أهم 3 أسباب تجعل الجيل Z يرفض الوظائف التقليدية
يُفضّل جيل العمل المفرط المرونة والإبداع والاستقلالية في المسيرة المهنيّة، فكيف ينعكس هذا على بيئات العمل اليوم؟
بقلم شون كيم Sean Kim، الرئيس التنفيذي لـ Rype
صَنَّفَ استطلاعٌ إحصائيٌّ أجرته Statista عام 2021 الجيل Z على أنَّه الجيل الأكثر ريادةً في الأعمال، وهو اكتشافٌ أدَّى إلى تسميتهم بجيل العمل المفرط Hustle Generation. ولد الجيل Z في الفترة ما بين منتصف التّسعينيّات وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ويدخل إلى مرحلة البلوغ بعقليةٍ تُميّزهم عن أسلافهم.[1]
ويُعرف هذا الجيل بشكلٍ عامٍّ بطبيعته البارعة في مجال التّكنولوجيا، ولكن يبدو أنَّ هناك سمةً أخرى غير ملحوظةٍ، وهي رغبتهم في الاستقلاليّة، وهذا التَّصرُّف يقلب المسار الوظيفيَّ التّقليديَّ رأساً على عقبٍ، حيث يختار المزيد من الشَّباب رسم مسارهم الخاصّ بدلاً من اتباع طريق الشَّركات الذي سلكه مَن قبلهم.
ظهور ثقافة العمل المفرط
على عكس الأجيال السَّابقة التي سعت في كثيرٍ من الأحيان إلى الاستقرار في الوظائف التّقليديّة من السَّاعة 9 إلى 5، يتبنَّى الجيل Z ثقافة العمل المفرط التي تعطي الأولويَّة للمرونة والإبداع والاستقلاليَّة الخصائص الثلاث يجسِّدها الإنترنت ووسائل التَّواصل الاجتماعيِّ.
بالنّسبة لروّاد الأعمال من الجيل Z، تميل ريادة الأعمال بشكلٍ كبيرٍ نحو المهارات النَّاعمة ومهارات الإنترنت والقدرة على خلق قيمةٍ باستخدام أصغر رأسمالٍ نقديٍّ، كما أنَّ حاجز الدُّخول المنخفض والتَّكلفة الدّنيا المرتبطة ببدء تشغيل وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ أو الأعمال التّجاريّة عبر الإنترنت تجعلها وسيلةً جذَّابةً لروَّاد الأعمال الشَّباب.
بدءاً من بيع المشغولات اليدويَّة على Instagram إلى تقديم النَّصائح الشَّخصيَّة على TikTok إلى مجرَّد إنشاء محتوىً جذّابٍ، يستغلُّ الجيل Z قوَّة هذه المنصَّات لتحويل شغفهم إلى مشاريع مربحةٍ، إذ تتوافق الطَّبيعة المرئيّة لهذه المنصَّات تماماً مع تفضيلات هذا الجيل للمحتوى الجذَّاب والقابل للمشاركة.
لقد تحدّثتُ مع رجل الأعمال البارز من جيل Z والمؤثِّر على وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ جاكوب ليفينراد Jacob Levinrad، الذي شارك وجهات نظره حول كيفيَّة تغيير جيل Z لشكل ريادة الأعمال باستخدام وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ، ويقول: "لقد تحوَّل المحتوى من أداةٍ للمعلومات والتَّرفيه إلى أداةٍ فعَّالةٍ للعلامات التّجاريّة والتَّسويق والمبيعات على مدى العقد الماضي، ولقد أتقن جيل الشَّباب فنّ بيع المحتوى، والبيع بالمحتوى، والبيع داخل المحتوى، وهذا يزيد من عدد المتابعين الهائل الذي توفِّره منصَّات التَّواصل الاجتماعيِّ، ويحوِّلها إلى سوقٍ ضخمةٍ ومتنوِّعةٍ".
تمكَّن ليفينراد -مثلَ العديد من أقرانه- من تحقيق نجاحٍ هائلٍ من خلال وسائل التَّواصل الاجتماعيِّ والإنترنت، حيث ترك المدرسة الثّانويّة في سنِّ 17 عاماً لإنشاء شركة بيعٍ عبر سلسلة التّجزئة dropshipping ثمَّ قام في النّهاية ببناء علامةٍ تجاريّةٍ لتجارةٍ إلكترونيّةٍ ووكالةٍ إعلانيّةٍ وشركةِ تعليمٍ إلكترونيٍّ، وكلُّها حقّقت نجاحاً كبيراً، وهو يبلغ من العمر 21 عاماً فقط.
