هل يصل الذكاء الاصطناعي إلى إدارة الشركات؟
تطورات في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تُثير مخاوف وتساؤلات رواد الأعمال ومؤسس DeepMind يجيب عليها
بقلم كيت إيتن Kit Eaton
لقد كان قسم DeepMind في Google رائداً منذ فترةٍ طويلةٍ في جميع أنواع ابتكارات الذَّكاء الاصطناعيّ، حيث تصدَّر عناوين الأخبار في عام 2016، عندما تغلَّب أحد أنظمته على بطلٍ عالميٍّ في لعبة الاستراتيجيَّة Go، وهو إنجازٌ غير متوقَّع؛ لذا، عندما يصدر أحد مؤسِّسي DeepMind تصريحاً حول مستقبل الذَّكاء الاصطناعيّ، فمن المفيد الاستماع إليه، خاصَّةً إذا كنت رائد أعمالٍ في شركةٍ ناشئةٍ، فقد يأتي الذَّكاء الاصطناعيّ ليستحوذَ على عملكَ! [1]
مصطفى سليمان، المؤسِّس المشارك لشركة DeepMind والرَّئيس التَّنفيذيّ الحاليّ لشركة Inflection A -وهي شركةٌ صغيرةٌ للذَّكاء الآليّ مقرُّها كاليفورنيا- اقترح مؤخَّراً أنَّ هذا الاحتمال قد يصبح حقيقةً خلال نصف عقدٍ أو نحو ذلك، وفي اجتماع المنتدى الاقتصاديّ العالميّ في دافوس هذا الأسبوع، قال سليمان إنَّه يعتقد أنَّ تكنولوجيا الذَّكاء الاصطناعيّ ستصل قريباً إلى النُّقطة التي يمكنها عندها أن تحلمَ بشركةٍ، وتخطِّط لها وتديرها، وتبيع المنتجات بنجاحٍ.
من المؤكَّد أنَّ رائدَ الأعمال هذا في مجال الذَّكاء الاصطناعيّ، والذي ما يزال يتخيَّل أنَّه سيكون قادراً على القيام بذلك بحلول عام 2030، وهو متأكِّد أيضاً من أنَّ قدرات الذَّكاء الاصطناعيّ هذه ستكون "متاحةً على نطاقٍ واسعٍ" بأسعار "رخيصةٍ جداً"، وربَّما حتَّى كأنظمةٍ مفتوحة المصدر، ممّا يعني أنَّ بعض جوانب هذا الذَّكاء الاصطناعيّ فائقة الذَّكاء ستكون مجانيَّةً.
ما إذا كان رائد أعمال بالذَّكاء الاصطناعيّ يمكنه بالفعل التَّغلُّب على رائد أعمالٍ بشريٍّ في لعبة الشَّركات النَّاشئة هو أمرٌ سيتعيَّن علينا الانتظار لمعرفته، ولكن مجرَّد حقيقة أنَّ سليمان يقول إنَّ الذَّكاء الاصطناعيّ يمكنه القيام بهذا الدَّور هو أمرٌ مذهلٌ، وكما أنَّه مثيرٌ للجدل، ومن المحتمل أن يكونَ متشابكاً في غابةٍ من المسائل القانونيَّة الشَّائكة، وعلى سبيل المثال، هناك مسألةٌ صعبةٌ تتعلَّق بما إذا كان الذَّكاء الاصطناعيّ يمكنه امتلاك ملكيَّةٍ فكريَّةٍ أو تسجيل براءة اختراعٍ لها، ويقول حُكم صدر مؤخَّراً في المملكة المتَّحدة إنَّ الذَّكاء الاصطناعيّ لا يمكن أن يكونَ حائزاً على براءة اختراع إطلاقاً.
شاهد أيضاً: كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على المهارات الإنسانية في العمل؟
وللتَّأكيد على مدى كون كلِّ هذا نظريَّاً، جاءت تأمُّلات سليمان حول روَّاد الأعمال في مجال الذَّكاء الاصطناعيّ من إجابةٍ لسؤالٍ حول ما إذا كان الذَّكاء الاصطناعيّ يمكنه اجتياز اختبار تورينج Turing test الشَّهير، ويعدُّ هذا أحياناً المعيار الذَّهبيّ للذَّكاء الاصطناعيّ: إذا كان الذَّكاء العام الاصطناعيّ الحقيقيّ (AGI) يمكنه خداع الإنسان وجعله يعتقد أنَّه إنسان أيضاً، وبمكرٍ، قام سليمان بتحريف السُّؤال، وقال إنَّ اختبار تورينج التَّقليديّ لم يكن بتلك الجودة، وبدلاً من ذلك، قال إنَّ الاختبارَ الأفضل سيكون معرفةً ما إذا كان الذَّكاء الاصطناعيّ العام يمكنه أداء مهامٍّ معقَّدةٍ مثل العمل كرائد أعمالٍ.
