لماذا لا ينبغي على رؤساء الشركات تجاهل الذكاء الاصطناعي؟
البعض يستفيد بالفعل من تطبيقاته المتخصصة في الأعمال بطرقٍ مدهشةٍ.
لطالما كانت التّطوّرات التّقنية دافعاً هائلاً لرؤية الابتكاراتِ والإبداعاتِ، التي بدورها تحقّق مزيداً من التقدّم والنّجاح في عالم الأعمال. وفي الوقت الرّاهن نشهد تغييراتٍ بوتيرةٍ أسرعَ ممّا قبل، مع ظهور التطوّرات في الذّكاء الاصطناعي، والتّقنيات السّحابية، وغيرها الكثير [1] .
في هذا السّياق تنشر عالمة الدّراسات المستقبليّة الكميّة والرّئيسة التّنفيذية لمعهد "فيوتشر توداي Future Today" الأميركي آمي ويب هذه التطوّرات، إضافةً إلى المئات من الاتجاهات الناشئة بوصفها جزءاً من تقرير المؤسّسة السّنوي المتعلّق بأحدث هذه الاتّجاهات في مجال التّكنولوجيا.
وناقشت ويب هذه التّقنيات المستجدّة والأدوات الحديثة التي تزوّد رؤساء الأعمال ببياناتٍ وإحصائياتٍ جديدةٍ بغرض التشجيع على اتّخاذ قراراتٍ ذكيّةٍ، وذلك في القمّة الأخيرة للتّنمية، التي استضافتها كلٌّ من شركة فاست و.Inc، ورائدة الحلول التّكنولوجية العالميّة SAP.
وفيما يلي ثلاثة أشياء رئيسيّةٍ مستمدّةٍ من هذه الفعاليّة:
الذكاء الاصطناعي يبشر بالموجة القادمة من الحوسبة
نظراً للضجّة التي أثارها تشات جي بي تي وروبوتات الدّردشة التّوليدية الأخرى، يُعرّف الذّكاء الاصطناعي على أنه تقنيّةُ "تكنولوجيا المعلومات". لكن ويب أشارت إلى أنّ الذّكاء الاصطناعي هو "مصطلحٌ عامٌّ يشمل العديد من التّقنيات المختلفة."
ففي الواقع، من بين أكثر من سبعمئة تقنيةٍ ناشئةٍ التي شملها تقرير ويب لهذا العام، كان أكثر من مئةٍ منها يتعلّق بالذّكاء الاصطناعي. ويعود السّبب في ذلك حسب قول آمي إلى "أنّ هذا الذي نشهده هو الموجة المقبلة من الحوسبة". "وسواء أكنّا نتحدّث عن التّقنيات السحابية أو توليد الصّور أو سلسلة الإمداد، يوجد الكثير ممّا سيثبت الذي سيأتي تباعاً".
وعلى الرّغم من أنّ النّقاش الرّئيسي المتداول كان في غالبيته يركّز على الحوارات التي جرت فيما بين الصّحفيين وتشات جي بي تي، إلّا أنّ على رؤساء العمل إدراك الحقيقة القائلة بأنّ الذّكاء الاصطناعي قد حقّق نتائجَ كبيرةً في مجال الأعمال، وفقاً لما قالته ويب. فعلى سبيل المثال: يستطيع روبوت الدّردشة مساعدة المؤسّسة على تحسين بيان عرض القيمة أو الإتيان بأفكارٍ مختلفةٍ لنماذج الإيرادات.
شاهد أيضاً: هل تستهلك وقتاً كبيراً في تحليل المستندات؟ أدوات AI جديدة ستحللها عنك
لكن ذلك مجرّد مثالٍ بسيطٍ على ما هو في الواقع مجموعةٌ معقّدةٌ من التّقنيات. ولتوضيح المزيد من الاستخدامات المتقدّمة والثّورية للذّكاء الاصطناعي، أشارت ويب إلى أبسي Absci، وهي شركةٌ ناشئةٌ تعرّف نفسها على أنّها شركةُ تصنيعِ عقاقير بواسطة الذّكاء الاصطناعي التّوليدي. إنها تستخدم التّقنية التّوليدية ذاتها المشغلّة لتشات جي بي تي وبوتات الدّردشة الأخرى، لكن أبسي Absci تستفيد منها لتوليد تصاميم جزيئيةٍ جديدةٍ من أجل إنتاج عقاقير بيولوجيةٍ حديثةٍ. وتقول الشّركة: إنّها تستطيع إنشاء الملايين من التّصاميم بواسطة الذّكاء الاصطناعي واختبارها كلّ أسبوعٍ مسرّعة بذلك الدّورة التّجريبية، وبذلك يُمكنهم الانتقال من التّصاميم إلى البيانات في مدّةٍ لا تزيد عن ستّة أسابيع. [1]
وقبل فترةٍ ليست ببعيدةٍ علّقت ويب قائلةً: "القليل فقط ممّن يعملون في مجال الصّناعة الدّوائية أو في مجال البحث العلميّ كانوا سيقولون: "ربّما يمكننا استخدام بعض هذه الأدوات التّوليدية لإنشاء ملايين من التّصاميم الجديدة للأجسام المضادّة كلّ أسبوعٍ لرؤية أيّها قد يكون الأفضل. ولكن ها هم يقومون بمحاكاةٍ سريعةٍ باستخدام هذه الأداة التّوليدية الجديدة للذّكاء الاصطناعي، بسرعةٍ ودقّةٍ لا يمكن للبشر الوصول إليهما وحدهم."
شاهد أيضاً: كيف تطلق العنان لإمكانيات عملك بالذكاء الاصطناعي
التدفق المركزي للبيانات أكثر أهمية من أي وقت مضى
سرّعت جائحة كوفيد 19 الحاجة إلى التحوّل الرّقميّ: إذ اعتمدت الشّركات على تشغيل الأعباء عن بعدٍ، لذا اعتمدوا على التّخزين السّحابي لتمكين عمليّات الأعمال الرّئيسيّة وتشغيل التّطبيقات من أيّ مكانٍ.
ولكي تعملَ هذه العمليّات بشكلٍ جيّدٍ، يجبُ أن تكونَ عدّة مهامٍّ، مثل: الماليّة، والتّصنيع، وسلسلة التّوريد، والمحاسبة، والمشتريات، وإدارة المشاريع، ومطابقةُ المنتجات، والعديد من الوظائف الأخرى، متسقّةً مع بعضها. وعندما لا يتمّ تدفّق تلك البيانات عبر المؤسّسة، يُصبح هذا الاتّساق صعباً.
لهذا السّبب أصبح توفّر برنامج تخطيط موارد المؤسّسة ERP مهمّاً جدّاً في الشّركة. إذ يساعد هذا البرنامج على تشغيل العمليّات الأساسية للعمل في نظامٍ واحدٍ، مع تدفّق البيانات بين الأقسام، حتى تتمكّن المؤسسة من التّعديل مع ما يتناسب مع التّغييرات الحاصلة بسهولةٍ، والنّموّ بسرعةٍ، والعمل بكفاءةٍ أكبر.
ويلعب الذّكاء الاصطناعي دوراً هنا أيضاً، إذ يوفّر أفضل أدواتٍ لتخطيط موارد المؤسّسة (ERP) باستخدام خوارزميّاتٍ مدمجةٍ وتحليلاتٍ متقدّمةٍ لتوفير الإحصائيات الرّئيسيّة.
كما تقول ويب: "إنّ الكثير من الشّركات التي نتعامل معها في معهد فيوتشر توداي لا تزال معزولةً بشكلٍ كبيرٍ. ونحن إن لم نستطع رؤية التّرابط بين ما يقوم به الأفراد، فالأمر سيكون أشبه بالنّظر إلى العالم بأكمله من خلال ثقب إبرةٍ، إنّك تفقد الرّوابط بين الأشياء، وهذه الرّوابط هي التي تهمّ".
شاهد أيضاً: الدمج الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي في عملك: ما الذي ينبغي أن تستخدمَه؟
الفهم العميق للبيانات التي تولدها المؤسسات
ربّما كان الذّكاء الاصطناعي في السّابق ضمن مجال صناعة التّكنولوجيا، ولكن في وقتنا هذا أكّدت ويب أنّه لم يعد بإمكان رؤساء العمل في جميع المجالات تجاهله. وقالت مخاطبةً المشاركين عبر الإنترنت: "يُفكّر العديد منكم ممن يديرون شركاتٍ متوسطةِ الحجم أو حتى صغيرةٍ ويقولون لأنفسهم: ’لدينا ما يكفي للتّعامل معه في الرّبع القادم، ولا يمكننا التّفكير في الذّكاء الاصطناعي المتقدّم في الوقت الحالي‘؛ لكنّكم مخطئين بذلك."
والآن وقد عرفت ذلك، فماذا يجب عليك فعله؟
توصي ويب بالبدء بتدقيق البيانات: اكتشاف أنواع البيانات التي تنتجها مؤسستك، وما يمكن أن تولّده في المستقبل. فمن هو المسؤول عن البيانات؟ وما هي البيانات الوصفيّة التي قد تكون موجودةً، وكيف يمكن استخدامها؟
تقول ويب: "هذه ليست أسئلةً جذابةً، ولكنّها مهمّة للغاية، لأنّه بدون الإجابة عنها، فأنت تضيّع فرص زيادة أرباحك". وأضافت: "إذا لم تعرف أيّ نوعٍ من البيانات يُمكنك توليدها، فلن تعرفَ أبداً ما الإحصائيات التي قد تكون قادراً على جمعها. فالذّكاء الاصطناعي ليس مجرّد نوعٍ من الأتمتة، بل إنّه يرتبط بزيادة الإنتاجيّة وتوسيع مدى رؤيتك لجميع الأعمال الجارية."
بدورها توفّر تلك الإجابات لرؤساء العمل منظاراً يُمكنهم من خلاله النّظر إلى المشهد الحاليّ للذّكاء الاصطناعي. إذ تحثّهم ويب على عدم الخوف من الطّابع التّقنيّ لهذا المجال أو من مجرّد فكرة وجود الذّكاء الاصطناعي بحدّ ذاتها.
فقالت: "لقد أصبح حقيقةً، وفي هذه المرحلة، من المهمّ أن نفهمَ ما هو الذّكاء الاصطناعي، وما يُمكنه فعله، وما لا يقدر عليه، لأنّكم تحتاجون إلى بدء وضع خطةٍ لمستقبلكم الخاصّ."
أما السّؤال الذي يجب أن تطرحوه على أنفسكم الآن: كيف يُمكن لمؤسستنا ألّا تقتصر على مجرّد التّعايش مع الذّكاء الاصطناعي، أي كيف يمكنها بالفعل الاستفادة من استخدام بعض هذه الأدوات في المستقبل؟