.Gemini A.I من google: تطورات عملاقة في الذكاء الاصطناعي
تطوراتٌ متسارعةٌ في عالم الذكاء الاصطناعي، تحمل في طياتها الكثير من التغيرات في الأعمال خلال 2024
بقلم كيت إيتن Kit Eaton
كان الذّكاءُ الاصطناعيّ على رأسِ قائمةِ المصطلحاتِ الرّائجةِ الكبيرةِ في مجالِ التّكنولوجيا خلال عام 2023، سواءً كان ذلك للخيرِ أو الشّرّ، وظلَّ في المقدّمةِ حتى يومِ الأربعاء، عندما كشفت Google عن نظامها المتقدّمِ .Gemini A.I، هذا التّطوّرُ الأخيرُ، الذي يعزّزُ قوّةَ إنتاجِ المحتوى، ويشكّلُ خطوةً أخرى في جعلِ هذه التّكنولوجيا تصبح بحقٍّ اتّجاهاً تكنولوجيّاً سائداً.
ويزدادُ اعتيادُ الجمهورِ العامّ على التّحدّث مع الذّكاءِ الاصطناعيّ، بفضلِ ChatGPT، ولكن ما يميّز Gemini هو "تعدديةُ الوسائطِ"، التي تطبّقُ ذكاءَ البرنامجِ على النّصوصِ والشّفراتِ واستعلاماتِ الصورِ، وأكثر من ذلك، كلّها في آنٍ واحدٍ، بينما يمكن لمستخدمي الذّكاءِ الاصطناعيّ الحاليين استخدامَ نظامٍ واحدٍ للنصوصِ وآخر للصورِ، وهكذا دواليك.
وفوائدُ هذه الأدواتِ للشّركاتِ الصّغيرةِ واضحةٌ، بالطّبعِ: إذا كان قسمُ العلاقاتِ العامة لشركةٍ صغيرةٍ مثقلاً بالأعمالِ بالفعلِ، على سبيلِ المثال، يمكن أن يكون إنتاجُ النّصوصِ أو الصورِ بسرعةٍ -بفضلِ الذّكاءِ الاصطناعيّ- ميزةً. يقوم Gemini بتجميعِ هذه القدراتِ في تطبيقٍ واحدٍ، مما يبسِّط متطلّباتِ المستخدمِ. [1]
الأمرُ الآخرُ الذي يميّز Gemini، بالطّبعِ، هو أنّه يأتي من Google، عملاقُ التّكنولوجيا الذي نستخدمُ أدواته عادةً كلّ يومٍ في المنزلِ والعملِ. فالنفوذُ العالميّ لشركةِ Google يُمكن أن يجعلَ Gemini أمراً صعبَ التّجاهلِ، حتى بالنّسبةِ للمستخدمين الذين يشعرون بالرّاحة مع ChatGPT، إذ عند الإعلانِ عن الإطلاقِ في X، قال Sundar Pichai، الرّئيسُ التّنفيذيّ لشركةِ Google و Alphabet: إنّها "أفضلُ نموذجِ ذكاءٍ اصطناعيّ وأكثرها تعميماً حتى الآن".
سيكتشفُ المستخدمون -الذين يجرّبون Gemini الآن- حدوده، التي لا تصل بعدُ إلى تلك التي يَعدُ بها في نهايةِ المطافِ، إذ كانت فعاليةُ Google أمس إطلاقاً مبدئيّاً لتقديمِ أدواتها الجديدةِ للمستخدمين، مع المزيدِ منها في وقتٍ لاحقٍ.
الإصدارُ الحاليّ، Gemini Pro، مدمجٌ في روبوتِ الدّردشةِ التّابع للشّركةِ Bard.chatbot (هناك أيضاً إصدارٌ "أخفّ" يسمّى Nano يستهدفُ التّطبيقاتِ الأصغرَ والأخفّ، مثل: تطبيقاتِ الهاتفِ والجهازِ اللّوحي). في الأساسِ، يعدّ Gemini Pro في Bard شيئاً شبيهاً جدّاً بـChatGPT، ولكن مع بنيّةٍ تحتيةٍ أساسيّةٍ مختلفةٍ للذّكاءِ الاصطناعيّ.
وهذا يعني أنّ المستخدمين يمكنهم الآن الاستفادةَ من Gemini، لتلبيةِ مجموعةٍ متنوّعةٍ من احتياجاتِ الأعمالِ، سواءً كان ذلك كتابةُ النّصوصِ للبياناتِ الصحفيّةِ، أو تصميمُ عباراتٍ جذابةٍ لتحسينِ العروضِ الماليّةِ، أو حتّى مساعدة المطوّرين في كتابةِ الشّفرة. وبالنّسبةِ لأولئك الذين يستخدمون بالفعلِ ChatGPT لإنشاءِ بعض المحتوى للمستخدمين، سيكون من السّهلِ استخدام أوامر مماثلةٍ مع Gemini عبر Bard، ثمّ اختيارُ أيّ ناتجٍ من الذّكاءِ الاصطناعيّ يفضِّلهُ.
شاهد أيضاً: Google تطلق Gemini، النموذج الذي يتفوّق على ChatGPT في كل الاختبارات
تخطّطُ Google لإطلاقِ نظامِ Gemini Ultra الكاملِ العامّ المقبل كجزءٍ من Bard Advanced، وهو الوقتُ الذي قد تصبحُ فيه التّكنولوجيا أكثر تحويلاً للشّركاتِ. وعند الكشفِ عن Gemini Ultra، قال Pichai على X معتمداً أسلوبَ التّشويقِ: إنّه "يتجاوزُ النّتائجَ الحاليّةَ لأحدثِ التّقنياتِ". وردّاً على أخبارِ الإطلاقِ، قال إيلون ماسك، الذي له شركاتٌ ترتبطُ بشكلٍ طويلِ الأمدِ بتطبيقاتِ الذّكاءِ الاصطناعيّ: "مذهلٌ".
أكّدَ عرضُ المنتجِ على إمكانياتِ Gemini السّلسةِ في توليدِ الصّورِ، والرّسومِ التّوضيحيّةِ، والمحتوى الآخر، بالإضافةِ إلى النّصّ، بالتّأكيدِ، لهذا الدّمجِ تأثيراتٌ هائلةٌ على عالمِ الأعمالِ، وكان هناك عرضٌ بارزٌ: صممّ اليوتيوبر "Mark Rober" طائرةً عملاقةً من الورقِ بمساعدةِ Bard، بما في ذلك التقاطُ صورةٍ لها، ومن ثمّ طلبُ التّقييمِ. فحصَ Bard الصورةَ، وأشارَ إلى أخطاءِ التّصميمِ، واقترح تحسيناتٍ؛ هذا النّوعُ من الجهدِ الشّاملِ له فوائدُ واضحةٌ للشّركاتِ الصّغيرةِ، حيث يمكن لخبرةِ العاملين مع نظامِ ذكاءٍ اصطناعيّ واحدٍ، تعزيزَ الكفاءةِ دون أن يتطلّبَ الأمرُ أن يكونوا على درايةٍ بعدّةِ تقنياتِ ذكاءٍ اصطناعيّ مختلفةٍ.
شاهد أيضاً: 3 خطوات عليك اتّخاذها لتحقيق أقصى استفادة من الذكاء الاصطناعي
نظراً لأن المنافسةَ في مجالِ الذّكاءِ الاصطناعيّ تظلّ حادّةً وسريعةً، أعلنت Meta -الشّركةُ الأمّ لـ Facebook- أيضاً يومَ الأربعاء عن نظامها الخاصّ للذّكاءِ الاصطناعيّ التّوليديّ المستقلِّ، الذي يطلقُ عليه اسم Imagine، ويتبّع نموذجاً مألوفاً.
يستخدمُ المستخدمون اللّغةَ الطّبيعيةَ لطلبِ صورةٍ ويقوم الذّكاءُ الاصطناعيّ بـ "تخيّلِ" استجابته، ويمكن أن تكونَ النّتائجُ مدهشةً، جميلةً، غريبةً، أو حتى واقعيّةً بسلاسةٍ. وعلى شاكلةِ الدّفعةِ التي قامت بها Google في مجالِ الذّكاءِ الاصطناعيّ مع Gemini، كان دخولُ Meta في هذا المجالِ، يعني أنّ الصورَ التي تمّ إنشاؤها بواسطةِ الذّكاءِ الاصطناعيّ قد تصبح أكثرَ انتشاراً.
