6 أسئلةٍ تكشف لك إذا كنت في الوظيفة المناسبة أم لا
غالباً ما تقودنا الطّرق المهنيّة إلى الابتعاد عن رسالتنا الحقيقيّة، ممّا يثير التّساؤل حول ملاءمة الأدوار التي نشغلها. لذا، بدلاً من الإسراع نحو الاستقالة، اسأل نفسك هذه الأسئلة وإجاباتك ستوجّهك للقرار الصّحيح
يعاني العديدُ من القادة التنفيذيّين، رغم نجاحهم الكبير، من الشكّ حول ما إذا كانوا يشغلون الدّور الصّحيح في مسيرتهم المهنيّة. هذه ليست معضلةً غريبةً، فحتى في أعلى مستويات القيادة، قد يشعرُ المرءُ أنّ المنصب الذي يشغلهُ لا يتماشى دائماً مع تطلُّعاته الشّخصيّة ورؤيته العميقة للحياة.
وغالباً ما تقودُنا الطُّرقُ المهنيّةُ إلى الابتعاد عن رسالتنا الحقيقيّة، ممّا يُثيرُ التّساؤل حول ملاءمة الأدوار التي نشغلُها. لذا، بدلاً من الإسراع نحو الاستقالة أو محاولة تجاهل هذه الأفكار، هناك ستةُ أسئلةٍ أساسيّةٍ يمكنُ أن تُوجّهك نحو اتخاذ القرار المناسب.
1. هل يمكنك أن تشعر بالفخر بوظيفتك الحاليّة إذا كنت تكتبُ رسالةً لنفسك؟
عند مراجعة مسيرتك المهنيّة، اسألْ نفسك: هل يمكنك التحدُّثُ بفخرٍ عن وظيفتك الحاليّة إذا كنت تكتبُ لنفسك رسالةً؟ هذا السُّؤالُ لا يتعلّقُ بما حقّقتهُ من ألقابٍ أو مكاسب ماديّةٍ، بل يُركّزُ على مدى توافق وظيفتك مع قيمك الشخصيّة وأهدافك التي كنت تسعى لتحقيقها في الماضي. في ذلك الوقت، كنت تحملُ أحلاماً كبيرةً وأفكاراً عن المستقبل. هل حقّق دورُك الحاليُّ تلك الأحلام أم أنّهُ يأخذُك في اتجاهٍ مختلفٍ وغير مألوفٍ؟ إذا وجدت فرقاً كبيراً بين رؤيتك في الماضي وواقعك اليوم، فقد يكونُ الوقتُ قد حان لإعادة التّفكير في مسارك.
2. كم من الوقت تقضيه في "منطقة العبقريّة"؟
قدّم الكاتبُ جاي هندريك في كتابه "القفزةُ الكبرى" (The Big Leap) مفهوم "منطقة العبقريّة"، والتي تُشيرُ إلى النُّقطة التي تتقاطعُ فيها مواهبُك الفريدةُ وشغفُك مع متطلّبات وظيفتك أو السُّوق. في هذه المنطقة، تشعرُ بأنّك في قمّة إبداعك وإنتاجيّتك، حيثُ تمرُّ السّاعاتُ بسرعةٍ وأنت مستمتعٌ بما تُقدّمُهُ.
فكّرْ في روتينك اليوميّ: هل تخصّصُ وقتاً كافياً لاستثمار مهاراتك المميّزة، أم أنّ المهامّ الرُّوتينيّة تستهلكُ طاقتك؟ يُساعدُك العملُ في منطقة العبقريّة في تحقيق أهدافك، ويعودُ عليك وعلى مؤسّستك بفوائد كبيرةٍ، كما يُساعدُك على الحفاظ على شغفك، ويمنحُك رضاً شخصيّاً أكبر.
3. ماذا لو كان عليك الاختيارُ بين زيادة راتبك أو تقليله إلى النّصف لمتابعة شغفك؟
لا يتعلّقُ هذا السُّؤالُ بالمال بحدّ ذاته، بل يكشفُ عن الأولويّات والدّوافع الحقيقيّة التي تُحرّكُك. نجدُ أنفسنا في بعض الأحيان منجرفين وراء الرّواتب العالية والمكافآت الماديّة، ولكن عندما نقفُ أمام خيارٍ كهذا، تظهرُ قيمُنا الحقيقيّةُ. فإذا كنت تجدُ نفسك مائلاً نحو الخيار الذي يُحقّقُ شغفك حتّى وإنْ تطلّب ذلك تضحيةً ماليّةً، فقد تكونُ هذه إشارةٌ واضحةٌ على أنّ دورك الحاليّ يُشبعُ احتياجاتك الدّاخليّة العميقة.
