الرئيسية الابتكار 6 عالمات عربيات يتركن بصمتهنّ في العلوم لعام 2024

6 عالمات عربيات يتركن بصمتهنّ في العلوم لعام 2024

برنامج "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم" كرّم ستّ باحثات عربيات لتميّزهنّ بأبحاث رائدة في التّكنولوجيا والهندسة والعلوم

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

هذا المقال متوفر أيضاً باللغة الإنجليزية هنا

احتُفي بستٍّ من العالمات العربيّات المتميّزات في الدّورة الحادية عشرة من برنامج "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم" لمنطقة الشّرق الأوسط للشّابّات الموهوبات. أقيم هذا الحدث بالشّراكة مع جامعة خليفة للعلوم والتّكنولوجيا في دولة الإمارات العربيّة المتّحدة خلال شهر أكتوبر من العام الجاري. وقد حظيت الفائزات بالتّكريم تقديراً لأبحاثهنّ الرّائدة في مجالاتٍ متنوّعةٍ، شملت علم الأعصاب وعلوم التّرجمة الجينيّة. كما منحن منحاً ماليّةً لدعم إسهاماتهنّ المبتكرة في مجالات العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات.

يولي البرنامج أهمّيّةً كبيرةً للتّميّز الأكاديميّ والابتكار البحثيّ، مع التزامٍ صارمٍ بأعلى المعايير الأخلاقيّة. وقد جرى اختيار الفائزات بناءً على إنجازاتهنّ العلميّة وجودة أبحاثهنّ ومدى تأثيرها المحتمل، بالإضافة إلى قدرتهنّ على إلهام الأجيال الشّابّة من العالمات العربيّات.

يذكر أنّ هذا البرنامج يعدّ جزءاً من مبادرةٍ عالميّةٍ انطلقت منذ عام 1998، وقد دعمت أكثر من 4100 باحثةٍ و127 عالمةً حاصلةً على جوائز مرموقةٍ من أكثر من 110 دولٍ. يعكّس برنامج هذا العام في منطقة الشّرق الأوسط الحاجة الملحّة لإبراز إسهامات النّساء العربيّات في تطوير العلوم، حيث يواصل تمكينهنّ من تحقيق إنجازاتٍ علميّةٍ لافتةٍ.

وفيما يلي لمحةٌ عن الأبحاث المتميّزة الّتي تعمل عليها هؤلاء العالمات السّتّ، إلى جانب رؤيتهنّ الشّخصيّة وأثر حصولهنّ على هذا التّكريم الرّفيع.

فاطمة الشّامسي

طالبة دكتوراه إماراتيّةٌ في جامعة خليفة، متخصّصةٌ في علوم التّرجمة الجينيّة، وهو مجالٌ علميٌّ يعنى بدراسة نشاط الجينات، ويشمل كيفيّة تنظيمها واستجابتها للظّروف المختلفة أو الأمراض. تسعى الشّامسي، من خلال أبحاثها، إلى تحديد الجينات المرتبطة بخلل خلايا البطانة الدّاخليّة للأوعية الدّمويّة، بهدف تطوير حلولٍ علاجيّةٍ تساعد في إدارة مضاعفاتٍ مثل اعتلال الشّبكيّة وأمراض القلب والأوعية الدّمويّة.

في حديثها مع مجلّة "عربية .Inc"، وصفت فاطمة الشّامسي تجربتها بعد الفوز بجائزة "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم" بأنّها كانت تجربةً محوريّةً غيّرت كثيراً في مسيرتها المهنيّة والشّخصيّة. وقالت:

"على المستوى المهنيّ، فتحت الجائزة أمامي آفاقاً جديدةً للتّعاون، وزادت من انتشار أبحاثي، ممّا أتاح لي فرصة الوصول إلى شبكةٍ عالميّةٍ من العلماء لمشاركة عملي، وهو ما قد يؤدّي إلى فرصٍ جديدةٍ مثيرةٍ". وأضافت: "على المستوى الشّخصيّ، منحتني الجائزة الثّقة، وعزّزت إيماني بأهمّيّة أبحاثي. كما دفعتني إلى دعم وتوجيه الشّابّات الأخريات في المجال العلميّ، إذ أشعر الآن بمسؤوليّةٍ أكبر لإلهام الجيل القادم".

