مؤتمر الصحة العربي: أحد أكبر الأحداث الطبية في العالم
تبادلٌ فائقٌ للمهارات والخبرات والمعلومات مع عرض أحدث وأفضل الابتكارات، ما جعل مؤتمر الصحة العربي أكثر من مجرّد لقاءٍ.
انطلق مؤتمر الصحة العربي للمرَّة الأولى عام 1975 من الإمارات العربيَّة المتَّحدة -وتحديداً من دبي- في وقتٍ كانت الكثير من الدُّول العربيَّة ترزح تحت نير الاحتلال، والقطَّاع الصِّحِّي شبه منهارٍ؛ ليخرج بقراراتٍ ومشروعاتٍ لتقصِّي الحقائق بمعاونة الهيئات الدُّوليَّة، فأصبحَ بالتَّدريج أكثر من مجرَّد مؤتمرٍ، بل حدثٌ عالميٌّ متعدِّد الأوجه على المستويَّات الإنسانيَّة والتَّعليميَّة والتَّجارية، يلعب دوراً بارزاً في مشهد الرِّعاية الصِّحِّية العالميَّة عموماً وفي الشَّرق الأوسط والمنطقة العربيَّة خصوصاً، فما هي أهم المحطاَّت التي مرّ بها المؤتمر وما المتوقَّع منه في نسخة 2024؟
مؤتمر الصحة العربي 2024: مكافحة العدوى والوقاية والبنى التَّحتيَّة
ينطلقُ مؤتمر الصحة العربي 2024 في 29 يناير وحتَّى 1 فبراير في مركز دبي التِّجاري العالميِّ، الذي يستضيفهُ كلَّ عامٍ، ويشهدُ حضور 3450 شركةٍ عارضةٍ من 180 دولةٍ حول العالم، ممّا يتيحُ عرض مجموعةٍ ضخمةٍ من نماذج الرِّعاية الصِّحيَّة المبتكرة في مختلف المجالات، مثل: التَّصوير والتَّشخيص الطِّبي وأنظمة المعلومات والبنية التَّحتيَّة، بالإضافة إلى السِّلع الاستهلاكيَّة والمعدات الطِّبيَّة، وابتكارات مكافحة العدوى والتَّعقيم الطِّبي والأدوات الجراحيَّة وغيرها. [1]
أما خطَّة المؤتمر هذا العام فتشمل محاور رئيسيَّة وهي:
مستقبل الرِّعاية الصِّحيَّة
سيكونَ الذَّكاء الاصطناعيّ والرّوبوتات والتَّطبيُّب عن بعد من أكثر الأمور الأساسيَّة في هذا المحور مع مناقشاتٍ عن كيفيَّة تحقيق أفضل استفادةٍ منها في التَّشخيص، كما ستتناول قمّة صحّةُ المستقبل الشَّيخوخة، وطول العمر، والاعتبارات الأخلاقيَّة لمحاولات الخلود وإطالة العمر، كما ستكونُ الاستدامة، وإدارة الموارد، والحفاظ على الطَّاقة، والممارسات الطِّبيَّة المستدامة على رأس التَّخطيط المستقبليّ للرِّعاية الصِّحيَّة.
الفرص والتَّحدَّيات الإقليميَّة
سيشملُ هذا المحور مناقشة تعزيز البنية التَّحتية للرِّعاية الصحيَّة وبناء أنظمةٍ مرنةٍ يمكن الوصول إليها من جميع أنحاء الشَّرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتشمل التَّحدِّيات أيضاً طريقة مواجهة الأمراض المزمنة؛ ليأتي السَّرطان كأولويَّة إلى جانب السُّكري وأمراض القلب، كما سيتمُّ تسليط الضَّوء على الصِّحَّة العقليَّة والرَّفاهيَّة؛ لتقليل الوصمة المتعلِّقة بالمرض النَّفسي.
التَّعاون والاستثمار الدُّولي
في هذا المحورِ سيتناول المؤتمر فاعليَّة الشَّراكات عبر الحدود، ونقل التُّكنولوجيا مع طرق جذب الاستثمارات إلى سوق الرِّعاية الصِّحِّيَّة في الشَّرق الأوسط، كما سيتطرَّق الحديث في هذا المحور عن تحدِّيات الصِّحَّة العالميَّة وطريقة التَّعاون في السَّيطرة على الأوبئة ومقاومة المضادات الحيويَّة وغيرها.
موضوعات متنوِّعة
وهي تشملُ استراتيجيَّات الصِّحة العامَّة وبرامج التَّطعيم ومراقبة الأمراض، وموضوع الطّب الشَّخصيِّ وكيفيَّة تصميم خططِ علاجٍ للمريض الفرد بناءً على عوامل وراثيَّة، مع الاهتمام بالتَّطوير المؤسَّسي وتطوير الشَّركات الصِّحيَّة الرَّقميَّة والاهتمام بالتَّعليم والتَّدريب الطِّبِّي لتلبية الاحتياجات المستقبليَّة.
