هذه الرّائدة تُشخّصُ الأمراضَ قبلَ حدوثها
تسعى وريدُ العنيني لمساعدةِ الأطبَّاءِ في الحصولِ على صورةٍ أدقَّ لما يجري داخلَ أجسامِ مرضاهم لمنعِ الأمراض قبلَ وقوعها
هذا المقال متوفر أيضاً باللغة الإنجليزية هنا
بالنّسبة لوريد العنيني، فالأمراض التي يمكن الوقاية منها هي مسألةٌ شخصيَّةٌ جدّاً، فوريد التي وُلدت ونشأت في السُّعودية، وكانت منذ الصّغر تشعر بالقلقِ من انتشارِ هذه الأمراض بينَ أفراد عائلتها.
تقول وريد: "كنت محاطةً بأحبَّاء يعانون من حالاتٍ كان من الممكن تجنُّبها، لكن الفرصة لم تسعفهم لمنعها، فوجدنا أنفسنا نعيشُ مع العواقبِ المؤلمةِ لحالاتٍ كان يُمكن الوقايةَ منها".
هذا الإدراكُ المبكِّرُ دفعها للبحثِ في كيفيَّة منعِ ظهورِ هذه الأمراض، وبعدَ إكمالِ دراستِها الجامعيَّة في مجال التَّشخيص في السُّعودية، انتقلت إلى المملكةِ المتَّحدة لإكمالِ دراساتِها العليا في المجال نفسه، وبعد فترةٍ من العمل في السّياسات الصّحيّة، عادت إلى المختبر وطوَّرت تقنيةً تُمكِّن من الكشفِ المبكِّر عن الأمراض التي يمكن الوقاية منها والأمراض المرتبطة بالعمر.
في عام 2022، أسَّست العنيني شركة Twinn Health، وهي شركةٌ ناشئةٌ في مجال التُّكنولوجيا الحيويَّة منبثقةٌ عن أبحاثٍ أجرتها في Imperial College في لندن، المملكة المتّحدة. وطوَّرت الشَّركة تقنية ذكاءٍ اصطناعيّ حاصلةً على براءة اختراعٍ، تفحصُ صورَ الرَّنين المغناطيسيِّ الحاليَّة وتقارنها بملايين الصُّور الأُخرى لتقديم تشخيصٍ مبكّرٍ وتوصياتٍ للأمراض التي يُمكن الوقاية منها، بدءاً من الحالات الأيضيَّة وصولًا إلى السَّكتات الدّماغيَّة وإصابات المفاصل، كما يُنتج الذكاء الاصطناعي تقريراً بتقييمات مخاطر الأمراض والتَّدخُّلات المُوصى بها، ووفقاً للعنيني، فإنَّ التّقنية فعَّالةٌ بشكلٍ خاصٍّ في الكشف عن السّرطان قبل ظهور أيّ أعراضٍ.
بالإضافة إلى العمل مع العيادات والمستشفيات، تسعى العنيني إلى الشَّراكة مع البنوك البيولوجية التي تمتلك صوراً وسجلَّات المرضى لتدريب الذكاء الاصطناعي وتقديم تقييمات مخاطر الأمراض للمرضى.
تقول: "نريد تمكين النَّاس من البقاء بصحّةٍ جيدةٍ لفترةٍ أطول، وتقديم حلولٍ تمنعهم من الإصابة بالأمراض في المقام الأوَّل".
حتَّى الآن، تعملُ الشَّركة النَّاشئة في المملكة المتَّحدة وأوروبا، وهي حاليّاً في محادثاتٍ مع إدارة الغذاء والدَّواء الأمريكيَّة للحصول على الموافقة على برنامج Twinn Health، كما تتطلَّع إلى التَّوسُّع في السُّعوديَّة، موطن العنيني.
