كيف تكون داعماً لفريقك وتتجنّب العدائية في القيادة؟
استراتيجيات التواصل الفعّال لتعزيز الثقة والتعاون بين أفراد الفريق، مما يساعد في تحويل النقد إلى دعمٍ يُثري العلاقات المهنية.
كما هو معلومٌ في أُسس القيادة الخادمة، فإنَّ دور القائد يتجسَّد في تَحفيز فريقهِ من خلال الدَّعم والتَّعاطف، لا أن يكونَ مصدراً للإحباط عبر الإهانة أو العدائيَّة، غير أنَّه، وكما نشهد أحياناً في الحياة اليوميَّةِ تلك الإطراءات التي تُخفي وراءَها سُمَّاً، فإنَّ الرَّسائل العدائيَّة غير المقصودة قد تُنقَل وتُفهَم خطأً بين الأقران وبين المدراء ومرؤوسيهم في بيئة العمل، ما ينطوي على مخاطر تتجاوز بكثيرٍ مجرَّد الشُّعور بالإهانة، إذ يُعدُّ الشّعور بنقص الدَّعم من جانب المدراء أحد الأسباب الجوهريَّة الَّتي تدفع الأفراد لترك أعمالهم.
فكيف يمكن أن يتجلَّى هذا العداء غير المقصود في بيئة العمل؟ تخيَّل لو أنَّك سمعت العبارات التَّالية من مدرائك أو زملائك، الَّتي قد يُقصد بها الدَّعم لكنَّها تُسفرُ عن النَّقيض:
- "تحدَّثنا عن هذا الأسبوع الماضي، تَذكُر؟" (الأثر: الإحراج)
- "تمَّ تغطية ذلك في البريد الإلكترونيّ." (الأثر: التَّوبيخ)
- "ما الذي لا تفهمه؟" (الأثر: التَّقليل من الشَّأن)
- "ما الذي ينقُصُكَ؟" (الأثر: التَّهوين)
- "هل تحتاج منِّي أن أكرِّر ذلك؟" (الأثر: افتراض الأسوأ)
- "ما أخطأت فيه هو ..." (الأثر: الاتّهام)
- "ما كنت سأفعله هو ..." (الأثر: التَّفاخر بالسَّيطرة)
لا يتطلَّب الأمر إجراءَ استطلاعٍ لآراء العاملين لفهم كيف يمكن لمشاعر الخجل، والتَّوبيخ، والتَّقليل من الشَّأن، والتَّهوين، وفقدان الثِّقة، واللَّوم، والشُّعور بالعجز أن تؤدِّي إلى تدمير الرُّوح المعنويَّة، بصرف النَّظر عن نيَّة القائل أو القيادة.
شاهد أيضاً: كيف تدير تنوع أساليب القيادة في فريقك؟
ذاتَ مرَّةٍ، كنتُ في اجتماعٍ عبر Zoom، وشردَ ذهني للحظاتٍ، فطرحتُ سؤالاً كان قد تمَّ بحثه بالفعل، بعد طرحي للسُّؤال، تعالت ضحكاتُ إحدى زميلاتي معلِّقةً: "هل كنتُ غارقاً في سُباتٍ خلال النّصف الأوَّل من الاجتماع؟" وابتسمت بنوعٍ من الأُلفة التي قد تَظهر بين الإخوة الَّذين يتبادلون المُزاح حول مائدة العشاء، لكن ضمن سياق الاجتماع، شعرتُ بأنَّ الأمر إهانةً، هل كان ينبغي عليَّ أن أكون أكثر تركيزاً؟ بلا شكٍّ، ولكن هل كان تعليق زميلتي يمثِّل طريقةً مساندةً للتَّذكير؟ قطعاً لا، وبقي هذا الموقف يؤرّقني وأثَّر على شُعوري بالرِّضا عن العمل لأسابيع، وكان له تأثيرٌ سلبيٌّ على علاقتي بتلك الزَّميلة.
- إذاً، كيف يمكننا تجنُّب هذا النَّوع من العداء غير المقصود؟
أولًا، من المهمّ التَّركيز على ذلك المفتاح الأساسيِّ، وهو: الدَّعم والتَّفكير مليَّاً قبل التَّلفُّظ بأيَّة كلمةٍ، لا سيَّما في تعاملاتك مع المرؤوسين الَّذين يطلبون موافقتك، اسأل نفسك: هل ما أوشك على قوله سيكون مصدر إلهامٍ أم إحباطٍ؟ وفكِّر في مضمونه "هل هذا صادقٌ، هل هذا لطيفٌ، هل هذا ضروريٌّ، هل هذا مفيدٌ؟"
ثانياً، يجب الاعتراف بأنَّ الأخطاء والإشارات الخاطئة وسُوء الفهم هي جزءٌ لا يتجزَّأ من التواصل البشريّ، ما لم يَظهر نمطٌ مستمرٌّ من التَّصرُّفات السَّلبيَّة، فإنَّ هذه اللَّحظات يجب أن لا تُصبح محور الاهتمام أو محلَّاً للإحراج.
ثالثاً، حتَّى عندما تكون النَّصيحة التَّطويريَّة مبرَّرةً ومقدَّمةً بشكلٍ متعمدٍ، لا بدَّ من وجود سُبلٍ لعرض وجهة نظركَ دون أن تُثير الشُّعور بالعار، تجنَّب النَّقد اللاذعَ عندما تقصدُ التَّوجيه البنَّاء، ولا تكن مجرَّد مصحِّح عندما يمكنك تقديمُ الدَّعم الحقيقيِّ.
رابعاً، سواء كان النَّقد بقصدٍ أو بغير قصدٍ، توجد طرقٌ لتأكيد الدَّعم:
- اطرح الأسئلة بدلاً من الأوامر: "هل تشعر بالضَّغط الكبير هذه الأيَّام؟" يُظهر السُّؤال تعاطفكَ ويبيَّن اهتمامكَ بوجهات نظرهم ومساهماتِهم.
- اعرض المساعدة: "كيف يمكنني مساعدتك في ترتيب أولويَّاتك؟" يعزِّز الشُّعور بالدَّعم، وروح الفريق، والغاية المشتركة.
- قدِّم اقتراحاتٍ لا أوامر: "ما رأيك بتجربة XYZ؟" الاقتراح بدلاً من الأمر يُظهر احترامك لخبرتهم وتجربتهم وقدرتهم على الحُكم.
خامساً، لا يسعى المدراء والزملاء إلى فَصلِ شخصٍ ما إلَّا في حالاتٍ نادرةٍ؛ معظمهم يرغب في تحسين أداء الموظَّفين ذوي الأداء الضَّعيف، ومع ذلك يتطلَّب تحقيق هذا الهدف أن يشعرَ الزُّملاء بالدَّعم والثِّقة، بعيداً عن الإحباط والمرارة، ومهما كانت نواياك عند تقديم النَّقد، حافظ على نهجٍ داعمٍ وابتعد عن أيّ شكلٍ من أشكال العداء.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.