Meta تطور بالتعاون مع Ray-Ban نظارات بشاشة عرض ذكية
تُتيح عرض الإشعارات، التّرجمة الفوريّة، وتوفير تجربةٍ تفاعليّةٍ مدعومةٍ بالذّكاء الاصطناعيّ
منذ أن تحوّلت من كونها منصّة تواصلٍ اجتماعيٍّ وإعلاناتٍ تحت اسم "فيسبوك" (Facebook)، إلى شركة "ميتا" (Meta) المتخصّصة في أنظمة الواقع الرّقميّ، أنفقت شركة مارك زوكربيرغ حسب ما وصفته التّقارير بـ"عشرات المليارات من الدّولارات" على تطوير تقنيّات الذّكاء الاصطناعيّ، والواقع المعزّز (Augmented Reality)، والميتافيرس (Metaverse)، وفقاً لما نقلته "رويترز" (Reuters). ويبدو أنّ هذا الاستثمار الضّخم يقترب من تحقيق رؤية زوكربيرغ الطّموحة في عالم الواقع المعزّز، مع اقتراب ولادة المنتج المنتظر.
وبعد أن أبرمت ميتا شراكتها مع شركة النّظّارات الشّهيرة "راي بان" (Ray-Ban) في عام 2023، نجحت هذه الشّراكة في تحقيق تطوّراتٍ مذهلةٍ، حيث أطلقت العام الماضي نظّارات الواقع المعزّز الصّوتيّة، الّتي حقّقت مبيعاتٍ هائلةً، وتجاوزت في شعبيّتها نظّارات راي بان التّقليديّة في بعض الأسواق. وتشير شائعاتٌ متزايدةٌ إلى أنّ ميتا تستعدّ لتسريع خططها في مجال النّظّارات الذّكيّة، مع احتمال إضافة شاشةٍ صغيرةٍ إلى نظّارات راي بان في العام المقبل.
وقد كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" (Financial Times) في تقريرٍ جديدٍ أنّ ميتا قد تطلق في النّصف الثّاني من العام المقبل نسخةً محدّثةً من نظّارات راي بان، مزودةً بشاشةٍ صغيرةٍ مخصّصةٍ للعرض الشّخصيّ. وأفادت مصادر مطّلعةٌ على المشروع بأنّ هذه الشّاشة قد تعرض إشعاراتٍ للمستخدم وحتّى ردوداً مدعومةً بميزات الذّكاء الاصطناعيّ المدمجة في النّظام.
ورغم أنّ إضافة شاشةٍ صغيرةٍ تبدو تغييراً بسيطاً على النّظّارات، الّتي تباع حاليّاً بسعر 299 دولاراً بتصميمٍ يعتمد فقط على الصّوت دون شاشةٍ، إلّا أنّ تأثيرها على قدرات الجهاز قد يكون كبيراً. إذ أبهر أداء النّظّارات الصّوتيّ المراجعين مسبقاً، خاصّةً بعدما أضافت ميتا ميزات ذكاء الاصطناعيّ للنّظام، تشمل التّرجمة الفوريّة إلى عددٍ محدودٍ من اللّغات الأجنبيّة، وتفسير الصّور الملتقطة بالكاميرات المدمجة، ممّا يتيح لها الإجابة عن أسئلةٍ مثل "ما الّذي أنظر إليه؟".
وذكر أحد المراجعين في موقع "لايف هاكر" (Lifehacker) إنّ إحدى أبرز مميّزات هذه النّظّارات مقارنةً بمنافسيها في السّوق – مثل "فيجن برو" (Vision Pro) من "أبل" (Apple) بتصميمه الضّخم – أنّها لا تبدو "غريبة الشّكل". ويعود الفضل في ذلك إلى التّصميم الأنيق الّذي تشتهر به راي بان، والّذي يضفي لمسةً من الجاذبيّة العصريّة بأسلوبٍ يذكّر بأناقة توم كروز.
إذا أضافت ميتا شاشةً إلى نظّاراتها، فقد يحدث ذلك نقلةً نوعيّةً في تجربة المستخدم، حيث يمكن أن يصبح تفاعل الذّكاء الاصطناعيّ أكثر دقّةً وتركيزاً، ممّا يوسّع من وظائف الجهاز. تخيّل إمكانيّة قراءة نصوصٍ مترجمةٍ فوريّاً من الفرنسيّة، أو تصفّح بريدك الإلكترونيّ مباشرةً عبر النّظّارات. بل وقد تحمل التّقنيّة إمكانيّاتٍ مثيرةً في عالم الألعاب، حيث تتفاعل العناصر الرّقميّة مع الأشياء الواقعيّة في تجربةٍ مبتكرةٍ.
وقد أثبت هذا النّوع من الأجهزة إمكانيّاته قبل عقدٍ من الزّمن عندما أطلقت "غوغل" (Google) نظّارتها الذّكيّة "غلاس" (Glass). آنذاك، كانت النّظّارة إنجازاً تقنيّاً مبهراً بفضل شاشتها وكميرتها المدمجة، لكنّها، بالمقارنة مع تقنيّات اليوم، بدت غير ناضجةٍ، وقد تكون ظهرت قبل أوانها. سرعان ما واجه مستخدموها سخريةً وانتقاداتٍ، لينتهي الأمر بفشل المنتج. حتّى إنّ بعض النّقّاد وصفوه بأنّه "أسوأ جهازٍ تقنيٍّ تمّ اختراعه على الإطلاق".
دخلنا الآن عصر العشرينات من القرن الواحد والعشرين، ومع ذلك، ورغم أنّ الأجهزة القابلة للارتداء والمدعومة بالذّكاء الاصطناعيّ مثل جهاز "بين" (Pin) من هيومان (Humane) واجهت مصيراً مشابهاً لنظّارات غوغل، إلّا أنّ أبل تراهن بثقةٍ على تقنيّة الواقع المعزّز من خلال جهازها فيجن برو الّذي يبلغ سعره 3500 دولارٍ، إلى جانب خططها لإطلاق جهازٍ أرخص وأكثر ملاءمةً للجمهور. في الوقت نفسه، تستمرّ نظّارات راي بان من ميتا في تحقيق مبيعاتٍ قويّةٍ، ما يشير إلى أنّ الجمهور أصبح مستعدّاً أخيراً لاستقبال التّقنيّة القابلة للارتداء على الوجه.
وإذا أضافت ميتا شاشة عرضٍ إلى نظّاراتها، فقد تفتح الباب أمام عصرٍ جديدٍ من اقتصاد التّطبيقات. قد يتسابق مطوّرو التّطبيقات لاستغلال هذه الفرصة، حيث يمكن تصميم تطبيقاتٍ مبتكرةٍ تناسب هذه المنصّة، ولا يمكن تشغيلها على أيّ جهازٍ آخر. على سبيل المثال، رغم أنّ مبيعات جهاز فيجن برو من أبل ما زالت محدودةً، إلّا أنّ المطوّرين قد صمّموا بالفعل مئات التّطبيقات له.
ومع الزّخم الّذي تقدّمه ثورة الذّكاء الاصطناعيّ، والاستثمارات الهائلة الّتي تضخّها ميتا في تطوير تقنيّاتها الذّكيّة، قد يشهد عام 2025 انطلاقةً حقيقيّةً لتقنيّات الأجهزة القابلة للارتداء، لتصبح جزءاً أساسيّاً من حياتنا اليوميّة، حيث تتربّع بثقةٍ... على وجوهنا.