الرئيسية تكنولوجيا 6 توجهات تشكل مستقبل تمويل الشركات الصغيرة في الخليج العربي

6 توجهات تشكل مستقبل تمويل الشركات الصغيرة في الخليج العربي

تمضي التّكنولوجيا الماليّة بخطى واثقة في عام 2025، لتعيد تشكيل خارطة التّمويل، وتفتح أمام الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة أبواباً جديدة للنّمو والازدهار

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفر أيضاً باللغة الإنجليزية هنا

لا ريبَ أنّ عجلةَ الابتكار التّكنولوجي تتسارعُ في عصرنا هذا تسارعاً قد يَشقّ على النّاظرِ اللّحاقَ به أو الإحاطةَ بأبعاده. ولعلّ الشّركاتِ الصّغيرةَ والمتوسّطةَ في منطقتنا العربيّة هي الأَولى بأن تُدركَ ما يجري من تطوّرٍ في ساحة التّكنولوجيا الماليّة، إذ إنّ هذه السّاحة تشهد تحوّلاتٍ سريعةً، تحمل في طيّاتها فرصاً تهبُّ على أصحاب الأعمال، وتشجِّعهم على المنافسة في اقتصادٍ بات يستندُ إلى الرّقمنة اعتماداً يكاد يزدادُ يوماً بعد يوم.

ولعلّ عام 2025 لن يكون عام التّغيير فحسب، بل سيكون -في ظنّي- عاماً تشتدّ فيه الفرص، وتتنوّع آفاقها أمام الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة. فلم يكن قطاعُ التّكنولوجيا الماليّة في الشّرق الأوسط بهذا القدر من الحيويّة والدّيناميكيّة من قبل؛ إذ لم تعد الشّركاتُ تكتفي بمجاراة التّحوّل فحسب، بل غدت تبتكر وتصوغ مستقبله بنشاطٍ ووعي.

وفي شركتنا، "بيمو" (Pemo)، نلمس هذا التّحوّل كل يوم؛ إذ نرى كيف توظِّفُ الشّركاتُ الصّغيرة والمتوسطة ما استجدّ من أدوات، فتُعيد صياغة عمليّاتها على نحوٍ يزيدها كفاءةً، ويخفّضُ تكاليفها، ويقرِّبها من عملائها. ولا تقف الاتّجاهات التّي ستُميِّزُ عام 2025 عند حدّ الشّعارات الرّنّانة؛ بل هي بحقّ فرصٌ ماثلةٌ لمن أراد اغتنامها، وفرصٌ قابلةٌ للتنفيذ لمن استعدّ لاستقبال الابتكار وتوظيفه في عمله.

فيما يلي أبرز التّوجّهات التّي يجدر بالشّركات الصّغيرة والمتوسطة دراستها واعتمادها، إنّ شاءت أن تزدهر في العام المقبل:

1. الخدمات المصرفيّة المفتوحة والماليّة المفتوحة

يبدو أنّ الخدمات المصرفيّة المفتوحة آخذةٌ في إعادة رسم سبيلنا إلى الخدمات الماليّة؛ إذ تتيح مشاركة البيانات الماليّة بأمان بين البنوك وتطبيقات الطّرف الثّالثّ. وعندئذٍ تجد الشّركات الصّغيرة والمتوسطة حلولاً تُفصَّل على قدر احتياجاتها، من قروضٍ ميسّرة إلى أدوات ذكيّةٍ لإدارة الميزانيّة، وصولاً إلى أنظمة دفعٍ متكاملة تسهِّل التّعامل وتسرِّعه.

وقد شرعت المملكة العربيّة السّعوديّة في تطبيق الخدمات المصرفيّة المفتوحة على مراحل، يُتوَقَّع أن تتسع رقعتها خلال هذا العام. أمّا دولة الإمارات، فقد وضعت إطاراً للعمل بالماليّة المفتوحة، مما يفسحُ للشّركات مجال الاستفادة من واجهات برمجة التّطبيقات (APIs) لإجراء تعاملات ماليّةٍ أكثر تطوّراً. وفي هذا فتحٌ عظيمٌ للشّركات الصّغيرة والمتوسطة، إذ تجد بين يديها أدواتٌ تساعدها في تحسين عمليّاتها وزيادة تفاعلها مع العملاء في وقتٍ معاً.

