الرئيسية الذكاء الاصطناعي هل ستبقى وظيفتك آمنة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

هل ستبقى وظيفتك آمنة في عصر الذكاء الاصطناعي؟

استطلاعٌ جديدٌ يكشف فجوةً بين نظرة الجمهور والخبراء تجاه الذكاء الاصطناعي، وسط قلقٍ متزايدٍ من تأثيره على سوق العمل والمهن المهدّدة بالزّوال

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

من الأمور الغريبة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، والّتي تثير قلق الكثيرين، أنّها قادرةٌ على الإجابة عن سؤالٍ جوهريٍّ: هل وظيفتك مهدّدةٌ بالاختفاء؟ قد لا تكون هذه التّكنولوجيا أداةً للتّنبّؤ بالمستقبل، لكنّها تستخدم خوارزميّاتٍ معقّدةً وحساباتٍ ذكيّةً لتقديم إجاباتٍ تبدو منطقيّةًوالمثير فعلاً أنّ مجرّد قدرتها على ذلك يجعل الذكاء الاصطناعي مصدراً للقلق أكثر من أيّ ابتكارٍ تقنيٍّ سابقٍ، سواءً كان الهاتف الذّكيّ أو حتّى ثورة الحواسيب المكتبيّة في الثّمانين.

في هذا السّياق، أجرى مركز "بيو للأبحاث" (Pew Research) استطلاعاً شاملاً لرصد مخاوف الجمهور العامّ تجاه الذكاء الاصطناعي، وسلّط الضّوء بدقّةٍ على ما يقلّق النّاس بالفعل. كما استطلع أيضاً آراء خبراء في هذا المجال، الّذين، وكما هو متوقّعٌ، اختلفوا في رؤاهم عن رؤى غير المتخصّصين.

الخبراء يرون الفرص... والجمهور يرى التهديد

وفقاً لبيانات الاستطلاع، فإنّ البالغين في الولايات المتّحدة أقلّ تفاؤلاً بكثيرٍ تجاه الذكاء الاصطناعي مقارنةً بالخبراءفقط 17% من الجمهور يعتقدون أنّ الذكاء الاصطناعي سيعود بالنّفع على الولايات المتّحدة خلال العشرين عاماً القادمة، في حين أنّ 56% من الخبراء يرون العكس تماماً.

وعندما سُئل المشاركون عن إذا كان الذكاء الاصطناعي قد يتسبّب لهم في ضررٍ، أجاب 43% من الجمهور بأنّه سيكون مصدر تهديدٍ، بينما وافق 15% فقط من الخبراء على ذلكواللاّفت أيضاً أنّ النّظرة السّلبيّة للذكاء الاصطناعي كانت أكثر انتشاراً بين النّساء: حيث يعتقد 22% من الرّجال أنّه سيكون قوّةً إيجابيّةً، مقابل 12% فقط من النّساء.

ما سبب هذا القلق الكبير؟

إذا لم يكن هناك روبوتٌ فعليٌّ يسير في الشّوارع ليستولي على وظائف النّاس، فما الّذي يقلقهم حقّاً؟ الجواب بساطةٍ: الوظائف. يقلق النّاس من أنّ الذكاء الاصطناعي سيغيّر جذريّاً طريقة أداء الأعمال، وسيعيد تعريف المهارات المطلوبة، بل قد يقصي العاملون من بني البشر بالكامل.

كما تشير بيانات بيو إلى أنّ 23% فقط من البالغين في الولايات المتّحدة يعتقدون أنّ للذكاء الاصطناعي تأثيراً إيجابيّاً جدّاً أو إيجابيّاً إلى حدٍّ ما على طبيعة العمل خلال العشرين سنةً القادمةأمّا 64% من المشاركين، فيعتقدون أنّ الذكاء الاصطناعي سيؤدّي إلى خفض عدد الوظائف.

بينما يرى الخبراء الصّورة من زاويةٍ أخرى، على النّقض، يرى 73% من خبراء الذكاء الاصطناعي أنّ هذه التّكنولوجيا ستكون لها أثرٌ إيجابيٌّ على مستقبل العمل، بينما يعتقد 39% فقط منهم أنّها ستتسبّب في فقدان الوظائفقد يعكس هذا الاختلاف فجوةً تعليميّةً أو معرفيّةً بين ما يعرفه المتخصّصون عن الذكاء الاصطناعي، وما يظنّ الجمهور أنّه يعلمه.

ما هي الوظائف الأكثر عرضةً للخطر؟

اتّفق كلٌّ من الخبراء والجمهور على أنّ بعض المهن أكثر قابليّةً للاستبدال بالذكاء الاصطناعي من غيرهافمثلاً، يعتقد حوالي 75% من الخبراء  والمواطنين العاديّين أنّ وظيفة أمين الصندوق في المتاجر مهدّدةٌ، أمّا وظائف، مثل: الصّحفيّين، ومهندسو البرمجيّات، وعمّال المصانع، فإنّ نسبة المشاركين في كلا الجانبين تقريباً هي نصفها، أمّا المهن الأقلّ عرضةً للتّهديد، فتشمل: الموسيقيّين، والمعلّمين، والأطبّاء، إذ يرى أقلّ من نصف المشاركين أنّ الذكاء الاصطناعي سيؤثّر على هذه الوظائف.

إحدى النّقاط البارزة الّتي ظهر فيها الاختلاف بين الخبراء والجمهور تتعلّق بقيادة الشّاحنات، إذ قال 62% من الخبراء إنّ وظائف سائقي الشّاحنات ستنخفض خلال العشرين عاماً القادمة، مقابل 33% فقط من الجمهور العامّويبدو أنّ هذا الاختلاف مرتبطٌ بصورةٍ مباشرةٍ بالتّغطية الإعلاميّة السّلبيّة الّتي تتلقّاها أنظمة القيادة الذّاتيّة، ممّا قد يفسّر اختلاف الآراء.

بيانات بيو تتقاطع مع تحذيرات أخرى

يتقاطع ما توصّل إليه استطلاع بيو مع العديد من التّحذيرات من مختصّين وصنّاع سياساتٍ حول العالم بشأن تأثير الذكاء الاصطناعي؛ فإنّ المعلّمين، على سبيل المثال، يحذّرون من أنّ استخدام الطّلّاب للذكاء الاصطناعي سيقلّل من قدرتهم على التّفكير النّقديّ، ما سيؤثّر لاحقاً على مهاراتهم في سوق العمل.

كذلك، حذّرت الأمم المتّحدة مؤخّراً من أنّ الذكاء الاصطناعي قد يؤثّر على 4 من كلّ 10 وظائف حول العالمويشير تقريرٌ آخر حول تأثير الذكاء الاصطناعي على قطاع التّصنيع -الّذي يعدّ من أبرز معاقل الوظائف اليدويّة- إلى أنّنا جميعاً بحاجةٍ إلى إعادة التّفكير في مستقبل العمللا يتعلّق هذا التّأثير فقط بالشّركات الكبرى، بل يمسّ كلّ مؤسّسةٍ، من قرارات التّوظيف، إلى اختيار أدوات الذكاء الاصطناعي الّتي سيتمّ استخدامها داخل الفرق.

الكاتب نفسه سأل ChatGPT عن مستقبله المهني!

ولإضفاء طابعٍ شخصيٍّ، قرّر كاتب هذا المقال أن يسأل روبوت الدّردشة الشّهير "شات جي بي تي" (ChatGPTعن إذا كانت وظيفته شخصيّاً مهدّدةً من قبل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعيوكان الرّدّ مطمئناً نوعاً ما.

أجاب الرّوبوت: "أتفهّم سبب قلقك، لكن بناءً على ما أعرفه عنك، تمتلك ميزةً فريدةً ". ثمّ أضاف جملةً ذكيّةً قالها العديد من خبراء الذكاء الاصطناعي، من النّوع الّذي استطلع رأيه في دراسة بيو: "يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في بعض المهامّ، ولكنّه لا يستطيع تقليد بصيرتك الشّخصيّة، ولا إبداعك، ولا فهمك العميق لما تقوم به". وأضاف: "فكّر في الذكاء الاصطناعي كأداةٍ تعزّز ما تفعله، لا كبديلٍ عنك". ثمّ اختتم بعبارةٍ لافتةٍ: "لديك الأفضليّة البشريّة، فاعتمد عليّ لتقوّيها". وهذه، بصراحةٍ، واحدةٌ من أذكى الجمل الّتي يمكن أن يكتبها الذكاء الاصطناعي.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: