كيف تعدّ نفسك لسوق عملٍ سريع التّغيّر في 2025؟
لم تعد المهارات التّقنيّة وحدها كافية، فالشّركات تحتاج إلى المرونة، الذّكاء العاطفيّ، والشّغف المستمرّ بالتعلّم
لم يعد التّوظيف يقتصر على التّحقّق من المؤهّلات فقط. إذ سيتغيّر سوق العمل في عام 2025 بشكلٍ كبيرٍ مع ظهور اتّجاهاتٍ جديدةٍ وتوقّعاتٍ متغيّرةٍ تعيد تشكيل مفهوم "الموظّف المثالي". فلم يعد كافياً أن يمتلك المرشّح المهارات الفنّيّة المطلوبة. بل تحتاج الشّركات اليوم إلى أشخاصٍ يتكيّفون بسرعةٍ، ويعملون في بيئاتٍ متغيّرةٍ باستمرارٍ، ويقدّمون ما هو أكثر من المهارات التّقنيّة.
فأصبح من الضّروري على القادة أن يعالجوا المقابلات بشكلٍ مختلفٍ. ولم يعد الأمر يقتصر على التّحقّق من المؤهّلات أو طرح الأسئلة التّقليديّة. بل وجب أن يبحثوا بعمقٍ ليفهموا السّمات الّتي تجعل المرشّح ملائماً للعمل على المدى الطّويل. إذ أصبح الذّكاء العاطفيّ، والإبداع، والقدرة على التّكيّف من بين السّمات الرّئيسيّة الّتي تميّز بين المرشّح الجيّد والمرشّح الممتاز.
1. تزايد أهمّيّة الذّكاء العاطفيّ
أدرك القادة اليوم أهمّيّة الذّكاء العاطفيّ في بيئات العمل السّريعة الّتي تركّز على الأفراد. فعندما يردّ المرشّح بتفكيرٍ عميقٍ على التّعليقات البنّاءة خلال المقابلة، فهذه إشارةٌ إيجابيّةٌ واضحةٌ. فذلك يثبت أنّ لديه الوعي الذّاتيّ والقدرة على التّكيّف، وهما من الصّفات الأساسيّة للتّعامل مع ديناميكيّات الفريق ومواجهة التّحدّيات. حيث إنّ الأشخاص الذين يستطيعون إدارة التّوتر، وفهم مشاعرهم، والاستجابة بفعاليّةٍ للآخرين هم أعضاء أساسيون في أيّ فريقٍ.
2. القدرة على طرح أسئلةٍ عميقةٍ
تكشف أسئلة المرشّح عن كثيرٍ من شخصيّته كما تفعل إجاباته. فإذا سأل المرشّح عن ديناميكيّات الفريق، أو الأهداف طويلة الأمد، أو قيم الشّركة، فهذا يظهر أنّه ليس مهتمّاً بالرّاتب فقط، بل يسعى لدورٍ يتماشى مع نموّه الشّخصيّ والمهنيّ. حيث يدلّ هذا الفضول الحقيقيّ على أنّ المرشّحين الّذين يسألون بعمقٍ هم الأكثر نجاحاً على المدى الطّويل.
3. إظهار الحماس للتّعلّم المستمرّ
شخصيّاً، أعجبت دائماً بالمرشّحين الّذين يتحدّثون عن تجاربهم المستمرّة في التّعلّم، سواءً أكان ذلك من خلال مشاريع جانبيّةٍ، أو شهاداتٍ، أو اهتماماتٍ شخصيّةٍ. واليوم، تحتاج الشّركات إلى أشخاصٍ لديهم الفضول والاستعداد لتعلّم أشياء جديدةٍ. حيث تدلّ رغبتهم في التّطوّر على أنّهم شغوفون بالتّحسين، وهم أصولٌ قيّمةٌ لبيئات العمل المتغيّرة باستمرارٍ.
4. الشّفافيّة والوعي الذاتيّ
بالطبع لا وجود لشخصٍ مثاليّ. ومع ذلك، فإنّ المرشّحين الّذين يتحدّثون بصراحةٍ حيال نقاط ضعفهم، ويوضّحون خطواتهم في التّطوّر يُظهرون وعياً ذاتيّاً لا يقدر بثمنٍ. فيدلّ هذا النوع من الشّفافيّة على التّواضع والاستعداد للتّطوّر. فعندما يعرف الشّخص مكامن النّقص فيه، ولا يتردّد بالاعتراف بها، فهذا يعني أنّه أكثر قدرةً على النّجاح في الدّور المقدّم إليه.
5. إظهار الإبداع والقدرة على الابتكار
تغيّرت الصّناعات بوتيرةٍ سريعةٍ، وأصبحت المنافسة تتطلّب تفكيراً خارج الصّندوق. لذا من الضروري أن يبدي المرشّح قدرته على حلّ المشكلات بطرقٍ إبداعيّةٍ أو ابتكاريّةٍ. وإذا كان المرشّح قد طوّر عمليّةً جديدةً، أو تكيّف مع تغيّرٍ كبيرٍ، أو وجد حلّاً فريداً لتحدٍّ ما، فهو يظهر قدرةً كبيرةً على إبقاء شركتك في المقدّمة.
