3 طرق ذكية يستخدمها المتلاعبون للتأثير عليك
من الإطراء المفرط إلى التجاهل التام، تعرّف على أبرز أساليب التلاعب الخفي التي تُزعزع استقرارك وتقنعك دون إدراكك
يستخدم المتلاعبون مجموعةً من الأساليب لإجبار الآخرين على تنفيذ رغباتهم، ويتمكّن الأكثر مهارةً منهم من التّأثير عليك وإقناعك، دون أن تُدرك ما يحدث. ولكن، يُمكنك حماية نفسك إذا تعرّفت على هذه السّلوكيّات، واستعددت للتّصدّي لها.
يقدّم هذه الأفكار كيفين بينيت، أستاذ التّعليم في علم النّفس الاجتماعيّ والشّخصيّ في "جامعة بن ستيت بيفر" (Penn State University Beaver)، ففي مقالٍ نُشر حديثاً على موقع "سايكولوجي توداي" (Psychology Today)، يوضّح بينيت 5 استراتيجيّاتٍ يستخدمها المتلاعبون لتحقيق أهدافهم، وبينما يجدر بك التّعرّف على جميعها، نستعرض هنا ثلاثاً من هذه الاستراتيجيّات الّتي قد تواجهها غالباً في حياتك المهنيّة، إذ يمكن أن تساعدك معرفة هذه الأساليب والاستعداد لمواجهتها على تجاوز أيّ موقفٍ عمليٍّ بفعاليّةٍ.
المبالغة في الإطراء
حين تسمع عباراتٍ مثل: "أنت مذهلٌ! أنت الوحيد الّذي يستطيع مساعدتي في حلّ هذه المشكلة، سأكون تماماً تائهاً بدونك"، فمن المهمّ أن تتوخّى الحذر، خاصّةً إذا لم تقم بشيءٍ استثنائيٍّ يستحقّ هذا الكمّ من الإطراء.
يسمّي بينيت هذا الأسلوب بـ"التفجير العاطفي" (Love Bombing)، وهو تكتيكٌ يعتمد عليه المتلاعبون أحياناً لجذب الأشخاص ثمّ السّيطرة عليهم، إذ يبدأ المتلاعبون بتكرار عبارات التّقدير والإعجاب، ممّا يجعلك تعتاد سماع مدى حاجتهم إليك وقيمتك بالنّسبة لهم. لكنّهم لاحقاً، وبشكلٍ مفاجئٍ، يتوقّفون عن هذا الإطراء، ما يحرمك من دفعة الدّوبامين الّتي كنت تحصل عليها نتيجة كلماتهم؛ هذا الانقطاع المفاجئ قد يسبّب لك شعوراً بالرّغبة الشّديدة في استعادة إعجابهم وتقديرهم، ممّا يضعف موقفك، ويمنحهم السّيطرة عليك.
يمكنك حماية نفسك من هذا الأسلوب عبر إدراكه منذ البداية والحفاظ على نظرةٍ واقعيّةٍ تجاه العلاقة مع المتلاعب، فإذا لاحظت أنّهم يغدقون عليك بالإطراء دون سببٍ واضحٍ، فلا تأخذ كلماتهم على محمل الجدّ كثيراً. بهذه الطّريقة، لن تشعر بالإزعاج إذا توقّف سيل المديح فجأةً، وستتمكّن من التّعامل مع الموقف بثباتٍ ووضوحٍ.