4. هل تقولُ لنفسك "هذه ليست وظيفتي" عندما تواجهُ تحدّياتٍ خارج اختصاصك؟
في الأدوار القياديّة الحقيقيّة، يتخطّى القادةُ باستمرارٍ حدود مهامّهمُ الرّسميّة لمواجهة تحدّياتٍ هامّةٍ. إذ يجدون شعوراً بالرّضا الشّخصيّ من خلال تقديم الدّعم وإحداث تأثيرٍ إيجابيٍّ يتجاوزُ واجباتهمُ اليوميّة المعتادة. لكن إذا وجدت نفسك تتجنّبُ التّحدّيات التي لا تقعُ ضمن نطاق مسؤوليّاتك المباشرة، فقد يكونُ ذلك مؤشّراً على أنّ الدّور الذي تشغلُهُ لا يُثيرُ حماسك القياديّ بالشّكل الكافي.
5. إذا أسست شركةً تعتمدُ على مهاراتك ورؤيتك للسُّوق، هل سيكونُ دورُك فيها مُشابهاً لدورك الحاليّ؟
حاولْ تخيُّل أنّك تمتلكُ حريّةً كاملةً لتصميم دورك المهنيّ المثاليّ بناءً على قدراتك ورؤيتك. وإذا كانت هذه الصُّورةُ تختلفُ جذريّاً عن منصبك الحاليّ، فقد تحتاجُ إلى مراجعة وضعك والتّفكير في كيفيّة الانتقال نحو تحقيق طموحاتك الحقيقيّة. حيثُ يُساعدُك هذا التّخيُّلُ في تحديد الجوانب التي تحتاجُ إلى تغييرٍ أو تطويرٍ في مسيرتك الحاليّة.
6. ماذا لو عرفت أنّك ستشغلُ هذا الدّور لمُدّة 20 عاماً؟
تحدّ نفسك بتبنّي منظورٍ طويل الأمد حول دورك الحاليّ. غالباً ما يتّخذُ النّاسُ قراراتٍ قصيرة المدى، بناءً على افتراض أنّ الأمور ستتغيّرُ قريباً. لكن ماذا لو علمت أنّك ستظلُّ في هذا الدّور لعقدين من الزّمن؟ كيف ستغيّرُ هذه المعرفةُ قراراتك وسلوكك القياديّ؟ قد تُلاحظُ أنّك تُصبحُ أكثر التزاماً بتطوير العلاقات والتّغييرات الاستراتيجيّة، وتستثمرُ بشكلٍ أكبر في تنمية مهاراتٍ جديدةٍ. فإذا كانت هذه الفكرةُ تمنحُك الحافز والطّاقة، ربّما يكونُ دورُك مناسباً لك. أمّا إذا شعرت بالخوف أو الملل من فكرة البقاء لمُدّةٍ طويلةٍ في هذا المنصب، فهذا قد يكونُ علامةً على أنّ الوقت قد حان للتّغيير.
كن صادقاً مع نفسك
يقضي الكثيرُ من القادة سنواتٍ في أدوارٍ لا تتماشى مع قيمهم وشغفهم، فقط لأنّهم يخشون التّغيير. لكن كلّما تجاهلت احتياجاتك الحقيقيّة لفترةٍ أطول، كلّما أصبح من الصّعب إحداثُ تأثيرٍ كبيرٍ في حياتك المهنيّة. فلا يعني البحثُ عن الدّور المناسب الوصول إلى الكمال، بل يتعلّقُ بإيجاد مكانٍ يمكنك فيه تقديمُ أفضل ما لديك، والنُّموُّ باستمرارٍ، والشُّعورُ بالرّضا تجاه التّحدّيات التي تواجهُك. عندما يكونُ القائدُ في الدّور الصّحيح، لن يكون المُستفيدُ الوحيدُ، بل يخدمُ أيضاً منظّمتهُ بشكلٍ أفضل، ويكونُ قدوةً حسنةً للآخرين.
ختاماً، تذكّرْ أنّ إعادة التّقييم والتّفكير في مسارك المهنيّ من وقتٍ لآخر أمرٌ ضروريٌّ للتّأكُّد من أنّك تسيرُ في الطّريق الصّحيح، حيثُ يمكنك النُّموُّ والتّطوُّرُ بشكلٍ مستمرٍّ.