كيف تُعيد التوازن إلى حياتك؟ إليك الحل السحري لتُنقذ نفسك
حتّى في ذروة النجاح، تتطلّب الاستمرارية لحظات من الانسحاب والتجديد؛ لذلك اكتشف كيف يُمكن لزر "عدم الإزعاج" المجازي أن يُنقذك من الاحتراق النفسي
غالباً ما تكونُ القصص الحقيقيَّة لروَّاد الأعمال أكثر تعقيداً وإلهاماً خلف الواجهة البرَّاقة لوسائل التواصل الاجتماعي، وبصفتي امرأةً صاحبة مشروعٍ تجاريٍّ مرّتُ بتجاربَ متنوّعةٍ ومتطرِّفةٍ في إيجابيَّاتها وسلبيَّاتها على حدٍّ سواء، تعلَّمت أنَّ الطَّريقَ إلى النَّجاح المُستدام يتطلَّب أكثر من مجرَّد إنجازاتٍ خارجيَّةٍ.
لقد كانت رحلتي على مدى السَّنوات القليلة الماضية عبارةً عن رحلةٍ بهلوانيَّةٍ، ففي لحظةٍ ما كنتُ سعيدةً باستمرار الشَّركة في النُّموّ وتحقيق الإنجازات الواحد تلو الآخر، بينما في اللَّحظة التَّالية كُنتُ أخسرُ عميلاً كبيراً، وأعيدُ بناء فريقي، وأفقدُ مُمتلكاتي في عاصفةٍ كبيرةٍ، ثمَّ أعودُ إلى رحلات العمل. كنتُ في كثيرٍ من الأحيان منهكةً ومرهقةً وغارقةً في التَّحدّيات، وعلى الرَّغم من ازدهار عملي ظاهريّاً، إلَّا أنَّني كُنتُ أكافح من أجل إيجاد مساحةٍ حقيقيَّةٍ للرَّاحة واستعادة النَّشاط.
ومع تراكم الفوضى والمُتطلَّبات في كلّ ساعةٍ من ساعات يقظتي، أدركتُ أنَّني بحاجةٍ إلى إيجاد طريقةٍ لتخفيف الضَّجَّة والمشتّتاتِ من حولي؛ لذا قرَّرتُ الابتعاد، كان نمطي المفضَّل للرّعاية الذَّاتيَّة هو الابتعاد عن مسؤوليَّاتي التي لا تنتهي في العمل والمنزل، ولو لفترةٍ قصيرةٍ، على الرَّغم من أنَّه كان من المستحيل أن آخذَ إجازةً كاملةً، إلَّا أنَّني توقَّفت عن الرَّدّ تلقائيّاً على كلّ مكالمةٍ هاتفيَّةٍ أتلقَّاها، بحثت عن معالجٍ نفسيٍّ يُمكنني أن أشعرَ بتواصلٍ حقيقيٍّ معه، والأهمُّ من ذلك، خصَّصت وقتاً هادئاً بمفردي لتنظيم أفكاري ومواجهة واقعي الجديد.
يبدو الأمر بسيطاً، لكنَّه نجحَ معي بشكلٍ جيّدٍ جدّاً، في لحظات الهروب الرُّوحيّ هذه، استطعتُ أخيراً أن أتصالحَ وأتقبَّلَ المرأة التي تطوَّرتُ إليها، واستطعتُ أن أبتعدَ عن شخصيَّتي القديمة وأقنعة استمرار بقائي التي اختبأتُ وراءها في السَّنوات الماضيةِ، فقد وجدتُ أخيراً الصَّفاء الذي كُنتُ أتوقُ إليه بشدَّةٍ في لحظات العُزلة والتَّأمُّل.
شاهد أيضاً: لماذا يمكن للتعاطف مع الذات أن يدفعك للنجاح، مدعوماً بالعلم
عندما بدأتُ في التَّخلّي عن طبقات الانشغال المستمرّ، تمكَّنت من رؤية الأشياء من منظورٍ جديدٍ، أدركتُ أنَّ العديدَ من الأفكار والهموم التي كانت تُثقلُ كاهلي، ما هي إلّا مجرَّد إلهاءاتٍ غير ضروريَّةٍ تشغلُ حيّزاً ثميناً في ذهني دون أن تخدمَ أولويَّاتي العُليا فعليّاً.
سمح لي هذا التَّوقُّف التَّأمليُّ بإعادة ترتيب أولويَّاتي والعودة إلى الأهداف والقيم الأساسيَّة التي ألهمتني في المقام الأوَّل، وتمكَّنت من إعادة تحليل استراتيجيَّة عملي والتَّركيز على المبادرات المُهمَّة حقّاً، أمّا على المستوى الشَّخصيّ، فقد أُتيحت لي الفرصة لتقييم علاقاتي وعادات الرّعاية الذَّاتية وصحَّتي العقليَّة والعاطفيَّة بشكلٍ عامٍّ.
وبهذه الطَّريقة، بدأتُ أرى الحقيقة الكامنة في أعماقي، كانت حقيقةً متواضعةً، ولكنَّها كانت أيضاً مصدرَ قوَّةٍ، إذ كان التَّركيزُ على العمل الدَّاخليِّ عمليَّةً مؤلمةً، لكنَّها ساعدتني في النّهاية على إعادة بناء فهمي لما يعنيه أن أكونَ رائدةَ أعمالٍ ناجحةً، لقد أدركت أنَّ زخارفَ النَّجاح -الجوائز والمكاسب المادّيَّة والأوسمة من الآخرين- لا تؤدّي تلقائيّاً إلى السَّلام الدَّاخليّ والرِّضا، بل إنَّ نفس القوى التي دفعتني إلى تحقيق الإنجازات الخارجيَّة هدَّدتني بتجريدي من إنسانيَّتي وجعلتني أشعر بأنَّني مجرَّد "مورّدٍ" وليس شخصاً كاملاً.
ومع ذلك، اكتشفتُ أيضاً من خلال هذا الصّراع مفتاح النَّجاح المُستدام، من خلال إعطاء الأولويَّة للرّعاية الذَّاتيَّة وتخصيص وقتٍ لتجديد شبابي وتجديد نفسي، تمكَّنت من إيجاد التَّوازن الذي كنتُ في أمسّ الحاجة إليه، لم أعد مضطرَّةً للاختيار بين طموحاتي المهنيَّة وصحّتي الشَّخصيَّة، بدلاً من ذلك، تعلَّمت أنَّ الاثنين لا ينفصلان مطلقاً.
وأنا الآن متحمِّسةٌ لمشاركة هذه الحكمة مع رائدات الأعمال الأخريات، لا يتعلَّق النَّجاح بدفع نفسك إلى حدّ الإنهاك، بل يتعلَّق بتطوير المرونة والموارد الدَّاخليَّة للتَّغلُّب على المتغيّرات الطَّارئة، إنه يتعلَّق بالسَّماح لنفسك بالرَّاحة وتجديد نشاطكَ وإعادة التَّواصل مع الشَّغف الذي أشعل رحلتك الرّياديَّة في البداية.
ربَّما ما يزال الطَّريق أمامي مليئاً بالتَّحدّيات، لكنَّني أواجهها الآن بطاقةٍ متجدّدةٍ وإحساسٍ بالهدف، ومن خلال دمج الرّعاية الذَّاتيَّة في حياتي اليوميَّة، اكتشفتُ الرّضا الذي يفوق بكثيرٍ أيَّ نجاحٍ فرديٍّ في مجال الأعمال، وآمل أن تكونَ قصَّتي مصدر إلهامٍ للآخرين ليحذوا حذوي.