ورغم عملها في دولة الإمارات، الّتي تعرف بدعمها الكبير للنّساء في مجالات العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات، تشير الشّامسي إلى أنّها واجهت - في بداية مسيرتها المهنيّة - تحدّياتٍ ناجمةً عن ندرة النّماذج النّسائيّة في بعض التّخصّصات، مثل علم الوراثة والأبحاث الطّبّيّة الحيويّة. وقالت:
"كان من الصّعب أن أجد نماذج نسائيّةً كثيرةً أستطيع الاقتداء بها عند التّفكير في مستقبلي العلميّ". ولكنّها أوضحت أنّها تغلّبت على هذه التّحدّيات من خلال السّعي إلى الإرشاد، واستلهام العزيمة من نماذج نسائيّةٍ إماراتيّةٍ رائدةٍ، مثل الدّكتورة حبيبة الصّفار. كما اعتمدت على الدّعم القويّ الّذي قدّمته مؤسّساتٌ مثل جامعة خليفة، والّتي تهتمّ بتنشئة الشّباب العلماء من خلال الإرشاد وتوجيه المسار المهنيّ.

6 عالمات عربيات يتركن بصمتهنّ في العلوم لعام 2024

الدّكتورة هيام سهيل شميطلي

الدّكتورة هيام سهيل شميطلي، أستاذةٌ مساعدةٌ في البحث في علوم الصحّة السّكّانيّة في وايل كورنل للطّبّ بقطر. تختصّ العالمة اللّبنانيّة في دراسة الأمراض المعدية. تركز أبحاثها على "وبائيّات العدوى التّنفّسيّة"، بالإضافة إلى تقييم فعاليّة التّدخّلات الطّبّيّة المختلفة. قد أثّرت أعمالها على الممارسات السّريريّة وخفّفت من العبء المجتمعيّ للأمراض المعدية، وأبرزت الدّور الحيويّ للتّلقيح في حماية النّساء الحوامل والفئات الأكثر عرضةً للخطر.

وعن تأثير فوزها بجائزة "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم"، قالت: "على الصّعيد المهنيّ، يفتح هذا التّكريم آفاقاً جديدةً للتّعاون وتمويل الأبحاث وإقامة الشّراكات، وهذه عناصر أساسيّةٌ لإجراء أبحاثٍ تتّسم بالتّأثير". وأضافت: "على الصّعيد الشّخصيّ، تؤكّد لي هذه الجائزة قيمة المثابرة، وتحفّزني لوضع أهدافٍ أعلى. كما ألهمتني لأكون قدوةً ومرشدةً للنّساء الأخريات في مجالات العلوم، وأثبت أنّ الإسهامات العلميّة القيّمة ليست بعيدة المنال".

عند استرجاع مسيرتها المهنيّة، أشارت الدّكتورة هيام سهيل شميطلي إلى العقبات الّتي واجهتها كامرأةٍ تعمل في مجالٍ يغلب عليه الرّجال. وذكرت أنّ واحدةً من أبرز هذه التّحدّيات كانت محدوديّة فرص الحصول على تعليمٍ عالٍ بجودةٍ مميّزةٍ داخل المنطقة، إلى جانب الضّغوط الاجتماعيّة الّتي تفرض على المرأة أدواراً محدّدةً والالتزامات العائليّة الّتي تضاعف من صعوبة تحقيق التّوازن. وقالت: "أحد أكبر التّحدّيات الّتي واجهتها كان نقص الفرص التّعليميّة العالية الجودة في المنطقة، إضافةً إلى التّوقّعات الاجتماعيّة الّتي تزيد من الأعباء على المرأة".

