الأشخاصِ ذوي الهمم أو لا يُمكنهم ذلك حتّى يتلقوا شكوى من عميلٍ أو في أسوأ الحالاتِ، محامٍ يُقدمّ دعوى قانونيّةً متعلّقةً بذوي الهمم. وتزدادُ مثل هذه الحالاتِ في الآونةِ الأخيرةِ، إذ أفادت لجنةُ تكافؤ فرص العملِ بتقديمِ أكثر من 50% من الدّعاوى القانونيّةِ المُتعلّقةِ بتمييزِ التّوظيفِ خلال سنة 2023 الماليّة (143) مقارنةً بالعامِ الماضي، حسبما تقولُ الوكالةُ. وبموجبِ قانون الأمريكيّين ذوي الهمم، يجبُ على الشّركاتِ توفيرُ فرصٍ متساويّةٍ للعملاءِ والموظّفين ذوي الهمم للوصولِ إلى السّلعِ أو الخدماتّ الّتي تُقدّمها.
ومن المهمّ أيضاً ذكر التّكلفةِ النّسبيّة لتعديلِ منتجٍ أو خدمةٍ من أجلِ تلبيةِ احتياجاتِ ذوي الهمم، والّتي يُمكن أن تكونَ عاليةً إذا لم تكن مخططاً لها منذ البدايِة. وفقاً لتقريرٍ صادرٍ عن مركزِ التّصميمِ الشّاملِ Centre for Inclusive Design، وهو مؤسّسةٌ فكريّةٌ غير ربحيّةٌ تساعدُ الحكوماتِ والمربّين والشّركاتِ والمؤسّسات المجتمعيّةِ على تصميمِ منتجاتٍ وخدماتٍ يُمكن للجميع الوصول إليها. مع العلم، يٌمكن أن تُكلّفَ إعادةُ تصميمِ منتجٍ -ليكون شاملاً- ما يصلُ إلى أكثر بـ 10,000 مرّةٍ من إنشائهِ بشكلٍ شاملٍ منذُ البدايةٍ.
للمزيدِ من المعلوماتِ حولَ كيفيّة جعلِ المُنتجاتِ وموادِ التّسويقِ أكثرَ إمكانيّةً للوصولِ إليها، توصي الدّكتورة سامبهافي تشاندراشيكار Dr. Sambhavi Chandrashekar، مديرةُ إمكانيّةِ الوصولِ العالميّة في D2L -وهي شركةٌ لتكنولوجيا التعليّم- بأن يلقي المؤسّسون نظرةً على إرشاداتِ إمكانيّةِ الوصولِ لمحتوى الويب Web Content Accessibility Guidelines الّتي تُقدّمها جمعيّةً شبكة الإنترنت العالمية World Wide Web Consortium، وهي مؤسّسةٌ فكريّةٌ تطوّرُ المعايير والإرشادات لبناءِ الويب على أساسِ مبادئِ سهولةِ الوصولِ.