2. الماليّة المضمَّنة من أجل تجربة دفعٍ سلسة

تُتيح الماليّة المضمَّنة للشّركات دمج الخدمات الماليّة في منصّاتها من غير أن يشعر العميل بعناء التّنقّل بين التّطبيقات والمواقع المختلفة. فخيار "اشترِ الآن وادفع لاحقاً" الذّي يتكامل مع مواقع التّجارة الإلكترونيّة على سبيل المثال، أو القروض الفوريّة التّي تظهر للعميل في الوقت والمكان نفسيهما، مثالٌ جليّ على الماليّة المضمَّنة.

فيفتح هذا الاتّجاه للشّركات الصّغيرة والمتوسّطة أبواباً جديدةً من الإيرادات، ويزيد ولاء العملاء، ويبسط عناء الدّفع عن كاهل المستخدم. ومع ما يشهده المستهلكون من تزايد توقّعاتهم تجاه خيارات دفعٍ مرنة، باتت الماليّة المضمَّنة عنصراً لا يسع أي شركةٍ تبيع مباشرةً للجمهور أن تهمله.

3. الإدارة الماليّة بالذّكاء الاصطناعيّ

ليس بخافٍ على أحد أنّ الذّكاء الاصطناعيّ يخطو اليوم خطواتٍ واسعةً في سبيل تبسيط العمليات الماليّة. فهو يمكِّن من اتّخاذ القرارات في التّوّ واللّحظة، وتحليل التّدفقات النّقديّة، والتّنبؤ بالاتّجاهات، فضلاً عن أتمتة المهام المرهقة مثل إصدار الفواتير وتتبع النّفقات.

ومن خلال تبنّي منصاتٍ قائمةٍ على الذّكاء الاصطناعيّ، لا تكتفي الشّركات الصّغيرة والمتوسطة بتوفير الوقت والجهد فحسب، بل تحصل أيضاً على رؤيّة أكثر عمقاً لصحّتها الماليّة، فتبني عليها قراراتٍ قائمة على البيانات الدّقيقة. أمّا الشّركات النّاشئة المحدودة الموارد، فسيغدو الذّكاء الاصطناعيّ ركيزةً لا غنى عنها في فريق عملها، إذا أُحسن استخدامه وبرمجته وفق حاجاتها.

4. المدفوعات عبر الحدود

يُعَدُّ الشّرق الأوسط مركزاً بارزاً للتجارة الدّوليّة، وهذا ما يجعل تطوّر حلول المدفوعات عبر الحدود من أهمّ العوامل المؤثرة في نجاح كثيرٍ من الأعمال. فما يشهده هذا المجال من تقنيّاتٍ جديدة قد خفّض رسوم المعاملات وعجّل في تسويتها ودعم تعدّد العملات. وتتصدّر بعض المنصات القائمة على البلوكتشين، مثل ريبل نت وستيلر، هذه المشهديّة؛ إذ تُذلّل العقبات التّقليديّة، وتتيح تسوياتٍ شبه فوريّة تمتاز بالشّفافيّة والأمان.

وتستفيد منطقتنا كذلك من مبادراتٍ مثل منصة "بُنى" التّابعة لصندوق النّقد العربي، التّي تدعم المدفوعات متعدّدة العملات بين الدّول العربيّة، ما يجعل المعاملات فوريّةً وموحَّدة. وبالمثل، ثمّة شراكات بين بنك المشرق في دبي وبنك DBS تتيح مدفوعاتٍ عبر الحدود تتمّ في نفس اليوم، بل تكاد تقترب من اللّحظة الفوريّة، مما يُعزِّز الكفاءة ويخفّض الكلفة. أمّا الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة التّي تنشد الانفتاح على أسواق العالم، فستجد هذه التّطورات تيسِّر عليها تصدير المنتجات إلى أوروبا، واستيراد المواد من آسيا، وحتّى سداد أجور الموظفين في شتّى الأرجاء، بأمانٍ وسهولةٍ لم يسبق لهما مثيل.

