Google تخطط لإطلاق نظارات ذكية مدعومة بالذّكاء الاصطناعيّ

تسعى غوغل (Google) إلى أن يرى مستخدمو الكمبيوتر العالم من خلال عدسة الذّكاء الاصطناعيّ، وربّما تقدّم قريباً الأجهزة الّتي تحقّق ذلك. في حدثٍ صحفيٍّ أمس، أعلنت غوغل عن محرّكها المحسّن للذّكاء الاصطناعيّ "جمني 2.0" (Gemini 2.0)، وعرضت أيضاً مشروع "أسترا" (Astra)، وهو نموذجٌ أوّليٌّ لمساعدٍ شخصيٍّ يعتمد على الذّكاء الاصطناعيّ، قد ينافس "سيري" (Siri) أو "أليكسا" (Alexa). وأشار بيبو شو، مدير المنتجات في قسم الذّكاء الاصطناعيّ "غوغل ديب مايند" (Google DeepMind)، إلى أنّ أسترا سيتمّ اختباره باستخدام نموذجٍ أوّليٍّ لجهاز نظّاراتٍ ذكيّةٍ، لمعرفة مدى فعّاليّته، وفقاً لموقع "ذا فيرج" (The Verge) للأخبار التّقنيّة.

مرّ أكثر من 10 سنواتٍ على إطلاق نظّارات "غوغل جلاس" (Google Glass) الّتي لم تحقّق النّجاح المرجوّ، تلك النّظّارات المعزّزة بالواقع الّتي شهدت فترةً قصيرةً من الازدهار قبل أن تتراجع بسبب عدم نضوج التّكنولوجيا في ذلك الوقت، إضافةً إلى أنّ الجمهور لم يكن جاهزاً لهذا النّوع من الابتكار. ولكن اليوم، في ظلّ إطلاق شركة "آبل" (Apple) لجهاز الواقع المعزّز "فيجن برو" (Vision Pro) بسعر 3500 دولارٍ، وبيع نظّارات "ميتا" (Meta) الذّكيّة المصنوعة بالتّعاون مع "راي بان" (Ray-Ban) بسرعةٍ كبيرةٍ، يبدو أنّ غوغل قد تكون مستعدّةً أخيراً لدخول هذا السّوق مرّةً أخرى.

وقد أوضح شو أنّ دمج أسترا في جهازٍ شبيهٍ بالنّظّارات يعتبر "أحد أكثر الأشكال قوّةً وفهماً لتجربة هذا النّوع من الذّكاء الاصطناعيّ". وشاركت غوغل مقطع فيديو قصيراً يوضّح كيف تعتقد أنّ هذه التّقنية القابلة للارتداء ستعمل، معتمدةً على إشاراتٍ صوتيّةٍ ومرئيّةٍ تولّدها تقنيات الذّكاء الاصطناعيّ. ورغم أنّ ما تمّ عرضه كان مجرّد مفهومٍ أوّليٍّ، إلّا أنّ شو اعترف بأنّ هناك "أخباراً قادمةً قريباً" عن "منتج النّظّارات". وقد أثارت هذه التّصريحات الكثير من الفضول والاهتمام عبر الإنترنت.

في الوقت نفسه، عندما عرضت غوغل إمكانيّات جمني 2.0، ركّزت بشكلٍ كبيرٍ على الذّكاء الاصطناعيّ المعتمد على الوكلاء، وهو أنظمةٌ متقدّمةٌ قادرةٌ على تنفيذ إجراءاتٍ فعليّةٍ عبر الإنترنت، وليس مجرّد الرّدّ على الأوامر أو توليد الصّور والفيديوهات. كما أفاد موقع "كوين تليجراف" (Coin Telegraph)، أنّ المسؤولين في غوغل أكّدوا أنّ وكلاء الذّكاء الاصطناعيّ سيكونون قادرين على فهم "التّعليمات المعقّدة، والتّخطيط، واتّخاذ القرارات، وتنفيذ الأفعال عبر المواقع الإلكترونيّة"، إضافةً إلى مساعدتهم في استراتيجيّات ألعاب الفيديو.

وأشار أيضاً إلى مشاريع بحثيّةٍ تركّز على تطوير هؤلاء الوكلاء ليقوموا بمهامّ مثل التّحكّم في متصفّح "كروم" (Chrome) الخاصّ بالمستخدم، وتحريك مؤشّر الكمبيوتر، وكتابة النّصوص للمساعدة في تعبئة النّماذج عبر الإنترنت. قد تحتوي هذه الأنظمة أيضاً على وكلاء قادرين على مساعدة المطوّرين في البرمجة، أو مساعدة الباحثين في العثور على معلوماتٍ حول موضوعاتٍ محدّدةٍ.

وفي منشورٍ على "إكس" (X)، أشار "سندار بيتشاي"، الرّئيس التّنفيذيّ لغوغل، إلى أنّ مشروع أسترا يظهر ومضاتٍ من مساعدٍ ذكيٍّ ذي طابعٍ عالميٍّ، وأعرب عن حماسه لبدء غوغل في شحن هذه التّقنية في 2025.

ولكن السّؤال هنا، لماذا يجب أن نولي اهتماماً بهذا الابتكار في الأجهزة القابلة للارتداء ونظام الذّكاء الاصطناعيّ الجديد من غوغل؟

السّبب الرّئيسيّ هو أنّ الأمر يتعلّق بغوغل، وهي شركةٌ تقدّر قيمتها بتريليون دولارٍ ولديها موارد ضخمةٌ تمكّنها من البحث في تقنياتٍ مبتكرةٍ وإطلاق أجهزةٍ جديدةٍ. إذا كانت غوغل تخطّط فعلاً لإطلاق نظّاراتٍ ذكيّةٍ مزوّدةٍ بالذّكاء الاصطناعيّ، فسيكون بإمكانها بيع الملايين منها للجمهور، خاصّةً وأنّنا جميعاً نملك هواتف ذكيّةً اليوم. كما ستتيح لنا التّقنية القابلة للارتداء الّتي تدمج الواقع المعزّز، وتعمل بكفاءةٍ، تطبيقاتٍ مفيدةً وترفيهيّةً في حياتنا اليوميّة.

تخيّل أن تتمكّن من البحث عن أيّ معلومةٍ بمجرّد التّحدّث بصوتٍ عالٍ إلى النّظّارات الّتي ترتديها. قد تجذب نظّارات غوغل الذّكيّة أيضاً الشّركات، حيث يمكن أن تساعد الموظّفين في أداء مهامّهم اليوميّة المكتبيّة، أو تقديم إرشاداتٍ في وظائف مثل تجميع الأجزاء على خطّ الإنتاج. وليس فقط الجهاز نفسه الّذي قد يحدث تغييراً جذريّاً، بل قد تنّموّ أيضاً مجموعةٌ كاملةٌ من التّطبيقات على هذه المنصّة الجديدة المحتملة، ممّا يفتح آفاقاً للنّموّ لمطوّري التّطبيقات بمختلف أحجامهم. ولكنّنا سنحتاج إلى الانتظار لنرى ما سيحدث في المستقبل.