6. المرونة والإرادة القويّة
في الأوقات غير المتوقّعة، تصبح المرونة سمةً أساسيّةً للنّجاح. وعندما يتحدّث المرشّح عن تجاوزه للتّحدّيات أو تعافيه من الإخفاقات، فهذا يشير إلى قدرته على التّعامل مع أيّ ظرفٍ. حيث تدلّ المرونة والإرادة القويّة على قدرة المرشّح على التّحمّل والاستمرّار برغم المعوّقات. لأن المرونة والشجاعة ليست مجرد كلماتٍ طنانةٍ، بل إنّهما صفتان أساسيّتان يجب أن يتحلّى بهما أيّ شخصٍ ينّوي الاستمرّار في العمل لفترةٍ طويلةٍ. وإذا كان بوسع شخصٍ ما أن يواصل المضي قدماً، على الرغم من النّكسات، فهذا هو الشّخص الذي تريده في فريقك.
7. توافق المرشّح مع ثقافة الشّركة
أدرك القادة مدى أهمّيّة تطابق الموظّفين الجدد مع ثقافة الشّركة. عندما يتحدّث المرشّح عن قيم الشّركة ورؤيتها، ويأخذ الوقت الكافي لفهم ثقافة مؤسّستك وأهدافها، فهذا يؤكّد أنّه ليس مهتماً بالدّور فقط، بل يسعى ليكون جزءاً حقيقيّاً من شركتك.
8. قدرة على التّعاون
أصبح العمل الجّماعيّ حجر الأساس لبيئات العمل الحديثة. فإذا أظهر المرشّحون قدرتهم على العمل مع فرقٍ متنوّعةٍ، ومشاركة الأفكار، والمساهمة في تحقيق الأهداف المشّتركة؛ فقدّ قدموا إشارةً إيجابيّةً.
إنّ التّعاون لا يقتصر على التّوافق مع الآخرين. بل يتعلق بالمشاركة النّشطة في حل المشكلات الجّماعيّة، والانفتاح على وجهات نظرٍ مختلفةٍ، والمساعدة في خلق بيئة عملٍ شاملةٍ ومُنتجةٍ. ومن المرجّح أن يكون المرشّحون الذين يتحدّثون عن تجارب سابقةً في العمل في فرقٍ متعدّدة الوظائف، أو يتنقلون بنجاحٍ بين ديناميكيّات الفريق، مساهمين بقوّةٍ في ثقافة عملٍ متماسكةٍ ومبتكرةٍ.
9. الاستقلاليّة والمساءلة
في البيئات الدّيناميكيّة سريعة الخُطى، تصبح القدرة على العمل بشكلٍ مستقلٍ مع تحمل المسؤوليّة أكثر أهميّةً من أيّ وقتٍ مضى. فالأشخاص الذين يتحلّون بسمة المبادرة، والّذين يستطيعون تحمل مسؤوليّة مهامّهم وإدارة وقتهم بفعّاليّةٍ وتحقيق النّتائج دون إشرافٍ مستمرٍّ، هم أشخاصٌ لا يقدّرون بثمنٍ.
وأثناء المقابلة، إذا تحدّث المرشّح عن كيفيّة قيادته للمشاريع أو إدارة عبء العمل بشكلٍ مستقلٍ، فهذا يشير إلى أنّه سينجح في البيئات الّتي تتطلب المرونة. فإنّ المرشّحين الذين يمكنهم الموازنة بين الاستقلّال والمساءلة - تحمل المسؤوليّة عن النّجاحات والأخطاء - هم أولئك الذين يمكن الوثوق بهم في تقدّيم أداءٍ ثابتٍ، بغض النّظر عن الظروف.
10. الشّغف بالدّور والصّناعة
وأخيراً، يعدّ الشّغف أحد أهم العلامات الإيجابيّة الّتي يبحث عنها القادة. فعندما يكون المرشّح متحمساً حقاً للدّور أو الشّركة أو الصّناعة ككلٍّ، فإنّ ذلك سيظهر في طريقة حديثه. وهذا الحماس مُعدٍ، ويمكن أن يكون له تأثيرٌ متواصلٌ عبر الفريق. فغالباً ما يكون الموظفون المتحمّسون أكثر انخراطاً وتحفيزاً وأكثر ميلاً إلى البقاء في العمل على المدى الطّويل. وعندما يكون قلب الشّخص في العمل، فإنّه سيبذل قصارى جهده في العمل، وبالطّبع هذا فوزٌ للجميع.
في مقابلاتك المقبلة، جرّب طرح أسئلةٍ مفتوحةٍ تركز على عقليّة النّموّ، وراقب كيف يتعامل المرشّح مع التّعليقات البنّاءة. فمثل هذه التّفاصيل الدّقيقة قد تكشف عن مدى ملاءمة المرشّح لتحقيق النّجاح طويل الأمد ضمن فريقك. ومع اقتراب عام 2025، أصبح الذّكاء العاطفي، والقدرة على التّكيف، والشّغف بالنّموّ عواملٌ أساسيّةٌ لا يمكن تجاهلها في التّوظيف.
واستناداً إلى هذه العلامات الإيجابيّة، كوّن فريقاً لا يقتصر دوره على تنفيذ المهامّ فقط، بل يُساهم بفعّاليّةٍ في بناء نجاحٍ مستدامٍ يعزّز من تطور مؤسسّتك.
شاهد أيضاً: 5 أسباب تحول بينك وبين توظيف أصحاب الكفاءات