"اتّبع شغفك".. النصيحة الأسوأ لروّاد الأعمال
اتباع شغفك هو فكرةٌ سيئةٌ، فالشغف لا يدفع الفواتير، وإليك أسباب ذلك
بقلم ستيف ستراوس Steve Strauss، مؤلف كتب من الأكثر مبيعاً وكاتب عمود
اليومُ سأكونُ معارضاً نكِداً، كنتُ أتحدّثُ مؤخراً مع رائدِ أعمالٍ زميلٍ، وكانَ يشكو حقيقةَ أنَّ مشروعَهُ الجديدَ لا يسيرُ كما كانَ مخطَّطاً لهُ، على الرَّغمِ من تكرارِهِ المتعدّدِ، ولكنّهُ رفضَ التّخلّي عنهُ، لماذا؟ "إنّه شغفِي!" قالَ بحماسةٍ. [1]
بالطّبعِ، إنّه ليسَ وحيداً في ذلكَ، "اتّبع شغفكَ" هو مبدأٌ تجاريٌّ مشهورٌ تقريباً بنفسِ شهرةِ "اشترِ بسعرٍ منخفضٍ وبِع بسعرٍ مرتفعٍ"، على سبيلِ المثالِ:ِ
"الشّغفُ الحقيقيّ يجذبُ، إذا كانَ لديكَ شغفٌ في عملكَ، سينجذبُ الأشخاصُ المناسبونَ إلى فريقكَ." كما قال روبرت كيوساكي Robert Kiyosaki. و"الشّغفُ هو أصلُ العبقريّةِ." كما قال توني روبنز Tony Robbins. كذلك "إذا لم تكنْ متحمّساً بما فيهِ الكفاية من البدايةِ، فلن تتمكّنَ أبداً من التّميّزِ." بحسب ستيف جوبز Steve Jobs.
ليسَ من حقّي قولُ أنّني أعلمُ أكثرَ من هؤلاءِ الرّوادِ العظماء؛ لذا من سأتركهُ يبرهنُ قضيتي ليسَ أقلَ من بنجامين فرانكلين نفسهِ: "إذا كانَ الشّغفُ يدفعُكَ، فليكنْ العقلُ يمسكُ بزمامِ الأمورِ."
إليكَ لماذا قالَ بنجامين ذلكَ ولماذا يُعتبرُ الشَّغفُ مبالغاً في تقديرهِ: الشّغفُ لا يدفعُ الفواتيرَ.
إذا أردتَ أن تكونَ ناجحاً في العملِ، فالشّغفُ والحماسةُ أمرٌ جيدٌ ورائعٌ، لكنّه ليسَ كافياً فعلاً، بل يجبُ أن تتجاوزَ حماسَ الرّوادِ وتصبحَ صاحبَ أعمالٍ، وهذا، أيّها الأصدقاءُ، يعني أنّهُ يجبُ عليكَ أن تصبحَ ماهراً وخبيراً في أرقامِ عملكَ.
لماذا تهمّ معرفة أرقام عملك بشكل كبير
دعني أسألكَ سؤالاً: هل تخرجُ يوماً وتقودُ سيارتكَ بكيسٍ ورقيّ يغطّي رأسكَ؟
- بالطّبعِ لا.
القيادةُ بكيسٍ على رأسكَ ستكونُ خطرةً، لن تكونَ لديكَ فكرة عمَّا إذا كنتَ ذاهباً في الاتّجاهِ الصّحيحِ أم الاتّجاهِ الخاطئِ، لنَ تعرفَ ما إذا كانَ لديكَ ما يكفي من الوقودِ للوصولِ إلى المكانِ الذي تريدُ الذّهابَ إليهِ، وإذا ظهرتَ لكَ إشارةَ تحذيرٍ حمراءَ على لوحةِ القيادةِ، فسوفَ تفوتكَ تماماً.
إنّ تشغيلَ عملكَ دونَ أن تكونَ ماهراً في الأرقامِ يشبهُ قيادةَ سيارةٍ بكيسٍ على رأسكَ، الطّريقةُ الوحيدةُ لرؤيةِ أينَ تذهبُ والوصولُ إليهِ بأمانٍ هي أن تخلعَ الكيسَ، وهذا يعني أنَّكَ بحاجةٍ إلى معرفةِ الأرقامِ التي تحدثُ فرقاً في عملِكَ، أن تكونَ "شغوفاً" بعملِكَ، لن يخبرَكَ مثلاً إذا كانتْ ميزانيتُكَ غيرَ متوازنةٍ.
شاهد أيضاً: كشف نقاط العمى لديك: الانحيازات المعرفية التي تحدّ من فعاليتك كقائدٍ
قاعدة 80-20 تُحدث فرقاً
في حينِ أنَّ فهمَ بيانِ الرّبحِ والخسارةِ، أو القدرةِ على التّقديمِ للحصولِ على قرضٍ بنكيٍّ، أمورٌ مهمّةٌ، دعني أقترحُ أنَّ ما هو حيويٌّ هو أن تكونَ صاحبَ عملٍ يفهمُ قاعدةَ 80-20.
تعرفُ بالطّبعِ قاعدةَ 80-20. إنّها تفترضُ أن 80% من ربحكَ يأتي من 20% من عملائكَ، إذا كنتَ تعرفُ من هؤلاءِ العملاءِ القيّمين الذينَ يشكّلونَ 20% ، فسوفَ تكونُ في المقدمةِ حتماً. ولكن دعنا نتعمّقُ قليلاً، بينما يكونُ هذا بدايةً جيدةً، دعني أقترحُ عليكَ أمراً إضافيّاً يحثّكُ على الاستنباطِ من قاعدةِ 80-20. وما ستجدهُ على الأرجحِ هو أن:
- 80% من دخلكَ يأتي من 20% من منتجاتكَ. أيُّ المنتجات هي؟
- 80% من زياراتِ موقعكَ تأتي من 20% من صفحاتكَ، أيُّ الصّفحاتِ هي؟
- 80% من أكبرُ مبيعاتكَ تأتي من 20% من مندوبي المبيعاتِ لديكَ، هل تعاملهم بشكلٍ صحيحٍ؟
الفكرةُ هي أنّ أصحابَ الأعمالِ الصغيرةِ العظماءُ يعرفونَ أعمالهم بشكلٍ جيدٍ جداً لدرجةِ أنّهم يعرفونَ أيّ المنتجاتِ، والأشخاصِ، والصّفحاتِ تولِّد أكثرُ كمية من المالِ، وكم من المالِ هو ذلكَ، يقومونَ بمضاعفةِ جهودهم على تلكَ الأرقامِ الرّئيسيّةِ والمهمّةِ التي تحدثُ فرقاً.
ونفسُ الأمرِ ينطبقُ عليكَ، فتعلُّم الأرقامِ التي تسبّبُ نجاحكَ يعني أنّك لن تضطرَّ أبداً إلى القيادةِ في الظّلامِ مرّةً أخرى.