لينا خليفة مؤسسة مشروع "She Fighter" الذي نجح في إنقاذ النساء
مشروع بدأ من حكاية تعنيف ليصل إلى جوائز عالمية في ريادة الأعمال وقيمة مجتمعية ذات أثرٍ كبيرٍ في تمكين النساء ضمن المجتمعات العربية.
في العامِ 2010، اكتشفتْ لينا خليفة أنّ صديقتها تعرّضت للتّعنيفِ من شقيقها ووالدها، فبدأت فكرة شي فايتر "She Fighter"، فمن هي رائدةُ الأعمالِ التي حوّلت العنفَ ضدَّ النّساءِ إلى دافعٍ لإنشاءِ أكاديميّةٍ تعلّمهنّ الّدفاعَ عن أنفسهنّ، وسطَ مجتمعٍ شرقيٍّ مواطنيهِ يسيئون للنّساء ويعتبرونهنّ "ملكاً شخصيّاً".
ولدت لينا خليفة في الأردن عام 1986، وحصلت على شهادةٍ في الأدبِ الفرنسيّ من الجامعةِ الأردنيّةِ عام 2007، لكن ومنذ أن كان عمرها 5 سنواتٍ، تعلّمت التّايكوندو حيث سجّلها والدها في أحدِ الأنديةِ لتعلّمِ اللّعبةِ التي أتقنتها لاحقاً، وحازت فيها على الحزامِ الأسودِ، كما حقّقت عدّةَ ميدالياتٍ مع منتخبِ بلادها.
إضافةً إلى ذلك، عملت خريجةُ قسمِ الأدبِ الفرنسيّ، لمدّةِ 4 سنواتٍ كمديرةٍ للتّسويقِ في الشّركةِ التي تمتلكها عائلتها في الأردن، والتي تختصُّ في تصنيفِ المستلزماتِ التّعليميّةِ، وتسويقها خارجَ البلادِ.
شاهد أيضاً: دعم الإبداع: قصة نجاح النساء في شركتي
كيف بدأ المشروع؟
لم تكن لينا خليفة تفكّرُ بإنشاءِ نادٍ لتدريبِ النّساءِ على الدّفاعِ عن النّفسِ، إلّا أنّها كانت دائماً تمتلكُ الرّغبةَ بالتّأثيرِ عليهنّ، ليمتلكن الثّقةَ والشّجاعةَ ذاتها التي تمتلكها.
في العامِ 2010، تأثّرت رائدةُ الأعمالِ الأردنيّةِ كثيراً بتجربةِ صديقتها في الجامعةِ، والتي كانت تتعرّضُ للتّعنيفِ المستمرّ من والدها وشقيقها، تقولُ لينا خليفة في تصريحاتٍ صحفيّةٍ سابقةٍ، إنها كلّما رأتها، ازدادت لديها الرّغبةُ في أن تعلّمها وغيرها كيفيّةَ الدّفاعِ عن النّفسِ من العنفِ، لتبدأ مشروعها بالفعلِ في قبوِ منزلها.
استمرّت على هذه الحال نحو عامين، وبحلول العام 2012، نجحت بإنشاءِ مركزها المتخصّصِ في الفنونِ القتاليةِ للدّفاعِ عن النّفسِ، وأسمته شي فايتر She Fighter، والذي يهدفُ إلى تعليمِ النّساءِ في العاصمةِ الأردنيّةِ عمّان كيفيّةَ الدّفاعِ عن أنفسهنّ بوجهِ العنفِ.
ويعتبرُ هذا المركزُ الأوّلُ من نوعهِ في منطقةِ الشّرقِ الأوسطِ، مما أكسبَ لينا خليفة شهرةً عالميّةً، ومكنّها من الفوزِ بالمركزِ الأوّلِ في جائزةِ الأمم المتّحدة لأعمال المرأة، إضافةً لاختيارها واحدة من 100 امرأةٍ مؤثّرةٍ في العالمِ لعامِ 2017.
وفي عامِ 2015، كرّمَ الرّئيسُ الأميركيّ الأسبقُ، باراك أوباما، رائدةَ الأعمالِ لينا خليفة في حدثِ ريادةِ الأعمالِ العالميّةِ النّاشئةِ الذي استضافه البيت الأبيض، كما حصلت على جائزةِ "قيادة التّمكين الاقتصاديّ من المرشّحةِ السّابقةِ لرئاسة الولايات المتّحدة هيلاري كلينتون عام 2018، وقامت بتدريبِ الممثّلةِ الشّهيرةِ إيما واتسون.
قضيّةُ المرأةِ وتثقيفها وحمايتها من العنفِ، كان الهاجسَ الكبيرَ في حياةِ رائدةِ الأعمالِ الأردنيّةِ، واستخدمت كلّ ما تملكهُ من قدراتٍ للتقدّمِ في هذا الجانبِ، حيث استغلّت قدراتها الخطابيّة في نشرِ التّوعيةِ لمناهضةِ العنفِ ضدَّ النّساءِ، وتحفيزِ المرأةِ لامتلاكِ حاجةِ الدّفاعِ عن نفسها، من أجلِ البدءِ.
التحديات
المجتمعُ كان التّحدّي الأكبرَ الذي واجهتهُ لينا، كما تقولُ، ولم يكن التّحدّي على صعيدِ تمكينِ النّساءِ فحسب، إنّما لكونِ كثيرٍ من أفرادِ المجتمعِ لا يريدون رؤيةَ امرأةٍ ناجحةٍ في مجالِ الأعمالِ، وترى أنّه حانَ الوقتُ لتغييرِ فكرةِ سيادةِ الرّجلِ في المجتمعِ العربيّ، فالمرأةُ تستطيعُ التّميّزَ والقيامَ بالكثير.
ذلّلت رائدةُ الأعمالِ العقباتِ التي اعترضت طريقها بعدمِ تقبّلِ النّساءِ للفكرةِ من خلالِ منحهنّ جلساتِ توعيةٍ في البدايةِ، وأخبرتِ النّساء أنهنّ سيكسبن مهاراتٍ لبناءِ الثّقةِ والدّفاعِ عن النّفسِ، وليس من الضّروري أن تمتلكَ الفتاةُ القوّةَ من البدايةِ، فتلك هي مهمّةُ المركزِ الذي يدرّبُ الفتياتِ بكلّ الأوزانِ والأعمارِ.
مع توجيه رسالةٍ لكلّ امرأةٍ تعرّضت للعنفِ، ألّا تستسلمَ، وأن تنهضَ فهي ستواجه تحدّياتٍ بالتأكيدِ، لكن العبرة الحقيقيّة تكمنُ في كيفيّة مواجهة تلك التّحدّيات، وتضيف، أنّ الحياةَ حين توجّه لنا لكمة على وجوهنا وتُسقطنا أرضاً، علينا النّهوض والقول للحياةِ بسخريةٍ: "لكمتك كلكمةِ طفلٍ، فكوني قويةً واستمتعي بالحياة"، على حدّ تعبيرها في تصريحاتٍ سابقةٍ لمجلّة المرأة العربيّة.
طموح لينا خليفة العالمي
طموحُ رائدةِ الأعمالِ لا ينتهي بحدودِ جغرافيةِ منطقتِها أو بلادها، فهي تريدُ الوصول بمشروعها "شي فايتر" وتعني بالعربيّةِ "هي مقاتلة" إلى كلّ أنحاءِ العالمِ، وتؤمن بأنه لا يوجد مستحيلٌ مع تواجد الإيمان والإصرار.
وترى أنّ شي فايتر سينجحُ بتمكينِ ملايين النّساءِ حول العالمِ عبر التّدريبِ والتّوعيةِ، وهذا ما تحاولُ نشره حين تكون متحدّثةً في المؤتمراتِ العالميّةِ والمحليّةِ المختلفةِ بخصوصِ النّساءِ وتمكينهنّ.
بالمقابلِ تحرصُ لينا والمدرّباتُ الكُثر معها، على إبقاءِ غرورِ المتدرّباتِ تحت السّيطرةِ، خصوصاً أنّ بعض النّساءِ اللّواتي تدرّبن وأصبحن أكثرَ قوّةً، يبدأ الغرور لديهن في تولّي زمامِ الأمورِ داخلهن، هنا يأتي دور لينا مع المُدرّبات ليخبرنهن أنّ عليهن البقاء متواضعاتٍ، فيمكنُ لضربةٍ واحدةٍ أنْ تسقطنا أرضاً، وتضيف أنّ التّوازن مهمٌّ جدّاً ويجب الحفاظ عليه لنتمكّنَ من النّجاحِ.
شاهد أيضاً: اليوم العالمي للشيف.. منافسةٌ كبيرةٌ بين النساء والرجال
هل حقق المشروع أثراً اجتماعياً؟
الجوابُ ببساطةٍ نعم، وبالإمكانِ التّعرّفُ على الأثرِ الاجتماعي الكبير للمشروع من خلال قصّةٍ روتها لينا في أحد لقاءاتها الصّحفيّةِ، حيث تعرّضت فتاةٌ تدرّبت في شي فايتر لمدّةِ 3 أشهرٍ، لمحاولةِ خنقٍ واغتصابٍ بينما كانت تمشي باتجاهِ المصعدِ، حيث دفعها المُعتدي بقوّةٍ نحو الحائطِ.
كانت الفتاة خائفةً جدّاً، إلّا أنّها استدركت واستخدمت الفنون القتاليّة التي تعلّمتها للدّفاع عن النّفس، فأبعدته عنها ثمّ خاف وابتعدَ هارباً، لم تكتفِ الفتاة بذلك، إذ ركضت وراءَه في الشّوارع وطلبت المساعدةَ من بعض المارّةِ الذين نجحوا بالإمساكِ به، ومن ثمّ تسليمه للشّرطة، ليتمَّ سجنهُ لمدّةِ 3 سنواتٍ بتهمة الاعتداءِ الجنسيّ.
لقد نجحَ مشروعُ رائدةِ الأعمالِ بالفعلِ، في إنقاذِ فتاةٍ من الاغتصابِ وربّما الموت، كما مكّنَ تلك الفتاةِ ليس من الهروبِ فحسب، بل من امتلاكِ الشّجاعةِ اللّازمةِ لمواجهةِ المُعتدي ومحاسبتهِ بالقانونِ. الألعابُ القتاليّةُ لا تعلّم القوّة البدنيّة فحسب، بل تعزّز الثّقة الدّاخليّة بأنفسنا، وهذا ما يساعدنا دائماً على النّجاح في كلّ مناحي حياتنا.