3 عوامل أساسية لإيصال أفكارك في المحادثات الصعبة
يعتمد نجاح أيّ مفاوضاتٍ على فهم الجمهور المُستهدف ومعرفة أدوارهم وشخصيّاتهم وقيمهم، فتعرّف على أهمّ الأساليب الّتي تجعل رسالتك مقنعةً ومفهومةً

في العام الماضي، تعاملتُ مع مديرٍ تنفيذيٍّ كان يحضّر شركته لاستحواذٍ ضخمٍ، حيث كان يؤمن بأنّ هذا الاستحواذ أساسيٌّ لمستقبل الشّركة. ومع ذلك، رفض مجلس الإدارة الموافقة على الصّفقة ما لم يظهر عائدٌ واضحٌ على الاستثمار. ولتحقيق ذلك، كان عليه تقديم توقّعين ماليّين: أحدهما يفترض استمرار العمل كما هو، والآخر يفترض إتمام الاستحواذ. وللحصول على هذه الأرقام، كان من الضّروريّ أن يجري حواراً مع رئيس المبيعات ليحظى بتأييده.
يتبادر إلى الذّهن سؤالٌ: هل كان من الأفضل أن يعقد المدير التّنفيذيّ اجتماعاً مشتركاً يجمع بين مجلس الإدارة ورئيس المبيعات لمناقشة الاستحواذ، أم كان ينبغي عليه التّحدّث مع كلّ منهما بشكلٍ منفصلٍ؟ للإجابة على هذا السّؤال، يجب أوّلاً فهم أنّ الحصول على التّأييد يعني تكييف الرّسالة وفقاً لجمهورها. وهناك ثلاثة عوامل رئيسيّةٍ يجب مراعاتها عند اتّخاذ قرارٍ حول كيفيّة التّواصل:
العامل الأوّل: الأدوار
قبل البدء في التّحدّث مع أيّ صاحب مصلحةٍ، يجب النّظر في دوره داخل المنظّمة، فكلّ فردٍ -سواءً كان عضواً في مجلس الإدارة أو من القيادة التّنفيذيّة أو من الطّاقم- يمتلك أولويّاتٍ ومخاوف ومستوى معرفةٍ يختلف عن الآخرين.
على سبيل المثال، في سيناريو الاستحواذ هذا، كان على المدير التّنفيذيّ أن يوضّح لرئيس المبيعات معلوماتٍ تفصيليّةً حول موقع الشّركة المستهدفة في السّوق، وأداء مبيعاتها وربحيّتها، بالإضافة إلى كيفيّة تنظيم فريق المبيعات الجديد وإمكانيّة دمجه بسلاسةٍ مع الفريق الحاليّ، أمّا المعلومات الّتي يجب مشاركتها مع عضو مجلس الإدارة، فكانت تختلف تماماً؛ لا يحتاج عضو مجلس الإدارة إلى الدّخول في تفاصيل دقيقةٍ حول ممارسات المبيعات، بل يحتاج إلى رؤيةٍ عامّةٍ قائمةٍ على الأرقام والنّتائج.
العامل الثّاني: الشّخصيّات
ليس فقط المحتوى الّذي تقدّمه هو المهمّ، بل الطّريقة الّتي تقدّم بها، فاختيار النّبرة والأسلوب يتوقّف على شخصيّة الجمهور المستهدف. على سبيل المثال، عند التّحدّث مع عضو مجلس الإدارة، كان المدير التّنفيذيّ يعلم أنّ هذا الشّخص يتمتّع بطابعٍ تحليليٍّ وتفصيليٍّ؛ لذلك كان يحتاج إلى تقديم بياناتٍ دقيقةٍ وخطواتٍ واضحةٍ مدعومةٍ بمنطقٍ قويٍّ، بعيداً عن التّركيز على الآثار العاطفيّة أو العلاقات الشّخصيّة غير المدعومة بالأدلّة. كما أنّه حرص على عدم تقديم أرقام دون شرحٍ أو سياقٍ، بل قام بمراجعة المعلومات وتقديمها بشكلٍ مدروسٍ.
العامل الثّالث: القيم
إلى جانب الأدوار والشّخصيّات، يجب مراعاة قيم وأولويّات الجمهور. في حين يقدّر عضو مجلس الإدارة النّموّ الماليّ وصحّة الشّركة، قد يكون لرئيس المبيعات وجهة نظرٍ مختلفةٍ، خاصّةً إذا كان حسّاساً أو دفاعيّاً عند الحديث عن الاستحواذ.
في هذا السّيناريو، كان من المحتمل أن يشعر رئيس المبيعات بالقلق والتّهديد، معتبراً الاستحواذ بمثابة تغييرٍ جذريٍّ قد يعطل استقرار فريقه. لذلك، يصبح من الضّروريّ التّحضير لمثل هذه المحادثة بعنايةٍ. يجب على المدير التّنفيذيّ أن يبدأ بالتّعبير عن تقديره لرئيس المبيعات، وأن يعترف بمخاوفه، مع توضيح نواياه بصدقٍ وشفافيّةٍ. كما يجب الانتباه إلى نبرة الصّوت واختيار كلماتٍ شاملةٍ مثل "نحن" و"لنا" لإظهار أنّ الهدف المشترك هو مصلحة الشّركة والفريق.
على سبيل المثال، يمكن أن تبدأ المحادثة بالقول: "أنا سعيدٌ بلقائنا اليوم. أحتاج إلى مساعدتك لإعداد توقّعين ماليّين: أحدهما يفترض استمرارنا في العمل كما نحن عليه، والآخر يفترض أنّنا نستحوذ على الشّركة المستهدفة. أعلم أنّك قد تكون قلقاً بشأن الاستحواذ المحتمل، ولكن إذا تمّ تنفيذه، فسنعمل سويّاً لضمان حصول فريقك على الدّعم الكامل، سواءً للأعضاء الحاليّين أو الجدد. لديّ بعض المعلومات لمشاركتها معك، فهل أنت مستعدٌّ للتّعمّق في التّفاصيل؟"
الخلاصة: دمج كلّ العوامل معاً
يتطلّب إعداد رسالةٍ فعّالة -تأخذ في الاعتبار دور الشّخص وشخصيّته وقيمه- بعض الجهد الإضافيّ، ولكنّ الفائدة كبيرة، فعندما تتناول المحتوى وطريقة التّقديم بشكلٍ يتناسب مع كلّ متطلّبات المستمع، فإنّ الرّسالة تُستقبل بشكلٍ أفضل، ويتمّ اتّخاذ الإجراءات المطلوبة بسرعةٍ وكفاءةٍ، ممّا يؤدّي إلى إجراء حواراتٍ أكثر إنتاجيّةً، وتحسين العلاقات، والحدّ من النّزاعات وسوء الفهم، ممّا يساهم في بناء منظّمةٍ أقوى وأكثر صحّةً.
إذا كنت تريد أن تصل رسالتك إلى من تستهدفه وتحدث التّأثير المطلوب، يجب عليك أن تعرف جيّداً من هو الجمهور الّذي تتحدّث إليه، وما يهمّه، وما يحتاجه لمعالجة المعلومات والرّدّ عليها. وإذا رغبت في التّعمّق في هذا الموضوع ومساعدة فريقك على التّعامل مع المحادثات الصّعبة والتّحدّيات الشّخصيّة بثقةٍ، فقد تمّ تصميم بروتوكول الاتّصال لمساعدة المؤسّسات على تبسيط قنوات الاتّصال، وتعزيز التّعاون، وضمان النّجاح على المدى الطّويل.