تقول: "بدأنا في المملكة المتَّحدة، ممَّا أعطانا أساساً ممتازاً لبناء بحثٍ وتطويرٍ قويٍّ بالتّعاون مع أطبّاء من الخدمات الصّحيَّة الوطنيَّة في المملكة المتَّحدة، والآن نتطلَّع إلى تكرار ذلك في دولٍ ذات طموحٍ قويٍّ للرّعاية الصّحيَّة الوقائيّة مثل السُّعودية".
قضت العنيني الأشهر الأولى من عام 2024 في السُّعودية، وتخطِّط لإقامة مكتبٍ هناك بحلول صيف هذا العام، وتعتقد أنَّ الدَّفع القويَّ للسُّعوديَّة في مجال الرّعاية الصّحيّة، الذي تقوده رؤية 2030، سيجعلها واحدةً من مراكز الرّعاية الصّحيَّة الرَّئيسيَّة في المنطقة.
تقول: "جزءٌ كبيرٌ من بياناتِنا يتكوَّن من الأقليَّات العرقيَّة في المملكةِ المتَّحدة؛ لذلك بدا الانتقال إلى الشَّرق الأوسط خطوةً منطقيَّةً بالنّسبة لنا".
السعوديّة كمركز صحيٍّ
"في الوقت الحاليّ، في أوروبا، هناك عددٌ قليلٌ من المراكز الصّحيَّة الرَّئيسة، وأعتقد أنَّ الأمر سيكون مشابهاً في الشَّرق الأوسط، إذ نرى إمكانيَّاتٍ هائلة في السُّعودية، سواءً في نيوم أو الرّياض، لتصبح واحدةً من أهمّ مراكز الصّحَّة في المنطقة".
كما أنَّها متفائلةٌ بشأن توفُّر البنوك البيولوجية في السُّعودية، وتقول: "البيانات موجودةٌ، لكنَّ التَّحدّي يكمن في الوصول إليها، على الرَّغم من أنَّ ذلك يتغيَّر".
وهي متفائلةٌ بشكلٍ خاصٍّ بظهور التَّجمُّعات الصّحيَّة الخاصَّة في السُّعودية، التي أطلقتها وزارة الصّحَّة، إذ تقدّم هذه التَّجمُّعات مجموعةً من خدمات الرّعاية الصّحيَّة الوقائيَّة والعلاجية تحت سقفٍ واحدٍ، وتعتقد العنيني أنَّ هذه التَّجمُّعات يمكن أن تكون داعمةً للشّركات النّاشئة مثل Twinn Health و"تحفّز الخصخصة الإيجابيَّة للرّعاية الصّحيّة في المنطقة".
شاهد أيضاً: كيف تعزِّز شركة Nabta الإماراتيَّة صحَّة المرأة
بالنّسبة للعنيني، فإنَّ زيادة الوعي حول الصّحَّة والوقاية ينعكس على مستوى المرضى والسّياسات على حدٍّ سواء. فتقول: "الوعي أصبح شبه عالميٍّ بعد كوفيد-19، وأعتقد أنَّ الميزة التي حصلنا عليها في أماكن مثل السُّعودية هي أنَّ الحكومة تدفع بهذا الاتّجاه أيضاً".
تُضيفُ: "بعد منطقة الشَّرق الأوسط وشمال أفريقيا، نحن مهتمُّون بمعرفة المزيد عن الأسواق الآسيويَّة الأُخرى، خاصَّةً اليابان والصّين".
وإحدى مزايا العمل في منطقة الشَّرق الأوسط وشمال أفريقيا هي وجودُ شريحةٍ سكانيَّةٍ شابَّةٍ، ممَّا يخلق المزيد من الفرص للتّدخُّلات الوقائيَّة.
تختتم العنيني حديثها بقولها: "أعتقد أنَّها مسألة وقتٍ حتَّى نحصل على رعايةٍ صحيَّةٍ تمنحنا نظرةً حقيقيَّةً على ما يحدث داخل أجسامنا".