السكوت ليس من ذهب: كيف تواجه النساء التحرش في مكان العمل؟
10 استراتيجيات فعالة لمواجهة المُتحرِّش بقوة أيّاً كان يكن
بخلاف الصُّورة النَّمطيَّة بأنَّهنّ يتمنعنّ وهنّ راغباتٍ، إنَّ التحرش يمكن أن يسبِّبَ للنَّساء مشاكل نفسيَّة حادَّة، تُسهم بتدمير مستقبلهنَّ المهنيّ، في حال لم يواجهن المشكلة ويضعن حدَّاً للمتحرِّش؛ لذا عزيزتي في المرّة القادمة التي تتعرضين فيها لموقفٍ مشابهٍ، قفي قليلاً، واجهي المتحرِّش، هدِّديه، وسترين كم هو شخصٌ ضعيفٌ، يستمد قوَّته الخُلَّبيَّة من فكرته بأنَّك ستتجاوبين معه خوفاً منه.
ما هو التحرش؟
التحرش هو إزعاجٌ لفظيٌّ أو جسديٌّ تواجهه النِّساء، سواءً في الشَّارع أو مكان العمل، ويعدُّ أحد أبشع أشكال التَّميُّيز ضدَّ النساء. ويمكن أن يشملَ التحرش العديد من الأشكال، مثل: نظرةٍ ذات مغزى جنسيٍّ، أو لمسةٍ عابرةٍ، أو إطلاق نكاتٍ جنسيَّةٍ بشكلٍ متعمدٍ، وحتَّى التَّطرُّق لأحاديث جنسيَّةٍ دون أن يكون لها أيُّ مناسبةٍ.
وفقاً لبياناتٍ صادرةٍ عن منظمة الصحة العالمية عام 2021، تتعرَّض امرأةٌ من بين ثلاث نساءٍ في العالم للتحرش، أي أنَّ هناك ما يزيد عن 736 مليون امرأةٍ قد تعرَّضت للعنف الجسديّ أو الجنسيّ طيلة حياتها.
وتسجِّل نسب التحرش في مكان العمٍل ارتفاعاً ملحوظاً عاماً بعد عامٍ، كما تشير بياناتٍ منظَّمة العمل الدُّوليَّة، التي ذكرت أنَّ 77% من النِّساء في إفريقيا تعرضنّ للتَّحرُّش في مكان العمل، مقابل 55% في أوروبا، وبين 30 إلى 50% في أميركا اللّاتينيَّة، فيما وصلت نسبة التحرش بالنساء في مكان العمل بمنطقة المحيط الهادئ وآسيا إلى ما بين 30 وحتَّى 40%. [1] [2]
شاهد أيضاً: تحديات تواجه المرأة في سوق العمل: هل من حلول في الأفق؟
طرق التعامل مع التحرش في مكان العمل
حين يتمُّ القبض على شخصيَّةٍ مشهورةٍ بتهمة التحرش، فإنَّ ذلك يثير انتباه الكثير من النَّاس حول العالم، لكن للأسف لا تصل غالبيَّة قضايا التحرش اليوميَّة للنَّاس العاديين إلى عناوين الأخبار، أو حتَّى إلى أروقة المحاكم لمعاقبة الجاني وإنصاف الضَّحيَّة. لذا صديقتي المرأة، تستطيعين أن تكوني عمليَّةً وواثقةً وواعيةً بما يكفي لمواجهة التحرش، وفيما يلي بعض الإجراءات التي يمكن أن تساعدك: [3]
كوني قوية
واجهي المتحرِّش، تصدّي له وانظري في عينيه مباشرةً، وأنت تخبرينه بأنَّك لا تقبلين بمثل هذا التَّصرُّف، ولا تتردَّدي بتهديده وحتَّى نفذي التَّهديد مباشرةً، وأبلغي عنه. إذ إنّ المتحرِّش شخصٌ ضعيفٌ -وفقاً للدِّراسات النَّفسيَّة- ويعتمد أسلوب التحرش بالنِّساء أو الأطفال، لاعتقاده بأنَّهم فئاتٍ أضعف منه؛ لذا حين تواجهينه بقوَّةٍ لن يعيد الكرّة معك، وإذا أبلغتِ عنه ربَّما تساهمين بمنع شرَّه عن باقي النساء.
هنا لا بدَّ من الإشارة إلى أمرٍ غايةٍ في الأهميَّة، هذا التَّصرُّف يصلح حين تكونين في مكان العمل وزملائك من حولك، لكن في حال كنتِ في منطقةٍ بعيدةٍ عن النَّاس مثل الحمامات، ربَّما يكون من الأفضل استدراج المتحرِّش إلى أقرب نقطةٍ مأهولةٍ ثمَّ مواجهته، والتَّدرُّب على أحد الألعاب القتالية، ربَّما يكون مفيداً جداً لكِ بمثل هذه الحالات.
ضعي حدوداً
التَّعامل برسميَّةٍ وطريقةٍ عمليَّةٍ ووضع حدودٍ للآخرين من حولك في مكان العالم، أحد أذكى الخطوات التي يمكن أن تقوم بها أيُّ سيدةٍ، كما لا ينصح بالاندماج مع زملاء العمل بأيِّ نشاطٍ اجتماعيٍّ، فيما عدا أنشطة المؤسَّسة. وحاولي دائماً الظُّهور بمظهر القويَّة الواثقة، ولا تفشي أسرار حياتك الخاصَّة لأيٍّ كان، ففي حال كنتِ تمرّين بحالة خيبةٍ عاطفيَّةٍ، آخر ما تودِّين التَّعرُّض له هو لمسة المتحرِّش بذريعة الطَّبطبة.
التَّعرُّف على سياسة المؤسَّسة
من المهمِّ جدَّاً أن تتعرَّفي بشكلٍ مستفيضٍ على نظام المؤسَّسة الدَّاخليّ، فيما إن كان يحوي أيّ بنودٍ خاصَّةٍ لحماية النّساء من التحرش، ولا تتردَّدي بالمطالبة بوضع مثل تلك القوانين.
جمع المعلومات والشُّهود
ادرسي كلَّ خطواتك جيداً، حاولي استدراج المتحرِّش بطريقةٍ تتمكَّنين فيها من الحصول على شهودٍ، أو استخدام هاتفكِ الجوال، أو حتَّى الاستفادة من كاميرات المراقبة في حال تواجدت في المؤسَّسة، كي لا تدعي أيَّ مجالٍ للمتحرِّش لإنكار فعلته.
أبلغي عنه فوراً
حتَّى لو لم تكن مؤسَّستك تحوي أيَّ قوانين فيما يخصُّ التَّعامل مع المتحرِّش، اطلبي لقاءً سريعاً مع مديرك، وأخبريه بما جرى، وإن لم يستجب حتَّى مع وجود الأدلَّة، لا تتردَّدي بالذَّهاب إلى أقرب مركزٍ للشرطة والأمن والإبلاغ فوراً عمَّا جرى معك.
حشد زملاء العمل للمناصرة
طالما كنتِ ضحيةً للمتحرِّش، تأكَّدي بأنَّ هناك ضحايا أخريات من زميلاتك؛ لذا حاولي التَّحدُّث عن الأمر أمامهنّ، مثل أن تذكري اسم الشَّخص المتحرِّش بسياق الحديث، وراقبي ردَّات فعلهنّ إن شعرت بوجود مؤشِّراتٍ إيجابيَّةٍ، أخبريهم بتجربتك وافسحي المجال أمامهنّ للتَّحدُّث، فربَّما تنجحين بإقناعهنّ بتقديم شكوى جماعيَّة.
