الرئيسية التنمية لماذا ينبغي لقادة الأعمال أن يتبعوا نظاماً غذائياً روائياً؟

لماذا ينبغي لقادة الأعمال أن يتبعوا نظاماً غذائياً روائياً؟

"الرّوائيّون يعرفون كيف يُديرون جمهوراً... لهذا يجب أن تقرأ كرائد أعمال، لا كمحاضر مكرّر"

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تشابه قراءة النّاس قراءة الكتب؛ فأنا فضوليّةٌ بطبعي، أسعى للتّعلّم من أهل الأعمال، وكثيراً ما أجد نفسي جالسةً في غرف المؤتمرات، أو في النّدوات، أو في القمم القياديّة، أو غيرها. أكون منصتةً بكلّ كياني، وفي يدي فنجان قهوةٍ، وفي الأخرى دفتر ملاحظاتٍ. ومع ذلك، فإنّي أستطيع دوماً أن أميّز المتحدّث الّذي لا يقرأ سوى كتب الأعمال. وتلك اللّحظة بعينها هي إيذانٌ بانفصالي الذّهنيّ عن الحديث.

يسهل التّعرّف عليهم. فأولئك الّذين لا يقرؤون إلّا الكتب الموصى بها في المناهج (ككتب الأعمال مثل "الأب الغنيّ والأب الفقير" (Rich Dad Poor Dad)، و"العادات السّبع للأشخاص الأكثر فاعليّةً" (The 7 Habits of Highly Effective People)، و"العادات الذّرّيّة" (Atomic Habits)، و"أسبوع العمل لأربع ساعاتٍ" (The 4-Hour Workweek)، وغيرها)، هم أشخاصٌ يكثرون من نثر عباراتٍ من قبيل: "التّآزر"، و"بناء الشّبكات"، و"التّعاون"، و"الاتّساق"، و"القيادة"، و"العمل الجماعيّ"، كأنّهم ينثرونها كما ينثر الورق الملوّن في احتفالٍ. ولنعترف، جميعنا مررنا بتلك اللّحظات، سواءٌ كنّا من الجمهور، أو من المتحدّثين.

يبدون كأنّهم خارجون من أحد مخيّمات التّحفيز، يدخلون إلى القاعة، ويمدّون أيديهم إلى المنسّقين بقدرٍ من الحماسة لا يقلّ عن حماس مرشدٍ تحفيزيٍّ، ثمّ يطلقون عبارتهم الشّهيرة: "دعونا نستفيد من تجاربنا ومهاراتنا..."، وهنا، يفتح باب التّوقّع لما سيأتي، ويأخذ الملل في التّشكّل، آه!

لكن، ماذا لو بدأ رائد الأعمال خطابه بعبارةٍ على غرار: "الشّتاء قادمٌ" (Winter is coming)؟ سترى حينها محبّي "صراع العروش" (Game of Thrones) وهم يعتدلون في جلستهم. أو قال: "لا تدع العامّة يحبطونك" (Don’t let the muggles get you down)؟ ستلمح وقتها جمهور "هاري بوتر" (Harry Potter) وهم يومئون برؤوسهم. أو قال: "بعض الأيّام تُعدّ، وأخرى تُوزن"؟ من الّذي لا يحبّ لمسةً من رواية "كل، صلّ، أحبّ" (Eat, Pray, Love) في أجواء المؤتمرات؟

هنا يدخل عالم الشّخصيّات الخياليّة، والحبكات الدّراميّة، والتّقلّبات السّرديّة، والحوار الأخّاذ، فيتحوّل الجمهور إلى آذانٍ منصتةٍ. فهل من جدوى فعليّةٍ لاستعارة نبرةٍ جديدةٍ من صفحات روايةٍ؟ نعم، ولو لم يكن في الأمر سوى أنّنا سنبدو أقلّ رتابةً من روبوتات الشّركات. لكنّ الأمر يتعدّى ذلك. ففي القراءة الرّوائيّة مكاسب عديدةٌ، وهي على النحو التّالي.

1. وسّع أفق رؤيتك، وسّع جمهورك

عندما توسّع نطاق قراءتك ليشمل الرّوايات، فإنّك تثري ذهنك بأمثلةٍ مستمدّةٍ من عوالم متخيّلةٍ، وتفتح مداركك على رؤًى أوسع، وتنمّي قدرتك على التّواصل مع جمهورٍ أكثر تنوّعاً.
الّذين يقرؤون الرّوايات يميلون إلى تقبّل الابتكار والتّعاون بدرجةٍ أعلى. نعم، كتاب المؤسّسة المرنة (The Lean Startup) غنيٌّ بالمعلومات، ولكن، هل علّمك كيف تدرّب تنّيناً؟ (How To Train Your Dragon)؟ لا أظنّ ذلك.

2. تخلّص من أسلوب "نشأت على عروض PowerPoint"

لكلّ عرضٍ تقديميٍّ مقامه، ولكنّ الشّرائح الّتي تستعرض استراتيجيّات النّموّ باتت تفوح منها رائحة التّكرار. دع الرّوايات تلهمك لتعيد تشكيل طريقة عرض أفكارك. لا ترد أن تكون متوقّعاً أو مملّاً. وغالباً ما يقال إنّ رائد الأعمال الّذي لا يقرأ الرّوايات، كمن يطلق شركةً بلا ميزانيّة تسويقٍ! فضلاً عن ذلك، تعلّمك الرّوايات مهارتين في غاية الأهمّيّة:

  • كيفيّة التّعامل مع شخصيّاتٍ غير متوقّعةٍ.

  • كيفيّة المثابرة في الأوقات الّتي تنهار فيها كلّ الدّعائم.

3. منشوراتك على LinkedIn ستكون أقلّ مجافاةً للذّوق

من منّا لم يرهق من قراءة الدّراما الشّخصيّة على منصّة لينكدإن؟ هل تحوّلت المنصّة إلى نسخةٍ من فيسبوك؟ إن أردت التّفرّد وسط هذا الضّجيج الرّقميّ، فلتقرأ الرّوايات. فهي تنمّي الذّكاء العاطفيّ، وتمنح القادة قدرةً أعمق على فهم العملاء والموظّفين والشّركاء.

ومحصّلة ذلك؟ منشوراتٌ أكثر تأثيراً، وقصصٌ أكثر جاذبيّة. تخيّل أن تشرّح لمستثمرٍ أنّ أكبر مصدرٍ للإلهام لديك كان "هوبتاً يحمل خاتماً سحريّاً"!
هذا هو نوع الثّقة الّتي تغرسها الرّوايات فيك.

4. أتقن فنّ السّرد القصصيّ

نعم، بوسعك الحديث عن المنصّات الرّقميّة والشّركات النّاشئة، ولكن، ماذا لو أضفت إليها حلقاتٍ زمنيّةً وعوالم بديلةً؟ لنكن صرحاء؛ لا أحد يريد الاستماع مجدّداً لمحاضرةٍ عن "ثقافة الكدح"، أو "الاستيقاظ في الرّابعة صباحاً"، بينما يمكنه الإنصات إلى قصصٍ عن تنانينٍ، أو كلابٍ طائرةٍ، أو حقائب مشبعةٍ بالدّفء والعاطفة. يمكنك أيضاً أن تكتفي بقصص حبٍّ أو نزهاتٍ في الحقول. عالم الرّواية مصدرٌ لا ينضب من الأفكار والخيال.
وتذكّر، أفضل روّاد الأعمال هم أيضاً رواة قصصٍ مدهشون.

5. لتحكم قبضتك على أدوات "التّحوّلات الدّراميّة"

يستقي بعض روّاد الأعمال مهارات القيادة من دراسات الحالة، وآخرون من رواياتٍ عظيمةٍ. تخيّل أن تنهي اجتماعاً بالقول: "إذا استطعنا أن نصمد عبر 1100 صفحةٍ من رواية الوقوف (The Stand) للكاتب ستيفن كينغ (Stephen King)، فمواكبة السّوق وتقلّباته ستكون نزهةً خفيفةً". ثمّة شيءٌ مشتركٌ بين الأعمال التّجاريّة والرّوايات: أنّك لا تدري أبداً ماذا تخبّئ الصّفحة التّالية. قراءة قصّةٍ تدور في مزرعةٍ تحكمها كائناتٌ فضائيّةٌ، كفيلةٌ بأن تمرّن دماغك على توقّع العواقب، وتقييم المخاطر، والتّعامل مع الضّبابيّة. تماماً كما تفعل في قيادة الأعمال.

6. انضمّ إلى نادٍ نخبويٍّ من القادة القرّاء

قراءة الرّوايات تدخلك في نادٍ راقٍ من القادة الّذين يتشاركون هذه العادة النّبيلة. هل تعلم أنّ إيلون ماسك يعزو جزءاً من رؤيته في حلّ المشكلات إلى رواية دليل المسافر إلى المجرّة (The Hitchhiker's Guide to the Galaxy)؟

وأنّ جيف بيزوس تحدّث عن تأثير سيّد الخواتم (The Lord of the Rings) في رؤيته البعيدة لشركة أمازون؟

وباراك أوباما، صاحب الخطب الملهمة، غالباً ما يستشهد بالرّوايات، وتضمّ قائمته أعمالاً مثل موبي ديك (Moby Dick) وأنشودة سليمان (Song of Solomon).

أمّا ستيف جوبز، فقد كان يبرع في سرد قصص العلامة التّجاريّة، وقد تأثّر تأثّراً عميقاً برواية 1984 للكاتب جورج أورويل (George Orwell)، والّتي ألهمت إعلان أبل الشّهير في "السّوبر بول" لعام 1984، وقدّم فيه الشّركة كمتمرّدةٍ ضدّ القوالب التّقليديّة.

خلاصة القول

قارئ الرّوايات لا يفكّر "خارج الصّندوق" فقط، بل يسأل: "هل يوجد صندوقٌ أصلاً؟" وأحياناً، هذا هو تماماً ما تحتاجه لا لتغدو أذكى فحسب، بل لتغدو أكثر سحراً وحضوراً كذلك.

عن الكاتبة

"بورفا غروفر" (Purva Grover)، كاتبةٌ وصحفيّةٌ ورائدةٌ إبداعيّةٌ تقيم في دبي. تؤمن بقوّة الحكاية، وتعتقد أنّ السّرد القصصيّ لن يختفي من عالمنا. وتقرأ 52 كتاباً في السّنة، وقد نشرت أربعة مؤلّفاتٍ حتّى الآن. يمكنك زيارتها عبر موقعها الإلكترونيّ: purvagrover.com، أو متابعتها عبر إنستغرام: @purvagr.

آخر تحديث:
تاريخ النشر: