4 أسباب جعلت مطار حمد الدولي الأول على مستوى العالم
من الترف إلى التكنولوجيا، الأسرار وراء تفوّق مطار حمد الدولي في الخدمة والابتكار
لسنواتٍ طويلةٍ، حافظ مطار تشانغي في سنغافورة على لقب "أفضل مطار في العالم"، ممّا جعله رمزاً للتّميز في صناعة الطيران. ولكن، في تحوّلٍ ملحوظٍ للأحداث في عام 2024، نجح مطار حمد الدولي في الدوحة، قطر، في إزاحة تشانغي عن عرشه ليحتلَّ مكانة الصّدارة. ولم يأتِ هذا التّغيير بالصّدفة، بل كان نتيجةً لسنواتٍ من الاستثمار الهادف والتّخطيط الاستراتيجيّ المدروس. تجاوز تفوّق مطار حمد فيها توفير تجربة سفرٍ مريحة للمسافرين؛ وأصبح معياراً جديداً للابتكار والكفاءة في عالم الطيران العالمي. [2] [1]
وفيما يلي العوامل الأساسيّة التي أسهمت في هذا النّجاح الباهر، بدءاً من القيادة الاستراتيجية وحتّى الابتكارات التّكنولوجيّة التي أعادت تعريف مفهوم الكفاءة والرّاحة في تجربة المطارات.
الرؤية الاستراتيجية والقيادة في مطار حمد الدولي
منذ تولّيه المنصب، وحتّى تنحيه عنه ركّز سعادة السّيد أكبر الباكر، الرّئيس التّنفيذي السّابق لمجموعة الخطوط الجويّة القطرية، على استراتيجيّات تحسين البنية التّحتيّة بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنيّة 2030، والتي تهدف إلى تحويل قطر إلى مجتمعٍ متقدّمٍ يُسهم في تطوير جودة الحياة لجميع المقيمين والزائرين. تمثّل هذه الاستراتيجيّة نقلةً نوعيّةً تعكس الحرص على التّفاعل مع التّقنيات الجديدة وتقديم خدماتٍ مبتكرةٍ لتتجاوز بذلك كفاءة التّشغيل التي ينصبّ عليها التّركيز في الاستراتيجيّات المماثلة عادةً.
لذا، تعدّى نجاح مطار حمد الدولي الأهداف التّقليديّة للنقل الجوي، فقد وضع المعايير لما يجب أن يكونَ عليه المطار الحديث: مركز للابتكار، ومنصّة لتجارب مستخدمين تتّسم بالسّلاسة والكفاءة. وتتجلّى معالم قيادة الباكر في قدرته على دمج التّكنولوجيا في كلّ خطوةٍ، من أنظمة التّعرف البيومتري حتىّ الاستخدام الأمثل للبيانات الضّخمة لتحسين العمليّات والخدمات.
فكان التّحول الرّقمي لمطار حمد الدولي استراتيجيّةً متكاملةً تهدف إلى إعادة تعريف كيفيّة تفاعل المسافرين مع محيط المطار بدلاً من التّرقية التّقنية فحسب.
التحول الرقمي: استراتيجية متكاملة بدأت من البنى التحتية
منذ تأسيسه، كان مطار حمد الدولي رائداً في ابتكارات صناعة الطّيران، بدعمٍ من مجموعة الخطوط الجويّة القطرية وتحت القيادة الحديثة للرّئيس التّنفيذي المهندس بدر محمد الـمِير. إذ تحوّل المطار إلى مركزٍ عالميٍّ للابتكارات التّكنولوجيّة، كما هو رائدٌ في مجال السّفر، بانياً نجاحه على أساس التّحسين المستمرّ والرّؤية المستقبليّة الواضحة.
ففي عام 2024، استمرّ المطار في تعزيز راحة المسافرين وكفاءة العمليّات، مع إضافة معايير جديدةٍ في تبنّي التكنولوجيا، وأبرز هذه الابتكارات كان تطبيق تقنية التوأم الرقمي، التي تم تطويرها بالشّراكة مع قادة الصّناعة، إذ توفّر هذه المنصّة نموذجاً افتراضيّاً واقعيّاً للمطار، ممّا يسمح بإجراء تعديلاتٍ تشغيليّةٍ سلسةٍ تُعزّز الكفاءة وتُقلّل التّكاليف. هذه التقنية، التي منحت المطار جائزة "أكثر المبادرات ابتكاراً في المطارات"، تعكس قدرة المطار على التّكيف مع التّحديات التّشغيلية بكفاءةٍ وابتكارٍ. [1]
فخلال بطولة كأس العالم لكرة القدم التي استضافتها قطر، ساهمت هذه التّقنية في تعزيز الكفاءة التّشغيليّة وسط كثافةٍ تشغيليّةٍ عاليةٍ جداً وزيادةٍ رهيبةٍ في عدد المسافرين وحركات الطّائرات، ممّا سمح للمسافرين بتجربة سفرٍ سلسةٍ، وقليلة المتاعب، وأقلّ في مسافة المشي. [4]
بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال شراكةٍ استراتيجيّةٍ مع شركة سيسكو، عزّز المطار بنيته التّحتية التّكنولوجية وأنظمة الأمن السيبراني، ليضمن الحماية من الهجمات الإلكترونية ويوفّر تدفّقاً معلوماتيّاً سلساً يدعم العمليات اليوميّة. [5]
هذا الالتزام بالابتكار التّكنولوجي يُؤكّد حرص مطار حمد على الاستعداد الدّائم لمواجهة التّحديات المستقبليّة التي قد تطرأ على صناعة الطّيران العالميّة.
الكفاءة التشغيلية
عنصرٌ حاسمٌ آخر في هذا التّحوّل وأن مطار حمد حاصلٌ على جائزة "أفضل مطار في الشرق الأوسط" لعشر مرّاتٍ على التّوالي، هو تعزيز الكفاءة في التّعامل مع المسافرين والأمتعة. فبفضل الأنظمة الأوتوماتيكيّة لتسجيل الوصول وإسقاط الأمتعة، تمكّن المطار من تقليص أوقات الانتظار بشكلٍ ملحوظٍ، ما سرّع من إجراءات الأمن والجمارك، وقلّل من الزّحام في أوقات الذّروة، لتترك هذه التّحسينات أثرها الواضح على تجربة الركاب، كونها البوصلة التي يعتمدها المطار في استراتيجيّته، ورفعت معايير الكفاءة التّشغيليّة المتوقّعة من المطارات حول العالم، كذلك.
إضافةً إلى ما سبق، يستفيد مطار حمد من تكامل أنظمة المعلومات، ممّا يتيح له مشاركة بيانات سلسةٍ بين مختلف الأقسام والوكالات داخل المطار. وهذا التّكامل يُحسّن من تنسيق العمليّات ويزيد من مرونتها، ممّا يسهم في الاستجابة بشكلٍ أسرع وأكثر فعاليّةٍ لأيّة تحديّاتٍ تشغيليّةٍ قد تظهر.
وفي الرّبع الأوّل من عام 2024، سجّل مطار حمد الدولي رقماً قياسيّاً جديداً في حركة المسافرين، متجاوزاً أرقامه السّابقة بزيادةٍ كبيرةٍ عن العام السّابق، مع التّعامل مع أكثر من 45 مليون مسافر سنويّاً، وخدم 188 وجهة للشّحن والرّكاب. كما يربط الآن شبكةً مكوّنةً من 48 شركة طيران. هذا الإنجاز يعكس البنية التّحتية القويّة واستراتيجيّات الإدارة الفعّالة التي تشمل تصميم المطار وإدارة تدفّق العملاء بدقّةٍ لضمان تجربة سفرٍ سلسةٍ وممتعةٍ. [3]
تحسين تجربة المسافرين
مطار حمد الدولي يُعيد تعريف مفهوم السّفر الجويّ بمزيجٍ متقنٍ من الخدمة الممتازة والتّقنيات المتطوّرة، ممّا يجعله وجهةً مثاليّةً للمسافرين الباحثين عن كفاءة ٍوراحةٍ لا مثيل لها. مع خدمات "المها" التي توفّر استقبالاً ومرافقةً شخصيّةً، كذلك يقدّم المطار تجربة تسوّقٍ مميّزةً حصلت له على جائزة أفضل مطار للتّسوق للمرّة الثّانية.
أمّا التّصميم الدّاخلي للمطار ومرافقه، من الصّالونات الفخمة إلى مناطق الاسترخاء والمنتجعات، فهي مصمّمةٌ لتوفير ملاذٍ من الرّاحة والاستجمام. وهذه المساحات مجهّزةٌ لخدمة جميع الركاب، بما في ذلك ذوي الاحتياجات الخاصّة والعائلات التي تسافر برفقة أطفالها أو حيواناتها الأليفة.
علاوةً على ذلك، يبرز المطار في تقديم تجربة طعامٍ استثنائيّة تجمع بين النّكهات المحليّة القطرية والأطباق العالميّة، في تناغمٍ يعكس غنى الثّقافة القطرية وانفتاحها على العالم.
أما بخصوص التّحديات المستقبليّة وخطط التّوسع، فمطار حمد الدولي يقف على أعتاب مرحلةٍ جديدةٍ من النّمو. وخططه تشمل توسّعاتٍ في البنية التّحتيّة وتحديثاتٍ تكنولوجيّة تهدف إلى زيادة القدرة الاستيعابيّة وتعزيز الكفاءة التّشغيليّة. والاستثمار في التكنولوجيا الذّكيّة والشّراكات الاستراتيجيّة مع شركاتٍ عالميّةٍ مثل سيسكو وسيتا؛ لتعكس التزام المطار بأن يظلّ رائداً في مجال الابتكار والاستدامة. [2]