شاهد أيضاً: لينا خليفة مؤسسة مشروع "She Fighter" الذي نجح في إنقاذ النساء
تحلّي بالقوَّة وابحثي عن دعم عائلتك
للأسف قد لا تمتلك كثيرٌ من النِّساء القوَّة الكافية لمواجهة المتحرِّش، خصوصاً في بعض البلدان العربيَّة ذات المجتمع الذُّكوريّ، والتي يُحمّل فيها المجتمع المسؤوليَّة الكاملة على المرأة، كأن يقال إنَّ لباسها السَّبب، أو تصرُّفاتها، أو حتَّى خروجها للعمل في بيئةٍ تحوي رجالاً. ارمي كلَّ ذلك خلف ظهرك، اطلبي الدَّعم من عائلتك وأصدقائك، وواجهي الجميع واستمرِّي في قضيتك، ستجدين المناصرة المطلوبة.
احشدي الرَّأي العام
قد لا يكون التَّعامل مع التحرش سهلاً جداً، فيما إن كان المتحرِّش هو المدير، حيث لن تجدي من يناصرك، خوفاً من فقدان العمل، لكنَّ هذا لا يعني أن ينجو المتحرِّش من العقاب.
فكِّري بتهديده للتَّوقف، وإن استمرَّ، فكِّري باللُّجوء إلى القضاء، وفي حال كنت تعيشين في أحد البلدان، التي يحظى فيها المدراء بحصانةٍ وحمايةٍ بالغةٍ، فكِّري باللُّجوء إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وتحويل قضيتك إلى قضية رأيٍّ عام لمواجهة التَّحرُّش، لتكون رادعةً تماماً لكلِّ مديرٍ أو شخصٍ يُفكِّر بمثل هذه الممارسات اللَّاأخلاقيَّة.
تذكَّري وسط كلَّ هذا، أن تطلبي الدَّعم من الجميع حولك، واحرصي على امتلاك القوَّة الكافية لمواجهة النَّتائج اللَّاحقة، فالطَّريق لن يكونَ سهلاً جدَّاً، لكنَّ النِّهاية قد تكون مرضيةً تماماً.
وسط كلّ هذا لا تنسي عملك
بينما تواجهين كلَّ تلك المشكلات، لا تنسي التَّركيز على عملك ومواصلة التَّقدُّم، نعم سيكون الأمر صعباً، لكن تذكَّري أنَّك ولدت امرأة في مجتمعٍ سيستمرُّ بالضَّغط عليكِ، أساساً أنتِ كائنٌ ماهرٌ جداً في التَّعامل مع كلِّ الضُّغوط، باختصار "أنتِ قدّها"، استمرِّي.
حولي التحرش إلى دافع
تستطيعين تحويل التحرش إلى دافعٍ قويٍّ في حياتك، وهناك الكثير من قصص نجاح النساء اللَّواتي تعرضن للتحرش أو حتَّى للاغتصاب في مرحلةٍ من حياتهنّ، وأبرزهنّ الإعلاميَّة الأميركيَّة الشَّهيرة أوبرا وينفري. فليكن التحرش رغم مرار التَّجربة، دافعاً قويَّاً للنَّجاح في حياة النساء، ليتابعنّ النَّجاح والإنجاز، فكلّما ازدادت نجاحات النِّساء، وبرزن في المجتمع، كلَّما تراجعت معدَّلات التَّحرُّش بهنّ.
شاهد أيضاً: أوبرا وينفري.. من ضحية اغتصاب ومدمنة مخدرات إلى المرأة الأكثر تأثيراً
إنَّ مواجهة التحرش والتَّصدِّي له في مكان العمل، لا يجب على الإطلاق أن يكونَ مسؤوليَّة النِّساء فحسب، بل ينبغي تطوير المزيد من القوانين لحمايتهنّ، إذ سيكون الأمر رائعاً، أن تولي الشَّركات النَّاشئة الاهتمام الكافي بهذه النَّاحية، خصوصاً الشَّركات التي تقودها النساء، ويمكن كذلك التَّركيز على أهميَّة القضية، من خلال أنشطةٍ معينةٍ تقوم بها الشَّركة، لتخبر موظَّفيها بطريقةٍ غير مباشرةٍ بأنَّ مصير المتحرِّش سيكون الطَّرد، على أقلِّ تقديرٍ.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.