ومع ذلك، تمكّنت شميطلي من التّغلّب على هذه الصّعوبات وتحقيق إنجازاتٍ بارزةٍ. وأضافت: "لحسن الحظّ، حظيت بفرصةٍ فريدةٍ لمواصلة دراستي للحصول على درجة الدّكتوراه أثناء البقاء في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. هذا الأمر مكّنني من بناء مسيرتي الأكاديميّة هنا دون الحاجة إلى مغادرة المنطقة".

وعندما سُئلت عن النّصائح الّتي تقدّمها لزملائها وزميلاتها، أكّدت شميطلي أهمّيّة تحقيق توازنٍ صحّيٍّ بين العمل والحياة الشّخصيّة، وشدّدت على الدّور الكبير الّذي يلعبه وجود نظام دعمٍ قويٍّ من العائلة والمحيطين. وأوضحت: "التّوفيق بين متطلّبات العمل في مجال العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات وبين المسؤوليّات الشّخصيّة لم يكن أمراً سهلاً أبداً، خاصّةً مع ساعات العمل الطّويلة والحاجة المستمرّة للتّعلّم والتّطوير". واستطردت قائلةً: "لكنّ الدّعم العائليّ القويّ كان حاسماً بالنّسبة لي؛ فقد مكّنني من التّركيز على تطوير مسيرتي المهنيّة وتقديم إسهاماتٍ ذات قيمةٍ في مجالي".

6 عالمات عربيات يتركن بصمتهنّ في العلوم لعام 2024

إسراء الحسين الحسن عثمان

إسراء الحسين الحسن عثمان، طالبة دكتوراه سودانيّةٌ تعمل في مجال الموادّ النّانويّة والتّحفيز الضّوئيّ في جامعة خليفة. يركّز بحثها على النّقاط الكموميّة، وهي موادٌّ تعرف بخصائصها البصريّة والكهربائيّة الفريدة. وتسعى من خلال عملها إلى تحسين حجم هذه النّقاط وشكلها وخصائص سطحها بهدف زيادة كفاءة تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى منتجاتٍ مفيدةٍ. ويهدف بحثها إلى المساهمة في الجهود العالميّة الرّامية إلى تقليل مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوّيّ والحدّ من تغيّر المناخ.

وعن فوزها بجائزة "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم"، أعربت عثمان عن سعادتها وقالت: "هذا الإنجاز فتح لي أبواباً جديدةً للتّعاون العلميّ، ومكّنني من الحصول على تمويلٍ وفرصٍ للوصول إلى موارد قيّمةٍ تعزّز من أبحاثي". وأضافت: "على المستوى الشّخصيّ، عزّز هذا الفوز ثقتي بنفسي وعمّق التزامي بإلهام النّساء الأخريات في مجال العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات". وأوضحت: "هذه الجائزة تدفعني إلى توسيع آفاق أبحاثي، وأطمح إلى أن أكون نموذجاً يحتذى به للأجيال القادمة من العالمات".

وعن تجربتها كواحدةٍ من النّساء القلائل العاملات في مجالٍ تقنيٍّ، أشارت عثمان إلى أنّ التّحيّزات المرتبطة بالجنس وندرة النّساء في مثل هذه المجالات ليست مشاكل مقصورةً على منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل هي ظاهرةٌ عالميّةٌ. وقالت: "واجهت افتراضاتٍ وتشكيكاً في قدراتي وطموحاتي، وكان ذلك أحياناً محبطاً". لكنّها أكّدت: "وجدت قوّتي في الإصرار والمثابرة، وفي إحاطة نفسي بزملاء وموجّهين داعمين يقدّرون التّنوّع والشّمول، ممّا ساعدني على المضيّ قدماً بثقةٍ".