شاهد أيضاً: كيف تستفيد من يوم الصحّة النفسية العالمي على أكمل وجه؟
تاريخ مؤتمر الصحة العربي
مرَّ مؤتمر الصِّحَّة العربيّ بمراحل مختلفةٍ بدءاً من تجمِّعٍ إقليميٍّ متواضعٍ إلى أن أصبحَ حدثاً مستقلَّاً يلفت انتباه الجميع إلى المنطقة ويعزِّز من فرصها، ومن أهمِّ المراحل التي مرّ بها: [2] [3]
البدايات المبكِّرة 1975-1990
في عام 1975 جاء المؤتمر بمشاركة 45 عارضاً فقط وركَّزت على المعدَّات الطِّبيَّة، وبعد عدَّة سنواتٍ من انطلاقه وفي ثمانينيَّات القرن العشرين بدأ المؤتمر ينمو بشكلٍ مطِّرد ليجذبَ المزيد من الشُّركاء الإقليميين والدُّوليين، وإن اقتصرَ العرض على المعدَّات والإمدادات الطِّبيَّة.
أمّا في التّسعينيَّات فقد توسَّع الحدث ليشملَ جلساتٍ تعليميَّةٍ مستمرِّة وورش عملٍ للتَّطوير المهنيّ مع تناول تحدِّيات الرِّعاية الصِّحيَّة في المنطقة العربيَّة.
بداية النُّموِّ والاعتراف العالميّ 2000-2010
شهد معرض الصِّحَّة العربيّ نموّاً هائلاً في العقد الأوّل من القرن الحادي والعشرين؛ ليصبحَ أكبر معرضٍ للرِّعاية الصِّحيَّة في الشَّرق الأوسط مع موضوعاتٍ متنوِّعةٍ وتقنيَّاتٍ جديدةٍ واهتمامٍ فائقٍ بكلِّ فئات المرضى وخصوصاً حديثي الولادة، وذوي الاحتياجات الخاصَّة، مع التَّركيز الفائق على إعادة التَّأهيل.
كما شهدت هذه المرحلةُ انطلاق مجموعة جوائزٍ زادت من قيمة المعرض العالميَّة، فشهد هذا العقدُ مشاركةً سنويَّةً لا تقلُّ عن 2800 شركةٍ من 60 دولةٍ، و460 ساعةٍ من التَّعليم الطِّبِّي المستمرِّ.
التَّحوّل إلى قوّة عالميَّة بدءاً من 2020 إلى الوقت الحاليّ
مؤتمر الصِّحة العربيّ 2020: عزَّز المعرض مكانته عالميَّاً وأصبح حدثاً رئيسيَّاً في مجال الرِّعاية الصِّحيَّة؛ ليضمَّ بداخله 10 مؤتمراتٍ معتمدةٍ للتَّعليم الطِّبيِّ المستمرِّ ويستضيف مساراتٍ متنوِّعةٍ في تخصُّصات لا نهائيَّة، مثل: السُّكري ومكافحة العدوى والسَّرطان وغيرها، ويستمرُّ التَّطور على مدى العامين التَّاليين بنفس الكفاءة.
مؤتمر الصَّحة العربيّ 2023 وتقنيَّة الميتافيرس ومنصَّات متنوّعة للرّعاية الصّحيَّة: شهد المؤتمر تطوُّراً فائقاً في التَّقنيَّات هذا العام مع انطلاق منصِّاتٍ رقميَّةٍ تقدُّم خدماتٍ صحيَّةٍ متكاملةٍ، وخصوصاً في دولة الإمارات العربيَّة المتَّحدة، مع توجيه المزيد من الاهتمام لأصحاب الهمم، كما وشهد للمرَّة الأولى نظام تطبيق التَّذاكر المدفوعة للزوَّار.
شاهد أيضاً: شركات الصحة الرقمية.. كل ما ترغب في متابعته عن بعد بأسهل الطرق
واليوم أصبحَ المؤتمر دليلاً واضحاً على تطوِّر مشهد الرِّعاية الصِّحيَّة في المنطقة مع تشجيع السِّياحة العلاجيَّة أيضاً؛ ليكون بمثابة منصِّةٍ حيويَّةٍ لتبادل المعرفة والنُّهوض بمستوى الرِّعاية الطبيَّة، ليس فقط في المنطقة العربيَّة ولكن على مستوى العالم.
لمزيدٍ من قصص النّجاح في الشرق الأوسط، تابع قناتنا على واتساب.