هدى قطان.. مليونيرة عصامية وصاحبة مبدأ جديرة بالاحترام
قصة خبيرة التجميل العراقية التي استطاعت أن تدخل عالم الأعمال بقوةٍ متحديةً جميع الظروف الصعبة.
حين نتحدَّث عن النساء اللَّواتي يقفن بصرامةٍ خلّف مبادئهنّ، ويغامرن بقوَّةٍ للدِّفاع عنها، كنساء جديراتٍ بالاحترام والتَّقدير، سيقفز اسم خبيرة التَّجميل العراقيَّة هدى قطان، تلقائيَّاً إلى أذهاننا، فهي التي اختارت الحفاظ على مبادئها مقابل مغامرة التَّخلّي عن أرباحها الماديَّة المقدَّرة بملايين الدُّولارات سنويَّاً؛ لتكون واحدةً من نساءٍ عربيَّاتٍ كثيراتٍ صاحبات مبدأ، ومثالاً يُحتذى به ليس في اليوم العالمي للمرأة فحسب، بل بكافَّة أيَّام ومناسبات السَّنة.
هدى قطّان.. النشأة والبدايات
العراقيَّة هدى قطان الحائزة على الجنسيَّة الأميركيَّة، ولدت عام 1983، قرَّرت التَّخصُّص في إدارة الشُّؤون الماليَّة في جامعة ميشيغان الأميركيَّة بينما كانت تبلغ من العمر 16 عاماً، ولكنَّ الحياة المهنيَّة الحقيقيَّة لخبيرة التَّجميل العراقيَّة، بدأت حين قرَّرت دراسة المكياج في لوس أنجلوس الأميركيَّة، لتبصر أكاديميَّتها النُّور عام 2010، تحت اسم هدى بيوتي، والتي كانت عبارة عن منصَّة تعليم فنون المكياج عبر الإنترنت.
لكنَّ الشَّابَّة الطَّموحة لم تتوقَّف عند حدود تعليم المكياج، إذ قرَّرت دخول عالم الأعمال وإطلاق علامتها التجارية -التي حملت اسم الأكاديميَّة ذاته "هدى بيوتي" (Huda beauty)- عام 2013 بمساعدة شقيقتها.
كان هناك مشكلةٌ صغيرةٌ، في الحقيقة لم تكن هدى تمتلك المال الكافي؛ لذا لجأت للاستدانة من شقيقتها مبلغ 6 آلاف دولارٍ، ولأنَّ المبلغ لم يكن يغطِّي كلَّ التَّكاليف، عملت بيدها لتوفير أجرة العمال، وأطلقت العلامة التجارية التي بدأت بصناعة الرُّموش الصّناعيَّة كمنتجٍ وحيدٍ في البداية. نجحت منتجات هدى بيوتي بسرعةٍ قياسيَّةٍ، ما دفع كُبرى شركات التَّجميل في العالم للتَّعاقد معها، مثل سيفورا الفرنسيَّة، التي كانت رموش هدى بيوتي من أكثر المنتجات مبيعاً لديها.
الطموح والعزيمة
لا يمكن لشخصٍ أن يرتوي من النَّجاح، أن يتوقّفَ؛ لذا كان من الطَّبيعيِّ أن تفكِّر الشَّابَّة الطَّموحة بتطوير أعمالها، حيث انتقلت إلى مرحلةٍ أُخرى أكبر، وباتت علامتها التجارية تنتج كلَّ أنواع الماكياجات، مضمنةً إيَّاها اللَّمسة العربيَّة بهدف استقطاب نساء الشرق الأوسط، وكانت تلك خطوةٌ ذكيَّةٌ جداً.
هدى بيوتي التي تمَّ إطلاقها في دبي، باتت واحدةً من أكثر الشَّركات نموَّاً في المنطقة العربيَّة، وأغرقت منتجاتها التي تضاهي المنتجات العالميَّة، أسواق الشَّرق الأوسط بوقتٍ قياسيٍّ. حيث تُقدَّر الأرباح السَّنوية لشركة هدى بيوتي بنحو 200 مليون دولارٍ أميركيٍّ وفق فوربس، وعلى الرَّغم من ذلك فقد غامرت بها هدى قطَّان دعماً لمبادئ تؤمن بها، رافضةً التَّخلِّي عنها.