6 عالمات عربيات يتركن بصمتهنّ في العلوم لعام 2024

الدّكتورة لينا علي إبراهيم

الدّكتورة لينا علي إبراهيم، أستاذةٌ مساعدةٌ في علم الأحياء بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتّقنيّة في المملكة العربيّة السّعوديّة، ذات أصولٍ فلسطينيّةٍ-بلغاريّةٍ، تعدّ واحدةً من أبرز الباحثات الرّائدات في مجال علوم الأعصاب. تركّز أبحاثها على فهم العلاقة بين خلايا معيّنةٍ في الدّماغ والجينات وبين فرط الحساسيّة المرتبط بالتّوحّد. ومن خلال استخدام تقنيّاتٍ متقدّمةٍ مثل تصوير الكالسيوم ثنائيّ الفوتونات، تسعى لفهم كيف تشكّل التّجارب الحسّيّة والعوامل الجينيّة وظائف الدّماغ.

وفي حديثها عن اختيارها كإحدى الفائزات بجائزة "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم" هذا العام، أعربت إبراهيم عن امتنانها العميق لهذا التّقدير. وقالت: "هذا التّكريم ليس مجرّد اعترافٍ بأهمّيّة الأسئلة الّتي يسعى مختبري للإجابة عليها، بل إنّه أيضاً يدعم قدرتي على تمكين العلماء النّاشئين". وأوضحت: "آمل أن يفتح هذا الإنجاز أبواباً جديدةً للحصول على موارد إضافيّةٍ لأبحاثنا، وأن يلهم الشّابّات الطّموحات لدخول عالم علوم الأعصاب وتحقيق إنجازاتٍ فيه".

وعلى الرّغم من النّجاحات الّتي حقّقتها إبراهيم، لم تخل رحلتها من التّحدّيات. وتحدّثت عن العقبات الّتي واجهتها قائلةً: "في بعض الأحيان، لم أؤخذ على محمل الجدّ، أو شكّك البعض في قدراتي. ولكن، هذه التّحدّيات لم تضعف عزيمتي؛ بل زادتني إصراراً على العمل بجدّيّةٍ أكبر وإثبات مرونتي".

ومع ذلك، أكّدت إبراهيم التزامها ببناء بيئةٍ شاملةٍ وداعمةٍ للنّساء العاملات في مختبرها. وقالت: "على الرّغم من هذه الصّعوبات، أظلّ ملتزمةً بخلق فضاءٍ يمكن للنّساء فيه أن يبدعن وينمين بحرّيّةٍ، وأن يجدن الدّعم اللّازم لتحقيق أحلامهنّ العلميّة".

6 عالمات عربيات يتركن بصمتهنّ في العلوم لعام 2024

طيّبة العمودي

طيّبة العمودي، طالبة دكتوراه سعوديّةٌ في جامعة الملك عبد اللّه للعلوم والتّقنيّة، متخصّصةٌ في علوم البحار، تتميّز ببحثها العميق في تأثير تغيّر المناخ على النّظم البيئيّة البحريّة. تركّز أبحاثها على فهم كيفيّة استجابة الحياة البحريّة للتّحدّيات البيئيّة الكبرى، مثل الاحتباس الحراريّ ونقص الأكسجين في المحيطات. تسعى العمودي، من خلال هذا العمل، إلى ابتكار حلولٍ مستدامةٍ تعزّز التّناغم بين حماية النّظم البيئيّة وضمان استمرار الاستفادة منها بما يخدم المجتمعات البشريّة.

تجمع العمودي بين خلفيّتها في علم الأحياء البحريّة وعلم البيئة، وبين رؤيتها العلميّة المتطوّرة، حيث توظّف البحث العلميّ، والعمل في مجال السّياسات البيئيّة، والتّقنيّة لدفع جهود مواجهة تغيّر المناخ على المستويين المحلّيّ والعالميّ.

