هل تشعر بالوحدة؟ 5 علامات تدل أنك وحيد وبحاجة إلى تواصل
حكاياتٌ شخصيةٌ واكتشافاتٌ علميةٌ جديدةٌ في علم الأعصاب تشير إلى أنه يمكن أن تكون وحيداً ولا تدرك ذلك بشكلٍ كاملٍ
بقلم جيسيكا ستيلمان Jessica Stillman، مساهمة في Inc.com
إذا كنتَ تتابع عناوين الصّحة على الدّوام، فربما رأيت مؤخّراً بعض العناوين المخيفة حول الوحدة. كانت تحذيراتُ الجرّاح العام حديثاً بأنّ أمريكا تقبع في وسط وباءِ الوحدة. والاكتشافات البحثيّة المرعبة تشير إلى أنّ الوحدةَ تضرّ بصحّتك كما يضرّ بها تدخين 15 سيجارةٍ في اليوم. ربما شعرتَ بالحزن عندما سمعت أنّ 12% من الأمريكيين الآن يقولون إنّهم بدون أصدقاءٍ، مقارنةً بـ 3% في التسعينيّات أو ربما شعرتَ بغصّة الاعتراف عندما سمعتَ أن نحو ثلاثة أرباع أصحاب الأعمال الصّغيرة يشعرون بالوحدة أثناء إدارة أعمالهم. [1]
من المستحيلِ قراءة هذه المقالات وعدم القلق بشأن حالة الوحدة في أمريكا، إذ قد تجعلكَ تتوقفُ وتفكّرُ في مستوى الوحدة لديك. قد تعتقد أنّ معرفةَ ما إذا كنتَ تعاني من العزلةِ الاجتماعيّةِ أمراً سهلاً، ولكن وفقاً للعلمِ والأشخاصِ الذين مرّوا بهذه التجربة، قد يصعبُ عليك فعلاً أن تدركَ حاجتكَ إلى المزيد من التّواصل الإنسانيّ.
هل يمكن أن تشعر بالوحدة وأنت لا تدرك ذلك؟
قد يبدو أنّ الوحدةَ أمرٌ واضحٌ وبسيطٌ: إذا كنتَ تتواصل مع النّاس بانتظامٍ، يجب أن تكون على ما يرام، أمّا إذا كنتَ تعيش في كوخٍ ناءٍ مع الدّببة فقط كرفقاء، فإنّ لديك سبباً للقلق. ولكن كما كتب ستيفان يوبيش Stephan Joppich، الذي كان مهندساً وأصبح دارساً للفلسفة، في مقالةٍ طويلةٍ وجريئةٍ على منصّة Medium مؤخّراً، لا تسير أمور الوحدة بهذا الشّكلِ في الواقعِ.
شاهد أيضاً: 4 خطوات لتحسين جذري في التواصل مع من يخالفك الرأي
قد يشعرُ شخصٌ ما بالرّاحة تماماً عند التواجد مع الدّببة فقط، وقد يشعر آخرُ بالوحدة بشكلٍ حادٍّ في منتصف حفلةٍ. الوحدة أمرٌ نسبيٌّ؛ إنّها ليست غيابَ الأشخاص، بل هي الشّعور بالضّيق بسبب عدم ارتباطك بالآخرين. ويكتب يوبيش: "الوحدة تصف ما نشعرٌ به حيال اتصالاتنا الاجتماعيّة في داخلنا بدلاً ممّا تبدو عليه فعلاً من الخارج".
وهذا يجعل التّعرّف على الوحدة صعباً أحياناً سواءً في الآخرين أو في أنفسنا. ويعرف يوبيش هذا جيّداً، لأنّه عاش هذه التجربة عندما انتقل بعيداً عن المنزل ليتسلّم أوّل وظيفةٍ له في الهندسة.
يتذكّر يوبيش: "لم تكن رغبتي مجرّدَ التماس بدايةٍ جديدةٍ، بل كنتُ أتوق أيضاً إلى أن أبتعد أشدّ البعد عن حياتي القديمة بما فيها من الأصدقاء، والعائلة، والرّوتين. لذلك، وقتَها أنكرتُ ببساطةٍ إمكانية الشّعور بالوحدة. لم يكن حتى موجوداً في تصوراتي، ومع ذلك تسللتْ الوحدة إليّ تدريجيّاً بشكلٍ خفيٍّ".
شاهد أيضاً: 5 طرق للنجاح خارج منطقة الراحة الخاصة بك
أعراض الوحدة الدقيقة
كيف يبدو الأمرُ عندما تكون وحيداً ولا تدركُ ذلك؟ يشاركُ يوبيش تجربتهُ:
"غالباً ما يأتي شعورُ الوحدة بما يشبه الجوع الاجتماعيّ، والبرودة، والفراغ، والألم، وفي بعض الأحيان، كلّ هذه الأعراض معاً. عندما نشعرُ بالوحدة، قد نشعرُ أيضاً بالاضطرابِ والحذرِ الزّائدِ (خاصّةً في البيئات الاجتماعيّة)، ونفقدُ التحكّم بأنفسنا. نتيجةً لذلك، قد نميلُ إلى الإسراف في مشاهدة المسلسلات التلفزيونيّة، ونلتهم الوجبات السّريعة، ونشتري أشياءَ لا نحتاجها، ونتورّط في علاقاتٍ جنسيّةٍ غير حكيمةٍ. في صيف عام 2017م، كنتُ أعاني من كثيرٍ من هذه الأعراض".
لم يُكن يوبيش الوحيد الذي اعترفَ بأنّه كان يعاني من شعورِ الوحدة دون أن يدركَ ذلك. فقد اعترف الجرّاح العام فيفيك مورثي Vivek Murthy في عام 2021م بأنّه كان يشعر بالوحدةِ في العديد من مراحل حياته دون أن يعلمَ ذلك حقّاً. وتتوافقُ هذه التقارير مع علمٍ جديدٍ يُظهر أنّ الوحدة تؤثّر على كيفيّة عمل أدمغتنا بطرقٍ، يُمكن أن تجعلَ معرفة السّبب الأصليّ لبؤسنا صعباً.
كما تشرحُ مجلة Quanta: "تشير علوم الأعصاب إلى أنّ الوحدةَ لا تنتج بالضرورة عن عدمِ وجودِ فرصٍ للقاء الآخرين أو خوفٍ من التّفاعلات الاجتماعيّة. على العكس، يُمكن أن تورّطنا الدّوائر في أدمغتنا والتّغييرات في سلوكنا في موقفٍ نكون فيه بين شقّيْ الرّحى: بينما نتوقُ إلى الاتّصال بالآخرين، نراهم غير موثوقين وانتقاديين وغير ودودين. وبناءً على ذلك، نبتعدُ عنهم، ونزدري الفرص المحتملة للتّواصل، سواءً كان ذلك بوعيٍ أو بدون وعي."
وزبدةُ القول هنا هو أنّك من الممكن أن تشعرَ بأعراضٍ مثل:
- نقص في التحكّم بالنّفس.
- القلقُ أو الاضطراب في المواقف الاجتماعيّة.
- الفراغ النّفسي.
- علاقات جنسيّة غير حكيمة.
- الشّعور بالحصار أو التجاهل.
وأنت لا تدركُ أنّ السّبب الكامن والمحرّك لهذه الأعراض غير المريحة هو الوحدةُ.
شاهد أيضاً: التعاطف مع الذات دواء عجيب للصحة النفسية يمكن أن يساعدك في أمور كثيرة
الطريق نحو الحل
إذا كنتَ تقرأ هذا المقال وتشعرُ بالشكّ المتزايد بأنّ الوحدة قد تكون عاملاً أكبر في حياتكَ ممّا سمحت لنفسكَ أن تعتقدَ سابقاً، فاعلم أولاً أنّكَ لست وحدكَ. لم يكن فقط يوبيش والجرّاح العام من شهدا هذه الظّاهرة، ولكن إحصائيات الوحدة تشيرُ إلى أنّ عدداً كبيراً من أصدقائكَ وجيرانكَ قد مرّوا بذلك أيضاً.
للتأكّد من شكوككَ، يُوصي يوبيش بأن تجري قياساً بسيطاً وموثّقاً علميّاً للوحدة، مثل: مقياس الوحدة في جامعة كاليفورنيا للتحقّق. إذا أشارت النّتائج إلى احتمال الاستفادة فعليّاً من المزيدِ من التواصل مع البشر في حياتكَ، فإنّ الخبرَ السّارَ هو أنّكَ قد بدأت سلوك الطّريق نحو التّحسّن.
"بمجرّد أن فهمتُ ما كان يحدث لي، بمجرّد أن عرفتُ أنّني تهتُ في البحر القطبي للوحدة، بدأتُ بالشّعور بتحسّنٍ"، هكذا كتب يوبيش. نأمل أن يُشعرك التّشخيص الذّاتيّ بالحريّة أيضاً. كما يجب أن يشيرَ إلى الخطوة التّالية الواضحة نحو التّحسّن، وهي رؤيةُ المزيد من النّاس (حتى لو لم تشعر بالرّغبة في ذلك في البداية)، والتّواصل مع العلاقاتِ القديمةِ، وبناء علاقاتٍ ذات معنىً أكبر في حياتكَ.