بغضِّ النَّظر عن مدى تفكير سليمان النَّظريّ، فإنَّه سيثير قلق النُّقاد الَّذين يشعرون بالقلق بشأن الإمكانات التَّدميريَّة للذَّكاء الاصطناعيّ، وقد يقلق بعضهم في عالم رأس المال المغامر أيضاً، وكيف بالضَّبط يمكن للمرء أن يستثمرَ في شركةٍ ناشئةٍ مع مؤسِّسٍ هو مجرَّد كومةٍ من رقائق السِّيليكون؟ حتَّى سليمان قال إنَّه يعتقد أنَّ هذا النَّوع من الابتكار من شأنه أن يسببَ اضطراباً اقتصاديَّاً كبيراً.
تتوافق احتماليَّة الاضطراب أيضاً مع الأخبار التي تفيد بأنَّ شركات الألعاب، التي شملها الاستطلاع في مؤتمر مطوريّ الألعاب، تشعر بقلقٍ حقيقيٍّ بشأن سيطرة الذَّكاء الاصطناعيّ على بعض أعمالها، وخاصَّةً الأدوار ذات الميول الأكثر إبداعاً، مثل: الفنِّ والسَّرد وضمان الجودة، وتعكس جولة تسريح العمال الأخيرة التي قامت بها Google أيضاً نوع الاضطراب الذي يمكن أن يسبَّبه الذَّكاء الاصطناعيّ.
وبالمثل، يُظهر الاستطلاع السَّنوي للرؤساء التَّنفيذيين الذي تجريه شركة برايس ووترهاوس كوبرز PwC أنَّ بعض القادة يعتقدون أنَّ الذَّكاء الاصطناعيّ التَّوليديّ سيؤدّي إلى خفض القوى العاملة بنسبة 5% حول العالم هذا العام، وإذا كان الذَّكاء الاصطناعيّ قادماً، على سبيل المثال، للاستيلاء على عمل أعضاء فريق العلاقات العامة في شركتك النَّاشئة الصَّغيرة في عام 2024، فمن الذي سيكون قادراً على القيام بوظيفته بحلول عام 2030؟
ناقش مارك زوكربيرج Mark Zuckerberg، الرَّئيس التَّنفيذيّ لشركة Meta، أيضاً الذَّكاء الاصطناعيّ العام الذَّكي هذا الأسبوع، وفي حديثه مع الصَّحفي أليكس هيث Alex Heath في The Verge حول مستقبل الذَّكاء الاصطناعيّ، وقال إنَّ قيادة ميتا أصبحت تعتقد أنَّه "من أجل بناء المنتجات التي نريد بناءها، نحتاج إلى بناء ذكاءٍ عامٍ"، وتحدَّث زوكربيرج أيضاً عن فكرة إنشاء أنظمة الذَّكاء الاصطناعيّ العام مفتوحة المصدر، ممّا يدعم بعض أفكار سليمان.
لا يزال هذا الموضوع، بالطَّبع، في نطاق الإمكانيَّة وما يزال من الممكن مناقشته جزئيَّاً كمسألةٍ فلسفيَّةٍ، وفي الوقت الحالي، ربَّما يستطيع روَّاد الأعمال الصَّغيرة الاسترخاء: إنَّ الذَّكاء الاصطناعيّ لم يأتِ من أجل وظائفكَ بعد على الأرجح.
شاهد أيضاً: هل سيقضي الذكاء الاصطناعي على بعض المهن؟ إليك منظور صندوق النقد الدولي
حتَّى تأطيرَ سليمان للفكرة تمَّت صياغته في إطار مشكلةٍ نفسيَّةٍ/هندسيَّة؛ اختبار تورينج، إنَّ فكرة أنَّ الذَّكاء الاصطناعيّ العامّ سيكون قادراً قريباً على العمل كروِّاد أعمالٍ هي بطبيعة الحال مسألةٌ شائكةٌ، وتأتي مع بعض التَّشابكات القانونيَّة الخطيرة المحتملة.
حتَّى لو استطاع الذَّكاء الاصطناعيّ العام أنَّ يحلم بشركةٍ ويتمتَّع بالمهارات المناسبة لإدارتها، فمن المحتمل أنَّ الإطارَ القانونيّ لتحقيقَ ذلك غير موجودٍ في الواقع، ومن المرجَّح أيضاً أنَّ أيَّ شركةٍ من هذا القبيل ستحتاج إلى بعض الموظَّفين البشريين، أو على الأقلِّ مؤسِّسين مشاركين.
لمزيدٍ من الأخبار في عالم التكنولوجيا، تابع قناتنا على واتساب.