5. التّكنولوجيا الماليّة الخضراء

لا تكتفي التّكنولوجيا الماليّة في الشّرق الأوسط بمجال الخدمات والدّفع فحسب، بل تتخّذ منحىً بيئيًّا حيويًّا. فثمّة منصّاتٌ رقميّةٌ تُعين الشّركات الصّغيرة والمتوسّطة على رصد بصمتها الكربونيّة، واعتماد ممارساتٍ تحفظ البيئة. انظر مثلاً إلى مبادرة السّعوديّة الخضراء، فهي تحثّ المؤسسات على تبنّي أدواتٍ متوائمةٍ مع أهداف الاستدامة، كأنظمة دفعٍ موفّرةٍ للطاقة أو منصاتٍ تعمل على تعويض الانبعاثات الكربونيّة.

وعلى هذا المنوال، فإنّ التّقنيات الخضراء لا تعود بالنّفع على البيئة وحسب، بل تجذب جمهوراً من العملاء الحريصين على التّعامل مع مؤسّساتٍ تلتزم بقضايا الاستدامة. ومن شأن هذه الأدوات أيضاً مساعدة الشّركات على الامتثال لما تفرضه الحكومات من تشريعاتٍ بيئيّة، تتزايدُ حدَّتها يوماً بعد آخر، فتضمن بذلك المساهمة في مستقبلٍ أكثر اخضراراً، وتوطِّد علاقتها بزبائن يقدّرون مبادئ الحوكمة البيئيّة والاجتماعيّة على حدٍّ سواء.

6. الأمن السّيبراني

لا يخفى على أحدٍ ما يشهده عالمُ الأعمال اليوم من توسعٍ كبيرٍ في نطاق المدفوعات الرّقميّة والخدمات المصرفيّة عبر الإنّترنت. لكنّ هذا الانفتاح التّكنولوجي يصحبه خطرٌ متزايد من التّهديدات السّيبرانيّة، ومن ثمّ بات تحصين البيانات الحسّاسة والحفاظ على ثقة العملاء ركيزةً أساسيّةً في نجاح أي شركةٍ؛ كبيرةً كانت أم صغيرة.

وقد أولت دول المنطقة هذا المجال اهتماماً خاصاً. ففي السّعوديّة، أطلقت الهيئة الوطنيّة للأمن السّيبراني مبادراتٍ للتّوعيّة والتّدريب، وأخرى لإمداد الشّركات الصّغيرة بالموارد الكفيلة بحماية نظمها. كما تساهم مبادرات مثل "المواهب السّعوديّة في الأمن السّيبراني" في تخريج مختصّين مؤهّلين لتطبيق أحدث الأساليب التّقنيّة في الدّفاع الرّقمي. وفي الإمارات، تتبنّى استراتيجيّةُ دبي للأمن السّيبراني نهجاً متكاملاً يشمل المصادقة متعدّدة العوامل، واكتشاف محاولات الاحتيال في حينها، والتّشفير المتقدم.

ولئن كانت هذه الإجراءات في السّابق حكراً على الشّركات العملاقة، فإنّها اليوم متاحةٌ للشّركات الصّغيرة والمتوسّطة، بفضل ما تتبنّاه الحكومات من خططٍ وبرامج دعم. ومن ثَمّ، فإنّ الاستثمار في هذا النّوع من الأمن ليس ترفاً، بل هو صمّام أمانٍ يضمن للشّركة حماية عمليّاتها وبيانات عملائها، ويمنحها قدرةً على التّحرك بأمانٍ في فضاءٍ رقميٍّ يموج بالمخاطر، بقدر ما يعجّ بالفرص.

عن المؤلف

أيهم غراني هو الشّريك المؤسس لشركة "بيمو"، المنصّة الشّاملة لإدارة الإنّفاق الخاصة بالأعمال. يقيم في دبي، وكان له دورٌ جوهريٌّ في تطوير عروض "بيمو" البرمجيّة طوال السّنوات الثّلاث الماضيّة، مستنداً إلى خلفيّة تقنيّةٍ راسخة. وقد ساهم في تنفيذ ما يربو على 300 تحديثٍ على حلول الشّركة البرمجيّة، حرصاً على مواكبة الابتكار والاستمرار في تقديم الحلول الأكثر كفاءةً وفعاليّةً لعملائها.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: