One Moto: من شغف السيارات إلى ريادة الدراجات الكهربائية
تسعى هذه الشركة الناشئة لتحقيق عالمٍ أنظف وأكثر استدامةً من خلال تقديم مجموعةٍ متنوعةٍ من الدراجات الكهربائية المستدامة والطرازات المبتكرة
في العام 2016م، انطلقَ آدم ريدجواي في رحلةٍ استثنائيّةٍ لم تُحدث تحوّلاً في تفضيلاته الشّخصيةِ في مجال السّيارات فقط، بل كان لها أن تضع الأساسَ لشركةٍ وعلامةٍ تجاريّةٍ رائدةٍ في عالم الدّراجاتِ الكهربائيّةِ، تُعرف اليوم باسم "ون موتو" (One Moto).
بدأت مغامرةُ ريدجواي بمشروعٍ ظَهرَ متواضعاً في البدايةِ؛ الهدفُ منه كان تحويلَ سيّارته الكلاسيكيّة إلى نموذجٍ كهربائيٍّ. لكنّ هذا المشروعُ البسيطُ على الورقِ، كشفَ سريعاً عن حقيقةٍ صادمةٍ تتعلّقُ بمستوى الخبرةِ والمعرفةِ في مجالِ السّياراتِ الكهربائيّةِ داخل الصّناعةِ نفسها.
فأثناءَ سعيِه لتحقيقِ هذا الهدفِ، زارَ ريدجواي ثلاثَة مراكز صيانةٍ، كُلّاً منها يُفترض أن يكون مجهّزاً لإجراءِ عمليّة التّحويلِ. ولكن، وبشكلٍ صادمٍ، تبيّن أنّه ليس لدى أيّ من هذه المراكزِ القدرةَ التّقنيةَ أو المعرفةَ اللّازمةَ للقيامِ بالمهمّةِ، على الرّغم من استعدادهم الأوّلي للقيامِ بذلكِ.
ون موتو: ملحمة ملهمة لعاشق الدراجات
وراء أبوابِ هذه المراكزِ الفنيّةِ، كان هناك مكَبٌ لدرّاجاتِ التّوصيلِ المهملةِ، كان هذا شهادةً صامتةً على الفرصِ الكبيرةِ المهدورةِ لتحويل هذه الدّراجاتِ إلى نماذج كهربائيّة. وفي هذه اللّحظةِ المصيريّةِ، جاءت نقطةُ التحوّلِ على هيئةِ إلهامٍ مُضيءٍ لريدجواي. كعاشقٍ للتنقّلِ على الدّراجات منذُ الطّفولةِ، تساءل لماذا تغيبُ الدّراجاتُ الكهربائيّةُ عن المشهَدِ الحضريِّ؟!
"لطالما اندفعتُ لركوبِ الدّراجاتِ في كلِّ بلدٍ عشتُ فيه أو زرتهُ. أنا دائماً الشّخص الأوّل الذي يقود الدّراجة، ويبدأ في استكشافِ المكانِ؛ إنّها تجربةٌ حسيّةٌ بالنّسبةِ لي. لماذا لا يستخدمُ النّاسُ الدّراجاتِ الكهربائيّةِ؟ ربما لأنّها لا تبدو جذابةً كفايةً"، يتأمّل ريدجواي.
مقيماً في دبي لأكثر من 15 عاماً، ومع تاريخِه النّاجحِ في إدارةِ شركاتٍ إعلاميّةٍ، لم يستطع ريدجواي مقاومةَ فكرةِ دخولِ عالمِ الدّراجاتِ الكهربائيّةِ. بدأ في تنقيبِ الأسواقِ المختلفةِ، هادفاً إلى فكِّ طلاسم هذه الصّناعةِ النّاشئةِ، وإنشاءِ أوّلِ درّاجةِ توصيلٍ كهربائيّةٍ على مستوى العالمِ.
