الرئيسية المال ما وراء المال: رهانات مستثمري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

ما وراء المال: رهانات مستثمري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

يشهد المشهد الرّياديّ في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا تحوّلاً جوهرياً، ويبدو أن عام 2025 سيكون مفصليّاً للمستثمرين الذين يوجّهون أنظارهم إلى هذه السّاحة الواعدة

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

يشهد المشهد الرّياديّ في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا تحوّلاً جذريّاً، إذ يبدو أنّ عام 2025 سيمثّل نقطةً مفصليّةً للمستثمرين المكرّسين لهذه البقعة. وبينما يتصدّى روّاد الأعمال للتّحدّيات المعقّدة في تلك السّاحة، تتجلّى فيه إمكاناتٌ باهرةٌ لدعم المشروعات الّتي تقدّم حلولاً مستقبليّةً لمواجهة أبرز مشكلات المنطقة. 

وفي إطار استقصاء الاتّجاهات الّتي تشكّل ملامح البيئة الاستثماريّة، أجرى فريق "عربية .Inc" لقاءً مع نخبةٍ من المستثمرين الرّائدين في هذه التّحوّلات. من بينهم بلال بلوش، الشّريك في شركة "شروق" (Shorooq) الإماراتيّة للاستثمار؛ ذكرى خليفي، الشّريكة في شركة "216 كابيتال فنتشرز" (216 Capital Ventures) التّونسيّة؛ عليّ الشّلقاني، المدير التّنفيذيّ لمصر وشمال أفريقيا في شركة "54 كوليكتيف" (54 Collective) المتخصّصة في رأس المال المخاطر بتركيزها على أفريقيا؛ ميديا نوكنتيني، الشّريك الأوّل في شركة "جلوبال فنتشرز" (Global Ventures) الّتي تتّخذ من الإمارات مقرّاً لها؛ وكريستوس ماستوراس، الشّريك الإداريّ لشركة "إيلياد بارتنرز" (Iliad Partners) الّتي تركّز على أسواق مجلس التّعاون الخليجيّ. 

من أبرز التّحوّلات في المشهد الاستثماريّ بالمنطقة، تزايد التّركيز على جولات التّمويل الصّغيرة، رغم الانخفاض العامّ في نشاط رأس المال المخاطر. فقد أشارت السّيّدة نوكنتيني إلى تراجع الصّفقات العملاقة الّتي تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار أمريكيٍّ، وهو ما تجسّده بيانات منصّة "ماغنت" (MAGNiTT) في ملخّص استثمارات الأسواق النّاشئة للسّنة الماليّة 2024. كما أوضحت أنّ جولات التّمويل الّتي تراوحت بين 1 إلى 5 ملايين دولار شهدت نموّها الرّابع على التّوالي في أرجاء المنطقة، ممّا يدلّ على تحوّلٍ في حجم الصّفقات، مع توقّع استمرار هذا الاتّجاه في الرّبع الأوّل من العام الجاري. 

وفي ذلك السّياق، يتصاعد اهتمام المستثمرين بمنطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ أشارت نوكنتيني إلى ارتفاع عدد المستثمرين النّاشطين بنسبة 20% خلال عام 2024، ممّا جعل من المنطقة السّوق النّاشئة الوحيدة الّتي شهدت زيادةً في عدد الصّفقات، مؤكّدةً بذلك على نضوج السّوق وتزايد اهتمام المستثمرين به. 

وأكّد جميع المستثمرين الّذين تطرّقنا لآرائهم أنّ قطاع التّكنولوجيا الماليّة (فينتك) ظلّ يتصدّر توجّهات الاستثمار خلال عام 2024، ومن المتوقّع أن يواصل جذب رؤوس الأموال في عام 2025، بفضل قدرته على جسر الفجوة بين من يملكون إمكانيّة الوصول إلى الخدمات المصرفيّة، وأولئك الّذين لا يمتلكونها. كما برز الذّكاء الاصطناعيّ كنجم العام 2024، مع توقّع استمرار تفوّقه عبر تطبيقاته المتنوّعة حتّى العام المقبل. 