شاركت أيضاً شركةُ Apple، حيث أعلن فريقها لأبحاثِ التّعلّمِ الآليّ عن إطلاقِ MLX، وهو إطارٌ جديدٌ يتيحُ للمطوّرين الوصولَ إلى أنظمتها للتّعلّمِ الآليّ التي تعملُ على رقاقاتِ Apple، إذ إنّ التّعلّم الآليّ ليس بالضّبط "ذكاء اصطناعيّ كامل"، ولكن يركّزُ على استخدامِ الخوارزميات والإحصاءاتِ، لتحليلِ أنماطِ البياناتِ لبناءِ أنظمةٍ ذكيّةٍ.
يعني الإطارُ الجديدُ أنّ المطوّرين سيكونون قادرين على تحسينِ طريقةِ تدريب مكتباتِ الذّكاءِ الاصطناعيّ المستخدمةِ في التّطبيقاتِ الأخرى، بحيث تعملُ بسلاسةٍ أكثر على أجهزةِ Apple، إذ لطالما كانت تُعتبرُ Apple أكثر حذراً في تطويرِ الذّكاءِ الاصطناعيّ من غيرها من الشّركاتِ، ومن هنا جاء التّركيزُ على الأنظمةِ الخلفيّةِ بدلاً من المنتجاتِ التي تواجهُ العملاءَ.
شاهد أيضاً: عمالقة الذكاء الاصطناعي: GPT-4 Turbo و Assistants API في مؤتمر DevDay
الآثارُ المترتّبةُ على إعلانِ ثلاثةِ عمالقةِ تكنولوجيا عالميّين عن تطوّراتٍ في مجالِ الذّكاءِ الاصطناعيّ في يومٍ واحدٍ، تجتمعُ أيضاً لتعني شيئاً واحداً: سيكون لدينا انتشارٌ هائلٌ سريعٌ في استخداماتِ الأعمالِ للذّكاءِ الاصطناعيّ، في حين قد تتيحُ هذه التّطبيقاتُ للشّركاتِ تقليلَ التّكاليفِ، وتعزيزَ الابتكارِ، أو تسهيلَ عملياتِ الأعمالِ، إلّا أنّ الذّكاءَ الاصطناعيّ يأتي مع مجموعةٍ من المشكلاتِ المعقّدةِ.
معروفٌ أنّ نماذجَ الذّكاءِ الاصطناعيّ فيها بعضُ العيوبِ، كما هو موضّحٌ في تقاريرٍ سابقةٍ حول مشاكلِ Meta مع التّحيّز العنصريّ في بعض صورِ الذّكاءِ الاصطناعيّ. وهناك أيضاً قضيةُ النّيّةِ، حيث يكون بعض المُحتوى الذي تمّ إنشاؤه بواسطةِ الذّكاءِ الاصطناعيّ يسبّبُ مشكلةً، مثل: حالات التّزييفِ العميقِ لصور المشاهيرِ، والصّور الملفّقة لحربِ غزة التي تُعقِّد التّصوّرات العامة حول الصّراعِ.
وهناك أيضاً أسئلةٌ معقّدةٌ حول شفافيةِ الذّكاءِ الاصطناعيّ، بما في ذلك، إذا كان يجبُ وضعُ علاماتٍ واضحةٍ على محتوى الذّكاءِ الاصطناعيّ. على سبيلِ المثال، تستخدمُ Meta تقنيّةَ العلاماتِ المائيةِ المخفيةِ في صورِ Imagine الجديدةِ، بحيث يمكن اكتشافها لاحقاً، ممّا يتركُ تداعياتِ استخدامِ الشّركاتِ لتلك الصورِ غير معروفةٍ بالنّسبةِ لها. كما ناقشت الذّكاءَ الاصطناعي بشكلٍ كبيرٍ هيئاتٌ حكوميّةٌ في جميعِ أنحاءِ العالمِ، وكذلك يعملُ الاتّحادُ الأوروبيّ الآن على قوانين وتشريعاتٍ بخصوصِ هذه التّكنولوجيا.
لكن مع تطوّرِ Gemini ليصبحَ أكثر ذكاءً، ومع عمالقةِ الشّركاتِ، مثل ماكدونالدز التي توشكُ على اعتمادِ الذّكاءِ الاصطناعيّ في محاولةٍ لتحويلِ أعمالها، يبدو أنّ عام 2024 سيكون العام الّذي تصبحُ فيه هذه التّكنولوجيا بحقٍّ اتّجاهاً سائداً.