تأسّست شركةُ "ون موتو" بفضلِ الشّراكةِ بين آدم ريدجواي وستيفن وود، وتخصّصت في تصميمِ وتصنيعِ الدّراجاتِ الكهربائيّةِ ذات العجلتين. وفي المراحلِ الأوليّةِ للمشروعِ، كان رأسُ المالِ محدوداً، واعتمدَ ريدجواي على الأموالِ المتاحةِ له لتمويلِ المشروعِ.
شاهد أيضاً: دبي تُعدّ مبادراتٍ خضراء استعداداً لمؤتمر COP28
كان الهدفُ الرّئيسيُّ واضحاً: إنشاءُ مركباتٍ، والحصولُ على الشّهاداتِ اللّازمةِ، وتحقيقُ الإيراداتِ، وجذبُ عملاءَ أوفياء، ولو جرى كلّ شيءٍ على نحوٍ مثاليٍّ؛ الانطلاقُ نحو التّوسّع الدّوليّ.
لعبتِ الاختباراتُ الشّاملةُ التي خضعت لها الدّراجةُ الكهربائيّةُ دوراً حاسماً في رحلةِ "ون موتو". وكان من بينِ هذه الاختباراتِ تجاربٌ تحتَ ظروفِ الطّقسِ الحارِّ، وهو شرطٌ أساسيٌّ في المنطقةِ الخليجيّةِ الحارّةِ. هذه التّجاربُ كانت بمثابةِ معيارٍ قيّمٍ لفهمِ احتياجاتِ العملاءِ وتطويرِ الدرّاجةِ.
وفي الوقتِ الحاليّ، يمتدُّ نفوذُ "ون موتو" ليشملَ عشر دولٍ، بما في ذلك الإمارات العربية المتّحدة، المملكة المتحدّة، الهند، سريلانكا، نيبال، إثيوبيا، العراق، تشيلي، البحرين، والأردن. كما تتميّز الشّركة بتركيزِ جهودها على تقديمِ الدّراجات الكهربائيّةِ لشركاتِ اللوجستيات الخارجيّةِ.
رُغم العقباتِ والتّحدياتِ التي فرضتها الجائحةُ العالميّةُ، لم تكتفِ "ون موتو" بالبقاءِ والصّمودِ، بل تفوّقت ونجحت في عالمٍ تسارعت فيه وتيرةُ خدماتِ التّوصيلِ المنزليِّ، في حين تعرّضت سلاسلُ التّوريدِ لضغوطٍ لم تشهدها من قبل.
تتخصّصُ الشّركةُ في تقديمِ حلولِ الميلِ الأخيرِ المتطوّرةُ للتنقّل، سواءً للأغراضِ التّجاريةِ أو الشّخصيّةِ. وفي هذا الإطارِ، أبرمت الشّركةِ شراكاتٍ استراتيجيّةٍ مع عدّةِ جهاتٍ، منها شركة 'أفيس'، في مسعى لإطلاقِ أوّلِ مرافقٍ لتصنيعِ الدّراجاتِ الكهربائيّةِ على أرضِ الإماراتِ العربيّةِ المُتحدةِ.
تبرز 'ون موتو' بفضل استراتيجيتها المبتكرةِ والمرنةِ في تصميمِ الدّراجاتِ الكهربائيّةِ، حيث تعتمدُ على استخدامِ موادٍ معاد تدويرها لتعزيزِ مفهوم ِالاستدامة البيئية. ويعبّرُ آدم ريدجواي، المؤسّسُ والرّئيسُ التّنفيذيُّ للشّركةِ، عن فخره قائلاً: 'لقد أتممنا بنجاحٍ المرحلةَ الأولى من خطتنا التّجاريّةِ، وتوسّعنا لنشملَ عشر دول، وبدأنا في تحقيقِ الإيراداتِ والأرباحِ'.