أوضحت السّيّدة خليفي من "216 كابيتال فنتشرز" أنّ قطاعات التّكنولوجيا الماليّة والذّكاء الاصطناعيّ، رغم تراجع التّمويل العامّ، حظيت باهتمامٍ متزايدٍ من المستثمرين؛ حيث قالت: "رغم انخفاض تمويل رأس المال المخاطر، لاحظنا تركيزاً متزايداً على قطاع التّكنولوجيا الماليّة لتلبية الطّلب المتصاعد على خدمات الدّفع الرّقميّ والخدمات المصرفيّة. ويبرز الذّكاء الاصطناعيّ كنجمٍ ساطعٍ، خاصّةً في السّعوديّة والإمارات، إذ تواصل هاتان الدّولتان عزمهما على التّحوّل إلى مراكز عالميّةٍ للابتكار في هذا المجال، من خلال إنشاء بنيةٍ تحتيّةٍ وحوافز تدعم الشّركات النّاشئة المحلّيّة والدّوليّة". 

ويرى السّيّد عليّ الشّلقاني من "54 كوليكتيف" أنّ الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ سيظلّ يهيمن على مجالات الاستثمار والأعمال حتّى عام 2025، مشيراً إلى أنّ إطلاق ChatGPT للاستخدام العامّ في نوفمبر 2022 كان بمثابة الانطلاقة الثّوريّة لهذه التّكنولوجيا كأساسٍ للتّطوّرات المستقبليّة، مضيفاً: "أتوقّع استمرار هذا الاتّجاه، لكنّه سيدخل مرحلةً جديدةً تتّسم بزيادة أهمّيّة البيانات الخاصّة، وتأسيس معايير لتحقيق الدّخل، وازدهار التّطبيقات المتخصّصة". كما يتوقّع أنّ "تنصيب الرّئيس الأمريكيّ الجديد دونالد ترمب سيؤدّي إلى مزيدٍ من التّحرّر التّنظيميّ وانتشار العملات الرّقميّة، ما سيكون بمثابة موجةٍ تصاعديّةٍ ترفع من شأن تقنيتي البلوك تشين والويب 3". 

ويضيف بلال بلوش من "شروق" أنّ دمج التّكنولوجيا الماليّة مع تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ والبلوك تشين والويب 3 سيفتح آفاقاً جديدةً لكلّ من المستثمرين وروّاد الأعمال؛ إذ سيسهم هذا التّكامل في تعزيز اللّامركزيّة والشّفافيّة وإحداث أصولٍ رقميّةٍ مبتكرةٍ. 

أمّا من ناحية التّركيز الاقتصاديّ، فقد أشار المستثمرون إلى بروز الإمارات والسّعوديّة كمراكز للرّيادة والابتكار، مع توقّع استمرارهما كنقاط جذبٍ أساسيّةٍ لكلّ المستثمرين والشّركات النّاشئة في المنطقة. وفي استذكار العام المنصرم، أبرز كريستوس ماستوراس من "إيلياد بارتنرز" أنّ السّعوديّة والإمارات هما المحرّكان الأساسيّان لنموّ منظومة الشّركات النّاشئة والمشهد الاستثماريّ في مجال رأس المال المخاطر، وهو الاتّجاه الّذي يتوقّع أن يستمرّ ويتطوّر. 

وقال ماستوراس: "في السّنين الأخيرة، وخاصّةً خلال عام 2024، شهدنا بروز السّعوديّة كسوقٍ رائدٍ يتّصف بنموٍّ استثنائيٍّ. ونتوقّع استمرار هذا الزّخم في عام 2025 وما بعده، مدفوعاً بأسسٍ اقتصاديّةٍ متينةٍ، ونموّ الاقتصاد الرّقميّ، وتوافر قوىً عاملةٍ واعدةٍ، وبيئةٍ تنظيميّةٍ ناضجةٍ، إلى جانب المبادرات الحكوميّة الدّاعمة والاستراتيجيّات الوطنيّة، إضافةً إلى ظهور جيلٍ مبتكرٍ من قادة الشّركات النّاشئة". 

ومن الدّور التّحويليّ للذّكاء الاصطناعيّ والبنية التّحتيّة الرّقميّة، إلى الفرص الكامنة في قطاعات التّكنولوجيا الماليّة والتّعليميّة، لجأنا إلى هؤلاء الخبراء لاستخلاص رؤىً توجيهيّةٍ تنير مساراتكم في عالم ريادة الأعمال بمنطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا عام 2025. 

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في عدد يناير/فبراير من مجلة "عربية .Inc". لقراءة العدد كاملاً عبر الإنترنت، يُرجى النقر هنا.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: