Hevolution تقودُ مساعي السّعودية في صناعةِ العمرِ المديد
في لقاءٍ خاصٍّ مع الرَّئيس التَّنفيذيّ لمؤسَّسةِ Hevolution، محمود خان، نتعرَّف على جهود المؤسَّسة الرَّائدة في وضعِ السعودية في طليعةِ أبحاثِ العمر المديد والصّحَّة، حيث يكشفُ لنا عن رؤيةِ المؤسّسةِ وأهدافِها الطَّموحة
تأسَّست مؤسَّسةُ Hevolution قبلَ أربع سنواتٍ بمرسومٍ ملكيٍّ، بهدفِ قيادةِ جهودِ السُّعوديَّة لتصبح رائدةً في صناعةِ العمرِ المديد بالمنطقة، وتعزيزِ الرّعاية الصّحيَّة والرَّفاهيَّة كجزءٍ أساسيٍّ من رؤيةِ السُّعوديَّة 2030.
بميزانيَّةٍ سنويَّةٍ تصلُ إلى مليار دولارٍ، تركِّز المؤسَّسةُ على دعم الشَّيخوخة الصّحيَّة من خلال التَّمويلِ، والبحثِ، والاستثمار. وتسعى لتكونَ في مقدِّمة المستثمرين بفضلِ رأسِ مالٍ صبورٍ، حيث تموَّلُ الأبحاث في مجال علم الشَّيخوخة (بيولوجيا الشَّيخوخة) والشَّركات النَّاشئة في مجال التُّكنولوجيا الحيويَّة لدعمِ أبحاثِ الشَّيخوخة، والهدفُ الأساسيُّ هو جذب مستثمرين آخرين لتسويق التُّكنولوجيا وجعلِها قابلةً للاستثمار.
بالإضافة إلى تمويلِ الأبحاث، تعملُ Hevolution على إنشاء مركزٍ تحويليٍّ في السعودية لإجراء الأبحاث المتعلَّقة بالشَّيخوخة، كما تسعى المؤسَّسة إلى تمويل العلماء والمشاريع البحثيَّة لبناء رأسٍ مالٍ بشريٍّ في المنطقة.
يقول الرَّئيس التَّنفيذيُّ لمؤسَّسة Hevolution، محمود خان: "Hevolution لا تهتمُّ فقط بإطالةِ العمر والعيشِ لمدّة أطول، بل تهدف إلى تحسينِ نوعيَّة الحياة لنكون بصحَّةٍ جيدةٍ لأطول فترةٍ ممكنةٍ، وإذا تمكَّنا من تقليل السَّنوات التي نقضيها في المرضِ والعجز، فسيكون لذلك تأثيرٌ كبيرٌ على جودة الحياة".
يشيرُ خان إلى أنَّ التَّقدُّم في مجالي الذَّكاء الاصطناعيّ والحوسبةِ عاليةِ الأداء يفتح آفاقاً جديدةً للعلماء لفهم عمليَّة الشَّيخوخة من خلال إنشاء نقاط بيانات تُستخدم لتطوير مؤشّراتٍ حيويَّةٍ جديدةٍ.
ولا يتوقّفُ دورُ Hevolution عندَ هذا الحدّ، بل يمتدّ ليشملَ تعزيزَِ الحوارِ حولَ العمر المديد والصّحَّة من خلال جمع قادة الفكر والمتخصّصين في هذا المجال. ففي عام 2023، نظَّمت المؤسَّسة قمَّةَ الصّحَّة العالميَّة، حيث اجتمعَ فيها أصحابُ المصلحة من مختلفِ الأطيافِ العامّةِ والخاصة وكذلك الهيئات التنظيمية لمناقشةِ مستقبل الشيخوخة.
خان، الذي يؤمنُ بقوَّةٍ بدور القطَّاع الخاصّ، يرى أنَّه سيلعب دوراً كبيراً في تحويلِ الأبحاثِ العلميَّة إلى منتجاتٍ في السُّوق بمجرَّد تقليل المخاطر.
يقول خان: "رأسُ المالِ الاستثماريُّ يملأ الفجوةَ بين التَّمويلِ الحكوميّ والأعمالِ التَّقليديَّة، ولكنَّه يميلُ إلى تجنُّب المخاطر؛ لأنَّ هدفَه الأساسيَّ هو تحقيقُ الرّبحِ للمستثمرين، ونحنُ مستعدّون لتحمُّل المخاطرِ والتَّحلّي بالصَّبر لجعلِ الاستثمار في هذا المجال أكثر جاذبيَّةً لرأسِ المالِ الاستثماريّ والقطَّاع الخاص".
الشَّيخوخة ليست حتميَّةً
عادةً، يُنظر إلى الصِّحَّة الجيّدة على أنَّها غيابٌ للأمراض المُعيقة، لكنَّ هذا المفهومَ يتغيَّر بسرعةٍ ليعكسَ نظرةً أكثرَ شموليَّةً تركِّز على الرَّفاهية والحيويَّة، والأمرُ لم يَعد يقتصرُ على البقاءِ على قيدِ الحياة فقط، بل أصبحَ يتعلَّق بالقدرةِ على تقديمِ مساهماتٍ ذات معنى للمجتمع.
كما أنّها تمتدُّ إلى ما هو أبعدُ من الصّحّةِ الجسديةِ لتشملَ الجوانبَ العقليَّة والاجتماعيَّة والرُّوحيَّة، بالإضافةِ إلى الجسديَّة.
وأحدُ المفاتيحُ لفهمِ ومعالجةِ أزمةِ الشَّيخوخةِ هو فهمُ كيف تحدثُ الشَّيخوخةُ لدى البشر.
يقول خان: "هناك الكثيرُ من الأدلَّة التي تُشير إلى أنَّ عمليَّة الشَّيخوخة ليست حتميَّة؛ وأنَّها لا تحدثُ بنفسِ الوتيرة لدى الجميع، في الواقع، حتّى إنّ أعضاءَ الجسمِ الواحدِ تشيخُ بمعدَّلاتٍ مختلفة". وللتَّعاملِ مع هذه المسألة، يجب أن تكون التَّشخيصاتُ والعلاجاتُ مصمَّمةٌ خصيصاً لكلِّ فردٍ.
هذا يفتحُ البابَ أمامَ الطِّبِّ الدَّقيق والتَّنبُّؤي، الَّذي يتبنّى نهجاً شخصيّاً في العلاج، حيث يقدِّم تدخُّلاتٍ استباقيَّةً، تنبُّؤيَّةً ودقيقةً، بدلاً من النَّهج التَّقليديّ الذي يناسب الجميع.
الأثر الاقتصاديّ للشَّيخوخة
يعي خان، الذي ينحدر من أصولٍ باكستانيَّةٍ، التَّحدِّياتِ الفريدةِ التي تواجهُ مناطقَ مثل الشَّرقِ الأوسط وجنوبِ آسيا، ويقولُ: "على الرَّغم من أنّ سكانَنا شبابٌ، إلَّا أنَّنا نواجه أمراضَ الشَّيخوخة في وقتٍ مبكِّرٍ، وهذا يعني أنَّنا قد نتحمَّل عبئاً أكبر من الأمراض مقارنةً بالدُّول مثل الولايات المتَّحدة أو أوروبا".
يوضِّح خان أنَّ معالجةَ الأثرِ الاقتصاديّ للشَّيخوخة لا تقتصرُ فقط على الإنفاقِ المباشر على الرّعاية الصّحيَّة، ويُضيف: "في العديدِ من دولِ الشَّرق الأوسط وشمال إفريقيا، نعتمدُ على طرقٍ غير رسميَّةٍ لرعايةِ كبارِ السّنّ، فنحنُ لا نضعُ أفرادَ عائلاتِنا في دورِ الرّعاية، وهؤلاء الشَّباب في القوَّة العاملة، وفي كثيرٍ من الأحيان يضطّرون للاختيار بين رعاية الوالدين وكسب العيش".
أظهرت دراسةٌ أجراها أندرو سكوت، أستاذُ الاقتصادِ في كليّة لندن للأعمال، حول اقتصاديَّاتِ الصّحَّة، أنَّ التَّعامل مع الأمراضِ المرتبطةِ بالعمر يمكن أن يُحقِّق تأثيراً ماليّاً كبيراً على النَّاتجِ المحليّ الإجماليّ، ويتضمَّن ذلك زيادةً كبيرةً في الإنتاجيَّة عن طريقِ تقليلِ أيَّام المرض، وتمديدِ التَّقاعد المبكّر.
يقول خان: "60% من مقدَّمي الرّعاية حولَ العالمِ هم من النّساء؛ وهذا له تأثيرٌ غيرُ متناسبٍ على القوى العاملة النّسائيَّة، ويزيد من التَّحيُّزِ بين الجنسين، وفي معظمِ الأحيان، تُجبر النّساء على الاختيار بين رعايةِ الأمّ أو الحماةِ والبقاءِ في العمل، وهذا الأمرُ أكثرُ شيوعاً في منطقة الشَّرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث قد تكون النّسبة أعلى".
نُشرت هذه المقالة لأوّل مرة في عدد مايو/يونيو من مجلة "عربية. Inc" الرّقمية. لقراءة المجلة كاملة، اضغط هنا.