3 كلمات هي المفتاح الذهبي لفتح أبواب الذكاء والنجاح في العمل
من البيت إلى اجتماعات المكتب، رحلة تنمية الذكاء الفردي والجماعي عبر تبنّي التواضع الفكري وتقبل الجهل بشغفٍ وتفاؤلٍ
من لديه تجربةٌ مع الأطفال الصّغار، يعلمُ جيّداً كم يسألون أسئلةً لا نهائيّةً، إذ كونُك برفقة طفلٍ صغيرٍ يعني أنّك على موعدٍ مع هطولٍ متواصلٍ للأسئلة البسيطة والمعقّدة. هذه الفترةُ ممتعةٌ، ولكنّها تستهلكُ الطّاقة أحياناً، ومع تقدّم الطّفل في العمر، تصبحُ الأسئلةُ أكثر تعقيداً.
عندما يسألُك طفلُك في الرّابعة من عُمُره، "لماذا السّماءُ زرقاء؟" الإجابة على بعد بحثٍ بسيطٍ في ذاكرتك أو على الإنترنت. لكن عندما يسألك الطّفلُ الأكبرُ، "لماذا مات فايدو؟" أو "لماذا تتحاربُ هاتان الدّولتان؟" قد تجدُ نفسك في حيرةٍ من أمرك كما الطّفل.
فكيف تتعاملُ مع هذه المواقف؟ رغم أنّ الغريزة الأولى قد تدفعك إلى تجنُّب الإجابة أو تقديم إجابةٍ مُبسّطةٍ، فإنّ مقالاً حديثاً نُشر في صحيفة واشنطن بوست من تأليف عالمة نفس النّموّ في جامعة كاليفورنيا بيركلي، مريم عبد الله، يقترحُ أنّ الإجابة الأفضل هي "لا أعلم". هذا درسٌ في توجيه التواضع الفكري يمكنُ للآباء الرّياديين تطبيقهُ في البيت وفي مكانِ العمل.
العقلية التي تُعزّز الذكاء العقلي والذكاء العاطفي
قبل الحديث عن التواضع الفكري والأطفال، من المهمّ التّنويه عن جبلٍ من الأبحاث التي تظهر قيمة التواضع الفكري عند البالغين. إذ تُظهرُ دراسةٌ تلو الأخرى أنّ الاستعداد لقبول احتماليّة أن تكون مخطئاً والفُضول في تعلُّم أشياءَ جديدة ليست فقط عنصراً أساسيّاً للذّكاء، ولكنّها أساسيّةٌ أيضاً للذكاء العاطفي.
الاعتراف بأخطائك يُساعدك على تصحيحها بشكلٍ أسرع، والاعتراف بأنّك لا تعرفُ كُلّ شيء يُجعلك أكثر فُضولاً واستعداداً للانفتاح على آراء آالآخرين. الأشخاصُ المتواضعون فكريّاً ببساطةٍ لديهم رغبةٌ أكبر في التّعلُّم بدلاً من الرّغبة في أن يكونوا على حقٍّ. هذا هو السّبب في أنّ الأشخاص البارزين من جيف بيزوس إلى ستيفن بينكر من هارفارد يصرّون على أنّها صفةٌ مفتاحيّةٌ للنّجاح في الحياة.
شاهد أيضاً: كيفَ تستخدم الذكاء العاطفي لتهدئة الزبون الغاضب؟
كيف تُمثّل التواضع الفكري لأطفالك؟
فكيف يُمكنك نقل هذه الفلسفة الأساسيّة إلى أطفالك؟ الأسلوبُ نفسهُ الذي تنقل به أيّ شيءٍ آخر إليهم، وذلك من خلال تجسيدها بنفسك أوّلاً، ثمّ العمل على توضيح كيف توصّلت إلى هناك.
"يُمكننا توجيه الأطفال نحو تحقيق التّفوّق الدّراسي وبناء علاقاتٍ إنسانيّةٍ أفضل من خلال اعتناق عقليّةٍ منفتحةٍ، والقدرة على الاعتراف عندما نكون على خطأ بشأن شيءٍ ما أو عندما نكون غير متأكّدين، وتسليط الضّوء على قدراتنا المحدودة، ما يُطلق عليه الباحثون "التواضع الفكري"، أو قُدرتُنا على الاعتراف بأنّ معرفتَنا قد تكون محدودةً أو قد تكون مُضلّلةً، ومن ثمّ الاستفادة من هذا الاعتراف،" كما توضّح عبد اللّه في مقالٍ بجريدة البوست.
من النّاحية العمليّة، يتجلّى ذلك عندما يعود طفلك إلى المنزل ويسألك من اخترع المرحاض (مثالٌ حيّ من منزلي) أو مدى كُبر العالم، فإن الرّد الأمثل في الغالب هو ثلاث كلماتٍ صادقةٍ: "أنا لا أعرف." بالطبع، يُمكنك بعد ذلك البحث عن الإجابة معاً (أو بالنسبة للأسئلة الفلسفيّة الأكثر عمقاً، التّفكير معاً في الاحتمالات)، ولكن من خلال بدايتك بالاعتراف بحدود فهمك، تُظهر لطفلك أن الرّكيزةَ الأساسيّة للتعلُم هي القدرة على الاعتراف بالجهل.
"هذه المحادثات مُتوقّعٌ أن تُوفّر العديد من الفرص، ليس فقط للاعتراف بما لا نعرفُه أمام أطفالنا، ولكن أيضاً للنّموّ معاً"، كما تؤكّد عبد اللّه لنا.
شاهد أيضاً: 5 طرق للنجاح خارج منطقة الراحة الخاصة بك
رؤيةٌ للمكتب أيضاً
وهذا تذكيرٌ قيّم للرياديّين الذين لديهم أطفالٌ ويسعون إلى زيادة انفتاح عقولهم وفضولهم. لكن ما أثارني عند قراءتي لهذه المقالة هو أنّ نفسَ الحُجج التي تنطبق على نمذجة التواضع الفكري مع أطفالك، يُمكن أن تنطبقَ بسُهولةٍ على زملائك وموظّفيك.
إذا كان الاستعداد لاستقبالِ الأفكار الجديدة أثمن من الظهورِ كأذكى شخصٍ في الغُرفةِ داخل المنزل، فمن المفترض أن تحمِل فوائد مشابهةٍ داخل المكتب. هذا هو السّبب في أنّه لا يجبُ على الآباءِ الرياديّين أن يتحفّظوا عن نُطقِ تلكَ الثّلاث كلماتٍ الصغيرةِ التي قد تكون مخيفةً أحياناً، ولكنّها ذات فائدةٍ كبيرةٍ: "أنا لا أعرف".