تصف العمودي فوزها بجائزة "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم" بأنّه علامةٌ فارقةٌ في مسيرتها العلميّة. وقالت: "يمنّحني هذا التّكريم فرصةً لتوسيع نطاق تأثير أبحاثي، إذ يتيح لي الوصول إلى منصّاتٍ أوسع والتّواصل مع علماء ومتعاونين يمكنهم الإسهام في تعزيز عملي". وأضافت: "على المستوى الشّخصيّ، يعدّ هذا الفوز حافزاً كبيراً يعزّز ثقتي بنفسي ويذكّرني بأنّ الجهود المستمرّة لا تذهب سدًى. كما أنّه يلهمني لمواصلة الطّموح والسّعي لتحقيق المزيد، ويؤكّد للنّساء الأخريات أنّ الوصول إلى هذه الإنجازات أمرٌ ممكنٌ".

تقرّ العمودي بأنّ رحلتها العلميّة لم تكن خاليةً من التّحدّيات، خاصّةً في ظلّ السّياق الثّقافيّ والاجتماعيّ لمنطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت: "تُظهر الأعراف الثّقافيّة المسؤوليّات الأسريّة وكأنّها التزامٌ لا يمكن التّراجع عنه، وهذا قد يحدّ من التّقدّم المهنيّ ويقلّل من الفرص المتاحة". وتضيف: "التّحدّيات اليوميّة، مثل التّوفيق بين ساعات العمل الطّويلة في المختبر أو العمل الميدانيّ أو السّفر، وبين تلبية التّوقّعات الأسريّة، تمثّل عقباتٍ حقيقيّةً".

رغم هذه العقبات، تؤكّد العمودي أهمّيّة التّحلّي بالمرونة والقدرة على الدّفاع عن النّفس وبناء شبكة دعمٍ قويّةٍ. وقالت: "لحسن الحظّ، عائلتي الصّغيرة كانت داعمةً لي دائماً، كما أنّ القيادة ذات الرّؤية المستقبليّة في المملكة العربيّة السّعوديّة أحدثت تغييراً كبيراً في تمكين النّساء ومساعدتهنّ على تحقيق طموحاتهنّ العلميّة".

تشيد العمودي بالدّعم الّذي تقدّمه الحكومة السّعوديّة من خلال البرامج والمنح الدّراسيّة، وقالت: "هذا الدّعم القويّ من القيادة العليا لتعزيز مشاركة النّساء وتوفير الحماية لهنّ قد خفّف كثيراً من الضّغوط، ممّا أتاح لي ولغيري من النّساء فرصة التّقدّم وتحقيق النّجاح".

6 عالمات عربيات يتركن بصمتهنّ في العلوم لعام 2024

الدّكتورة انتصار الهتلاني

الدّكتورة انتصار الهتلاني، أستاذةٌ في جامعة الكويت ومتخصّصةٌ في الكيمياء التّحليليّة، تعمل بتركيزٍ خاصٍّ على علم الأدلّة الجنائيّة. استلهمت شغفها بهذا المجال خلال سنوات دراستها الجامعيّة، وكرّست أكثر من 8 سنواتٍ لتطوير تقنيّاتٍ مبتكرةٍ لتحليل الأدلّة الدّقيقة، مثل المخدّرات والسّوائل الحيويّة. تسهم أبحاثها في تحسين دقّة التّحقيقات الجنائيّة وتقديم أدلّةٍ أكثر موثوقيّةً تساعد على حلّ القضايا المعقّدة.

تركّز أبحاث الهتلاني على دراسة كيفيّة تفاعل الضّوء مع الموادّ للكشف عن معلوماتٍ جزيئيّةٍ دقيقةٍ. يعتبر هذا النّهج العلميّ محوّريّاً في الكشف عن الأدلّة الجنائيّة، خاصّةً في الجرائم الّتي تؤثّر على النّساء، مثل قضايا العنف المنزليّ والاعتداءات الجنسيّة.

