كيف تحوّل نقاط ضعفك إلى مزايا في العمل؟
لهجتك، خبراتك المتنوّعة، أو حتى سنّك المتقدّم، قد تكون أصولاً لا تقدر بثمن
لا بد أنك تسعى دائماً لإظهار أفضل نسخةٍ من نفسك، لكن هل سبق أن شعرت بالحاجة لإخفاء جزءٍ من هويّتك؛ لأنّه قد يُعتبر غير مهنيٍّ أو نقطة ضعفٍ؟ قد يكون ذلك بسبب عمرك، أو أسلوب فكاهتك، أو انطوائك الشّديد أو انفتاحك الزّائد، أو حتّى جانبٍ من خلفيّتك.
بصفتي مدرّبةً في مجال التّواصل التّنفيذيّ، كثيراً ما أسمع من عملائي عن الصّفات الّتي يشعرون بأنّهم مضطرّون لإخفائها، خصوصاً في المواقف عالية المخاطر مثل العروض أمام المستثمرين أو اجتماعات العملاء وما إلى ذلك.
ومن المثير للدّهشة، أنه قد تتحوّل تلك الصّفات الّتي تعتبرها نقاط ضعفٍ، إلى أكبر نقاط قوّتك؛ فمن خلال التّواصل الفعّال والمدروس، يمكنك تحويل ما قد يُنظر إليه على أنّه عائقٌ إلى ميزةٍ حقيقيّةٍ.
ومؤخّراً، التقيت بالبروفيسورة جيل أفيري، أستاذة إدارة العلامات التّجاريّة في "كلّيّة هارفرد للأعمال" (Harvard Business School)، وهي من الأسماء البارزة في مجالها، للحديث عن كيفيّة بناء علامةٍ شخصيّةٍ قويّةٍ. فكانت نصائحها مهمّةً بشكلٍ خاصٍّ للمؤسّسين والمديرين التّنفيذيّين الّذين يسعون للتّميّز أمام المستثمرين والعملاء. وتقول: "الاختلاف ليس نقصاً، بل ميزةٌ".
والآن، إليك كيفيّة تغيير المسار وجعل علامتك التّجاريّة الشّخصيّة لا تنسى:
1. التّعرّف على نقاط ضعفك
أولى خطوات بناء علامةٍ شخصيّةٍ قويّةٍ هي التّعرّف على نقاط ضعفك أو ما قد تراه "عيباً" فيها. والوعي الذّات هنا أمرٌ أساسيٌّ. كما تقول أفيري:" تتمحور العلامة التّجاريّة الشّخصيّة حول اكتشاف ما يميّزك. ما الّذي يجعلك مختلفاً عن الآخرين؟ لقد اعتدنا على محاولة التّكيّف مع المجتمع، لكن تكمن قوّتنا الحقيقيّة في تفرّدنا وقدرتنا على خلق قيمةٍ بطرقٍ لا يستطيع غيرنا فعلها".
وعلى سبيل المثال، كان أحد عملائي يشعر بالقلق بسبب تقدّمه في السّنّ، وكان يعتقد أنّ سنين خبرته تجعله يظهر قديم الطّراز وكبيراً جداً في السّنّ. لكنّنا عملنا معاً على إعادة صياغة هذا الهاجس وتحويله إلى ميزةٍ. وفي الاجتماعات مع المستثمرين، بدأ في ذكر عمره بثقةٍ، وإبراز سنينه الطّويلة في المجال كعلامةٍ مميزةٍ له، مشيراً إلى أنّها تعكس خبرته الواسعة وقدرته على تقدّيم النّصائح والإرشادات الحكيمة.
وتذكر، الاتّجاه الأوّل نحو النّجاح هو تحديد ما يميّزك، فذلك سيساهم في جعلك استثنائياً ولا تُنسى.
2. تقبّل عيوبك
لا يكفي أن تعرف عيوبك أو ما تعتقد أنّه نقاط ضعفٍ لديك، بل يجب أن تتقبّلها وتفخر بها. كما تقول أفيري: "نحن أحياناً نرى اختلافاتنا كعيوبٍ، لكنّ تلك الاختلافات هي الّتي قد تجعلك تبرز وتكون أكثر تميّزاً. لذا احتضن عيوبك وحوّلها إلى قصّةٍ تُبرز كيف ساعدتك في التّطوّر".
على سبيل المثال، كان أحد عملائي، وهو محامٍ ذو لهجةٍ مميّزةٍ مختلفةٍ عن الباقين، يرغب في أن يُنظر إليه كخبيرٍ محترفٍ في مجال الأعمال. لكنّه كان يشعر أنّ لهجته قد تكون عائقاً له في هذا السّياق. بدلاً من محاولة إخفاء لهجته أو الشّعور بالإحراج منها، قرّرنا أن نستخدمها لصالحه. قمنا بإعادة صياغة هذه الميزة بشكلٍ إيجابيٍّ، حيث بدأ في عرض لهجته كدليلٍ على خبرته الدّوليّة وتجربته العالميّة. وعندما يقدّم نفسه الآن، يقول: "كما قد تلاحظون من لهجتي، فقد عشت وعملت في عدّة دولٍ حول العالم". وبهذه الطّريقة، أصبحت لهجته جزءاً من علامته التّجاريّة الشّخصيّة الّتي تبرز وجهة نظره العالميّة، وتمنحه ميزةٍ مهمةً في السّوق.
3. أنسج قصّةً مهنيّة جديدةً
لا يعني بناء قصّتك المهنيّة حفظ كلماتٍ معيّنةٍ أو اتّباع نصٍّ محدّدٍ. بل يعني كيفيّة عرض صفاتك الفريدة بطرقٍ تترك الطّبع القويّ في نفوس الآخرين. وكما تقول أفيري: "يجب أن يركّز سردك على الطّريقة الّتي تخلق بها قيمةً لا يستطيع أيّ شخصٍ آخر فعلها".
وهذا أمرٌ مهمٌّ جدّاً، خصوصاً عندما تقدّم نفسك للمستثمرين أو العملاء. فكان أحد أصحاب الأعمال الّذين عملت معهم قلقاً من أن تنوّع خبراته العميقة قد يجعله يظهر متشتّتاً أو غير واضحٍ. لذلك، عملنا معاً على تحويل هذه الخبرات المتنوّعة إلى ميزةٍ قويّةٍ أمام المستثمرين، وقال: "تمكّنني تجربتي المتنوّعة من التّعامل مع الأزمات وحلّ المشكلات بفعّاليّةٍ كبيرةٍ. ولديّ مجموعةٌ واسعةٌ من الأمثلة العمليّة الّتي تساعدني على اتّخاذ أفضل القرارات عندما أواجه التحدّيات". حيث ساعده هذا التّغيير في طريقة عرضه في تقديم تنوّعه كميزةٍ استراتيجيّةٍ.
وتذكّر دائماً، أنت من يحدد كيف تُحكى قصّتك. فهناك عددٌ لا حصر له من الطّرق لعرض نفس الحقائق، فلماذا لا تختار الطّريقة الّتي تميّزك وتجعلك تبرز مميزاً عن الآخرين؟