ألديك قلقٌ مرضيٌّ مستمرٌّ؟ السبب يعود إلى هذا الناقل العصبي الرئيسي
عدم القدرة على السيطرة على الأفكار غير المرغوب فيها هو عمليةٌ دماغيّةٌ ذات تأثيراتٍ واسعةٍ
بقلم Nick Hobson، المديرُ الإداريّ في أمريكا الشمالية لـ Influence At Work شركةٌ استشاريةٌ في العلم السلوكي
تذكّرْ وقتاً لم تستطع فيهِ التّخلُّصَ من فكرةٍ مُلحَّةٍ، تلكَ الأغنيةُ المزعجةُ التي لا تفارِقُ ذهنكَ، أو ذاكرةٌ محرجةٌ من حادثٍ اجتماعيٍّ، بينما نمرُّ جميعاً بتجربةِ هذه الأفكارِ المتطفّلةِ، يمكنُ أن تكونَ هذه المشاعرُ مُربكةً ومُزعجةً لبعض النّاسِ، مثل الذينَ يعانون من القلقِ أو اضطرابِ الوسواسِ القهريِ، حتّى بالنّسبة لأولئك الذين لم يتمَّ تشخيصُهم سريريّاً بأيّ اضطرابٍ؛ فإنَّ تجربةَ القلقِ المُزمنِ واجترارِ الأفكارِ المستمرِّ تبقى صعبةً. [1]
أجرى الدّكتورُ تايلور و شميتز Dr. Taylor W. Schmitz وزملاؤُهُ في جامعةِ كامبريدج دراسةً لمحاولةِ فهمِ هذه الأفكارِ غيرِ القابلةِ للسّيطرةِ، تتحدّى دراستُهم الاعتقادَ الرّاسخَ بأنَّ قشرةَ الفصِّ الجبهيّ هي الوسيطُ الوحيدُ لهذه التطفّلاتِ، بدلاً من ذلكَ، يسلّطون الضّوءَ على قرنِ آمون (الحصين) hippocampus، وهي منطقةٌ في الدّماغِ مرتبطةٌ تقليديّاً بالذّاكرةِ ودورِ النّاقلِ العصبيِّ جابا GABA.
من خلال إجراء "فكّر/لا تفكّر"، قامَ الباحثون بإظهارِ كيف كانَ المشاركون -الذين يفتقرون إلى تثبيطِ GABAergic في الحصينِ- يكافحون أكثر لقمعِ الأفكارِ، هذا الاكتشافُ أمرٌ حاسمٌ؛ لأنَّهُ لا يشيرُ فقط إلى الحصينِ كعنصرٍ رئيسيٍّ في إدارةِ الأفكارِ، ولكنَّهُ أيضاً يُظهرُ كيفَ يمكنُ أن تُضعفَ وظيفةُ GABA هذه العمليّةَ.
شاهد أيضاً: هل تشعر بالتوتر قبل إلقاء عرضٍ تقديميٍ؟ العلوم العصبية تُقدم لك الحل
ماذا يعني ذلك بالنسبة للسيطرة على الأفكار غير المرغوب فيها
مدلولاتُ هذه الدّراسةِ واسعةُ النّطاقِ، تقليديّاً، كان يُنظرُ إلى قشرةِ الفصِّ الجبهيّ على أنَّها مركزُ التحكّمِ الرّئيسيّ في الدّماغِ لإدارةِ الأفكارِ السّلبيّةِ، ومع ذلك، تشيرُ هذه الأبحاثُ إلى أنَّ تنشيطَ الحصينِ -خاصّةً دور GABA- أمرٌ أساسيٌّ في هذه الآليّةِ للسّيطرةِ، هذه الرؤيةُ حيويةٌ لفهمِ وعلاجِ الحالاتِ الّتي تتميّزُ بالقلقِ المستمرّ، مثل: اضطرابات القلقِ والوسواس القهريّ.
إدارةُ الأفكارِ أمرٌ حاسمٌ للرّاحةِ النّفسيّةِ، عندما تفشلُ هذه العمليّةُ، يمكن أن تؤدِّي إلى ظهورِ أعراضٍ منهِكةٍ، مثل: الذّكرياتُ المتطفّلةُ والهلوساتُ واجترارُ الأفكارِ والقلقُ المستمرُّ، تفتحُ نتائجُ الدّراسةِ مساراتٍ جديدة للتّدخلاتِ التي تستهدفُ GABA في الحصينِ؛ ممّا يقدّمُ أملاً في توفيرِ علاجاتٍ أكثر فعاليّةً، أمَّا بالنّسبةِ لتجربةِ السّيطرةِ على الأفكارِ غير المرغوبِ فيها، فإنَّ ذلك يتعلّقُ بنظريّةِ: "المعالجة السّاخرة" أو "الأفكار التي تقاوم تظلّ مستمرّةً"، وهي ظاهرةٌ نفسيّةٌ؛ حيثُ كلَّما حاولَ الشّخصُ قمعَ بعض الأفكارِ، زادت هذه الأفكارُ تدريجيّاً في الظُّهورِ.
يشيرُ هذا الأثرُ المتناقضُ إلى أنَّ الجُهدَ المبذولَ لطردِ فكرةٍ من الوعيِ يمكنُ أن يجعلَها أكثرَ استمراريّةً، هناك تفسيرٌ نظريٌّ يقولُ: إنَّ عمليّةَ محاولةِ عدمِ التّفكيرِ في شيءٍ ما، تتطلّبُ مراقبةَ الفِكرةَ؛ ممّا يبقيها بشكلٍ متعارضٍ مع رغبتِنا في أذهاننا، وستحتاجُ الأبحاثُ المستقبليّةُ إلى ربطِ الأساسِ العصبيِّ (كما هو مبيّنٌ في الدّراسةِ الحاليّةِ) بالتّجربةِ النّفسيّةِ المرتبطةِ بالمعالجةِ السّاخرةِ.
لمزيدٍ من النّصائح في عالم الصّحة النّفسيّة وقيادة الذّات، تابع قناتنا على واتساب.