وعند حديثها عن فوزها بجائزة "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم"، وصفت الهتلاني هذا الإنجاز بأنّه نقطة تحوّلٍ كبيرةٍ في مسيرتها المهنيّة. وقالت: "أن أختار من بين الكثير من الباحثات المتميّزات كان شرفاً كبيراً لي. هذا التّكريم عزّز ثقتي بنفسي ومنحني طاقةً للاستمرار في العمل على أبحاثي". وأضافت: "هذه الجائزة تعدّ تتويجاً لسنواتٍ من العمل الجادّ والتّفاني الّذي بذلته أنا وفريقي في أبحاثنا. كما أنّها تساعد في تعزيز مكانتي في المجتمع العلميّ، وتفتح لي آفاقاً جديدةً للتّعاون والشّراكات المستقبليّة الّتي أتطلّع إليها بحماسٍ".

كشفت الهتلاني أيضاً أنّ هذا التّقدير جاء في وقتٍ كانت تشعر فيه بالإرهاق، ممّا جعله دفعةً قويّةً لتحفيزها واستعادة شغفها بالبحث العلميّ. وقالت: "البحث العلميّ لا يخلو من تحدّياتٍ، مثل عمليّة مراجعة الأقران وتأمين التّمويل، الّتي قد تكون مرهقةً جدّاً". ولكنّها تابعت: "رغم كلّ ذلك، فإنّ الشّغف بمواصلة البحث والتّطوير هو ما يحفّزني على الاستمرار. وفي هذا السّياق، تكون هذه الجائزة ليست فقط شهادة تقديرٍ لجهودي، بل هي أيضاً تذكيرٌ لي بأهمّيّة المواصلة في تقديم أبحاثٍ مؤثّرةٍ".

وعند حديثها عن بيئة العمل في جامعة الكويت، عبّرت الهتلاني عن تقديرها؛ لأنّها تعمل في مؤسّسةٍ توفّر بيئة عملٍ داعمةً ومتساويةً للجنسين. وقالت: "بيئة العمل لدينا داعمةٌ جدّاً للجنسين، حيث نحظى جميعاً بفرصٍ متكافئةٍ في التّدريس، والبحث، والمسؤوليّات الإداريّة". وأضافت أنّ هذه البيئة كانت حافزاً كبيراً لها للتّركيز على أبحاثها وإجراء دراساتٍ مبتكرةٍ، دون أن تواجه عقباتٍ ترتبط بنوعها الاجتماعيّ.

تدرك الهتلاني أنّ البيئة الأكاديميّة الدّاعمة في المؤسّسات قد تساهم في تخفيف العقبات الّتي تواجه النّساء العاملات في مجالات العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات. ومع ذلك، تشدّد على أنّ الصّور النّمطيّة المجتمعيّة حول أدوار النّساء في هذه المجالات لا تزال تشكّل عائقاً كبيراً في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقالت: "لا تزال هناك تصوّراتٌ خاطئةٌ شائعةٌ، مثل الاعتقاد بأنّ النّساء أقلّ قدرةً أو أقلّ كفاءةً للعمل في هذه المجالات، بسبب المعلومات المغلوطة الّتي تعزّز الفكرة الخاطئة بأنّ الرّجال أكثر تأهيلاً وكفاءةً في تخصّصات العلوم والتّكنولوجيا".

وترى الهتلاني أنّ معالجة هذه التّحدّيات تتطلّب جهوداً متكاملةً من المؤسّسات الأكاديميّة والمجتمعيّة. وفي حديثها مع مجلّة "عربية .Inc" أوضحت: "من الضّروريّ أن تعمل المؤسّسات على تعزيز الوعي بأهمّيّة دور المرأة في مجالات العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات، وتصحيح المفاهيم الخاطئة الّتي تقلّل من شأنها. كما يجب توفير الإرشاد والدّعم المنظّم لتشجيع النّساء على الانخراط في هذه التّخصّصات". وأضافت: "تغيير التّصوّرات المجتمعيّة هو مفتاح التّقدّم. وببناء بيئةٍ شاملةٍ تتّسم بالتّنوّع والإنصاف، يمكننا تمكين النّساء من تحقيق النّجاح والتّميّز في هذه المجالات".

