3 قواعد أساسية لجذب انتباه العملاء لمشروعك الصغير
من فهم جمهورك إلى تقديم قيمةٍ حقيقيّةٍ وصياغة دعواتٍ فعّالةٍ، هذه المبادئ الثّلاثة ستساعدك على استقطاب الاهتمام والحفاظ عليه

طوال سنواتٍ، كرّست نفسي لإتقان فنّ استقطاب الانتباه والحفاظ عليه، سواءً في قاعات المحاضرات الجامعيّة أو عبر الكتب الّتي أكتبها. إذا كنت تمتلك مشروعاً صغيراً، فأنت بلا شكٍّ تدرك حجم هذا التّحدّي؛ فالحصول على انتباه جمهورك ليس مجرّد أمرٍ مهمٍّ، بل هو مفتاح بقاء مشروعك.
مع ذلك، فإنّ الانتباه أصبح مورداً نادراً ومنافسةً محتدمةً في البيئة الرّقميّة الحاليّة. وفي ظلّ تنافس عددٍ لا يحصى من العلامات التجارية والأفراد على مساحةٍ في دوّامةٍ إعلاميّةٍ تعمل على مدار السّاعة، ومع تزايد حرص النّاس على حماية أوقاتهم، قد يبدو اختراق الضّوضاء البصريّ مهمّةً شبه مستحيلةٍ. ولكن، هذا ليس حتميّاً، فالجودة الإبداعيّة لمحتواك تعدّ واحدةً من أقوى الأدوات الّتي تساعدك على التّميّز، حتّى وإن كانت ميزانيّتك محدّدةً. وسواء كان ذلك عبر منشوراتٍ غنيّةٍ على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، أو من خلال سردٍ قصصيٍّ مبتكرٍ، هناك ثلاث قواعد أساسيّةٍ للتّفاعل.
على الرّغم من أنّ الإعلانات قد تطوّرت من حيث قنوات التّوزيع والإعلام، فإنّ الأهداف الأساسيّة ظلّت ثابتةً عبر السّنوات. ولتحقيق النّجاح، يجب أن تحقّق ثلاثة أهدافٍ رئيسيّةٍ:
- جذب الانتباه.
- الحفاظ على الانتباه.
- حثّ الجمهور على اتّخاذ إجراءٍ.
تشكّل هذه المبادئ الخالدة أساس التّواصل المؤثّر، بغضّ النّظر عن المنصّة أو الوسيلة المستعملة.
1. فهم جمهورك
قبل الشّروع في إنشاء أيّ محتوىً، احرص على جمع معلوماتٍ دقيقةٍ حول جمهورك، مثل: العمر، والجنس، والموقع، والاهتمامات، والسّلوكيّات، بالإضافة إلى التّحدّيات أو “نقاط الألم” الّتي يواجهونها، إذ إنّ معرفة هذه التّفاصيل تساعدك على صياغة رسائل تسويقيّةٍ لا تكون ملائمةً فحسب، بل تتناغم أيضاً مع احتياجاتهم وتطلّعاتهم.
بعد أن تتعمّق في فهم جمهورك، يصبح من الضّروريّ أن يكون محتواك الإبداعيّ جذّاباً بصريّاً، إذ يجب أن يتماشى الأسلوب والجماليّة مع تفضيلات جمهورك؛ فالمحتوى الّذي يؤسر إحدى الفئات قد يمرّ مرور الكرام على أخرى. والهدف هو إنشاء صورٍ أو فيديوهاتٍ تلفت الانتباه أثناء التّمرير السّريع، أو تظهر كبصمةٍ ملفتةٍ في صورةٍ مصغّرةٍ، أو تجذب الأنظار في منشورات "إنستقرام" (Instagram).
للوصول إلى هذا المستوى من التّأثير البصريّ، غالباً ما تحتاج إلى الاعتماد على خبرات محترفٍ مبدعٍ. وإذا كانت التّكاليف تشكّل مصدر قلقٍ، فتذكّر أنّ العمل الاحترافيّ ليس بالضّرورة مكلفاً دوماً؛ فالكثير من طلّاب الجامعات الموهوبين في تخصّصات التّصميم الجرافيكيّ أو توجيه الفنّ الإعلانيّ يتطلّعون لبناء محافظهم الفنّيّة، ويمكنهم تقديم نتائج مبهرةً مقابل تكلفةٍ منخفضةٍ. وأنا على درايةٍ بذلك، إذ أقوم بتدريس هؤلاء الطّلّاب الّذين يبدأون بعد ذلك مسيراتهم الإبداعيّة النّاجحة في وكالات الإعلانات واستوديوهات العلامات التّجاريّة الكبرى.
2. تقديم قيمة حقيقية
يتفاعل النّاس مع وسائل التواصل الاجتماعي لأسبابٍ متنوّعةٍ؛ فمنهم من يبحث عن التّرفيه، ومنهم من يرغب في الحصول على المعلومات أو الإلهام، وهناك من يسعى للعثور على منفذٍ يحقّق له الشّعور بالانتماء. فبعضهم يستخدم هذه الوسائل للتّعلّم الصّغير اليوميّ، بينما يلجأ آخرون إليها كمهربٍ مؤقّتٍ من ضغوط اليوم أو للعثور على محتوىً يمكن مشاركته مع الأصدقاء والعائلة.
لقد تعاونت مع جريج براون، نائب المدير التّنفيذيّ الإبداعيّ العالميّ المتقاعد من وكالة الإعلانات "كومنويلث/ماكن (Commonwealth/McCann)، في تأليف كتابٍ حول المحتوى الّذي يستحقّ المشاركة؛ محتوى يتميّز بجاذبيّةٍ قويّةٍ تجعل النّاس يشعرون برغبةٍ حقيقيّةٍ في مشاركته مع الآخرين.
من خلال فهم دوافع تفاعل جمهورك مع وسائل التّواصل الاجتماعيّ أو "يوتيوب" (YouTube)، يمكنك تصميم محتواك ليتماشى مع احتياجاتهم واهتماماتهم، ممّا يضمن بقاء انتباههم مركّزاً على ما تقدّمه. على سبيل المثال:
- إذا كانوا يبحثون عن التّرفيه: يمكنك ابتكار فيديوهاتٍ فكاهيّةٍ أو مشوّقةٍ.
- إذا كانوا يرغبون في محتوى تعليميٍّ: شارك نصائح أو أدلّةً إرشاديّةً أو رؤى عن صناعتك.
- إذا كانوا يقدّرون الأصالة: قد تكون القصص وراء الكواليس أو المحتوى الّذي ينشئه المستخدمون فعّالاً.
- إذا كانوا يسعون للتّواصل: اعمل على خلق مجتمعٍ متفاعلٍ من خلال تشجيع النّقاش والتّعليقات.
3. دعوة واضحة لاتخاذ إجراء
عند استخدام وسائل التّواصل الاجتماعيّ أو يوتيوب، يجب أن تكون دعوتك لاتّخاذ إجراءٍ واضحةً وصادقةً وجذّابةً، دون الاعتماد على أساليب بيعٍ مفرطةٍ، فالهدف هو بناء الثّقة، وليس إبعاد الجمهور.
استخدم لغةً بسيطةً ومباشرةً مثل: "اضغط على الرّابط"، "أشر إلى صديقٍ"، أو "اكتب تعليقك أدناه". احرص على أن يكون الإجراء سهل التّنفيذ باستخدام أزرارٍ واضحةٍ أو ميزات السّحب للأعلى أو حتّى الاستطلاعات التّفاعليّة. على يوتيوب، يمكنك الاستفادة من الشّاشات النّهائيّة للتّرويج لمقاطع فيديو أخرى أو تشجيع المشاهدين على الاشتراك. كذلك، يجب أن تبرز دعوتك لاتّخاذ إجراءٍ باستخدام صورٍ جذّابةٍ، وخطوطٍ واضحةٍ، أو ألوانٍ ذات تباينٍ عالٍ، فالمبدأ الأساسيّ هو أن تكون دعوتك واضحةً ومختصرةً مع تقديم حافزٍ قويٍّ يدفع الجمهور للتّحرّك فوراً.
الخلاصة: فنّ جذب الانتباه والحفاظ عليه ليس ترفاً يمكن الاستغناء عنه، بل هو ضرورةٌ ملحّةٌ في عالمنا الرّقميّ سريع الخُطى. كمالكٍ لمشروعٍ صغيرٍ، فإنّ فهمك لكيفيّة إشراك جمهورك بمحتوىً جذّابٍ قد يكون الفارق بين الاختفاء في زحمة المنافسين والنّجاح الباهر. باتّباع القواعد الثّلاث الأساسيّة – جذب الانتباه، والحفاظ عليه، وتحفيز الجمهور على اتّخاذ إجراءٍ – لن تتميّز فحسب، بل ستبني أيضاً علاقاتٍ متينةٍ ومستدامةٍ مع جمهورك. تذكّر أنّ المحتوى الرّائع لا يقتصر على الظّهور فقط، بل يتعلّق بخلق روابط حقيقيّةٍ تؤدّي إلى نتائج ذات معنى. سواء كُنتَ تبدأ الآن، أو تسعى لتحسين استراتيجيّتك، فإنّ هذه المبادئ ستساعدك على التّميّز وصنع بصمتك في عالم الأعمال.