الاهتمام بالصحة العقلية: مفتاح نجاح القادة تحت الضغوط
6 استراتيجيات فعّالة للتّعامل مع الضغوط النفسية في العمل، مما يُعزّز التّوازن بين الحياة المهنيّة والشّخصيّة
في ظلّ الضّغوط الهائلة والتّحديات المُعقّدة الّتي تُواجه روّاد الأعمال والمديرين التّنفيذيّين، أصبحت مسألة الحفاظ على الصحة العقلية أولويّةً لا يُمكن تجاهلها، إذ يُعاني الكثير من القادة من ضغوطٍ نفسيّةٍ قد تُؤثّر على أدائهم المهنيّ، وعلى حياتهم الشّخصيّة؛ لذا فإنّ الاهتمامَ بالصّحة العقليّة ليس فقط ضرورةً شخصيّةً، بل هو أيضاً جزءٌ أساسيٌّ من الاستراتيجيّة العامّة لنجاح أيّ مؤسّسةٍ.
التّعامل الجديّ مع الصحة العقلية
تتطلّب أدوار المؤسّسين والرّؤساء التّنفيذيّين اتّخاذ قراراتٍ ذات مخاطر عاليّةٍ والعمل لساعاتٍ طويلةٍ تحت ضغوطٍ مستمرّةٍ، وقد يؤدّي إهمال الصحة العقلية إلى الإرهاق، وسوء اتّخاذ القرارات، وحتّى الإصابة بأمراضٍ جسديّةٍ. لذلك، يجب على القادة أن يعاملوا الصحة العقلية بنفس أهميّة الصّحّة البدنيّة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال وضع حدودٍ واضحةٍ في العمل، وأخذ فترات راحةٍ منتظمةٍ، وجعل الصحّة العقليّة جزءاً من الحوارات اليوميّة في بيئة العمل، مع مراعاة الأمور التّالية:
- الوعي بصحّتك العقليّة: يُعتَبر الوعي بالحالة العقليّة الخطوة الأولى للحفاظ على صحّةٍ نفسيّةٍ جيّدةٍ، إذ يجب على القادة الانتباه لأيّ علاماتٍ تدلّ على التوتر أو القلق أو الاكتئاب، يساعد الوعي الذّاتيّ في تحديد اللّحظات الّتي يشعرُ فيها القائد بالإرهاق، ممّا يُتيح له اتّخاذ الإجراءات اللّازمة قبل تفاقم الوضع، ويُمكن تحقيق ذلك من خلال الفحص الذّاتيّ المُنتظم، أو تدوين اليوميّات، أو استخدام تطبيقات الصحّة العقليّة الّتي تُساعد في متابعة الحالة النّفسيّة والتّعرّف على الأنماط الّتي تستدعي الانتباه.
- الاستفادة من الموارد المُتاحة: الوصول إلى الموارد المناسبة أمرٌ ضروريٌّ لإدارة الصحّة العقليّة بفعّاليّةٍ، تشملُ هذه الموارد المساعدة المهنيّة، مثل المُعالجين أو المدرّبين، وكذلك الأدوات العمليّة مثل ورشات العمل الخاصّة بإدارة الإجهاد، والتّدريب على اليقظة، كما يُنصح ببناء شبكة دعمٍ على الصّعيدين المهنيّ والشّخصيّ، لضمان وجود أشخاصٍ يُمكن الاعتماد عليهم في الأوقات الصّعبة.
- الحديث بصراحةٍ عن تحديات الصحّة العقليّة: تُعتبر الوصمة المرتبطة بالصحّة العقليّة أحد العوائق التي تمنع القادة من طلب المساعدة التي يحتاجون إليها، فمن خلال التّحدّث بصراحةٍ عن هذه التّحديات، يُمكن للمؤسّسين والرّؤساء التّنفيذيين أن يكونوا قدوةً لفِرَقهم، ويقلّلوا من هذه الوصمة، كما أنّ مُشاركة التّجارب الشّخصيّة يُمكن أن تساهمَ في تعزيز ثقافة الانّفتاح والدّعم داخل المؤسّسة، ومن المهم أيضاً خلق بيئةٍ يشعر فيها الموظّفون بالأمان عند مُناقشة صحّتهم العقليّة دون خوفٍ من التّقييم السّلبيّ أو العقوبات.
- إعطاء الأولويّة للرّعايّة الذّاتيّة: الرّعايّة الذاتيّة ليست رفاهيّةً، بل هي ضرورةٌ للحفاظ على الصحّة النفسيّة، كقائدٍ يجب عليكَ إعطاء الأولويّة للأنشطة الّتي تُقلّل من التّوتر وتُعزّز الاسترخاء، مثل ممارسة الرّياضة، وممارسة الهوايات، وقضّاء الوقت مع الأحباء، والحصول على قسطٍ كافٍ من النّوم، كما وتشمل الرّعايّة الذّاتيّة أيضاً تحديد أهدافٍ واقعيّةٍ والالتزام بها، تذكّر أنّ تخصيص وقتٍ لنفسكَ أمرٌ حيويٌّ للحفاظ على الطّاقة والتّركيز اللّازمين للقيادة بفعّاليةٍ.
- دعم الآخرين الّذين يعانون من مشاكل في الصحّة العقليّة: القادة لديهم مسؤوليّةٌ تجاه دعم فرَقِهم، وهذا يشمل التّعرّف على علامات الصّراعات النّفسيّة لدى الموظّفين وتقديم الدّعم اللّازم، إذ يجب توفير الوصول إلى موارد الصحة العقلية وخلق بيئة عملٍ داعمةٍ تُشجّع على الحوار المفتوح حول هذه القضايا، كما يُمكن للقادة تنفيذ سياساتٍ تُعزّز التّوازن بين العمل والحياة، مثل ساعات العمل المرنة، والأيّام المُخصّصة للصّحّة العقليّة، وبرامج مُساعدة الموظفين.
في النّهاية، من خلال إعطاء الأولويّة للصحة العقلية، يُمكن للمؤسّسين والرّؤساء التّنفيذيين ليس فقط النّجاح تحت الضّغوط، بل أيضاً بناء بيئة عملٍ أكثر صحّةً وإنتاجيّةً، فالاهتمام بالصحّة العقليّة يعود بالنّفع على الفرد، وعلى المنظّمة بأكملها، ممّا يُمهّد الطّريق لتحقيق النّجاح والنّمو المستدامين.