شاهد أيضاً: كيف تستقطب مواهب الجيل Z بثقافةٍ مستدامةٍ؟
لماذا يفضل الجيل Z العمل المستقل
وفقاً لاستطلاعٍ جديدٍ أجراه موقع Instagram، يقول واحدٌ من كلِّ ثلاثةٍ من جيل Z إنَّ أفضل طريقةٍ لتحقيق الثَّروة هي العملُ المستقلُّ، مرَّةً أخرى، يُظهر تقريرٌ جديدٌ صادرٌ عن Samsung وMorning Consult أنَّ 50% من جيل Z لا يحلمون بالعثور على الوظيفة المثاليَّة لدى شخصٍ آخر، في الواقع، يسعى عددٌ أكبر من الشَّباب إلى تحقيق التّوازن والإنجاز خارج حدود السَّاعة 9 إلى 5، ويطمحون إلى أن يصبحوا روَّاد أعمالٍ أو يبدؤوا مشاريعهم الخاصَّة.
أحد الجوانب الرّئيسيّة لنهج عمل الجيل Z هو الرَّغبة في الاستقلاليّة، غالباً ما تفشل هياكل أماكن العمل التّقليديّة، التي تتميّز بالتّسلسل الهرميِّ الصَّارم والافتقار إلى المرونة، في جذب أفراد الجيل Z، فقد نشأ الجيل Z في عصرٍ رقميٍّ مع إمكانيَّة الوصول إلى المعلومات ووجهات النَّظر المتنوّعة؛ إنَّهم يقدّرون الشّفافيّة والشّموليّة والعمل الذي يقوده الهدف، والشَّركاتُ التي لا تتوافق مع هذه القيم تخاطر بفقدان اهتمام مواهب الجيل Z بها.
بالإضافة إلى ذلك، يُعدُّ تفضيل العمل عن بعدٍ وجداول الأعمال المرنة عاملاً رئيسيّاً يسهم في ظهور العمل الحرِّ بين الجيل Z، ويُنظر إلى نموذج المكاتب التّقليديِّ من السَّاعة 9 إلى 5 على أنَّه قديمٌ عفا عليه الزَّمن، حيث يقدِّر العديد من الشَّباب حريّة تنظيم أعمالِهم بطريقةٍ تناسب نمط حياتهم وأولوياتِهم.
تسهم العديد من اتّجاهات مكان العمل في مَيْل الجيل Z نحو ريادة الأعمال والعمل الحرِّ، الافتقار إلى التنوّع والشّمول، وترتيبات العمل غير المرنة، والتَّركيز غير المبرَّر على التَّسلسل الهرميِّ للشَّركات، والافتقار إلى المبادرات التي يوجِّهها الهدف، وأمورٌ أخرى، وقد تواجه الشَّركات التي لا تعالج هذه المشكلات صعوبةً في جذب موظَّفي الجيل Z.
لم يغيّر الإنترنت الطَّريقة التي نتواصل بها فحسب، بل أدَّى أيضاً إلى إضفاء الطَّابع الديمقراطيِّ على ريادة الأعمال، إذ يستغلُّ الجيل Z الإمكانات اللامحدودة للأعمال التّجاريّة عبر الإنترنت، بدءاً من البيع عبر سلسلة التَّجزئة dropshipping والتّسويق بالعمولة إلى تطوير التَّطبيقات ووكالات التَّسويق الرقميِّ، وقد أدَّت القُدرة على العمل عن بعدٍ والاستفادة من قاعدة العملاء العالميَّة إلى ظهور ريادة الأعمال القائمة على الإنترنت بين أفراد الجيل Z.
شاهد أيضاً: أهم اتجاهات التسويق المؤثر لنجاح العلامات التجارية في عام 2024
لقد لعب اقتصاد العمل الحرِّ دوراً مهماً في هذا التّحوّل، حيث قدّم للموظَّفين المستقلِّين ورجال الأعمال المرونةَ اللازمة للعمل في مشاريع متنوّعةٍ، والتَّعاون مع العملاء في جميع أنحاء العالم، وتعدُّ هذه الحرّيّة والقدرة على تحقيق التَّوازن بين العمل والحياة الشَّخصيَّة من العوامل الحاسمة التي تجذب الجيل Z بعيداً عن بيئة المكتب التَّقليديَّة.
تعيد روح ريادة الأعمال التي يتمتَّع بها الجيل Z تشكيل مشهد الأعمال، وتتحدَّى المفاهيم التَّقليديَّة للعمل والنَّجاح، فوسائل التَّواصل الاجتماعيِّ، والأعمال التَّجارية القائمة على الإنترنت، وصنع المحتوى، والتَّجارة الإلكترونيَّةُ ليست مجرَّد هواياتٍ لهذا الجيل؛ إنَّها طرقٌ مشروعةٌ للاستقلال الماليِّ وتحقيق الذَّات، ومع استمرار الجيل Z في ملء مشهد ريادة الأعمال، يجب على الشَّركات والصَّناعات التّكيّف مع التَّفضيلات والقيم المتغيِّرة لهذا الجيل الديناميكيِّ.
إن اسم "جيل العمل المفرط" ليس مجرَّد لقبٍ؛ إنَّها شهادةٌ على مرونة جيلٍ وإبداعه وتصميمه الذي يعيد تعريف معنى النَّجاح في القرن الحادي والعشرين.
لمزيدٍ من النصائح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.