البومة الخضراء: سر نجاح Duolingo في التسويق الرقمي
درسٌ ملهمٌ لكيفيّة استخدام الاتّجاهات والتّكنولوجيا في تعزيز التسويق وبقاء الأعمال التّجاريّة مرنةً

ركّزت "دوولينجو" (Duolingo) على بناء علامتها التّجاريّة بأكثر من مجرّد تسهيل تعلّم اللّغات، حيث أتقنت متابعة التّوجّهات، ومواكبة التّكنولوجيا، والاستفادة من اللّحظات الثّقافيّة المؤثّرة، فمن خلال منشوراتها الذّكيّة عبر وسائل التّواصل الاجتماعيّ وشخصيّتها المميّزة دوو، البومة الخضراء اللّافتة، نجحت في جذب الانتباه، وإثارة التّفاعل، وضمان بقائها في صدارة المشهد الرّقميّ، إذ تقدّم الشّركة نموذجاً عمليّاً للشّركات الصّغيرة حول كيفيّة توظيف المرونة والإبداع في بيئة أعمالٍ متسارعة التّغيّر.
حظر تيك توك يشعل موجة تعلّم الماندرين
أصدر القضاء الأمريكيّ حكماً ضدّ تطبيق "تيك توك" (TikTok)، ممّا أثار جدلاً واسعاً، خاصّةً بين المبدعين القلقين بشأن مستقبل دخلهم، حيث عبّر المستخدمون عن إحباطهم وعدم يقينهم من خلال بثٍّ مباشرٍ على المنصّة لمناقشة تأثير الحظر المرتقب.
دفع هذا الوضع العديد من المستخدمين إلى البحث عن بدائل، حيث اتّجهوا نحو تطبيق "ريدنوت" (Red Note)، وهو منصّةٌ اجتماعيّةٌ صينيّةٌ باللّغة الماندرينيّة الّتي تكتسب شهرةً متزايدةً. أحدثت هذه التّحوّلات الثّقافيّة موجةً غير متوقّعةٍ: زيادةً كبيرةً في تعلّم اللّغة الماندرينيّة، إذ بدأ المستخدمون في الولايات المتّحدة باللّجوء إلى دوولينجو لتعلّم اللّغة، مدركين أهمّيّة المنصّات الصّينيّة المتنامية في العالم الرّقميّ. فاستغلّت دوولينجو هذا الحدث الثّقافيّ بتعليقٍ طريفٍ ومميّزٍ عبر منصّة "إكس" (X): "أوه، إذن الآن بدأتم تعلّم الماندرين؟" حقّق هذا المنشور انتشاراً واسعاً، وأظهر قدرة دوولينجو على التّفاعل بذكاءٍ مع الأحداث الجارية مع التّرويج لخدماتها بأسلوبٍ جذّابٍ.
تُبرز استراتيجيّة دوولينجو أهمّيّة متابعة التّحوّلات الثّقافيّة والتّكنولوجيّة بشكلٍ مستمرٍّ وفهم تأثيرها، وإليك كيفيّة تطبيق هذه الاستراتيجيّات عمليّاً:
1. تابع الميكروترندات لتبقى في المقدمة
استغلّت دوولينجو الزّيادة المفاجئة في الاهتمام بتعلّم اللّغة الماندرينيّة الّتي نشأت بسبب حظر تيك توك وصعود منصّة ريدنوت، إذ يمكن للشّركات الصّغيرة أن ترصد التّغيّرات الثّقافيّة، سواء من خلال الاتّجاهات على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، أو الميكروترندات، أو الأخبار، أو تطوّرات الصّناعة، ثمّ تكيّف رسائلها ومنتجاتها وحملاتها لتلبّي الاهتمامات الجديدة للمستهلكين والعملاء.
2. تفاعل بصدقٍ على وسائل التواصل الاجتماعي
أتقنت دوولينجو فنّ التّواصل مع الجمهور بأسلوبٍ فكاهيٍّ ومناسبٍ، إذ تستطيع العلامات التّجاريّة، من خلال المشاركة الفعّالة في المحادثات الرّقميّة بأسلوبٍ عاطفيٍّ أو مرحٍ، أن تبني روابط عاطفيّةً أعمق مع جمهورها.
استخدم منصّاتٍ، مثل تيك توك، إكس، إنستغرام (Instagram)، وريديت، لمراقبة التّوجّهات والمشاركة فيها، حيث يكون ذلك طبيعيّاً لعلامتك التّجاريّة، وحدّد أماكن تواجد جمهورك والوسائط الّتي يفضّلونها، فمن خلال فهم القنوات والمنصّات والمحتوى الّذي يتفاعل معه جمهورك، يمكنك تعديل رسائلك واستراتيجيّاتك للوصول إليهم بفعّاليّةٍ، ممّا يضمن تعزيز الصّلة والتّفاعل مع جمهورك.
3. ركّز على نقاط قوّتك الأساسيّة
استندت دوولينجو إلى خبرة مؤسّسها المشارك، لويس فون آن، الّذي يعدّ رائداً في الابتكار التّقنيّ ومبتكراً لأدواتٍ شهيرةٍ، مثل "كابتشا" (CAPTCHA) و"ريكابتشا" (reCAPTCHA)، إذ أسهمت هذه الخبرة في نجاح الشّركة بدمج التّعليم مع التّكنولوجيا. نعم، يمكن للشّركات الصّغيرة أن تُحدّد نقاط قوّتها الفريدة، وتدمجها بذكاءٍ في استراتيجيّاتها، ممّا يمكّنها من التّميّز ومواكبة احتياجات العملاء المتغيّرة.
4. التزم بالمرونة
اعتمدت دوولينجو المرونة كعاملٍ أساسيٍّ للبقاء والازدهار في سوق الأعمال المتغيّر، إذ تحتاج الشّركات إلى التّكيّف بسرعةٍ، سواء بالاستجابة للاتجاهات الفيروسيّة، أو متابعة الميكروترندات، أو التّعامل مع تغيّر سلوك العملاء، أو تبنّي منصّاتٍ جديدةٍ، مثل ريدنوت، إذ تضمن هذه المرونة القدرة على التّطوّر والبقاء في طليعة المنافسة.
5. اجعل التّمائم أداةً للتّميّز
تثبت دوولينجو أنّ التّمائم لم تفقد بريقها، إذ استطاعت البومة الخضراء الشّهيرة أن تتحوّل إلى نجمةٍ على وسائل التّواصل الاجتماعيّ تحظى بحبّ الجماهير، إذ تساعد على بناء اتّصالٍ عاطفيٍّ قويٍّ يجعل العلامة التّجاريّة شخصيّةً ومميّزةً، فحتّى التّمائم الأيقونيّة مثل توني النّمر، الّذي يبلغ عمره أكثر من 70 عاماً، نجحت في التّجدّد، حيث ظهر "توني" (Tony) كأوّل تميمةٍ تجاريّةٍ تبثّ مباشرةً عبر منصّة "تويتش" (Twitch)، إذ أتاحت هذه الخطوة الجريئة للنّمر الشّهير فرصة الوصول إلى جيلٍ جديدٍ عبر مزيجٍ فريدٍ من الحنين والثّقافة الرّقميّة الحديثة. إذن، تضفي التّميمة شخصيّةً فريدةً على الكيان التّجاريّ، ممّا يجعله أكثر قرباً وتأثيراً على الجمهور.
واكب التّغيّرات للبقاء في الصّدارة
أتقنت دوولينجو فنّ البقاء على صلةٍ بالتّوجّهات والتّكنولوجيا والثّقافة، ممّا جعلها أكثر من مجرّد تطبيقٍ لتعلّم اللّغات، إذ أصبحت علامةً تجاريّةً عالميّةً تشجّع النّقاش، وتثير التّفاعل، وتلبّي احتياجات الجمهور في الوقت المناسب، فنالت الشّركة لقب "مسوّق العام" من مجلّة "آد إيج" (Ad Age) تقديراً لقدرتها على التّميّز.
يمكن للشّركات الصّغيرة أن تتعلّم من هذا النّموذج؛ لذلك راقب التّحوّلات الثّقافيّة باستمرارٍ، وتفاعل مع جمهورك بطرقٍ هادفةٍ، ولا تخش الابتكار، فمن خلال اتّباع نهج دوولينجو، يُمكنك بناء علامةٍ تجاريّةٍ قادرةٍ على التّكيّف، وإقامة روابط عاطفيّةٍ قويّةٍ، وترك تأثيرٍ دائمٍ لدى عملائك.
شاهد أيضاً: كيف تبني علامة تجارية مميزة للشركات الصغيرة؟