8 اتجاهات مستقبلية تسيطر على سوق العمل في 2024
خطواتٌ استباقيةٌ لمن يرغب في إيجاد مكان قدمٍ في وظائف المستقبل القريب.
يتغيّر عالم العمل باستمرارٍ في الألفيّة الثّالثة، فقد انقضى تماماً العهد الذي كان فيه الموظّف يخرج من المنزل في الصّباح الباكر ويعود في الظّهيرة أو بحدٍّ أقصى في السّاعة 5 مساءً، فعادةً كان يعمل في المكان نفسه مدى الحياة حتى سنّ التّقاعد، ولكن هذا لم يعد موجوداً على الإطلاق، وبالطّبع كان للتكنولوجيا التّأثير الأكبر في هذه التّغيّرات. [1]
ومع شعورنا المتزايد بقوّة التكنولوجيا في السّنوات الماضيّة، وانفجار الذّكاء الاصطناعي الذي يُنذر بالكثير من التّحوّلات والاتّجاهات التي تظهر بشكلٍ متسارعٍ وبشدّةٍ عن ذي قبل حتى ممّن هم خارج عالم التّقنية المباشر، فقد أصبح التّأثير واضحاً على الجميع يوميّاً، كان لا بدَّ من التّعرّف مبكّراً على أهمّ اتجاهاتٍ مستقبليةٍ تسيطر على سوق العمل في عام 2024م، والاستعداد لها من الآن لمواجهة أيّ تحدّياتٍ تتعلّق بها، فهيّا نرصدها معاً.
الذكاء الاصطناعي التوليدي
هو من الاتّجاهاتِ المسيطرة على سوق العمل منذ الآن في الواقع، وعلى الرّغم من وجود رأيٍّ شائعٍ يؤكّد أنّ الذّكاء الاصطناعي لن يحلّ محلّ البشر في الوظائف، إلّا أنّ الواقع يؤكّد أنّ هذا ممكنٌ بالفعل، فما يعوق هذا الاستبدال حاليّاً هو عدم قدرة الذّكاء الاصطناعي على التّعلّم الذّاتي والكثير من الأخطاء التي يقع بها والتّحيّزات.
ولكن مع الإصلاحات السّريعة للغاية التي تدخل عليه باستمرارٍ، فإنّ أيّ شخصٍ يُمكنه استخدام الذّكاء الاصطناعي لتأدية مهمّةٍ ما مهما كانت معقّدةً فسوف يستخدمه، ولكن هنا يجب تذكّر أنّه لتحقيق المهارة والنّجاح باستخدام الذّكاء الاصطناعي لا بدّ من وجود الإبداع البشريّ، وتحفيز القدرة على الابتكار مع الاهتمام بالعاطفة والرّحمة، حتّى لا تنهار مشروعاتك في أقلّ من غمضة عينٍ، فإذا كان يُمكن للجميع استخدام الذّكاء الاصطناعي في وقتٍ ما، فإنّ ما سوف يميّزك بشدّةٍ هو مدى التّركيز على الإبداع البشريّ، وسبر أغوار الذّكاء الاصطناعي، وإتقان استخدام أدواته في الوقت ذاته.
الاهتمام بالممارسات المستدامة والحفاظ على البيئة
هو واحدٌ من أكثر الاتّجاهات أهميّةً في مستقبل العمل، إذ يجب على كلٍّ من أصحاب العمل والموظّفين، إجراء تغييراتٍ كبيرةٍ وواعيةٍ في السّلوك لتقليل المخاطر البيئية، فكلّما تمّ اتّباع وسائل تحافظ على البيئة كلّما أدّى هذا إلى الاستدامة في العمل والأرباح، فبدءًا من تغيير مكان العمل ليكون عن بُعدٍ مثلاً لتوفير الوقود، إلى إعادة التّدوير والتقليل من الهدر والحرص على استخدام الموارد، وغيرها من طرقٍ تحافظ على استدامة البيئة والحفاظ عليها.
