كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي قواعد اللعبة للشّركات الصّغيرة؟
خطواتٌ فعّالةٌ تُمكن الشّركات الصّغيرة من استخدام الذّكاء الاصطناعيّ لتبسيط عمليّاتها اليوميّة وتعزيز المنافسة في السّوق الحديثة
مع تسارع التّحوّل الرّقميّ في عالمنا اليوم، يكتسب الذّكاء الاصطناعيّ دوراً محوريّاً في إعادة تشكيل مشهد الأعمال، إذ يفتح آفاقاً واسعةً للابتكار، ويدفع الشّركات نحو تحقيق أهدافها بكفاءةٍ غير مسبوقةٍ. وبينما لا يزال الذّكاء الاصطناعيّ في مراحله الأولى، فإنّ تأثيره المحتمل لا يخفى على أحدٍ، ممّا يجعله فرصةً عظيمةً للشّركات الطّموحة الّتي تسعى إلى التّطوّر والتّكيّف مع تحدّيات المستقبل.
في هذا المقال، نقدّم تجربة ديفيد نيلسن، عضو منظّمة روّاد الأعمال (Entrepreneurs' Organization - EO) في سياتل والرّئيس التّنفيذيّ لشركة "دوكسا تالنت" (DOXA Talent)، حيث يشاركنا رؤيته حول كيفيّة تسخير الذّكاء الاصطناعيّ في دعم نموّ الأعمال، وأبرز النّصائح الّتي يقدّمها للشّركات الصّغيرة لدمج هذه التّقنيّة بفعّاليّةٍ في عمليّاتها اليوميّة.
يرى نيلسن أنّ الذّكاء الاصطناعيّ، رغم حداثته، يحمل إمكاناتٍ هائلةً لتمكين الشّركات من تحقيق مستوياتٍ جديدةٍ من الكفاءة والإنتاجيّة. إذا تمّ توظيفه بالشّكل الصّحيح، فيمكن للذّكاء الاصطناعيّ العمل بتناسقٍ مع الخبرات البشريّة، ليقوم بأتمتة المهام الرّوتينيّة الّتي تستنزف وقت الموظّفين، وتحليل البيانات المعقّدة، وتقديم حلولٍ شخصيّةٍ للعملاء، ممّا يعزّز من تنافسيّة الشّركات في سوقٍ دائم التّغيّر.
ويشير نيلسن أيضاً إلى أنّ الذّكاء الاصطناعيّ يمثّل امتداداً للتّحوّلات التّقنيّة الّتي شهدها العالم، بدءاً من طفرة الإنترنت وحتّى ثورة وسائل التّواصل الاجتماعيّ. هذه الابتكارات غيّرت جذريّاً من بيئة الأعمال، وأسهمت في تغيير سلوكيات المستهلكين، لكنّه يعدّ خطوةً أكبر نحو مستقبلٍ أكثر ذكاءً.
خمس نصائح لتبنّي الذّكاء الاصطناعيّ بفعّاليّةٍ
على الرّغم من مخاوف التأثير السلبيّ للذّكاء الاصطناعيّ على الوظائف، إلّا أنّ نيلسن يرى أنّ هذه المخاوف غير مؤكّدةٍ. وبالعكس، يعتقد أنّ هذه التّقنيّة تقدّم فرصاً واعدةً لتحسين الأعمال. وهنا خمس نصائح للشّركات الصّغيرة الّتي تتطلّع لتبنّي الذّكاء الاصطناعيّ بفعّاليّةٍ:
فهم إمكانات الذّكاء الاصطناعيّ
قبل الشّروع في استخدام الذّكاء الاصطناعيّ، من المهمّ فهم دوره المحدّد في شركتك. اسأل نفسك: ما هي المشكلة الّتي ترغب في حلّها باستخدام الذّكاء الاصطناعيّ؟ حدّد الفوائد العمليّة الّتي يمكن أن يوفّرها، مثل تحسين خدمة العملاء عبر روبوتات المحادثة الّتي تعمل على مدار السّاعة، أو تعزيز جهود التّسويق عبر تحسين محرّكات البحث (SEO).
ابدأ بمشاريع صغيرةٍ، وراقب التّقدّم باستمرارٍ
لا تحتاج إلى إحداث تغييرٍ جذريٍّ في شركتك باستخدام الذّكاء الاصطناعيّ من اليوم الأوّل. يمكن أن تبدأ بمشروعٍ تجريبيٍّ صغيرٍ في مجالٍ محدّدٍ، ثمّ تراقب نتائجه بانتظامٍ قبل التّوسّع. حيث يسمح لك هذا النّهج بجمع ردود الفعل وقياس الأداء، وإجراء التّعديلات حسب الحاجة لضمان تحقيق الأهداف المرجوّة.
استثمر في فريقٍ مختصٍّ لدعم جهودك
نظراً لأنّ الذّكاء الاصطناعيّ مجالٌ جديدٌ يتطوّر بسرعةٍ، فإنّ استثمارك في موظّفٍ مختصٍّ أو مستشارٍ متمكّنٍ من متابعة أحدث التّطوّرات في هذا المجال سيساعدك في تحسين استراتيجيّتك وتوجيه فريقك لاستخدام الذّكاء الاصطناعيّ بفاعليّةٍ أكبر.
اختر الأدوات المناسبة لاحتياجاتك
اليوم، هناك العديد من الأدوات المخصّصة للشّركات الصّغيرة الّتي تعتمد على الذّكاء الاصطناعيّ، لذا ينصح بإجراء بحثٍ شاملٍ لاختيار الأدوات الّتي تتماشى مع أهدافك وميزانيّتك. ومن الأفضل الاستعانة بخبيرٍ لضمان أنّ القرارات الّتي تتّخذها تصبّ في صالح عملك.
حماية خصوصيّة بياناتك وبيانات عملائك
ومن جهةٍ أخرى، تعدّ الخصوصيّة من أهمّ التّحدّيات في مجال الذّكاء الاصطناعيّ، حيث يمكن استخدام البيانات الشّخصيّة بطرقٍ قد تؤدّي إلى خرق الخصوصيّة. لذا من الضّروريّ أن تكون على درايةٍ بأحدث القوانين والتّوجيهات حول خصوصيّة البيانات، وتدريب فريقك على مبادئ الأمان الإلكترونيّ.
حماية الشّركات الصّغيرة من الهجمات الإلكترونيّة
وإلى جانب استخدام الذّكاء الاصطناعيّ، ينبغي على الشّركات الصّغيرة اتّخاذ خطواتٍ جادّةٍ لحماية نفسها من الجرائم الإلكترونيّة. فقد أظهرت دراسةٌ حديثةٌ أُجريت في عام 2023، أنّ 41% من الشّركات الصّغيرة في الولايات المتّحدة تعرّضت لهجماتٍ إلكترونيّةٍ خلال العام الماضي. وغالباً ما يستهدف المهاجمون هذه الشّركات للوصول إلى شبكاتٍ أكبر.
ولتجنّب المخاطر المحتملة، ينصح باتّباع إجراءاتٍ احترازيّةٍ، منها:
- تركيب جدار حمايةٍ قويٍّ للتّحكّم في حركة البيانات وحمايتها.
- الاحتفاظ بنسخٍ احتياطيّةٍ منتظمةٍ للبيانات، لضمان استرجاعها في حال فقدانها.
- اعتماد المصادقة متعدّدة العوامل وتشفير البيانات لرفع مستوى الأمان.
- التّدريب على اكتشاف الرسائل المزيفة وتعزيز الوعي الأمنيّ لدى الموظّفين.
لذلك أصبح التّأمين الإلكترونيّ أداةً لا غنى عنها لحماية الشّركات من الخسائر النّاجمة عن الهجمات الإلكترونيّة. كما يمكن أن يغطّي التّأمين تكاليف الاستجابة لحوادث اختراق البيانات، مثل إعلام العملاء، استرجاع البيانات، وتعويض الخسائر الماليّة. وازداد الطّلب على هذا النّوع من التّأمين، خاصّةً مع اشتراط بعض الشّركات الكبرى على شركائها التّجاريّين امتلاك تغطيةٍ تأمينيّةٍ ضدّ هذه الهجمات الإلكترونيّة.
رغم أنّ الذّكاء الاصطناعيّ لا يزال في طور النّموّ، فإنّ استثماره بذكاءٍ يمكن أن يوفّر للشّركات الصّغيرة فرصاً كبيرةً للنّموّ والازدهار في بيئة الأعمال الحديثة. ومن خلال التّخطيط السّليم، توظيف الكفاءات المناسبة، وتجربة الأدوات على نطاقٍ ضيّقٍ قبل التّوسّع، تستطيع الشّركات تحقيق أقصى استفادةٍ من هذه التّقنيّة.
شاهد أيضاً: عام 2023: تطورات الذكاء الاصطناعي بين كرٍّ وفرٍّ