7 إشارات خفيّة تكشف تحوّل بيئة العمل إلى سامة

لا أحد يطمح إلى بناء بيئة عمل سامة، بل على العكس، ينطلق أغلب القادة بنيّةٍ حسنةٍ ورغبةٍ في خلق فريقٍ ناجحٍ يحقّق نتائج باهرةً. لكن، وللأسف، في بعض الأحيان تنقلب الأمور بخلاف ما تتوقّع. وأنا أقول هذا من واقع التّجربة، فقد ألّفت قبل سنواتٍ كتاباً حول هذا الموضوع بعنوانٍ: "لحظةٌ... أنا أعمل مع من بالضّبط!" (Wait, I’m Working With Who)

ومهما كانت نواياك طيّبةً وجهودك صادقةً، فإنّ ثقافة العمل قد تنحدر وتتدهّور، والمفارقة المؤلمة؟ قد تكون أنت آخر من يلاحظ ذلك؛ فكيف تعرف إن كانت بيئة عملك قد أصبحت سامّةً؟ إليك 7 علاماتٍ واضحةٍ لا تخطئ:

1. لم يعد يتحدث فريقك بصراحة

هل تتذكّر حين كانت اجتماعات فريقك مليئةً بالنّشاط، وتتدفّق الأفكار بلا تردّدٍ؟ إذا أصبحت تلك الاجتماعات اليوم صامتةً، يخيّم عليها التّملّق والإيماءات المهذّبة، فثمّة خللٌ كبيرٌ. لا يعني الصّمت المتزايد في بيئة العمل فقط الهدوء، بل قد يشير إلى شعور الموظّفين بعدم الأمان، وحاجتهم إلى حماية أنفسهم من العواقب.

اسأل نفسك بصدقٍ: متى كانت آخر مرّةٍ اعترض فيها أحدٌ على رأيك، أو قال لك ما لا تحبّ سماعه؟ عندما يصمت الجميع، فهذه رسالةٌ خطيرةٌ لا يمكن تجاهلها.

2. تصل المشاكل أولاً، بينما تختفي النجاحات

في بيئة العمل الصّحّيّة، تكون النّجاحات محلّ احتفالٍ دائمٍ، سواءً كانت صغيرةً أم كبيرةً، أمّا إذا أصبحت أيّامك مليئةً فقط بالمشاكل الّتي تحتاج إلى حلولٍ عاجلةٍ، من دون لحظة فخرٍ واحدةٍ بإنجازات الفريق، فهناك أمرٌ ناقصٌ. فريقك بحاجةٍ إلى أن يعرف أنّ جهوده تُقدّر، لا أن ترصد أخطاءه فقط؛ فتأمّل: كيف كان ردّ فعلك على آخر إنجازٍ؟ وكيف كان على آخر إخفاقٍ؟ أيّ الحدثين حظي باهتمامك الأكبر؟

3. يغادر أفضل الموظفين

كلّ قائدٍ قد يفقد موظّفاً متميّزاً من وقتٍ إلى آخر، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ. لكن إذا أصبح فقدان الكفاءات المتقدّمة عادةً متكرّرةً، فأنت أمام مشكلةٍ حقيقيّةٍ. عندما تبدأ مقابلات الخروج من العمل تعجّ بتبريراتٍ غامضةٍ وغير مقنعةٍ، فاعلم أنّ الموظّفين يختارون المغادرة بدل المواجهة، ويتركون المؤسّسة بصمتٍ، حفاظاً على سمعتهم وعلاقاتهم.

العلامة الأوضح؟ عندما يصبح الموظّفون السّابقون، الّذين كانوا صامتين دوماً، أكثر صراحةً وحدّةً بعد أن يحصلوا على وظيفةٍ جديدةٍ.

4. لا تطبّق القواعد بعدالة على الجميع

من أسرع الطّرق لقتل الثّقة داخل الفريق أن يشعر النّاس بوجود ارتباكٍ في المعايير. حين يسمح للنّجم اللّامع بتجاوزاتٍ لا يسمح بها لغيره، فإنّ الجميع يلاحظ ذلك. تلك الهوّة بين ما تقوله كقائدٍ وما تسمح به فعليّاً تشكّل جوهر ثقافة المؤسّسة. وغالباً، تكون التّناقضات الأخطر مرتبطةً بك شخصيّاً. فكّر قليلاً: هل تلتزم أنت بالقواعد نفسها الّتي تفرضها على الآخرين؟

5. تأتي الإجازة بثمن غير معلن

استمع إلى الطّريقة الّتي يتحدّث بها فريقك عن الإجازات أو الأيّام الشّخصيّة. هل يعتذر أحدهم عندما يمرض؟ هل يعمل الآخرون خلال حالاتٍ طارئةٍ في أسرهم، مهما كانت خطورتها؟ هل يتفقّدون البريد الإلكترونيّ وهم في عطلةٍ؟

إذا كانت إجابتك: "لم يجبرهم أحدٌ على ذلك"، فارجع ما قد تكون قد غرسته من توقّعاتٍ غير منطوقةٍ. وعندما يأخذ أحد الموظّفين إجازةً، دون أن يشعر بالذّنوب، هل تشعر بالقلق؟ أم بالإعجاب؟

6. لا يؤدي الحديث عن التطور المهني إلى أيّ نتيجة

يتحدّث جميع القادة عن أهمّيّة تطوير الموظّفين، ولكن المعيار الحقيقيّ هو الأفعال؛ فعندما تواجه المؤسّسة أزمةً في الميزانية، هل يكون التّدريب أوّل ما يتم الاستغناء عنه؟ هل تؤجّل اجتماعاتك الفرديّة مع الموظّفين باستمرارٍ؟

إذا كان الموظّفون الطّموحون يسمعون عبارة "التّرقية في الرّبع القادم" منذ سنواتٍ، فغالباً ما يكونون قد فقدوا الأمل، وبدأوا بالفعل في البحث عن فرصٍ أخرى خارج مؤسّستك.

7. الخلافات إمّا أن تشتعل أو تدفن

تعالج البيئات الصّحّيّة الخلافات بشكلٍ منفتحٍ ومحترمٍ. أمّا البيئات السّامّة، فإمّا أن تتجنّب الخلافات تماماً خوفاً من التّصعيد، أو تغرق فيها حتّى تصل إلى مرحلة الانفجار. راقب كيف يتمّ التّعامل مع الخلافات، خصوصاً عندما تشمل القيادة. هل يستطيع النّاس أن يختلفوا معك دون خوفٍ؟ إجابتك عن هذا السّؤال ستكشف الكثير عن علاقتك الحقيقيّة بالسّلطة.

الخلاصة: قد يكون من الصّعب الاعتراف بذلك، لكنّ لا تنشأ البيئات السّامّة من العدم، بل تنمو ببطءٍ، من خلال قرارات القيادة، وأولويّاتها، وسلوكها اليوميّ. والخبر السّارّ؟ أنّ بيدك كمديرٍ أو قائدٍ أن تغيّر المسار في أيّ وقتٍ، والأفضل من ذلك؟ يمكنك أن تبدأ اليوم.