5 أخطاء يقع فيها المبتدئون عند التواصل مع المستثمرين
تقدِّم لنا جينيا كزاسيس، نظرةً ثاقبة حول الأخطاء الشَّائعة التي يرتكبها روَّاد الأعمال عند سعيهم للحصول على تمويلٍ، مع تقديم نصائح قيّمة لتجنُّبها
إذا كنتم على وشك بدء رحلة التَّواصل مع المستثمرين للمرَّة الأولى، فمن المؤكَّد أنَّكم ستواجهون مجموعةً من التَّحدِّيات، من خلال خبرتي في منطقة الشَّرق الأوسط، لاحظت أنَّ القليل جداً من روَّاد الأعمال يتمكَّنون من تحقيق إنجازٍ لافتٍ في محاولتهم الأولى لجذب التَّمويل، والواقع يُظهر أنَّ غالبية هذه المحاولات لا تؤدِّي إلى تأمين التَّمويل المطلوب وينجح في ذلك فقط 1% .
من خلال تجربتي الطَّويلة، استطعت تحديد خمسة أخطاء رئيسيَّة يرتكبها روَّاد الأعمال المبتدئون عند سعيهم لجذب اهتمام المستثمرين، وهي كالآتي:
-
إغفال البحث عن المستثمر المناسب
أولى العقبات تكمن في البداية، حيث يسعى الكثيرون من روَّاد الأعمال إلى التَّقديم لأيّ مستثمرٍ يجدونه، دون الأخذ بعين الاعتبار تطابق أهداف ومجالات الاستثمار مع مشروعهم، وهذا يعدُّ خطأً جسيماً، غير أنَّ هذا الأسلوب يفتقر إلى الدَّقَّة والتَّخصِّص، ممّا يؤدِّي إلى تجاهل أساسيات التَّركيز الاستثماريِّ.
وتتطلَّب عمليَّة البحث عن التَّمويل النَّظر في عدَّة جوانب محوريَّة لضمان توافق مشروعك مع المستثمر المناسب، ومن هذه الجوانب:
- نوع الاستثمار: يشمل هذا القطَّاع مجموعةً واسعةً من المستثمرين كالمُلَّاكة، وصناديق الاستثمار، والأفراد ذوي القدرة الماليَّة العالية، والمكاتب العائليَّة.
- مرحلة الاستثمار: تحدِّد ما إذا كان المستثمر يركِّز على مشاريع البذور، والسِّلسلة A، أو مراحل لاحقةٍ.
- متوسط الاستثمار: يشير إلى الحجم النَّموذجيّ للاستثمار الذي يفضِّله المستثمر.
- التفضيل الجغرافيُّ: يتضمَّن هذا ما إذا كان المستثمر يفضّل الاستثمار في مناطق جغرافيَّةً معينةً أو يعدُّ محايداً جغرافيَّاً.
- التَّركيز التُّكنولوجيُّ: يهتمُّ بعض المستثمرين بقطَّاعاتٍ تقنيَّةٍ محدَّدةٍ كالتُّكنولوجيا العميقة، والذكاء الاصطناعي، والتّقنيَّات ذات التَّأثير الاجتماعيّ، أو البلوكتشين.
- حالة التَّدفُّق النَّقدي: يعني هذا ما إذا كان المشروع ما يزال في مرحلة ما قبل الإيرادات أو بدأ بالفعل في توليد إيرادات.
- القدرة على قيادة الجولة: هل لدى المستثمر القدرة والإرادة لقيادة جولة التمويل.
إذا لم يكن هناك توافقٌ بين مشروعك ومعايير المستثمرين هذه، فإنَّ محاولة التَّرويج لمشروعك قد تُعتبر هدراً للوقت والمجهود، أكثر من ذلك، يمكن أن تؤثِّر محاولات التَّرويج غير المتطابقة سلباً على سمعة مشروعك على المدى الطويل.
كيف تختار المستثمر الأمثل دون تشتُّت:
لتجنُّب التَّشتت وضمان التَّركيز عند اختيار المستثمرين المناسبين، من الأساسيّ اتّباع خطواتٍ محدَّدةٍ بعنايةٍ، استخدم المصادر المتاحة مثل Crunchbase وPitchBook للحصول على بياناتٍ حول التَّوجُّهات الاستثماريَّة للمستثمرين، وفي حال كانت المعلومات محدودةً، لا تتردَّد في التَّواصل المباشر مع المستثمرين أو العاملين في هذا القطَّاع عبر LinkedIn، من المهمّ طرح الأسئلة التي تكشف عن اهتماماتهم الاستثماريَّة والتَّأكُّد من مطابقة مشروعك لهذه الاهتمامات قبل تقديم العرض التَّقديمي.
-
اختر معاركك بحكمةٍ
اختيار المعارك بحكمةٍ يعدُّ جزءاً أساسيَّاً من استراتيجيَّة التَّواصل مع المستثمرين، وبعد السُّقوط في فخّ الخطأ الأوَّل، يجد روَّاد الأعمال أنفسهم أحياناً يسعون خلف المستثمرين الذين لا يتناسبون مع مرحلة نموِّ مشروعهم، فعلى سبيل المثال، قد تجد شركةٌ ناشئةٌ في مراحلها الأولى نفسها تحاول جذب اهتمام صندوقٍ استثماريٍّ يُركِّز على النُّموِّ، معللةً ذلك برغبتها في الحصول على استثمارٍ صغيرٍ حالياً بناءً على توقعات النُّموِ المستقبليَّة ووعد بالعودة لطلب استثمارٍ أكبر لاحقاً.
مع أنَّ هذه المحاولات قد تجذب الانتباه الإعلاميّ أحياناً، إلّا أنَّ محاولة فتح باب التَّواصل مع المستثمرين بهذه الطَّريقة تحمل مخاطر عديدةً، وقد لا تستحقُّ خسارة دعم المؤيدين المحتملين.
لتجنُّب الوقوع في هذا المطبّ:
إذا التقيت بمستثمرٍ يجد أنَّ مشروعك ما يزال صغيراً جداً بالنِّسبة لمعاييره، لا تستبعده بل أضفه إلى قاعدة بيانات العلاقات الخاصَّة بك، ومن المهمّ تنظيم وبناء قاعدة بيانات تتضمَّن معلوماتٍ حول مراحل الاستثمار التي يفضِّلها كلُّ مستثمرٍ والبقاء على تواصلٍ معهم، مشاركاً التَّحديثات والتَّطورات التي تحصل في شركتك، وعندما تنضج شركتك لتتناسب مع معايير استثمارهم، يمكنك تقديم عرضك في الوقت المثاليّ الذي يتطابق فيه مشروعك مع توجُّهاتهم الاستثماريَّة.
-
إتقان فنِّ التَّواصل البارد
التَّواصل البارد، أيّ التَّوجُّه نحو المستثمرين الذين لم تلتقوا بهم شخصيَّاً أو لم تتعرفوا عليهم من قبل، يعدُّ عنصراً حاسماً لبناء علاقاتٍ دائمةٍ، ومع ذلك، يمكن أن يكون هذا التَّحدِّي كبيراً، حسب استطلاعٍ لهارفارد بزنس ريفيو، فإنَّ التَّواصل البارد يشكّل 10% فقط من الصفقات النَّاجحة، ولا شيءَ يُحبط أكثر من رسالةٍ باردةٍ تبدو وكأنَّها جزءٌ من رسائل مُرسلةٍ إلى مئات المستثمرين الآخرين.
كمستثمرٍ ملَّاكٍ، أستقبلُ بشكلٍ يوميٍّ العديد من العروض التي تَطلب منِّي "الاستثمار الآن، آخر فرصةٍ للمشاركة"، يغفل العديد من المؤسَّسين عن حقيقة أنَّ وراء كلِّ صفحةٍ على LinkedIn يقف إنسانٌ يستحقُّ الاحترام؛ لذا، يجب أن يكون التَّواصل البارد مُخصَّصاً، مع تقديم أسبابٍ مقنعةٍ تدفع المستثمر لدعم مشروعك.
كيفيَّة تجنُّب التَّسبُّب بالإزعاج أثناء التَّواصل البارد:
عندما تخطِّط للتَّواصل البارد، اجعل أساس هذا التَّواصل يقوم على فكرة المنفعة المتبادلة، ومن الضَّروريّ التَّأكيد على كيفيَّة استفادة كلُّ طرفٍ من هذه الشَّراكة المحتملة، ويعدُّ إظهار اهتمامك واستعدادك لتقديم يد العون خطوةً أولى نحو بناء علاقةٍ قويَّةٍ ومتينةٍ، واستغلُّ منصَّة LinkedIn للتفاعل بشكلٍ فعَّالٍ، اتَّبع المستثمرين الَّذين تراهم مناسبين وشارك في النِّقاشات، وكن حريصاً على الرَّدِّ على منشوراتهم ورسائلهم، والسَّعي لإيجاد أرضيَّةٍ مشتركةٍ يمهِّد الطَّريق لمحادثاتٍ ذات معنىً وقيمةً.
اقتراح إجراء مكالمةٍ هو خطوةٌ جريئةٌ نحو تعميق التَّفاهم المشترك، وكيف يمكن لمشروعك أن يقدِّم حلولاً للتَّحدِّيات التي يواجهها المستثمر، ومشاركتك للتَّحليلات القيّمة والرَّؤى الفريدة تعزِّز من موقفك وتبرهن على رغبتك الصَّادقة في إضافة قيمةٍ، وتذكَّر، الأسلوب الذي تتبعه في التَّواصل البارد ينبغي أن يعكسَ نفس مستوى الاحتراف والإخلاص الذي تظهره في اللّقاءات الوجهيَّة.
-
اصقل عرضك التَّقديميِّ
في المرحلة التي تنتقل فيها إلى تقديم عرضك التَّقديميّ، احرص على تسليط الضَّوء على الحلول التي يمكن لمشروعك تقديمها للمشكلات التي يعاني منها المستثمر، والغاية من هذا التَّواصل هي ليس فقط بناء علاقاتٍ، بل تحويل هذه الاتِّصالات من مجرَّد تبادلاتٍ باردةٍ إلى علاقاتٍ دافئةٍ وثابتةٍ، مفتوحةٍ على آفاق التَّعاون والنُّموِّ المشترك.
عند إدارتك لشركةٍ ناشئةٍ تقنيَّةٍ، ويكون الشَّغف عالياً لمشاركة إبداعاتك مع العالم، بما في ذلك المستثمرين، وتودُّ أن تروي للجميع قصَّة منتجك أو تقنيتك المبتكرة، وعلى الرَّغم أنَّ التَّأكيد على الخصائص الفريدة لمنتجك أمرٌ مهمٌّ، إلَّا أنَّ الوقوع في فخِّ التَّركيز على المنتج فقط دون النَّظر إلى القيمة التي يقدِّمها للمستثمرين يُعدُّ خطأً شائعاً.
الخبرة المحدودة في التَّفاوض مع المستثمرين قد تجعل بعض المؤسِّسين يُسيئون تقدير ما يبحث عنه المستثمرون حقاً، والمستثمرون يبحثون عن مشاريع قابلةٍ للنُّموِّ والرِّبح، مع توقُّعاتٍ بنتائج تجاريَّةٍ قويَّةٍ وعائدٍ استثماريٍّ مُجزٍ.
ليس كافياً أن يكون لديك تميُّزٌ في مجال البحث والتَّطوير، فبحسب دراسةٍ أجرتها TechCrunch، فقط ربع العروض التَّقديميَّة التي تضمَّنت بياناتٌ ماليَّةٌ تمكَّنت من جذب التَّمويل، بينما الشَّركات التي لم تُدرج بياناتها الماليَّة ضمن عروضها التَّقديميَّة فشلت في ذلك.
لتفادي السُّقوط في هذا الفخِّ:
عند إعدادك للعرض التَّقديميّ، من الضَّروري أن تُبرز مشروعك كفرصةٍ استثماريَّةٍ واعدةٍ، ويجب أن تركِّز القصَّة على جانب الأعمال التِّجاريَّة وكيف يُمكن لمنتجك أو خدمتك أن تدعم استراتيجيَّة النَّفاذ إلى السُّوق والنُّموِّ المستقبليِّ، ومثالٌ على ذلك: "نحن بصدد إطلاق جولةٍ تمويليَّةٍ X بتقييم Y، ونتوقَّع أن نبدأ في تحقيق إيراداتٍ خلال Z سنوات."
هذا الأسلوب يمنح المستثمرين نظرةً واضحةً على كيفيَّة تحقيق مشروعك للنُّموِّ والرِّبح على المدى الطَّويل، مما يجعل من عرضك التَّقديميَّ ليس مجرَّد استعراضٍ للتِّقنيَّة أو المنتج، بل خطَّة عملٍ مُحكمة تستهدف النَّجاح والتَّوسُّع.
-
إتقان المقابلة
إذا كنت قد حصلت على فرصةٍ لمقابلة مستثمرٍ محتملٍ، فهذا إنجازٌ يستحقُّ التَّهنئة، ولكن، من الضَّروريِّ الآن أن تتجنَّب الوقوع في فخِّ التَّسويق لنفسك بأيِّ وسيلةٍ دون السَّعي لبناء علاقةٍ متوازنةٍ تجلب الفائدة لكلا الطَّرفين.
وغالباً ما يغفل روَّاد الأعمال الجدد، في حماسهم لجمع التَّمويل، عن حقيقة أنَّ الشَّراكة مع مستثمرٍ ليست مجرَّد تبادلٍ ماليٍّ، وإنَّما تعاونٌ طويل الأمد، وإهمال البحث عن دوافع المستثمرين، وتجاربهم السَّابقة، ودورهم في الشَّركات التي استثمروا فيها سابقاً، وخبراتهم، والدَّعم الذي يمكن أن يقدِّموه، قد يسبب مشاكل في المستقبل.
شاهد أيضاً: 8 أمور يبحث عنها المستثمر فيك قبل أن يعطيك نقوده
لتجنُّب التَّعارض في التَّوقُّعات:
يمكننا الاستعانة بمثال البحث عن عملٍ لتوضيح الفكرة، والمهمُّ ليس فقط أن تجد دوراً، بل أن تجد الدَّور المناسب لك، بمعنى، أثناء تسويق نفسك للمستثمر، يجب أيضاً التَّأكُّد من أنَّ ما يقدِّمه المستثمر يتناسب مع احتياجاتك وتوقُّعاتك.
بطريقةٍ مدروسةٍ ولبقةٍ، تواصل مع المستثمرين المحتملين لفهم نهجهم في العمل مع الشَّركات النَّاشئة التي يستثمرون فيها، واسأل عن كيفيَّة تطوِّر العلاقات في الماضي، وتصوُّرهم للتَّعاون، ومدى مشاركتهم في الأنشطة اليوميَّة للشركة، من الأفضل طرح هذه الأسئلة في وقتٍ مبكِّرٍ لضمان التَّوافق في الرُّؤى والتَّوقُّعات بين الطَّرفين.
في النِّهاية، حتَّى إذا لم تسفر محاولاتك في التَّواصل مع المستثمرين عن نتيجةٍ مباشرةٍ، فإنَّ الخبرة التي تكتسبها تظلُّ قيمةً، تذكَّر، رحلة ريادة الأعمال تشبه الماراثون أكثر منها سباقاً قصيراً، والصَّبر والاستمراريَّة هما مفتاحا النَّجاح.
نُشر هذا المقال في الأصل في عدد مارس/أبريل من مجلة عربية .Inc الرقمية، تصفّحها من هنا