فيما تتجّهُ الشّركةُ نحو المرحلةِ التّاليةِ من تطويرها، إذ تضعُ 'ون موتو' خططاً طموحةً تشملُ الدخولَ في مجالِ تقديمِ البطاريّاتِ والبرمجياّتِ كخدمات مُقدمةٍ، بالإضافة إلى توسيعِ نطاقِ توزيعها على مستوىً دوليّ، وإنشاءِ مصانع تجميعٍ مُصغّرة.
في يناير من العامِ الجاري، نجحت الشّركةُ في جذبِ استثمارٍ بقيمةِ 150 مليون دولارٍ من مستثمرٍ بريطانيٍّ لم يُكشف عن هويّتهِ، وذلك بهدفِ توسيعِ نشاطها في المملكةِ المتّحدة، والتّصدّي لتحديّاتِ تقليلِ الانبعاثاتِ الكربونيّةِ في قطّاعِ التّوصيلِ الأخيرِ. وقد جاءت إضافةٌ ماليةٌ بقيمةِ 40 مليون دولارِ في يوليو لتعزيزِ التزامِ الشّركةِ بالحفاظِ على البيئةِ وتحقيقِ الصّفريّة الكربونيّةِ.
لا تقتصرُ طموحاتُ 'ون موتو' على الأرضِ فقط، بل تتجاوزها لتصلَ إلى الفضاءِ الخارجيِّ. فيُظهر آدم ريدجواي، المديرُ التّنفيذيُّ للشركةِ، جهوداً تعاونيّةً مع مصنعٍ للبطّارياتِ بهدفِ تطويرِ مُكثِّفاتٍ كهربائيّةٍ فائقةِ القدرةِ، بالإضافةِ إلى شراكةٍ مُبتكرةٍ مع وكالةٍ فضائيّةٍ بريطانيّةٍ لإنتاجِ قطعِ غيارِ الدّراجاتِ الكهربائيّةِ في الفضاءِ نفسهِ.
تُعتبر هذه الخطوةُ نقلةً نوعيّةً تحويليّةً جعلت من 'ون موتو' أكثرَ من صانعٍ للدّراجاتِ الكهربائيّةِ، فأصبحت مزوداً رائداً لمكوّناتٍ أساسيّةٍ، يُمكن ترخيصها على مستوىً عالميٍّ، مُحدِثةً بذلك طفرةً في مجالِ تصنيعِ الدّراجاتِ الكهربائيّةِ على نطاقٍ واسعٍ.
وفي إطارِ توجيهِ الأنظارِ نحو جمعِ مبلغٍ إضافيٍّ قدرُه 10 ملايين دولار، تُظهِر الشّركةُ تنوعّاً في مصادرِ إيراداتها، التي تتجاوزُ المبيعاتِ والتّوزيعِ، لتصلَ إلى التّراخيصِ التّقنيّةِ المُستقبليّةِ. ويُضاف إلى ذلك تأجيرُ الدّراجاتِ كخدمةٍ إضافيّةٍ لتعزيزِ مصادرِ الإيرادِ.
خطة التوسع التي تضعها الشّركةُ لنفسها شاملةٌ، حيث تشملُ إضافةَ 15 دولةً جديدةً إلى نطاقِ عملها، وإنشاءِ أربعة مصانعَ تجميعٍ إضافيّةً تقع في أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، وأوروبا، والإمارات العربية المتّحدة. وبالتّوازي مع ذلك، يُكرِّس ريدجواي جهودَه لإنشاءِ جناحٍ خيريٍّ ومؤسّسةً تعكِسُ التزامَ الشّركةِ بالمسؤوليّةِ الاجتماعيّةِ.
مغامرةٌ انطلقت من مشروعٍ شخصيٍّ مُتواضعٍ، لكنّ تأثيرها يتّسعُ الآن ليشملَ مشهدَ الدّراجات الكهربائيّةِ على مستوىً عالميّ، بطرقٍ لا يُمكن تصوّرها بعد.