الرئيسية تكنولوجيا منصة LinkedIn تجمع المليارات وتبتعد عن هدفها المهنيّ!

منصة LinkedIn تجمع المليارات وتبتعد عن هدفها المهنيّ!

منصة التوظيف الأكبر أصبحت ساحةً للمؤثرين، فهل ما زالت فعّالةً أم تحوّلت إلى شبكةٍ اجتماعيّةٍ بلا جدوى؟

بواسطة فريق عربية.Inc
images header

عند القراءة الأولى، بدا عنوان هذا المقال وكأنّه هجومٌ لاذعٌ وغير مفلترٍ على "لينكدإن" (LinkedIn) وهذا صحيحٌ. ومع ذلك، كان العنوان يعبّر حرفيّاً عن السّؤال الّذي طرحته على صديقي مايك، الرّئيس التّنفيذيّ لشركة تكنولوجيا، أعرفه تقريباً طول فترة تولّيه المنصب.

قال مايك: "هذا مضحكٌ جدّاً"، بنبرةٍ أوضحت أنّه لم يجد الأمر مضحكاً على الإطلاق، ثمّ أضاف: "لكنّنا توقّفنا عن استخدام لينكدإن أثناء الجائحة"، فأجبته: "هل توقّفتم عندما تحوّل إلى شبكةٍ اجتماعيّةٍ كاملةٍ؟تخلّلت تلك اللّحظة صمتاً مثقلاً بالمعاني، فسأل: "هل لينكدإن شبكةٌ اجتماعيّةٌ مثل فيسبوك؟"

كان عليّ أن أوضّح له أنّ لينكدإن لم يعد مجرّد شبكةٍ اجتماعيّةٍ عاديّةٍ، بل أصبح منصّةً اجتماعيّةً حقيقيّةً يُحقَّق من خلالها أرباحاً ضخمةً، فما أسمّيه "فيسبوك للعمّال" حقّق أكثر من 2 مليار دولارٍ من إيرادات الاشتراكات المميّزة خلال الاثني عشر شهراً الماضية، إذ تحصل تلك الإيرادات من خلال اشتراكات المستخدمين مثلنا، وتشكّل ما يقدّر بنحو 12.5% من إجماليّ إيرادات الشّركة. وسأتناول هذا الموضوع بمزيدٍ من التّفصيل لاحقاً

هل قمت بتعبئة الوظائف الشّاغرة لديك حقّاً؟ يبدو أنّ لينكدإن هنا مجرّد لاعبٍ ثانويٍّ، فعمليّة التّوظيف بأكملها أصبحت معطّلةً تامّاًيتحمّل لينكدإن جزءاً من اللّوم؛ لأنّ إحدى أكبر المشاكل المهملة في التّوظيف هي أنّنا نعتمد على شبكةٍ اجتماعيّةٍ في عمليّة التّوظيفلقد أدّى تطوّر نموذج أعمال الشّبكات الاجتماعيّة إلى إعطاء الأولويّة لعدد الاتّصالات بدلاً من جودتها؛ بمعنى آخر، لا يهمّ مدى قربك من اتّصالاتك أو متابعيك طالما أنّ لديك عدداً كبيراً منهم تستطيع التّأثير عليهم.

وأصبح لينكدإن الآن النّسخة التّجاريّة لشبكةٍ اجتماعيّةٍ على نمط المؤثّر والمتابع، وهو النّموذج الوحيد المتاح في هذه الأيّام، فإذا كُنتَ تبحث عن وظيفةٍ، فإنّ عدم جدوى أيّ منصّةٍ إلكترونيّةٍ يظهر أمامك بوضوحٍ، وإذا كنت توظّف، فإنّ المشكلة تبدو واضحةً أيضاً.

كيف حدث ذلك؟ دعنا نبدأ بالكلمة الّتي يعرفها الجميع: المالولكن هذا ليس الجزء المفاجئالمفاجأة تكمن في أنّ مبلغ الـ2 مليار دولارٍ هو الّذي يدخل في المعادلةيمكن للينكدإن إصلاح الكثير من معضّلة التّوظيف غداً، إذ إنّه يمتلك البنية التّحتيّة اللّازمة بالفعل؛ فهناك خطٌّ للوظائف وخطٌّ للمرشّحين، فهم بمثابة عملاقٍ تقنيٍّ مثل "مايكروسوفت" (Microsoft)؛ لا يوجد منافسٌ قريبٌ.

ويبدو أنّهم يمتلكون السّيولة النّقديّة الكافية؛ ملياري دولارٍ بحقّلكنّي أدعوك للتّفكير مجدّداً في إيرادات الاشتراكات، وكيف تعمل الشّبكات الاجتماعيّة في عام 2025. تذكّر أنّ القيمة لم تعد في الاتّصالات فرداً إلى فردٍ بين الأقران، بل في الاتّصالات من واحدٍ إلى كثيرٍ، أي من المؤثّر إلى المتابعوفي حالة لينكدإن، تعدّ الشّركات وقادتها هم المؤثّرون، بينما الموظّفون وطالبو الوظائف هم المتابعون.

تشير التّقارير إلى أنّ إيرادات الاشتراكات البالغة 2 مليار دولارٍ تشمل كلّاً من أقسام الوظائف والأعمال، وفقاً لموقع " تيك كرانش" (TechCrunch). بمعنى آخر، يساهم كلّ من طالبي الوظائف وصانعي الوظائف -المؤثّرين والمتابعين- في ذلك الرّقم.

وهنا يجول في خاطري سؤالٌ مهمٌ، ماذا لو -وهذا افتراضٌ بحتٌ- حصل كلّ مستخدمي لينكدإن فجأةً على وظيفةٍ يحبّونها، ولم يعد للمؤثّرين أيّ تأثيرٍ؟ ماذا عن قيمة الاتّصالات بين الأقران، حين يلتهم "تيك توك" (TikTok) عقول المتابعين، وينتج مؤثّرين يعتبر امتلاكهم لهاتفٍ محمولٍ من بين مؤهّلاتهم. في الحقيقة السّيناريو الّذي وصفته للآن حيث يكون الجميع موظّفين وسعيدين؛ وهذا لن يحدث.

هذه مجرّد توقّعاتٍ من مايك، وليست توقّعاتي الخاصّة؛ فقد عرض عليّ أمثلةً، لكنّ الأسباب تعود إليه شخصيّاً؛ هذه هي الطّريقة الّتي تتدفّق بها الوظائف في شركته عبر شبكةٍ اجتماعيّةٍ دون الحاجة إلى نشر الوظائف على تلك الشّبكة.

أوّلاً، الأمر الواضح: بعض موظّفي الموارد البشريّة لديه كانوا ينشرون الوظائف الشّاغرة على لينكدإن؛ لأنّ "هذا ما يفعله الجميع"، وهذا يؤدّي إلى فتح الأبواب بشكلٍ مفرطٍ، ويعيق قدرتهم على إجراء عمليّة الفرز بشكلٍ صحيحٍ، ثمّ يصبح الأمر مشبوهاً. إذ يعتقد مايك أنّ "المؤثّرين" يقومون بسحب بيانات صفحة الوظائف الخاصّة بشركته وإعادة نشر وظائف مماثلةٍ على لينكدإن، وفي أماكن أخرى تحت ملفّات شركاتهم الخاصّة.
في بعض الأحيان يكونون صادقين بشأن ما تقدّمه الشّركة، وأحياناً يبالغون في ذلك، وأحياناً يتواصلون مع قسم الموارد البشريّة لديه ليعرضوا المرشّحين الّذين جمعوهم من هذه العمليّة المخادعة.

نعم، لقد كرّرت تلك الفكرة عدّة مرّاتٍبمعنى آخر، إذا كانت شركته تبحث عن أخصائيّ تسويقٍ رقميٍّ، فسوف تتدفّق عليه الاتّصالات من شركات برمجيّات التسويق الرقمي ومقدّمي خدمات التّسويق الرقميّ الخارجيّين.

هذا الأمر ملموسٌ. مثل العديد من شركات التّكنولوجيا، فوض مايك مكافأة إحالةٍ كبيرةً لموظّفيه إذا جلبوا شخصاً يوظّف ويستمرّ لمدّةٍ لا تقلّ عن ستّة أشهرٍفكرةٌ رائعةٌ، أليس كذلك؟ تخيّل أنّ بعض موظّفيه يستخدمون لينكدإن لبناء تأثيرهم وشبكاتهم الخاصّة، ثمّ يغمرون قسم الموارد البشريّة بالسّير الذّاتيّة لأشخاصٍ بالكاد يعرفونهم أو لا يعرفونهم على الإطلاق.

حقّق لينكدإن 2 بليار دولارٍ من إيرادات الاشتراكات العامّ الماضي، أردت فقط أن أكرّر هذه العبارة مرّةً أخرى، ثمّ أؤكّد أنّ المشكلة ليست في لينكدإن، بل هي مشكلة التوظيفالمقال الّذي نشرته تيك كرانش، والّذي أشرت إليه في البداية يصف لينكدإن بأنّه منصّةٌ اجتماعيّةٌ منذ البداية. ليس هناك أيّ غموضٍ أو سرّيّةٍ؛ الأمر واضحٌ تماماً.

ومع ذلك، فإنّ لينكدإن هو الخطّ الرّئيسيّ للتّوظيف؛ إنّه لوحة الوظائف في أمريكاكما يشير المقال إلى أنّ الرّئيس التّنفيذيّ للينكدإن صرّح قائلاً: "نراهن بشكلٍ كبيرٍ على استثمارنا في أدوات الذكاء الاصطناعي؛ لمساعدة مشتركينا على تسريع كيفيّة حصولهم على الفرص، وقد أثمر ذلك".

وبما أنّني بدأت هذا المقال بأقصى درجات السّخريّة، فلا يسعني إلّا أن أختمه بنفس الدّرجة من السّخريّةأثمر ذلك... ولمن؟ في الحقيقة، أنا لا أتحدّث عن التّوظيف فقط؛ كلّما جلست للكتابة أحاول تناول موضوعاتٍ أخرى، ولكنّي أظلّ أركّز على ما أعتقد أنّه أهمّ القضايا للأفراد الّذين يسعون للنّجاح في عالم الأعمال.

تابعونا على قناتنا على واتس آب لآخر أخبار الستارت أب والأعمال
آخر تحديث:
تاريخ النشر: