الرئيسية تكنولوجيا هل تحقق Siri قفزة نوعية في 2025؟

هل تحقق Siri قفزة نوعية في 2025؟

بين تطلّعات المستخدمين وواقع التّنفيذ، تقف Apple ِأمام تحديّاتٍ كبيرةٍ لتحويل "سيري" إلى مساعدٍ ذكيٍّ شاملٍ يفي بوعود الابتكار

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

تعدّ "آبل" (Apple) من بين الشّركات القليلة التي يمكن التّنبّؤ بخطواتها بثقةٍ، إذ تطلق كلّ عامٍ هاتف آيفون جديداً. ومع قدوم الخريف، تعلن الشّركة العملاقة عن نسخةٍ محدّثةٍ من المنتج الأكثر شعبيّةً عالميّاً، تتضمّن ميزاتٍ جديدةً وتصميماً مميّزاً أحياناً. هذه الحقيقة ليست مجرّد توقّعٍ، بل هي أساسٌ يعتمد عليه جزءٌ كبيرٌ من الاقتصاد العالميّ بثقةٍ.

تعدّ شركة آبل، أكبر شركة في العالم، ركيزة نجاحها الأساسية هاتف الآيفون، الذي يحقق لها أرباحاً هائلةً، ويساهم في زيادة قيمة أسهمها بفضل الإصدارات الجديدة التي تستقطب ملايين المستخدمين سنوياً. ومن ثم، فإنّ إعطاء الآيفون الأولويّة القصوى في كل موسم هو أمرٌ طبيعيٌّ ومنطقيٌّ بالنّسبة للشّركة.

لكن، مع حلول عام 2025، تظهر أولويّةٌ جديدةٌ تتجاوز أهمّيّة الآيفون، وهي "آبل إنتليجنس" (Apple Intelligence). وتحديداً، إجراء تحسيناتٍ كبيرةٍ على "سيري" (Siri) لجعلها أكثر ذكاءً وقدرةً على تلبية احتياجات المستخدمين بكفاءةٍ عاليةٍ. يمكن القول إنّ عدم إطلاق آيفونٍ جديدٍ سيكون أقلّ ضرراً لآبل مقارنةً بفشلها في تقديم سيري بشكلٍ يلبّي التّطلّعات التي وعدت بها. تلك النّسخة التي كانت محور العروض في الصّيف الماضي، حيث استعرضت الشّركة قدراتٍ مبتكرةً يمكن للمستخدم تنفيذها باستخدام هاتفه.

تؤكّد شركة آبل أنّها قد حسّنت من أداء مساعدها الرّقميّ سيري، مشيرةً إلى أنّه أصبح يفهم المحادثات بشكلٍ أفضل، ويستجيب للأسئلة المتتابعة بكفاءةٍ. وعلى الرّغم من أنّ هذا يعدّ تطوّراً ملحوظاً، إلّا أنّه لا يرتقي إلى المستوى الذي وعدت به الشّركة خلال "مؤتمر المطوّرين العالميّ" (WWDC) أو عند إطلاق الآيفون في سبتمبر.

فلا يبحث المستخدمون اليوم عن تحسيناتٍ بسيطةٍ، بل يريدون سيري قادرةً على تنفيذ مهامّ حقيقيّةٍ بفاعليّةٍ نيابةً عنهم. هذا هو التّحدّي الأهمّ الذي يجب على آبل مواجهته وتحقيقه لضمان تقديم تجربةٍ استثنائيّةٍ تتماشى مع توقّعات عملائها.

في الواقع، واجه تحقيق هذا الهدف تحدّياتٍ واضحةً. إذ تأخّرت شركة آبل بشكلٍ كبيرٍ في سباق الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ. بدا وكأنّها فوجئت تماماً بانطلاقة المنافسة في هذا المجال. وحتّى الآن، لم تقدّم آبل ميزاتٍ ترقى إلى تطلّعات السّوق، أو تتفوّق على منافسيها، باستثناء دمجها مع "شات جي بي تي" (ChatGPT)، الذي يعدّ التّطوّر الوحيد الملحوظ، لكنّه لا يكفي لسدّ الفجوة الكبيرة.

كما كشف دمج "شات جي بي تي" مع أنظمة "آبل إنتليجنس" عن محدوديّةٍ واضحةٍ بدلاً من أن يكون إنجازاً بارزاً. من المؤسف أنّ أفضل ما تقدّمه آبل حاليّاً هو تمكين سيري من إرسال الاستفسارات إلى شات جي بي تي. ومع ذلك، يتوفّر تطبيقٌ مستقلٌّ لـ "شات جي بي تي" يقدّم تجربةً أفضل بكثيرٍ، حيث يتيح للمستخدم نسخ النّتائج أو حفظها بسهولةٍ. ممّا يجعل ما تقدّمه آبل يبدو أقلّ جاذبيّةً وأقلّ فائدةً مقارنةً بما هو متاحٌ فعليّاً.

من ناحيةٍ أخرى، تعتمد آبل بشكلٍ كبيرٍ على تعاون المطوّرين الخارجيّين لإتاحة بيانات تطبيقاتهم لنظامها، وهو أمرٌ يصعب ضمانه. يكفي النّظر إلى التّباطؤ الملحوظ في استجابة المطوّرين لتبنّي تقنيّة "فيجن برو" (Vision Pro)، ممّا يعكّس تراجع الحماس تجاه دعم منتجات آبل الجديدة. يبدو أنّ الشّركة أهدرت قدراً كبيراً من الثّقة الّتي كانت قد بنتها على مرّ السّنين، خاصّةً مع المطوّرين المستقلّين والشّركات الصّغيرة، وهو ما يشكّل تحدّياً كبيراً أمام تحقيق تكاملٍ حقيقيٍّ بين نظام آبل وتطبيقات الأطراف الثّالثة.

يختلف جعل التّطبيقات قادرةً على التّفاعل مع سيري عن تحويل تجربة المستخدم إلى مساعدٍ صوتيٍّ شاملٍ يمكنه تنفيذ جميع المهامّ. لكي تتمكّن سيري من التّفاعل بكفاءةٍ مع تطبيقات الآيفون، تحتاج إلى تعاونٍ وثيقٍ مع المطوّرين. لكنّ التّحدّي يكمن في أنّ المطوّرين قد لا يكونون مستعدّين للاستثمار في تحسين أداء مساعد آبل الصّوتيّ إذا لم يحصلوا على فوائد ملموسةٍ من ذلك.

بالإضافة إلى ذلك، لا يبدو أنّ الشّركات الكبرى الّتي تدير تطبيقاتٍ شهيرةً ستتخلّى عن عملائها بسهولةٍ لصالح آبل. فتح هذه التّطبيقات لسيري يعني مشاركة جزءٍ من البيانات أو التّحكّم، وهو أمرٌ قد لا يكون في مصلحة هذه الشّركات من وجهة نظرها، ممّا يعقّد تنفيذ هذا التّكامل.

تخيّل السّيناريو التّالي: تطلب من سيري ببساطةٍ، "اكتشفي موعد وصول رحلتي واحجزي سيّارةً من "أوبر" (Uber) إلى الفندق". يبدو الأمر سهلاً للغاية، لكنّه في الواقع يتطلّب خطواتٍ معقّدةً. حيث تحتاج سيري للوصول إلى تطبيق الطّيران لتحديد موعد هبوط الرّحلة، ثمّ إلى بريدك الإلكترونيّ لاستخراج تفاصيل حجز الفندق، وأخيراً إلى تطبيق أوبر لحجز السّيّارة بناءً على تلك المعلومات. إذ يتطلّب هذا التّكامل بين التّطبيقات تعاوناً متعدّد الأطراف، ممّا يزيد من تعقيد تنفيذ هذا الطّلب بشكلٍ سلسٍ.

يتطلّب هذا مستوى عالياً من التّكامل مع تطبيقاتٍ مثل التّقويم، البريد الإلكترونيّ، أوبر، وربّما تطبيق شركة الطّيران. المشكلة أنّ معظم هذه التّطبيقات ليست مدعومةً بشكلٍ مباشرٍ من آبل، والتّعاون مع المطوّرين الخارجيّين أمرٌ غير مضمونٍ. حتّى مع التّطبيقات الأساسيّة مثل البريد الإلكترونيّ أو التّقويم، الّتي يفترض أنّها تتمتّع بتكاملٍ طبيعيٍّ مع نظام آبل، لا يمكن ضمان تحقيق هذا التّكامل بشكلٍ كاملٍ. هذا يسلّط الضّوء على التّحدّي الأكبر الّذي تواجهه آبل في تحويل سيري إلى حلٍّ شاملٍ قادرٍ على تقديم تجربةٍ متعدّدة الاستخدامات بفعاليّةٍ وسلاسةٍ.

في الحقيقة، يمثّل تنفيذ هذا الوعد تحدّياً كبيراً، لكنّه في الوقت ذاته هو الالتزام الّذي قطعته شركة آبل على نفسها. فلا يطلب المستخدمون أكثر ممّا استعرضته الشّركة بالفعل خلال مؤتمر المطوّرين العالميّ.

وهنا يكمن جوهر المشكلة: يجب على آبل أن تفي بهذا الوعد خلال العام المقبل. ليس فقط لأنّها متأخّرةٌ كثيراً عن منافسيها، ولكن لأنّ الوفاء بالوعود هو العنصر الأساسيّ الّذي يحافظ على مصداقيّتها ومكانتها كشركةٍ رائدةٍ عالميّاً.

حتّى الآن، لم يصل المستخدمون إلى نقطة التّخلّي عن هواتف الآيفون لصالح أجهزة أندرويد، رغم التّقدّم الّذي حقّقته تقنيّاتٌ مثل "جيميني" (Gemini) أو غيرها. ومع ذلك، نحن نقترب من مرحلةٍ حاسمةٍ: حيث تبدو الرّواية الّتي تقدّمها آبل عن تقنيّات "آبل إنتليجنس" بعيدةً تماماً عن التّجربة الواقعيّة الّتي يختبرها المستخدمون.

إذا لم تتمكّن آبل من سدّ هذه الفجوة بحلول عام 2025، فقد تتحوّل القصّة من وعدٍ مليءٍ بالابتكار إلى نقطة ضعفٍ تهدّد سمعتها، وتضع مكانتها أمام تحدٍّ قد يصعب تجاوزه.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: