لماذا يجب توفير طرق دفع متنوعة في الشركات؟ إليك 3 أسباب
فتحت التكنولوجيا المالية والتمويل الرقمي عالماً جديداً من خيارات الدفع، لذلك يجب على أصحاب الأعمال أن يروا هذا كفرصة، وليس كإزعاج.
الدَّفع نقداً أم بالشّيكات أم بالبطاقة؟ قبل خمسين عاماً، كانت خياراتُ المعاملاتِ الماليَّة محدودةً، وفي ربع القرن الحادي والعشرين، بدأت الشّيكات والنُّقود تفقد بريقها، والآن ظهرت بدائل مثل البوابات الإلكترونيَّة، والإيداع المباشر، وخدمة فينمو للدَّفع عبر الهاتف المحمول، والعملات المشفَّرة، إذ تتوسَّع الخيارات وتتطوَّر باستمرارٍ دون توقُّفٍ.
وهذا يُثير التَّساؤل حول عدد طرق الدَّفع الَّتي يجب على الشَّركة تقديمَها، فهل هناك مزايا للاستثمار في طرق دفعٍ متعدِّدةٍ، خاصَّةً بالنِّسبة للشَّركات الصَّغيرة والمتوسِّطة ذات الموارد المحدودة؟ فكلَّما زاد بحثنا في هذا الموضوع، زادت قناعتنا بأنّ الإجابة هي "نعم"، إذ يجبُ أن تهدفَ كلّ شركةٍ حديثةٍ إلى تقديم مجموعةٍ متنوّعةٍ من طرق الدَّفع، وها هي الأسباب الكامنة وراء ذلك:
توجُّه العالم المالي إلى الرقمنة
في عام 2015، كان ما يزال أكثر من ثلاثة أرباع سكَّان الولايات المتَّحدة يستخدمون النُّقود بانتظامٍ، وبعد مرور 9 سنواتٍ، أفاد مركز بيو للأبحاث أنَّ 41% من الأمريكيّين قد انضمُّوا إلى صفوف أولئك الَّذين يعيشون بدون نقودٍ، ولكن لا يمكن التَّأكيد على ذلك بما فيه الكفاية، فنحن لا نتحدَّثُ عن الأشخاص الَّذين لا يفضِّلون استخدام المال النَّقدي، فوفقاً للبيانات الصَّادرة عن مركز بيو للأبحاث، إنَّ ما يقرب نصف من حولنا لم يعودوا يتسوُّقون بالنُّقود.
وفي المقابل، يتوقَّع موقع الويب التُّكنولوجي "فيرج" أنَّه بحلول عام 2027، سيستخدم حوالي 28% من المستهلكين الأمريكيِّين تطبيقات النقود الرقمية التَّابعة لبنك باي بال وخدمة فيمنو عبر الهاتف المحمول، و بالفعل في عام2023، كان 22.3% من المستهلكين مُستخدمون نشطون لتلك التَّطبيقات.
وباختصارٍ، يتَّجه العالم الماليُّ بقوّةٍ نحو الرَّقمنة، ومن الضَّروري أن تلحقَ الشَّركات بهذا الرَّكب، بالنِّسبة لمعظم أصحاب الأعمال، هذا ليس بالأمر الجديد، وهم يعلمون أنَّهم بحاجةٍ إلى دمج طرق الدفع الرقمية في أعمالهم، والتَّحدِّي الذي يواجهونه هو العدد الهائل من خيارات الدفع الرقمية.
لقد ذكرت مسبقاً مستخدمي خدمة فيمنو للهواتف الذَّكيَّة، ولكن هذا لا يشمل الخيارات الأخرى مثل تطبيقات الهاتف المحمول "كاش أب أو زيل"، إذ لدى متجري جوجل بلاي وآبل ستور المزيد من خيارات الدفع الرقمية المعروفة، إضافةً إلى إمكانيَّة استخدام بطاقات الائتمان بطرقٍ عدَّةٍ، بما في ذلك التَّحويل والدَّفع المباشر، كذلك عبر الهواتف الذَّكيَّة والسَّاعات الذَّكيَّة، إذاً أيٌّ من الطُّرق المذكورة، يجب أن تقبلها الشَّركات؟ وهنا يجب أن يسعى أصحاب الأعمال إلى قبول أكبر مجموعةٍ ممكنةٍ من طرق الدَّفع.
