لماذا يمكن أن يكون التعاطف الذاتي سرّ نجاحك الخارق؟
طريقةٌ مدعومةٌ بالأبحاث العلمية لتحقيق التوازن بين النقد الذاتي والتحسين المستمر، حيث يمكن لعقلية النمو أن تساعدك على تحقيق أهدافك.
منذُ بضعِ سنواتٍ، أجريتُ استطلاعاً لمتابعيني على LinkedIn لمعرفة موقفهم من عقليّة النّجاح: هل يتوقّعون من أنفسهم الكثير، خاصّةً عندما يرتكبون أخطاءً أو يقصّرون، أم أنّهم يتّسمون بالتّعاطف الذّاتيّ إلى حدٍّ ما.
كما يُمكنكم التّخمين، قال أكثرهم إنّهم يتعاملون بقسوةٍ مع أنفسهم، وأنّهم يشعرون أنّ الجيّدَ ليس جيّداً بما فيه الكفاية. وقالوا إنّهم كانوا أقسى نقّادٍ لأنفسهم، وإنّهم أصبحوا أقوياء نفسيّاً، على الأقلّ جزئيّاً، من خلال التّعاملِ بقسوةٍ مع أنفسهم.
يبدو الأمرُ منطقيّاً: كما يقول المثلُ القديم، كلّما توقّعت من نفسك أكثر، ستحقّق أكثر، حتّى لو قصّرت قليلاً، أم لا؟
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلّة "شخصيّةٍ وعلم النّفس الاجتماعيّ"، تبيّن أنّ معاملة نفسك بعطفٍ، بمعنى النّظر إلى الضّعف، والفشل، والأخطاء كجزءٍٍ طبيعيٍّ من الحياة، ستحفّزك بشكلٍ أفضل للتّغلّب على هذا الضّعفِ وتحسين أدائك. وتشيرُ هذه النّتائجُ إلى أنّ، بطريقةٍ ما متناقضةٍ، تقبّل الفشل الشّخصيّ، يجعلُ النّاس أكثر إقبالاً على تحسين أنفسهم.
ولأزيدك من الشّعر بيتاً، فقد وجدت دراسةٌ نُشرت في "الذّات والهويّة" أنّ الإجهاد المتزايد النّاتج عن النّقد الذّاتيّ يزيد في الواقع من التّسويف. (كما تُظهر أبحاثٌ أخرى، أنّك كلّما كنت أقلّ ثقّةً بنتيجة شيءٍ ما، تحتاجُ أو ترغب في القيام به، كان من المُحتمل أن تؤجّله).
شاهد أيضاً: التفكير خارج الصندوق.. افتح الباب لعقلك واتركه يقودك نحو النجاح
هل أنت متحمّسٌ لتحسّن نفسك؟ تميل إلى البدء بدلاً من التّسويف؟ كلّ هذا بأن تكون أقلّ قسوةً على نفسك؟
بالنّسبة لشخصٍ من جيلي (حسناً، بالنّسبة لي)، يبدو هذا دافئاً ورقيقاً نوعاً ما. لكنّ الفكرة المستمرّة بأنّني يجب أن أحسّن من أدائي، ويجب أن أكون أفضل، كانت نهجي منذ فترةٍ طويلةٍ.
ومع ذلك، لا يتفّق هذا مع اعتقادي بضرورة تبنّي عقليّة النّموّ. إذا كنت لا تعرف، فوفقاً لأبحاثٍ حول التّحصيل والنّجاح الّتي أجرتها كارول دويك، عالمة النّفس في جامعة ستانفورد، يميل النّاس عادةً إلى تبنّي واحدٍ من نهجين ذهنيّين للموهبة:
- عقليّةٌ ثابتةٌ: الاعتقادُ بأنّ الذّكاء، والقدرة، والمهارة مولودةٌ وثابتةٌ نسبيّاً، وأنّ لدينا ما وُلِدنا عليه ليس أكثر. فتسمع الّذين يتمتّعون بعقليّةٍ ثابتةٍ يقولون عادةً أشياء مثل: "أنا لست ذكيّاً جدّاً"، أو "العلوم ليست لي".
- عقليّةُ النّموّ: الاعتقاد بأنّه يُمكن تطوير الذّكاء، والقدرة، والمهارة من خلال الجهد، وأنّنا نصبحُ كما نسعى. يقول الأشخاص الّذين يتمتّعون بعقليّة النّموّ عادةً أشياء مثل: "إذا استمريت في المحاولة، سأحصل عليه"، أو "لا بأس، ما عليّ إلّا أن أحاولَ مرّةً أخرى".
المشكلةُ في العقليّة الثّابتة، أنّه بغضِّ النّظر عن مدى قوّة تقديرك لنفسك، عندما تعتقدُ أنّ "هذا هو ما أنتَ عليه"، وتجدُ نفسك تكافحُ، تشعرُ بالعجز. لأنّ ما أنتَ عليه ليس جيّداً بما فيه الكفاية، لذا تتوقّف عن المحاولةِ.
الأشخاصُ الّذين يتمتّعون بعقليّةِ النّموّ يميلون إلى التّساهلِ مع أنفسهم قليلاً، لكن دون التّنازلِ عن تركيزهم على التّحسين أو الإنجازِ. يستمرّون في السّعي لأن السّعي هو السّبيل إلى النّجاح الّذي يأملون في تحقيقه. قد لا يكونون كما يرغبون الآن، لكن مع مرورِ الوقتِ والجهدِ، يُمكن أن يصبحوا كذلك.
التّساهلُ قليلاً مع نفسك في اللّحظة؟ لا يعني أنّك خفّفت من معاييرك. هذا لا يعني أنّ أهدافك أصبحت أكثر تواضعاً، بل يعني أنّ الضّعف أو الفشل هو خطوةٌ طبيعيّةٌ من الرّحلة إلى هدفك فقط. وعند اتّباع هذا النّهج، لن تجدَ مشكلةً في تقدير الذّات. لن تنظر إلى نفسك كـ "خاسرٍ". فكلّ ما خسرته معركةً، أنتَ لست "فاشلًا"، لكنّك لم تنجح هذه المرّة فقط.
جرّبها، في المرّةِ القادمةِ الّتي ترتكبُ فيها خطأً، امنح نفسك عذراً، ولا تُفكّر كثيراً في الأمر، إلّا للتّعلّم منه. ركّز على المرّة القادمة، لأنّ ما يهمّ هو أنّك حاولت، وأنّك ستظلُّ تحاولُ.