وعلى الرّغم من الاعتقاد الشّائع بأنّ الممارسات التي تحافظ على البيئة تزيد من التّكلفة، فإنّ التّجربة الحقيقيّة أثبتت خلاف هذا في حال حدث توفيرٌ كبيرٌ في النّفقات، بالإضافة إلى الدّعم الحكوميّ، لذا فالفوائد لا حصرَ لها من هذا الاتّجاه المطلوب بشدّةٍ.
شاهد أيضاً: كيف تطلق العنان لإمكانيات عملك بالذكاء الاصطناعي
إتقان المهارات المستقبلية
تعمل التّكنولوجيا على إجراء تحوُّلاتٍ بالغةٍ في المزيد والمزيد من مجالات العمل، ويجب أن يضمن الجميع جاهزيتهم لاستخدامها بفاعليةٍ، فهذا الأمر يعتبر أولويةً مطلقةً لنا جميعاً، فبدءاً من طريقة استخدام البيانات بطريقةٍ صحيحةٍ واتّخاذ قراراتٍ حكيمةٍ وفقاً لها، إلى التّعرّف على التّهديدات السّيبرانية واتّخاذ كلّ السّبل الممكنة للوقاية منها وتطوير وسائل الحماية، بالإضافة إلى تطوير الذكاء العاطفي والتّعاطف الذي سوف يكون أساسيّاً تماماً في عالمٍ تسود فيه الآلة والذّكاء الاصطناعي.
وبالطبع قد لا يستطيع الجميع فهم كلّ تلك التّغيّرات والتّعامل معها بفاعليةٍ، ولكنّ الانتباه جيّداً إلى الجوانب المتعلّقة بعملك وما يؤثّر فيه من مهاراتٍ مستقبليةٍ متعلّقةٍ بالتكنولوجيا، سوف يكون هو المفتاح الأساسيّ للتطوّر والنّجاح العمليّ في المستقبل.
التنوع والشمول في التركيبة السكانية للموظفين
تدرك الكثير من الشّركات والمؤسّسات الأهميّة المُطلقة للتنوّع والشّمول في التّركيبة الدّيموغرافية للموظّفين، وقد ساعد الإنترنت وإمكانية العمل عن بعدٍ في هذا بشدّةٍ، فيمكن أن تستعينَ بموظّفين من أيّ مكانٍ في العالم بشرط الكفاءة، والابتعاد عن الأفكار التّقليدية فيما يتعلّق بتسلسل القيادة، وشكل الفريق، ومكان العمل، وطبيعة الزّمالة.
وبهذا سوف تتراجع بشدّةٍ أمورٌ شديدةُ الجدليّة في العمل مثل الفارق في الأجور بين الجنسين، كما لن تكون أمورٌ مثل العُمر أو العِرق أو حتى مستوى التّحصيل التّعليمي عائقاً أمام الالتحاق بأيّ وظيفةٍ طالما تملك القدرة على تأديتها بكفاءةٍ، لذا إذا لم يبدأ أصحاب العمل في التمتّع بالمرونة من الآن والانفتاح على طرقٍ جديدةٍ في التّوظيف وعدم الاكتفاء بالشّهادة التّقليدية، فلن يحقّقوا التقدّم، والحال نفسه بالنسبة للموظّفين الذين لا بدّ أن ينفتحوا على لغاتٍ وثقافاتٍ أخرى لتوسيع فرصهم في إيجاد الوظيفة الملائمة في أيّ مكانٍ بالعالم.
شاهد أيضاً: في يوم الصحة النفسية العالمي: التوازن بين العمل والحياة ضروري للأعمال
التعرف على أفضل طرق الرقمنة والاستفادة من بيانات العمل
إنّ تجميعَ البيانات في ملفِ إكسل لن يكون كافياً نهائيّاً في عام 2024م، فمن أهمّ الاتّجاهات المستقبليّة التي سوف تؤثّر على سوق العمل هو: التّعرّف على الأدوات، والمنصّات المتنوّعة التي تتيح تجميع البيانات وتحليلها، لمساعدتك على اتّخاذ قراراتٍ صحيحةٍ وشاملةٍ وطويلةِ الأجل وفقاً لها.
فإنّ الاستفادة من البيانات يُمكن أن تكون على أساسٍ يوميّ لمراقبة طبيعة التّغيّر العالمي باستمرارٍ، ويمكن أن تكونَ على مدى طويلٍ ومعرفة كيفيّة مواجهة الأوقات الصّعبة أو أفضل طرقٍ للاستثمار أو حتى أفضل المهن المطلوبة وطريقة إتقان المهاراتِ المطلوبةِ لها.
الاهتمام بالتعلم مدى الحياة
إذا كنت ممّن يعتقدون أنّك حصلت على الشّهادة العُليا وانتهى أمر التّعليم الجادّ نهائيّاً، فلن يكون لك أيّ مكانٍ في المستقبل..!!
نعلم جميعاً أنه حتى في القرن العشرين كانت الكثير من المؤسّسات توفّر دوراتٍ تدريبيةٍ للموظّفين، ولكن هذا كان على فتراتٍ طويلةٍ للغاية، وعادةً ما كان يختصّ به من يريد التّرقي في وظيفته أو المجالات الطّبية والهندسية، ولكن التّعلّم الدّائم أصبح جزءاً لا يتجزّأ من سوق العمل المستقبليّ في كلّ المجالات بلا أيّ استثناءٍ.
فالتّعرّف على التّقنيات الحديثة وما يمكن أن تضيفه إلى عملك لم يعد رفاهيةً على الإطلاق، خصوصاً مع توفّر الكثير من فرص التّعلّم عبر الإنترنت لإزالة أيّ عوائق خاصّةٍ بالمكان أو اللّغة أو الوقت. وكلّما أخذت زمام المبادرة وتعلّمت منذ الآن المبادئ التّقنية والبحث عن الجديد فيها، كلّما ارتفعت فرصك في الوصول لأفضل المراكز المهنيّة.
اللامركزية في مكان العمل
هذا الاتّجاه بدأ في الانتشار بالفعل منذ تفشي وباء كوفيد 19، ولكنّه سوف يصبح أساسيّاً تماماً في 2024م وما بعدها من سنواتٍ. فبدلاً من وجود عشرات الموظّفين في مكانٍ واحدٍ سوف تزيدُ بشدّةٍ خيارات أن يمارسوا مهامهم الوظيفيّة عبر الإنترنت حتى إذا كانوا في البلد نفسها.
فخيار العمل عن بعد رفعَ بشدّة من التّوازن الذي كان مفقوداً بشدّةٍ بين الحياة العمليّة والشّخصية، كما رفع من الإنتاجية في الكثير من المقالات، وقلّل من إهدار الوقت والمال في الانتقالات، ويتّجه الكثير من أصحاب الشّركات الآن لمحاولة الجمع بين ميزتي العمل عن بعد، والعمل من المكتب عبر ترتيبات العمل المختلطة، والتي تتبنى استراتيجية العمل المشترك وجهاً لوجهٍ عدّة أيامٍ، والعمل عبر الإنترنت في أيامٍ أخرى، أو تقسيم الموظّفين بين الخيارين أو غيرها، وكلّما تطوّرت وسائل الاتّصال التّكنولوجية، كلّما زاد الاتّجاه للعمل عبر الإنترنت.
شاهد أيضاً: تسعى لتوظيف فعال في شركتك؟ إليك استراتيجيات عالمية مفيدة لرواد الأعمال
إنّ الاستعداد للاتّجاهات المستقبلية الجديدة في العمل يتطلّب توفّر تكنولوجيا جيّدةٍ وإنترنتٍ قويٍّ، مما يتيح لك التّواصل والتعلّم المستمرّ عن بعدٍ، والبحث عن وظائف أو استئجار خدماتٍ من أيّ مكانٍ في العالم؛ لذا لا تتردّد في الاستثمار في أدواتك المستقبليّة منذ الآن.