كيف تدير عملك بنجاح خلال الإجازات؟

إدارة الوقت خلال الإجازة من أصعب التحديات التي تواجه رجال الأعمال، وخاصّة المؤسّسين الشّباب الذين يعملون بلا توقّفٍ لتحقيق أحلامهم. فاستراتيجيّات إدارة الوقت ليست فقط وسيلةً لتحسين الأداء، بل هي ضروريّةٌ لتمكين الفرق وتحقيق توازنٍ بين الالتزامات المهنيّة والشّخصيّة.

أولاً: أهميّة التّخطيط المسبق

يعيش العديد من المؤسّسين حياتهم كما لو كانت مشاريعهم هي محور الكون، فهم يبذلون كلّ ما لديهم من طاقةٍ لتحقيق النّجاح الماليّ، وغالباً ما يهملون صحّتهم وعائلاتهم. وفي هذا السياق، تتحدّث إليزابيث غور، رئيسّة مجلس إدارة موقع "هيلو أليس" (HelloAlice.com)، عن تجربتها الشّخصيّة، حيث كانت تعمل بلا انقطاعٍ، مشيرةً إلى أنّ القهوة والجري والصّلاة كانت وقودها اليوميّ خلال تأسيس شركتها. ولكن مع مرور الوقت، أدركت أنّ نجاح أيّ مؤسّسةٍ يتطلّب تركيزاً على بناء فريقٍ موثوقٍ يمكن الاعتماد عليه في غياب القائد.

تجربة إليزابيث مع مشاكل القلب، والتي أجبرتها على أخذ أوّل إجازةٍ في حياتها المهنيّة، كشفت لها أهميّة الثّقة بالآخرين وإعداد الفريق بشكلٍ جيّدٍ لإدارة الأمور في غياب القائد. فالثّقة بالآخرين ليست رفاهيّةً، بل هي ضرورةٌ للحفاظ على استمراريّة العمل وضمان النّجاح طويل الأمد.

ثانياً: الاستعداد للأزمات

أحد الأمور التي يجب على المؤسّسين الاهتمام بها هو التّخطيط للطّوارئ. فكما تقول إليزابيث، قد يجد المؤسّس نفسه في موقفٍ غير متوقّعٍ يتطلّب رحيله المؤقّت عن الشّركة لأسبابٍ صحّيّةٍ أو عائليّةٍ. من المهمّ وجود خطةٍ واضحةٍ لإدارة الأمور في مثل هذه الحالات، بدءاً من إعداد فريقٍ قياديٍّ قويٍّ، إلى وضع خطط الطّوارئ التي تعتمدها إدارة الشّركة. فالعمل، كما وصفه رجل الأعمال العقاريّ غاري كيلر، يشبه الكرة المطّاطيّة التي يمكن أن ترتدّ مرّةً أخرى عند سقوطها، لكنّ الأسرة والصّحّة والعلاقات الاجتماعيّة والنّزاهة تشبه الكرات الزّجاجيّة، وإذا سقطت فإنّها قد تتحطّم إلى الأبد.

ثالثاً: رعاية الفريق والاستعداد للإجازة

 تنصح إليزابيث بأنّ يكون لدى المؤسّسين خططٌ مفصّلةٌ وواضحةٌ، بحيث تكون كافة استراتيجيّات العمل محفوظةً في مكانٍ يمكن الوصول إليه بسهولةٍ. وينبغي أيضاً أن يشارك القادة الآخرون في الشّركة هذه الخطط لضمان استمرار العمل بسلاسةٍ حتّى في غياب المؤسّس. ويتطلّب هذا إنشاء خطة خلافةٍ رسميّةٍ، حيث تضمن استمرار الأداء الجيّد دون حدوث فراغٍ في القيادة.

أمّا بالنّسبة للأدوار والمسؤوليّات، فيجب أن تكون محدّدةً وواضحةً. إذ أنّ غياب القائد قد يخلق فراغاً يملأ بشكلٍ عشوائيٍّ إذا لم تكن هناك خطوطٌ واضحةٌ للمسؤوليّات. لذا، يجب أن يعرف كلّ فردٍ في الفريق دوره وكيفيّة التّواصل مع الآخرين لضمان عدم حدوث صراعاتٍ داخليّةٍ أو تفويت أيّ فرصٍ هامّةٍ.

رابعاً: التّوازن بين الإجازة والعمل

 أحد التّحدّيات الكبرى التي تواجه رجال الأعمال هي القدرة على فصل أنفسهم عن العمل خلال فترات الإجازة. حيث تشير دراسات "هارفارد بيزنس ريفيو" إلى أنّ 47% من الرّؤساء التّنفيذيّين يعتبرون أدوارهم جزءاً لا يتجزّأ من هويّتهم الشّخصيّة، ممّا يجعل من الصّعب عليهم ترك الأمور لغيرهم. ومع ذلك، تنصح إليزابيث بضرورة تركيز الثّقة في الفريق وتمكّينه من قيادة العمل خلال غياب القائد، والابتعاد عن التّدخّلات المتكرّرة التي قد تزعزع ثّقة الفريق بأنفسهم.

إذا كنت تعرف متى ستعود من إجازتك، يجب أن تكون شفافاً مع فريقك حول موعد العودة، فهذا يمنحهم وضوحاً وتوقّعاتٍ واقعيّةً. تذكّر قول ميشيل أوباما: "يجب أن نبذل جهداً أكبر لوضع أنفسنا في مرتبةٍ أعلى في قائمة أولويّاتنا". فالاعتناء بالنّفس ليس فقط ضروريّاً للفرد، بل هو شرطٌ أساسيٌّ لنجاح الشّركة على المدى الطّويل.

في الختام، تحقيق التّوازن بين الحياة المهنيّة والشّخصيّة لا يعني التّراجع عن الطّموحات، بل هو جزءٌ أساسيٌّ من الاستدامة. فرجال الأعمال الناجحين يدركون أنّ بناء فرقٍ قويّةٍ، وتحديد أدوارٍ واضحةٍ، والاعتناء بالصّحّة والعائلة، هو السّبيل الوحيد لتحقيق النّجاح المتواصل.