التحديات والمبادئ
العام الفائت تلقَّت رائدة الأعمال العراقيَّة تهديداتٍ بتعثِّر عملها وواجهت الكثير من حملات المقاطعة لمنتجاتها في الدُّول الغربيَّة، نتيجةً لموقفها الدَّاعم للفلسطينيين، إلّا أنَّها رفضت التَّخلِّي عن موقفها، واعتبرته إنسانيَّاً بالمطلق، داعيَّةً فريقها للاستمرار والتَّعاون معها.
وأضافت خلال مقطع فيديو نشرته عبر صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي عام 2023، أنَّها تلّقت الكثير من رسائل التَّهديد ومن كلِّ اتِّجاه فيما يخصُّ عملها، مشيرةً أنَّها لا تعلم أين ستتجّه الأمور، وأضافت أنَّها مستعدةٌ للمخاطرة بعملها كلّه، وبكلّ ما تملك، من أجل البحث عن العدالة والحقيقة.
ما تزال هدى قطان، التي تصدَّرت قائمة الأشخاص الأكثر تأثيراً على إنستغرام، تواجه تلك التَّحديات التي تحاول التَّغلُّب عليها انطلاقاً من إيمانها الكامل، بأحقيتها في حرية التَّعبير والرَّأي، فرائدة الأعمال التي بدأت مشروعها التجاريّ بالاستدانة من شقيقتها لإطلاق مشروعها ونجحت، لن تستسلم اليوم كما يبدو. [1] [2]
شاهد أيضاً: ليلى عقل: رائدة أعمال تساعد الناس والمنظمات على التنقل بأمان في فلسطين
هدى قطان المختلفة تلهم النساء
ألهمت هدى قطان ملايين النساء حول العالم، فهي لا تصنع لهنّ منتجات تجميل وحسب، إنَّما تقدِّم في كلِّ مستحضرٍ شيئاً من هويتها العربيَّة، ومع كلِّ نصيحةٍ تُقدِّمها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإنَّها تشجِّع المزيد من النِّساء على الاهتمام بأنفسهنّ، بعيداً عن صخب الحياة وضغوطها.
خلال لقاءٍ معها، في شهر يناير 2024 الفائت، قالت هدى التي تمتلك واحدةً من أكبر العلامات التجارية في مجال التَّجميل بالعالم، إنَّها لم تتخلَّ عن فكرة كون الجمال الحقيقيّ ينبع من الدَّاخل، وبالنّسبة لها فإنَّ السَّيدة حين تكون صادقةً مع نفسها، ستكون جميلةً فعلاً، وهذا هو جوهر الجمال الحقيقيّ.
كونها أمٌّ لطفلةٍ ستكبر لتصبح سيدةً، فإنَّ هدى قطان تحرص على تعليم ابنتها ما هو الجمال الحقيقيّ بالفعل، والذي لا يقتصر على المظهر الخارجيّ فقط، بل يعني الأصالة وتقبُّل الهويَّة، وهو ما تحاول رائدة الأعمال العراقيَّة تضمينه في علامتها التّجاريَّة أيضاً، كما تقول.
أكبر درسٍ تعلَّمته هدى في الحياة، هو أنَّه يجب علينا تقديم التَّضحيَّات للوصول إلى المكان الذي نريده، كذلك تحمل المخاطر والثِّقة بالنَّفس، وهو تجسيدٌ حقيقيٌّ لما تقوم به هدى اليوم.
العالم يدرك تأثير هدى
صنَّفت مجلة فوربس، رائدة الأعمال واليوتيوبر العراقيَّة هدى قطان كواحدةٍ من أقوى 10 مؤثّرين في عالم التجميل، بينما تواجدت في قائمة مجلة تايم لأكثر 25 شخصيَّةٍ مؤثّرةٍ في الإنترنت، وبثروتها التي بلغت 400 مليون دولارٍ حتَّى عام 2022، دخلت هدى قائمة أغنى السَّيدات العصاميَّات في الولايات المتحدة الأميركية ذلك العام. [3]
لقد حوَّلت هدى قطان المستحيل إلى واقعٍ فعليٍّ، إنَّها شخصٌ جديرٌ بالاحترام، المرأة العصاميَّة، التي نجحت بتحقيق أحلامها، متحدّيةً الفقر والواقع وكلَّ الظُّروف، كلُّ واحدة فينا تستطيع أن تكون هذا النَّموذج، حين تستمع إلى صوتها الدَّاخلي الذي يخبرها، أنَّ وقت المغامرة قد حان حقَّاً.
لمزيدٍ من قصص النجاح في عالم المال والأعمال، تابع قناتنا على واتساب.