لم تَعد طرق الدفع المتعدّدة في المرحلة التّجريبيّة؛ لذلك نصيحتي لأولئك الَّذين يتوقَّعون أن تستقرَّ المدفوعات الرَّقميَّة على طريقةٍ أو طريقتين أساسيتين: لا تنتظروا، وعلى روَّاد الأعمال أن يُدركوا أنَّ الواقع الجديدَ الَّذي أحدثته التكنولوجيا المالية لم يعد اختباراً لما يمكن أن يكونَ، فتنوُّع طرق الدَّفع هو القاعدة الرَّئيسيَّة الآن.
شاهد أيضاً: شراكة جديدة بين Alaan وVisa لتعزيز المدفوعات الرقمية
تداول الخيارات الأكثر غموضاً
إذا كان هناك اتّجاهٌ هنا، فهو استمرارُ التَّجزئة في المستقبل، فخذ العملات الرَّقميَّة كمثالٍ على ذلك: أدَّى ظهور صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين، والمعروفة باسم صناديق الاستثمار ETFs، إلى خلق شعورٍ جديدٍ بالاستقرار في سوق العملات الرَّقميَّة، وهذا ما يزيد من احتماليَّة اعتماد العملات الرَّقميَّة على نطاقٍ واسعٍ يوماً بعد يومٍ.
وقد سلَّط نيك بوكرين، الرَّئيس التَّنفيذي لشركة Coin Bureau، الضَّوء مؤخَّراً على تأثير الاستقرار الكبير الذي أحدثه إطلاق صناديق البيتكوين المتداولة في البورصة، وأوضح سهولة وصول المستثمرين إلى الأدوات المرتبطة بالعملات الرَّقميَّة، واعتمادها عليها كاستثماراتٍ طويلة الأجل، الأمر الَّذي من شأنه أن يُخفّفَ من حدَّة التَّقلبات الشَّديدة الَّتي يشهدها سوق العملات الرَّقميَّة بين الارتفاع المفاجئ والانهيار السَّريع.
كما حذَّر السَّيد بوكرين من التَّوقُّع الشَّائع بأنّ شكلَ صناديق المؤشّرات المتداولة يمكن أن يؤدّي إلى تجاوزِ إجماليّ الأصول الَّتي تحت إدارة البيتكوين لإجماليّ الأصول التَّابعة للذَّهب، والَّذي كان معياراً للنظام المالي التَّقليديّ، وهذا يُمثِّل تحوُّلاً كبيراً من الملموس التُّقليديّ إلى الرَّقميّ.
دمج مجموعة متنوّعة من طرق الدفع في أعمالك
ما الدَّور الَّذي تلعبه هذه التَّطورات في قطَّاع المدفوعات؟ تلعب دوراً محوريَّاً في كلٍّ منها، إذ في ظلِّ استمرار الاندماج العالميّ مع التمويل الرقمي، سيتوقَّع المستهلكون بشكلٍ متزايدٍ أن تُلبِّي الشَّركات تفضيلاتهم المرتبطة في طرق الدَّفع، وسواءٌ باستخدام بطاقات الائتمان التَّقليديَّة أو تحويل الأموال بعملة البيتكوين، من الضَّروري أن تكون الشَّركات مستعدَّةً للتَّكيُّف مع طلب المستخدمين، إذ يحتاج العملاء إلى التَّخلِّي عن افتراض أنَّهم سيتكيَّفون مع طريقة الدَّفع المفضَّلة للشَّركة.
العميلُ دائماً على حقٍّ، فلماذا لا يتبنَّى أصحاب الشَّركات الاستراتيجيَّة نفسها عندما يتعلَّق الأمر بطرق الدَّفع؟ من خلال التَّكيف مع المشهد الجديد الَّذي أنشأته الخدمات الماليَّة الرَّقمية، ستتمكَّن الشَّركات التي تُغيِّر طريقة تفكيرها في وقتٍ مبكِّرٍ من تحقيق المزيد من الإيرادات الماليَّة، وسيؤدِّي تقديم المزيد من طرق الدَّفع إلى تمكين عددٍ أكبر من العملاء من الوصول إلى منتجات الشَّركة وخدماتها.
يجب ألّا تنتظرَ الشَّركات أن تتوافقَ تفضيلاتُ العملاء في الدَّفع مع استراتيجيَّتها أو أن يعودوا إلى الطُّرق التَّقليديَّة، إذ يُمكن للشَّركات الَّتي ترى تنوُّع طرق الدَّفع كفرصةٍ وليس تعقيداً، أن تُهيّئ نفسها ليس فقط للبقاء والحفاظ على طوق النَّجاة، بل للازدهار في سوقٍ مدفوعةٍ رقميّاً تتغيَّر بسرعةٍ أكبر من تقلُّبات الطَّقس.