كيف تواجه فجوة الأجور بين الجنسين وتقلّص تأثيرها على شركتك؟
رغم التّقدم الملحوظ، اتسعت فجوة الأجور بين الجنسين في 2023، مما يشكل تحديّاً للشركات. التّعامل الذّكي مع هذا الوضع يمكن أن يقلّل من تأثيره ويحافظ على استمراريّة الشّركة
شهدت فجوة الأجور بين الجنسين في الولايات المتّحدة تطوّراتٍ مقلقةً في السّنوات الأخيرة، على الرّغم من التّقدّم الّذي تحقّق في العقود الماضية. وفقاً لتقريرٍ حديثٍ صادرٍ عن مكتب الإحصاء الأمريكيّ، اتّسعت الفجوة بين أجور الرّجال والنّساء العاملين بدوامٍ كاملٍ في عام 2023، وهي المرّة الأولى الّتي يحدث فيها ذلك منذ عشرين عاماً. هذا التّحوّل يعبّر عن تعقيداتٍ كثيرةٍ، يعزى جزءٌ كبيرٌ منها إلى التّداعيات الّتي خلّفتها جائحة كوفيد-19 على سوق العمل الأمريكيّ.
تأثير الجائحة على النّساء العاملات
رغم عودة العديد من النّساء اللّاتي فقدن وظائفهنّ، أو تركنها خلال ذروة الجائحة إلى سوق العمل، إلّا أنّ التّقدّم نحو المساواة في الأجور تعرّض لنكسةٍ كبيرةٍ. العديد من النّساء اضطررن للعمل في قطاعاتٍ ذات أجورٍ منخفضةٍ، مثل الضّيافة والرّعاية الاجتماعيّة، وهي مجالاتٌ تأثّرت بشدّةٍ خلال الجائحة. ونتيجةً لذلك، ورغم ارتفاع أجور جميع العاملين في عام 2023، إلّا أنّ الأجور زادت بوتيرةٍ أسرع لدى الرّجال، ممّا ساهم في اتّساع الفجوة. في ذلك العام، كسبت النّساء العاملات بدوامٍ كاملٍ 83 سنتاً مقابل كلّ دولارٍ يكسبه الرّجال، مقارنةً بـ 84 سنتاً في العام السّابق، وهو أعلى مستوى تاريخيٍّ للفجوة.
بالإضافة إلى ذلك، كانت النّساء العاملات من أصلٍ لاتينيٍّ من أكثر الفئات الّتي تأثّرت سلباً خلال الجائحة. شهدت النّساء اللّاتينيّات أعلى معدّلات البطالة، حيث وصلت النّسبة إلى 20.1٪ في أبريل 2020، ما أدّى إلى فقدان العديد منهنّ لوظائفهنّ. ونظراً لاعتمادهنّ على الوظائف ذات الأجور المنخفضة، كان من الصّعب على هؤلاء النّساء العودة إلى سوق العمل بعد الأزمة الصّحّيّة.
تحليل الأجور عبر الفئات المختلفة
رغم التّراجع العامّ في الأجور، تشير البيانات إلى أنّ بعض الفئات النّسائيّة شهدت تحسّناً. على سبيل المثال، النّساء من أصلٍ إسبانيٍّ (اللّاتينيّات) شهدن تقلّصاً طفيفاً في فجوة الأجور مقارنةً بالرّجال البيض بين عامي 2022 و2023. يعود هذا التّحسّن إلى دخولهنّ المتزايد لسوق العمل في مجالاتٍ تتمتّع بنموٍّ أسرع. حيث زادت نسبة اللّاتينيّات العاملات بدوامٍ كاملٍ بمعدّل 5%، فيما بقي عدد العاملات بدوامٍ كاملٍ ثابتاً.
من ناحيةٍ أخرى، لم يكن الوضع ذاته لجميع الفئات النّسائيّة. فقد اتّسعت فجوة الأجور بين النّساء السّود والآسيويّات مقارنةً بالرّجال البيض، بينما بقيت الأجور ثابتةً لدى النّساء البيض. تعزى هذه التّفاوتات إلى التّركيبة الاقتصاديّة الّتي تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على العمّالة النّسائيّة في مجالات الرّعاية مثل رعاية الأطفال والمسنّين، وهي وظائف غالباً ما تكون ذات أجورٍ منخفضةٍ أو حتّى دون أجرٍ. يوضّح الخبراء، مثل سهير خواجة، مديرة العدالة الاقتصاديّة في منظّمة "ليجال مومينتوم"، أنّ التّغيير لن يحدث إلّا إذا تمّ إعادة تقييم هذه المهن ومنحها القيمة الاقتصاديّة الّتي تستحقّها.
دور السّياسات العامّة في معالجة الفجوة
رغم الجهود التّشريعيّة المبذولة، تواجه الولايات المتّحدة تحدّياتٍ كبيرةً في معالجة الفجوة بين الجنسين في الأجور. على سبيل المثال، يواجه "قانون الإنصاف في الأجور"، الّذي يرعاه الدّيمقراطيّون، معارضةً كبيرةً من الحزب الجمهوريّ. يهدف هذا القانون إلى تعزيز الشّفافيّة في الأجور وحماية العمّال من الانتقام إذا ناقشوا رواتبهم، وهو ما يعتبره الخبراء أداةً فعّالةً لتقليل التّمييز. ومع ذلك، يعترض الجمهوريّون على المشروع بحجّة أنّه قد يؤدّي إلى زيادة الدّعاوى القضائيّة غير الضّروريّة.
تتداخل قضيّة الفجوة في الأجور مع قضايا اجتماعيّةٍ واقتصاديّةٍ أخرى، مثل الفقر المتوارث عبر الأجيال وانعدام الأمن الماليّ الّذي يعاني منه العديد من الأسر الّتي تعتمد على دخول النّساء. يعتقد الاقتصاديّون، مثل ماثيو فينوب من جامعة كاليفورنيا اللّوثريّة، أنّ تحسين أوضاع النّساء في سوق العمل يتطلّب التّركيز على مكاسبهنّ التّعليميّة والاقتصاديّة على المدى الطّويل، بدلاً من التّركيز على التّقلّبات السّنويّة في البيانات.