إدخال طرفٍ ثالثٍ
هل واجهت موقفاً ظننت فيه أنّك أبرمت صفقةً، لتجد فجأةً نفسك في منافسةٍ مع صاحب عملٍ آخر، قد يكون صديقاً لك؟ أو ربّما دعا العميل مستشاراً ليقدّم اقتراحاتٍ حول كيفيّة تغيير طريقة عملك؟
يعتمد المتلاعبون أحياناً على إثارة الصّراعات بين الأشخاص من خلال إدخال طرفٍ ثالثٍ في المشهد، حيث يجلس المتلاعب بعدها ليراقب الفوضى الّتي تسبّب فيها. أطلق بنيت على هذه الحيلة اسم "المثلّثيّة" (Triangulation)، وهي أسلوبٌ يلجأ إليه النّرجسيّون وأصحاب الشّخصيّات الصّداميّة بشكلٍ متكرّرٍ، ويوضّح بنيت أنّ هذا الأسلوب يهدف إلى زعزعة استقرار العلاقات وإبقاء الجميع في حالة شكٍّ وحيرةٍ.
للتّصدّي لهذا النّوع من التّلاعب، تعرّف أوّلاً على هذه الحيلة عند حدوثها، وتجنّب معاملة الطّرف الثّالث كعدوٍّ؛ لأنّ المتلاعب يستغلّهم أيضاً كوسيلةٍ لتحقيق أهدافه، وحاول أن تبني تحالفاً مع الطّرف الثّالث، أو على الأقلّ اتّفق معه على عدم الانجرار إلى صراعاتٍ جانبيّةٍ، فإذا نجحت في إيقاف التّصعيد قبل أن يبدأ، ستمنع المتلاعب من تحقيق غايته الأساسيّة.
التّجاهل التّام
هل واجهت يوماً موقفاً توقّف فيه شخصٌ عن الرّدّ على رسائلك أو الحديث معك، حتّى عندما تكونان في المكان نفسه؟ أو ربّما تجاهلك في محادثات البريد الإلكتروني؟ هذه الطّريقة تعرف بـ"العلاج بالصمت" (silent treatment)، وهي تكتيكٌ متلاعبٌ يهدف لإحداث تأثيرٍ نفسيٍّ قويٍّ. إذ يوضّح بنيت أنّ هذا الأسلوب يمكن أن يكون مؤلماً جدّاً، حيث تُشير الأبحاث إلى أنّ التّجاهل ينشّط نفس مناطق الدّماغ المرتبطة بالألم الجسديّ. بمعنى آخر، التجاهل بالصمت قد يسبّب ألماً أشدّ من الكلمات.
كيف يمكنك التّصدّي لهذا الأسلوب؟ تعرّف أوّلاً على أنّ هذا السّلوك ليس سوى حيلةٍ تلاعبيّةٍ، فسواء كُنتَ تعرف ما الّذي يريده المتلاعب لاستئناف الحديث أو لا، حاول الحفاظ على مسافةٍ عاطفيّةٍ عن الموقف. لا تردّ بغضبٍ، ولا تطالب بتفسيرٍ لما يحدث. وإذا كُنتَ بحاجةٍ إلى معلوماتٍ ضروريّةٍ، اطلبها بأسلوبٍ رسميٍّ، ويفضّل أن تكون كتابيّاً، واحفظ نبرة حديثٍ خفيفةً ومهنيّةً، ولا تظهر أيّ تأثّرٍ واضحٍ بالتّجاهل. بهذه الطّريقة، ستجعل هذا التّكتيك أقلّ فاعليّةً بالنّسبة للمتلاعب، وربّما يدفعه ذلك إلى كسر الصّمت بنفسه نتيجة إحباطه.
في النّهاية، يعتمد المتلاعبون على تكتيكاتٍ نفسيّةٍ مدروسةٍ لتغيير سلوك الآخرين والسّيطرة عليهم، دون أن يدركوا ذلك، ومن خلال التّعرّف على هذه الأساليب، يُمكنك تعزيز وعيك وحماية نفسك من الوقوع في شباك التّلاعب. وتذكّر أنّ الفهم المبكّر لهذه السّلوكيّات والتّعامل معها بحكمةٍ يمكن أن يحمي علاقاتك الشّخصيّة والمهنيّة، ويضمن لك الثّبات والوضوح في مواجهة أيّ موقفٍ.