كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي في الكتابة دون أن تفقد أسلوبك؟
مع كل تطورٍ جديدٍ في مجال الذكاء الاصطناعي، تتغيّر معايير الكتابة الحديثة، حيث يصبح المحتوى أكثر دقّةً وسلاسةً، ممّا يسهم في تحسين جودة النّصوص بشكل غير مسبوقٍ

أصبح الذكاء الاصطناعي لاعباً رئيسيّاً في مجال كتابة الأعمال، حيث غيّر قواعد اللّعبة بالكامل؛ فهو لا يكتفي بجعل التّواصل أسرع وأكثر دقّةً وفعّاليّةً، بل يمكنه أيضاً أن يحوّل كتاباتك من مستوى مقبولٍ إلى مستوى مؤثّرٍ وقويٍّ، بشرط أن تعرف كيف تستخدمه بطريقةٍ صحيحةٍ.
أنا شخصيّاً، أستخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد الأفكار أو التّدقيق اللّغويّ، لكنّي لا أسمح له أبداً بأن يقود الدّفّة بالكامل، إذ يمكنه تنفيذ المهامّ البسيطة، كاختصار المقالات، ولكنّه لا يملك القدرة على كتابة المقال من البداية إلى النّهاية بجودةٍ بشريّةٍ. ويمكنه التّحقّق من صحّة الاقتباسات، ولكنّه لا يملك الحسّ المعرفيّ ليقرّر ما يستحقّ الاستشهاد به. وقد أبدأ به، ولكنّه لا يكتب بلغتي، أنا الّذي يصوّغ الكلمات، وهو مجرّد مساعدٍ.
إذا كُنت ترغب في استخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة الأعمال، دون أن تفرّط في أسلوبك الخاصّ، أو تضرّ بمصداقيّتك المهنيّة، فإليك 6 نصائح مهمّةً -وغالباً ما يغفل عنها الكثيرون- لتحقيق أقصى استفادةٍ منه.
1. قدّم تعليمات دقيقة وواضحة للذكاء الاصطناعي
لا يتجاوز الذكاء الاصطناعي جودة التّعليمات الّتي يتلقّاها. على سبيل المثال، إذا طلبت منه: اكتب بريداً إلكترونيّاً تجاريّاً عن إطلاق منتجٍ جديدٍ، فستحصل غالباً على ردٍّ مملٍّ وعامٍّ. ولكن إذا كنت أكثر تحديداً، ستنقل المحتوى إلى مستوى جديدٍ تماماً. فجرّب مثلاً: اكتب رسالة بريدٍ إلكترونيٍّ مقنعةً موجّهةً إلى عملائنا الحاليّين، تعلن عن إطلاق برنامجنا الجديد GX41، مع التّركيز على ميّزاته الّتي توفّر الوقت، وتتضمّن عرض خصمٍ لفترةٍ محدّدةٍ، واستخدم نبرةً واثقةً ولكن ودودةً".
كلّما زادت دقّة التّوجيهات، زادت جودة النّتيجة، إذ يضمن هذا الأسلوب أن يكون المحتوى أكثر صلةً بالجمهور، وأكثر تأثيراً، ويؤدّي إلى استجاباتٍ أسرع وفرصٍ تجاريّةٍ أكبر.
2. استخدم الذكاء كأداة لتحسين كتابتك، لا كبديل
بصفتي مدرّساً في مجال الكتابة، كثيراً ما أواجه رجال أعمالٍ يقولون بثقةٍ: "لسنا بحاجةٍ إلى تدريباتٍ على الكتابة، فنحن نستخدم "شات جي بي تي" (ChatGPT)"؛ وهذا فهمٌ خاطئٌ تماماً.
لتحقّق أفضل النّتائج من الذكاء الاصطناعي، يجب أن تكون لديك معرفةٌ كافيةٌ بأساسيّات الكتابة لتتمكّن من تقييم وتحسين ما ينتجه؛ فقد يعطيك الذكاء الاصطناعي عشر أفكارٍ لمنشورٍ على وسائل التّواصل، أو يصوغ لك مسوّدةً مبدّئيّةً، ولكنّه لا يستطيع أن يمنح النّصّ تلك النّغمة الإنسانيّة الّتي تبني المصداقيّة، وتخلق تواصلاً حقيقيّاً مع الجمهور.
يشبه الذكاء الاصطناعي المتدرّب الموهوب: متحمّسٌ، ولكنّه يحتاج إلى توجيهٍ. وإذا لم تكن لديك الخبرة الكافية لتصحيح أخطائه، فلن تستفيد منه كثيراً. باختصارٍ: يجب أن تعرف كيف تكتب لتعرف كيف تحسّن ما يكتبه لك الذكاء الاصطناعي.
3. لا تستخدمه فقط لتوليد النصوص، بل لتنظيم الأفكار
كثيرٌ من التّنفيذيّين يعرفون أنّ بإمكان الذكاء الاصطناعي توليد محتوى، ولكنّهم لا يدركون أنّه أداةٌ ممتازةٌ لتنظيم الأفكار قبل بدء الكتابة؛ فالهيكل هو الأساس الّذي يبنى عليه وضوح الرّسالة. وإذا شعرت أنّ تقريرك غير مترابطٍ، يمكنك أن تطلب من الذكاء الاصطناعي إعادة تنظيمه مع الحفاظ على مضمونه الأساسيّ.