وعلى الرّغم من التّحدّيات القائمة، تشير الهتلاني إلى أنّ السّنوات الأخيرة شهدت تقدّماً ملموساً، حيث زاد عدد النّساء اللّواتي يخترن العمل في مجالات العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات في منطقة الشّرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولكنّها تؤكّد أنّ هناك إمكاناتٍ كبيرةً لم تستغلّ بعد، وأنّ العمل لا يزال ضروريّاً لدعم هذا التّقدّم. وقالت: "لا بدّ من مواصلة الجهود لتمكين النّساء وتعزيز مشاركتهنّ في المجالات العلميّة، لأنّ التّنوّع في وجهات النّظر والمهارات يعدّ عنصراً أساسيّاً للابتكار والإبداع في العلوم".

6 عالمات عربيات يتركن بصمتهنّ في العلوم لعام 2024

تجاوز القيود

لم تكتفِ الفائزات بجائزة "لوريال-اليونسكو للنّساء في مجال العلوم: برنامج المواهب الشّابّة الإقليميّ لمنطقة الشّرق الأوسط" بالفوز، بل حملن شعلة الإلهام ليضيئن بها طريق الأجيال القادمة من النّساء الطّموحات. عبر تجاربهنّ وخبراتهنّ، قدّمن نصائحهنّ ودروسهنّ المستفادة لكلّ شابّةٍ تسعى للتّميّز في مجالات العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات.

تبدأ فاطمة الشّامسي حديثها بمشاركة نصيحتها الأساسيّة للنّساء الشّابّات الرّاغبات في بناء مسيرةٍ مهنيّةٍ في هذه المجالات، قائلةً: "النّصيحة الأهمّ هي أن تؤمني بنفسك وبقدراتك. هذه المجالات قد تبدو متطلّبةً ومليئةً بالتّحدّيات، لكنّها في الوقت ذاته تحمل مكافآتٍ عظيمةً لمن يصرّ على الاستمرار". وتضيف: "لا تتردّدي في البحث عن مرشدين يؤمنون بك، ويقفون إلى جانبك، فهؤلاء لا يكتفون بإرشادك إلى الطّريق فحسب، بل يحتفون بإنجازاتك، ويوقظون فيك طاقاتك الكامنة لتحقيق الأفضل. واذكري دائماً أن طلب المساعدة ليس ضعفاً، بل هو شجاعةٌ تمهّد الطّريق للنّجاح؛ فلا تخشي مدّ يدك حين تحتاجين الدعم".

وتشدّد الشّامسي على أهمّيّة التّعاون كأداةٍ رئيسيّةٍ لتحقيق النّجاح في المجالات العلميّة، مؤكّدةً: "بدعم بعضنا البعض، نخلق بيئةً تمكّن الجميع من النّهوض معاً وتحقيق النّجاح المشترك".

كذلك، تدعو الدّكتورة هيام سهيل شميطلي النّساء الشّابّات إلى الثّقة بالنّفس والشّغف والمثابرة كعوامل أساسيّةٍ للنّجاح. تقول: "حين تركّزين على خطواتٍ صغيرةٍ وممكنةٍ، وتحتفين بكلّ إنجازٍ، وتثابرين بعزيمةٍ، ستجدين نفسك تقتربين من أهدافك بثباتٍ. وفي هذه الرّحلة، لن تحقّقي طموحاتك فقط، بل ستصبحين نوراً يلهم الآخرين للسّعي نحو أحلامهم". وتضيف: "العلم يزدهر بتنوّع الأصوات، ومساهمات النّساء ليست مجرّد ضرورةٍ، بل هي نفحةٌ من الإبداع وعمقٌ يثري الابتكار بلا حدودٍ".

و تشجّع إسراء الحسين الحسن عثمان النّساء على الثّقة بقدراتهنّ والتّصالح مع التّحدّيات الّتي قد تواجههنّ خلال مسيرتهنّ. تقول: "نصيحتي لك أن تؤمني بقدراتك وتحتضني كلّ خطوةٍ في رحلتك، مهما كانت الأوقات صعبةً. فالتّحدّيات ليست سوى فصلٍ من التّجربة الّتي تصقل شخصيّتك وتمنحك قوّةً أكبر". وتضيف: "ابحثي عن مرشدين يلهمونك ويوفّرون لك الدّعم، واعملي على بناء شبكة دعمٍ قويّةٍ تحيطك. كوني فضوليّةً دائماً، واحتفلي بكلّ إنجازٍ، مهما بدا صغيراً. تذكّري أنّ رؤيتك للعالم فريدةٌ من نوعها، وأنّ لديك القدرة على إحداث تغييرٍ حقيقيٍّ في مجالات العلوم والتّكنولوجيا والهندسة والرّياضيّات".

كما تشدّد الدّكتورة لينا علي إبراهيم على أهمّيّة بناء النّساء لشبكة دعمٍ قويّةٍ تحيطهنّ بمرشدين ومستشارين يؤمنون بقدراتهنّ. وتقول: "احرصي على أن تحيطي نفسك بأشخاصٍ يدعمونك ويؤمنون بقدرتك على النّموّ والتّطوّر. هؤلاء المرشدون سيكونون الدّعائم الّتي تستندين إليها في الأوقات الصّعبة".

وتؤكّد إبراهيم أهمّيّة الشّغف والمرونة كعنصرين أساسيّين لمواجهة التّحدّيات. وتقول: "ابحثي عن الفرص الّتي تعزّز تميّزك، ولا تستهيني بإصرارك وتفانيك. فالشّغف والتزامك هما المفتاح لبقائك متحفّزةً خلال رحلتك".

وتقول طيّبة العمودي: "ثابري ولا تستسلمي أبداً، حتّى عندما يبدو منحنى التّعلّم حادّاً ومرهقاً. إذا كنت تؤمنين بنفسك وتواصلين العمل بثباتٍ وإصرارٍ، فسيأتي الوقت الذي تثمر فيه جهودك ويُكافأ صمودك".

وتضيف: "احرصي دائماً على البحث عن الإرشاد والدّعم، وابني شبكة دعمٍ قويّةٍ تساعدك على تخطّي التّحدّيات الّتي تواجهينها. لا تخشي التّواصل مع الآخرين والاستفادة من خبراتهم، وتعلّمي من تجارب من سبقك. تذكّري أنّ الإرشاد غالباً لا يبعد عنك سوى نقرةٍ واحدةٍ".

أمّا الدّكتورة انتصار الهتلاني، فتؤكّد على أهمّيّة التّخطيط المبكّر ووضع الأهداف بوضوحٍ. تقول: "على النّساء أن يحدّدن اهتماماتهنّ منذ الصّغر، ويضعن خططاً واضحةً لمسيرتهنّ، ويبحثن عن مرشدين يقدّمون لهنّ التّوجيه خلال الطّريق". كما تشدّد على أهمّيّة بناء شبكات دعمٍ فعّالةٍ تعين النّساء على تخطّي العقبات، قائلةً: "بناء شبكةٍ داعمةٍ يعدّ عنصراً أساسيّاً لتحقيق النّجاح. تذكّري دائماً قيمة إسهاماتك في المجال، فكلّ إضافةٍ تسهم في تعزيز قوّة المجال وإثراء تنوّعه".

وتضيف الهتلاني: "لا تدعي الخوف من الأخطاء أو الرّفض يثنيك عن المضيّ قدماً؛ فهذه التّجارب تصقل شخصيّتك، تعلّمك الصّبر، وتعزّز مرونتك، لتقودك دائماً نحو المسار الصّحيح".

نُشرت هذه المقالة لأول مرة في عدد ديسمبر من مجلة "عربية .Inc". لقراءة العدد كاملاً عبر الإنترنت، يُرجى النقر هنا.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: