كيف يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في تحليل البيانات؟
يغيّر التحليل الذّكي قواعد اللّعبة في عالم الأعمال، ممّا يساعد على الكشف عن الفرص الخفّية مع تجنّب المخاطر قبل وقوعها

قد أثبت الذكاء الاصطناعي بالفعل مدى تنوّع وفائدة تطبيقاته، فهو يساعد المبدعين الرّقميّين على تبسيط أعمالهم وتوفير الزّمن والجهد. ومع ذلك، ومن خلال تجربتي الشّخصيّة كرائدٍ للأعمال، اكتشفت أنّ أحد أهمّ المجالات الّتي يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يترك فيها بصمةً إيجابيّةً كبيرةً هو مجال تحليلات البيانات.
في زمننا الحاليّ، تعتمد الشّركات على كمّيّاتٍ غير مسبقةٍ من البيانات، ومع أنّ هذه البيانات تحمل في طيّاتها إمكانيّاتٍ هائلةً لتحسين الأداء واتّخاذ قراراتٍ أكثر دقّةً، إلّا أنّها في كثيرٍ من الأحيان لا تكون متاحةً بالشّكل الّذي يُمكن للجميع الاستفادة منه، خاصّةً لأولئك الّذين لا يمتلكون خلفيّةً تقنيّةً متقدّمةً. فلا ينبغي أن تبقى الرّؤى المهمّة المُستخلصة من البيانات مخفيّةً أو غير مستغلّةٍ، بل يجب أن تكون في متناول أيدي فريقك، ليتمكّن من استخدامها في تحقيق أهداف العمل. فمن خلال استغلال قوة الذكاء الاصطناعي، يمكنك جعل تحليلات البيانات أكثر سهولةً وفائدةً لجميع أقسام منظّمتك.
ابدأ بأهدافٍ واضحةٍ لبياناتك
إذا كان هدفك تعظيم استفادتك من الذكاء الاصطناعي في مجال تحليلات البيانات، فأوصيك بأن تبدأ بوضع أهدافٍ واضحةٍ تحدّد كيف ستستخدم هذه التّقنيّة، ونوع البيانات الّتي ترغب في التّركيز عليها، والطّريقة الّتي ستوظّف بها تلك البيانات في خدمة أهدافك الاستراتيجيّة.
في جوهر الأمر، يجب أن تعتمد على نهج "تصميم البيانات" الّذي يضمن تركيزك على المعلومات ذات الأهمّيّة الحقيقيّة، تلك الّتي تساعد منظّمتك على تحقيق رؤيتها المستقبليّة. لا يمكنك ببساطةٍ ضخّ كمّيّةٍ هائلةٍ من البيانات أمام نظام الذكاء الاصطناعي وانتظار المعجزات، بل يجب تنظيمها وتوجيهها نحو ما هو ضروريٌّ لتحقيق نتائج ملموسةٍ.
عندما تكون لديك رؤيةٌ واضحةٌ حول كيفيّة استخدام البيانات بما يتماشى مع أهداف شركتك، فإنّ تطبيق الذكاء الاصطناعي يصبح أكثر فاعليّةً. ويمكن القول إنّ الذكاء الاصطناعي لا يقتصر دوره على تحليل البيانات فقط، بل يمتدّ ليشمل تنظيفها وأتمتة العمليّات المتعلّقة بها، ممّا يسمح لك بالتّركيز على الأمور الجوهريّة. ويعرف هذا النّوع من الاستخدام باسم "ذكاء الأعمال التوليدي" أو ما يختصر بـ (GenBI).
بسّط استخدام الذكاء الاصطناعي عبر وظائف GenBI
وفقاً لدراسةٍ أجرتها "مؤسّسة بيو للأبحاث" (Pew Research Center)، يشعر 52% من الأمريكيّين بقلقٍ أكثر من الحماس حول التّأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على حياتهم اليوميّة، بينما يقرّ 36% آخرون بأنّ مشاعرهم مزيجٌ من القلق والحماس في آنٍ واحدٍ. وفي أماكن العمل، تنبع هذه المخاوف غالباً من عدم اليقين حول كيفيّة استخدام التّكنولوجيا الجديدة، وكيف ستؤثّر على الرّوتين اليوميّ للموظّفين.
في ظلّ هذه الظّروف، يصبح من الضّروريّ على القادة التّركيز على خيارات وظائفٍ مثل ذكاء الأعمال التّوليديّ، الّذي يجعل من استخدام الذكاء الاصطناعي عمليّةً بسيطةً وسلسةً وخاليةً من التّعقيدات. على سبيل المثال، أوضح السّيّد عمري كول، الرّئيس التّنفيذيّ والمؤسّس المشارك لشركة "بيراميد أناليتيكس" (Pyramid Analytics) المُتخصّصة في ذكاء الأعمال التّوليديّ، بعض النّقاط الّتي لم تكن واضحةً لديّ سابقاً. فقد تناول في مقابلةٍ مع موقع "يونايت. إيه آي" (Unite.ai) كيف أنّ ذكاء الأعمال التّوليديّ يجعل الذكاء الاصطناعي أكثر سهولةً، حيث يتيح للمستخدمين طرح أسئلتهم باللّغة الطّبيعيّة، ومن ثمّ الحصول على إجاباتٍ مناسبةٍ تتّخذ شكل مقاييس محدّدةٍ أو حتّى لوحة معلوماتٍ متخصّصةٍ في ذكاء الأعمال.
بهذه الطّريقة، يمكن لأعضاء فريقك استكشاف البيانات وكأنّهم يجرون حواراً طبيعيّاً، دون الحاجة إلى التّعمّق في تقنيات معالجة البيانات، أو كتابة استعلاماتٍ معقّدةٍ لقاعدة البيانات، أو حتّى القلق حول نوع التّصوّر البيانيّ الّذي سيظهر النّتائج بشكلٍ فعّالٍ. بدلاً من ذلك، يكفي أن يتحدّثوا أو يكتبوا سؤالهم، فيتلقّون الإجابة الّتي يحتاجونها بسرعةٍ وسهولةٍ. وبمجرّد أن يختبر أعضاء فريقك هذه الأداة الّتي تعزّز عملهم بدلاً من أن تحلّ محلّهم، سيكتسبون ثقةً أكبر في استخدام الذكاء الاصطناعي كجزءٍ لا يتجزّأ من روتينهم اليوميّ. ولهذا السّبب، أرى أنّه من الضّروريّ تبنّي استراتيجيّاتٍ موثوقةٍ وفعّالةٍ تساعد على دفع فريقك وعملك نحو التّطوّر.
مكّن فريقك من تحويل البيانات إلى قراراتٍ ذكيّةٍ
يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تكون قويّةً للغاية عندما يتعلّق الأمر بتحديد الاتّجاهات والكشف عن الأسباب الّتي تستدعي القلق، بل وأيضاً لتحديد الفرص المحتملة الّتي قد تمرّ بدون أن يلاحظها أحدٌ. ومع ذلك، لقد تعلّمت أنّ استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليلات البيانات لن يكون ذا فائدةٍ حقيقيّةٍ إلّا إذا مكّنت فريقك من تحويل تلك البيانات إلى قراراتٍ مبتكرةٍ وصائبةٍ.
يجب أن يكون الذكاء الاصطناعي وسيلةً لاكتشاف الرّؤى الخفيّة، وأن يبسّط لك العمليّات الّتي تتّبعها للحصول على الإجابات الّتي تحتاجها. وهذا بدوره يحفّز فريقك على التّفاعل بانتظامٍ مع البيانات واستخدامها كقاعدةٍ لاتّخاذ القرارات.
لكن، بصفتك قائداً، يجب أن تتحمّل المسؤوليّة في تحويل تلك الرّؤى إلى إجراءاتٍ عمليّةٍ ملموسةٍ، فامنح أعضاء فريقك الفرصة لقيادة عمليّة ابتكار الحلول والاقتراحات استناداً إلى الرّؤى الّتي يقدّمها الذكاء الاصطناعي لديك، إذ إنّ الغرض الأساسيّ من استخدام هذه التّكنولوجيا في تحليلات البيانات هو إطلاق الإمكانيّات الكاملة لفريقك؛ لذا امنحهم الحرّيّة الكاملة لتطبيق ما تعلّموه حتّى يثقوا حقيقةً في هذه الأدوات، ويصبحوا جزءاً من عمليّة التّغيير، ممّا سيؤدّي إلى زيادة مستوى التّفاعل والاندماج داخل الفريق، الأمر الّذي سينعكس إيجابيّاً على الإنتاجية الّتي تأمل في تحقيقها باستخدام الذكاء الاصطناعي.
على الرّغم من أنّ التّكيّف مع التّكنولوجيا الحديثة قد يبدو أمراً مرعباً للبعض، فقد شهدت بنفسي كيف يمكن للاستخدام الاستراتيجيّ للذكاء الاصطناعي في مجال تحليلات البيانات أن يحدث تحوّلاً جذريّاً في أداء فريقك بأكمله، فمن خلال تمكين جميع أعضاء الفريق من الوصول إلى المعلومات الضّروريّة بسرعةٍ وكفاءةٍ، ومساعدتهم على فهم معاني النّتائج المختلفة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحسّن بشكلٍ كبيرٍ قدراتهم في اتّخاذ القرارات الصّحيحة.
بوجهٍ عامٍّ، يمكن للذكاء الاصطناعي في مجال تحليلات البيانات أن يساعد على تحويل منظّمتك نحو الأفضل، كما يضمن لك الاستفادة القصوى من بياناتك وتحويلها إلى أداةٍ قويّةٍ لتعزيز النّموّ والابتكار.