بدلاً من الانشغال في كيفيّة ترتيب تقريرٍ أو اقتراحٍ، دع الذكاء الاصطناعي يبدأ بتحديد الهيكل المناسب؛ فإذا كنت تعمل على تقريرٍ عن تحليل السّوق، اطلب منه هيكلاً يتضمّن أقساماً عن الاتّجاهات، والمخاطر، والتّوصيات. وإذا كنت تكتب عرضاً لعميلٍ، اطلب منه صياغة هيكلٍ يحتوي على ملخّصٍ تنفيذيٍّ جذّابٍ ومقنعٍ.
لا توفّر هذه الطّريقة فقط الوقت، بل تضمن لك أيضاً أن يكون عملك منظّماً منطقيّاً من البداية، ما يسهّل لاحقاً تحسين التّفاصيل.
4. استخدم الذكاء لاستكشاف السيناريوهات المحتملة
عند التّخطيط لاستراتيجيّاتٍ أو إعداد عروضٍ تقديميّةٍ، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدتك على توليد نسخٍ متعدّدةٍ من الوثائق بسرعةٍ؛ فهذا يسمح لك باستكشاف سيناريوهاتٍ مختلفةٍ من دون الحاجة لإعادة كتابة كلّ شيءٍ من الصّفر.
يمكنك أن تطلب منه إعداد إصداراتٍ موازيةٍ من الوثيقة نفسها بناءً على افتراضاتٍ أو ظروفٍ مختلفةٍ، مع الحفاظ على نفس الأسلوب والهيكل العامّ؛ فهذا مفيدٌ للغاية في تحليلات SWOT (نقاط القوّة، والضّعف، والفرص، والتّهديدات). على سبيل المثال، تخطّط شركةٌ لإطلاق منتجٍ جديدٍ يمكنها طلب تحليلٍ لثلاثة سيناريوهاتٍ لتهديدٍ محتملٍ:
- إطلاق المنافس منتجٍ مشابهٍ أوّلاً.
- تغييراتٌ تنظيميّةٌ غير متوقّعةٍ تؤثّر على نوع المنتج.
- اضطراباتٌ في سلسلة التّوريد تؤدّي إلى تأخير الإطلاق.
باستخدام الذكاء الاصطناعي بهذه الطّريقة، يمكنك تجهيز خطط طوارئٍ متكاملةٍ وتحليلٍ دقيقٍ للمخاطر، دون أن تضيّع وقتك في الكتابة اليدويّة لكلّ حالةٍ.
5. اجعل الوثائق التقنية مفهومة للجميع
إذا كُنت تتعامل مع مواد تقنيّةٍ معقّدةٍ، فإنّ الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداةً رائعةً لتحويلها إلى محتوى سهل الفهم، دون فقدان المعنى الأساسيّ. مثلاً، يمكن تحويل ورقة مواصفاتٍ تقنيّةٍ معقّدةٍ إلى:
- ملخّصٍ تنفيذيٍّ واضحٍ لرجال الإدارة.
- موادٍ تسويقيّةٍ جذّابةٍ للعملاء.
- وثائق تدريبٍ مبسّطةٍ للموظّفين.
يقوم الذكاء الاصطناعي بالحفاظ على دقّة المعلومات، ولكنّه يستخدم لغةً وأمثلةً تتناسب مع كلّ جمهورٍ على حدةٍ، ممّا يجعل المحتوى أسهل للوصول والفهم.
6. اجعل محتواك متاحاً للجميع
من أكبر مزايا الذكاء الاصطناعي أنّه يستطيع تقييم كتاباتك للتّأكّد من أنّها شاملةٌ ومتاحةٌ لمختلف فئات الجمهور؛ فهو لا يكتفي بالكشف عن العبارات الّتي قد تكون منحازةً، بل يقترح أيضاً طرقاً لجعل اللّغة أبسط، وأكثر وضوحاً، وتتناسب مع مختلف مستويات القراءة أو أسلوب التّعلّم. كذلك، يمكنه تحديد العبارات الاصطلاحيّة الّتي قد لا تُفهم جيّداً من قبل المتحدّثين غير الأصليّين للّغة، ويعمل على تحسين توافق المحتوى مع برامج قراءة الشّاشة. النّتيجة؟ محتوى أكثر شموليّةً، وأسهل فهماً، ويصل إلى جمهورٍ أوسع.
مستقبل الكتابة: الإنسان والذكاء الاصطناعي معاً
مع استمرار تطوّر قدرات الذكاء الاصطناعي اللّغويّة، يصبح من الواضح أنّ من يعرف كيف يدمجه بذكاءٍ في سير عمله سيكون له الأفضليّة. لا يدور المستقبل حول من الأفضل -الإنسان أم الذكاء الاصطناعي- بل عن كيفيّة التّعاون بينهما؛ فهما معاً قادران على إنتاج محتوىً أكثر تأثيراً، وكفاءةً، وجاذبيّةً من أيّ وقتٍ مضى.