9 دقائق كفيلة بزيادة ذكائك
جرّب هذا الروتين البسيط لمدة 9 دقائق مرتين في الأسبوع، خصوصاً إذا كنت تهدف لتحسين الذاكرة والانتباه ومعالجة المعلومات (ومن لا يرغب في ذلك؟)
لا شكّ في أنّ الذّكاء يُعدّ عنصراً محوريّاً في تحقيق النّجاح، كيفما اخترت تعريفه. ورغم أنّ العلم يُشير إلى دور الحظّ، إلّا أنّ الغالبيّة تُفضّل الإشارة إلى الذّكاء كعاملٍ جوهريٍّ في معادلةِ النّجاحِ. ولكن يتعيّن علينا التّمييز بين نوعين من الذّكاء لفهم الصّورة بشكلٍ أكمل. الذّكاء "المُتبلور" يُمثّل تجمّع المعرفة الّتي نحملها: البيانات، والإحصائيّات، والحقائق، ويُمكن النّظر إليه كنتيجةٍ لـ "الثّقافة العاليّة". [1]
وفي المقابل، لا يُعتبرً الذّكاء الأكاديميّ مُرادفاً للذّكاء الشّامل. وهنا يظهر الذّكاء "السّائل"، وهو القدرة على استغلال المعلومات الجديدة في حلٍّ مُعقّدٍ، أو تعلّم مهارةٍ جديدةٍ، أو استرجاع الذّكريات السّابقةِ ودمجها بمعلوماتٍ حديثةٍ. ويُمكن النّظر إليه كمُعبّرٍ عن "الذّكاء التّطبيقيّ"، أو ما أطلق عليه ستيف جوبز بأنّه "القدرة على بناء العلاقات".
وهذه القدرات، بطبيعةِ الحالِ، تُصبح أكثر تحديّاً مع الزّمنِ، حيث تتعرّض مُختلف مجالات الوظائفِ المعرفيّةِ للتّراجعِ الطّبيعيِّ مع التّقدّمِ في العمرِ. ولكنّ هذا التّراجع ليس قاعدةً ثابتةً؛ فوفقاً لدراسةٍ حديثة نُشرَت في مجلّة "لايف ستايل ميديسين" (Lifestyle Medicine)، أظهرت النّتائج أنّ الأفراد الذين يمارسون تمارين المقاومة مرّتين أسبوعيّاً يتمتّعون بخطرٍ أقلّ بنسبة 30% للإصابة بالتّدهورِ المعرفيِّ مقارنةً بأولئك الّذين لا يمارسونها.
هذا يُلقي الضّوء على أنّ العنايةَ باللياقةِ البدنيّةِ ليست مجرّد مُكمّلٍ للحياةِ الصّحيّةِ، بل يُمكن أن تكون استراتيجيّةً فعّالةً لتعزيزِ القدراتِ العقليّةِ، خصوصاً في مجالات تحسين الذّاكرة، والانتباه، ومعالجة المعلومات. ومن منّا لا يطمح لتحقيق هذا؟
كما يُفيد الباحثون في دراستهم:
تُظهر التّدخّلات في تمارين المقاومة أيضاً أنّها تُحسّن من التّواصل في الفصّ الجبهيّ للدّماغ والوظائف التّنفيذيّة، مع تقليل الضّمور في المادّة البيضاء للدّماغ، وتحسين الذّاكرة والانتباه ومعالجة المعلومات.
وهو ما يُمكن تفسيره ببساطةٍ بأنّ اكتساب قوّةٍ بسيطةٍ لا يُحافظ على ذكائك فقط، بل يُمكن أن يُسهم في زيادته.
شاهد أيضاً: العلوم العصبية تؤكّد: الرّياضة تعزّز ذكاءك
تسع دقائق، مرّتين في الأسبوع
عليكَ أن تُدرك أنّ ليس من الضّروريّ البدء بممارسةِ التّمارينِ الرّياضيّةِ خمسة أيّامٍ في الأسبوع، ولا تحتاجُ إلى جلساتٍ تستغرقُ ساعةً كاملةً، ولا تحتاجٌ إلى معدّاتٍ، ولا تحتاجُ إلى زيادة كتلة العضلات؛ حيث لم يجد الباحثون تقريباً أي علاقة بين كتلة العضلات والتّغيّر في الوظائفِ المعرفيّةِ.
كلّ ما عليكَ فعله هو التّركيز على الثّلاثة الكبار: تمارين القُرفصاء، والضّغط، وتمارين البطن. إذ إنّ تمارين القرفصاء مفيدةٌ للجزء السفليّ من جسمك، كما تُشرك تمارين الضّغط -على الأقلّ إلى حدٍّ ما- مُعظم الجزء العلويّ من جسمكَ، أمّا تمارين البطنِ فتُكمل الصّورةَ.
إليك خطّة بسيطة للبدء بعد الاستراحة:
- القرفصاء: اضبط المُؤقّت لمدّة دقيقتين، وأبقِ ذراعيك مُمدودتين أمامك للتّوازن، وقم بأكبر عددٍ ممكنٍ من تمارين القرفصاء. توقّف عندما تحتاجُ للرّاحةِ، لكن قم بأفضل ما لديك حتّى ينطلق المؤقّت. وسجّل عدد مرّات التّكرار الّتي قمت بها، ثم خذ استراحةً لمدة 90 ثانية.
- الضّغط: الآن نفّذ أكبر عددٍ ممكن من تمارين الضّغط لمدّة دقيقتين. لا تتردّد في القيام بتمارين الضّغط من ركبتيك إذا كان ذلك ضروريّاً، إمّا من البداية أو لاحقاً في تتمةِ المجموعةِ. ولا تقلق إذا لم تتمكّن من القيامِ بتمارينِ الضّغط لمدّةِ دقيقتين متواصلتين. توقّف عندما تحتاجُ للرّاحةِ، لكن قم بأفضلِ ما لديك حتّى ينطلقَ المؤقّت. سجّل عدد مرّات التّكرارِ الّتي قمت بها، ثم خذ استراحةً لمدّة 90 ثانية.
- البطن: هناك العديد من الخياراتِ، وأنا أفضّل القيام بتمارينِ "البلانك"، لأنّها تضيفُ عنصرَ التّوازن. لكن إذا كنت لم تمارس التّمارين لفترةٍ طويلةٍ، قد يكون القيام بتمارينِ البلانك بعد تمارينِ الضّغط صعباً. لذا يمكنك القيام بتمارينِ البطنِ، أو تمارينِ الجلوسِ، أو رفع السّاقين، أو تمارينِ الدّراجةِ الهوائيّةِ.
اختر ما يناسبكَ، لا تُعقّد الأمور بناءً على أقوالِ النّاسِ المختلفة، لأنّ النّاس بالتّأكيد يختلفون، فيما يتعلّق بما هو "الأمثل". ما يهمّ هو أن تختار تمريناً تستطيعُ المواظبة عليه. فالفعاليّة بنسبة 80% مرّتين في الأسبوع أفضل من الفعاليّة بنسبة 100% صفر مرّات في الأسبوع. وما يهمّ أيضاً هو أن تستمرَّ في نفسِ التّمرين لمدّة شهرٍ على الأقلّ حتّى تتمكّن من قياس (والاستمتاع بـ) تحسّنكَ. باختصارٍ، ستصبحُ أقوى.
شاهد أيضاً: إن أدركت حل هذه المسألة الرياضية البسيطة، فقد تكون أنجح من معظم الناس
تُشير التّحليلات الشبكيّة إلى أنّ:
المُعيار الحاسم للوظائف المعرفيّة هو الوظيفة العصبيّة العضليّة النّسبيّة عموماً... وعمليّاً، يترتّب على ذلك أنّ دمج نظام تمرين يشمل تدريباتِ المقاومةِ لتحسينِ القوّةِ والوظيفةِ العصبيّةِ العضليّةِ قد يكون تدّخلاً مهمّاً لأولئك الّذين يتطّلعون إلى تحسين الصّحّة المعرفيّة على المدى الطّويل.
وسوف تتحسّن صحّتك قليلاً في هذه العمليّة. إنّها مكسبٌ مُزدوجٌ يستحقّ بالتّأكيد التّسع دقائق الّتي يتطلّبها لتحقيقه.
تُعتبر هذه النّتائج إشارةً قويّةً إلى أنَّ الاهتمامَ باللّياقةِ البدنيّةِ ليس مجرّد مُلحق لنمطِ حياةٍ صحيٍّ، بل يُمكن أن يكون جزءاً من استراتيجيّةٍ مُدروسةٍ لتعزيز القدراتِ المعرفيّةِ والذّهنيّةِ. وهو ما يُعزّز من قيمةِ الوقت الذي نُخصّصه للرّياضةِ، مُركّزاً على الفائدةِ العظيمةِ الّتي يُمكن أن تُحقّقها دقائقٌ معدودةٌ من التّمارينِ في تحسينِ جودةِ حياتنا العقليّةِ.